السبت، 20 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

130 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

mvnd h

أميرة الشناوي كيوان - كاتبة وباحثة تربوية:

كانت رحلة الإسراء والمعراج تسرية عن الرسول صلى الله عليه وسلم وتشريفا ونظرة حانية من رب العزة لينطلق في طريق الدعوة بكل قواه، فقد تعاهد الطغيان والظلم والغدر من قريش تجاه النبي والمؤمنين، ولكنهم لم يستسلموا، ولم تهن عزائمهم أو يضعف إيمانهم بالله، بل صبروا وصابروا على الدعوة إلى هذا الدين القويم.

لقد كانت رحلة الإسراء والمعراج تقربا له وتكريما، فقد أعطي بها وفيها ما لم يعط أحد من الأنبياء قبله، حيث أكرمه الله بإمامة الأنبياء في بيت المقدس، وفرضت الصلاة عليه وعلى أمته وعددها خمس في الفعل وخمسون في الأجر؛ فالإسراء والمعراج منهاج للحياة وجهاد للنفس، فسبحان الله القائل: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (الإسراء:1)، وكما قال الإمام البوصيري في همزيته المباركة:

فطوى الأرض سائرا والسماو

ات العلا فوقها له إسراء

فصف الليلة التي كان للمخ

تار فيها على البراق استواء

وترقى به إلى قاب قوسي

ن وتلك السيادة القعساء

وكما قال شوقي:

يتساءلون وأنت أطهر هيكل

بالروح أم بالهيكل الإسراء

بهما سموت مطهرا وكلاهما

نور وروحانية وبهاء

دروس وعبر

إن أول شيء نتعلمه من الإسراء والمعراج هو التوبة الخالصة من كل ذنب، فقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شق صدره قبل الإسراء، وهذا بالنسبة إلينا التوبة؛ لأن التوبة أول سلم في معراج السالكين إلى الله، ولأنها واجبة من كل ذنب، وتجب ما قبلها، وتضع المسلم في مرتبة البراءة والطهارة والنقاء، يقول الله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (النور:31)، وبعد أن يبدأ العبد بالتوبة لابد أن يسأل عن الغاية من التوبة، وفي القرآن الكريم الإجابة: {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى} (النجم:42)، ولذلك كانت بداية الرحلة التوبة الخالصة ونهايتها إلى الله سبحانه وتعالى.

ما الذي نجنيه من الحدