الجمعة، 29 مارس 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

255 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

11-13-2014 10-29-12 AM

د. إيمان عادل عزّام :

عندما يصف عالمٌ الشمسَ فإنما يصفها بما أمكن له أن يصل إليه علمه، فهو قد يقرب من الحقيقة، ولكن يصعب أن يحيط بها، لأن الله تعالى يقول: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلًا}، هذا.. والشمس مخلوق سخّره الله تعالى للإنسان، قال تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} (إبراهيم: 33) فما بالنا بسيد البشر، بل سيد المخلوقات.. سيدنا محمد  " صلى الله عليه وسلم"  حبيب الله تعالى ومصطفاه، وخاتم أنبيائه، وخيرته من خلقه! فمهما قدّمت دراسات تتناول سيرته العطرة أو أخلاقه الزكية، فإنما تبقى محاولات تحكي ما وصل إليه جهد الباحث والدارس حسب فهمه هو ليس إلا. فإنه من العسير أن يفهم العقل أو أن تفصح اللغة والعبارات والمفردات عن لطائف وأسرار أخلاق من اصطفاه الله تعالى، وأهداه رحمة للعالمين، وفضّله على مخلوقاته أجمعين، ومدحه بعبارة جامعة عظيمة في قوله تعالى: {وإنك لعلى خلق عظيم}، فلا يبقى للدارسين إذًا إلا نقل الروايات العظيمة عن رسول الله  " صلى الله عليه وسلم"  من بطون الكتب، وتقديم بعض إشارات وتلميحات لمعانٍ يبقى الفكر عندها مشدوهًا مطرقًا معجبًا مطأطئًا في إجلال لنبيّنا محمد  " صلى الله عليه وسلم" .

ومن تلك الدراسات المتواضعة التي تحكي جهد المقلّ بحث شاركت به في مؤتمر نبي الرحمة محمد  " صلى الله عليه وسلم"  الذي أقامته الجمعية العلمية السعودية للسنّة بوطني الحبيب المملكة العربية السعودية في عام 1431هـ، وتناولت فيه دراسة خلق الرحمة عند رسول الله  " صلى الله عليه وسلم"  في مظهره المتّصل بالأسرة؛ لأنّ الأسرة هي المقياس الحقيقي الذي يكون به التفاضل بين الناس، قال  " صلى الله عليه وسلم" : «خيركم خيركم لأهله...»(1)، والسبب في كون الأسرة هي المقياس يحتمل معنيين: الأول: أن الأسرة هم الأفراد الذين يبعد معهم المرء عن التصنّع والتكلّف والمداراة، فتكون المقياس الصادق من جهة، والثاني: أن الأسرة هي المقياس الكامل فمتى غلب على امرئٍ حسن الخلق مع أهله في معظم أوقاته رغم طول المخالطة واختلاف الأحوال، كان خير الناس.

وأهم ما وصلتْ إليه الدراسة ما يلي:

ـ خلق الرحمة أحد أهم الأخلاق في دين الإسلام، وأهم خصائص رسالته، فقد سمّى الله تعالى نفسه باسم الرحمن الرحيم، وخصّ الله تعالى هذين الاسمين بفاتحة كتابه، وبالبسملة التي تفتتح بها سور القرآن، وبعث الرحمن الرحيم رسوله رحمة مهداة للعالمين، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} (الأنبياء: 107)، و«نبي الرحمة» أحد أسماء النبي  " صلى الله عليه وسلم"  التي ذكرها لنفسه كما روى الترمذي- رحمه الله(2).

ـ  تشير النصوص الشرعية إلى ارتباط الرحمة بكثير من مكارم الأخلاق، أوّلها: الإيمان، والإحسان إلى الخلق، والسلم، والمسالمة، والوسطية، وبر الوالديْن، واللين، ولطف القول، والعفو والحلم والتسامح، وآخرها: الكرم، وتشير إلى هذا الربط بين الرحمة والأخلاق المذكورة شواهد من نصوص الكتاب والسنّة.

وصلت الدراسة من تعريف الرحمة إلى أن الرحمة شعور وسلوك، فالرحمة في الجزء الشعوري منها خلق فطري، وهي رقّة خلقها الله في قلب ابن آدم، ثم الرحمة في الجزء العملي منها عبارة عن سلوك هو صورة من صور الإحسان عند الاستطاعة، أو العبرات عند العجز، قال تعالى عن الجانب الفطري { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ} (آل عمران: 159)، وقال  " صلى الله عليه وسلم"  عن الجانب السلوكي: «لن تؤمنوا حتى تراحموا»(3)، أما العبرات، فقد قال  " صلى الله عليه وسلم" : «فإنه مهما يكن من العين والقلب فمن الرحمة، وما يكون من اللسان واليد فمن الشيطان».

ـ  من تأمل نصوص السنّة القولية والفعلية التي ورد فيها وصف سلوك ما بأنه رحمة لاحظ البحث أن في الموقف نوعًا من أنواع الضعف البشري يثير الرحمة بجزأيْها الشعوري والسلوكي لدى الشخص الرحيم، وكان صلوات الله وسلامه عليه المثل الأعلى في ملاحظة الضعف الذي هو ملازم لكل الكائنات، وفي فهم حاجات الخلق والتعامل مع المخلوقات كافة بالرحمة العامة المطلقة المنضبطة بالشرع.

فالحمد لله تعالى أن جعل ديننا دين يسر ورحمة، وخصّنا بنبي الرحمة  " صلى الله عليه وسلم" ، والرحمة في حقّنا واجب حتمي ليس مجرّد خلق من نافلة الأخلاق الحسنة، يشهد لذلك قوله  " صلى الله عليه وسلم" : «لا تنزع الرحمة إلا من شقي» (5) ورغم أن في الرحمة جزءًا شعوريًّا خلقةً إلا أنه يمكن اكتسابها بإدامة العمل بالجزء السلوكي منها، يقول الإمام الغزالي ت 505هـ- رحمه الله: «... هذه الأخلاق الجميلة يمكن اكتسابها بالرياضة، وهي تكلّف الأفعال الصادرة عنها ابتداء لتصير طبعًا انتهاء. وهذا من عجيب العلاقة بين القلب والجوارح، أعني النفس والبدن، فإن كل صفة تظهر في القلب يفيض أثرها على الجوارح حتى لا تتحرك إلا على وفقها لا محالة، وكل فعل يجري على الجوارح، فإنه قد يرتفع منه أثر إلى القلب، والأمر فيه دوْر» (6).

وهذا مصداق قوله  " صلى الله عليه وسلم"  فيما روى أحمد والبيهقي عن أبي هريرة  "رضي الله عنه"   أن رجلًا شكا إلى رسول الله  " صلى الله عليه وسلم"  قسوة قلبه، فقال له: «إن أردت تليين قلبك، فأطعم المسكين، وامسح رأس اليتيم» (7).

وصلِ اللهم على نبي الرحمة سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الهوامش

1- صحيح ابن حبان (9/484)، حديث رقم (4177).

2- الشمائل المحمدية (ص306)، حديث رقم (368).

3- مجمع الزوائد (8/ 186- 187) قال الهيثمي: «رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح».

4- صحيح البخاري (3/1314)، حديث رقم (3391).

5- رواه البخاري في الأدب المفرد (ص 136)، حديث رقم (374).

6- إحياء علوم الدين (3/59).

7- مسند أحمد بن حنبل (2/ 263 ) حديث رقم ( 7566 ) ، سنن البيهقي الكبرى (4/ 60) حديث رقم (6886).

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

محمد حسني عمران يكتب: الحنان وأثره في تربية الطفل

القاهرة – محمد حسني عمران: الأطفال هم مستقبل الأمة الواعد، وهم العناصر الفاعلة في المجتمع، ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال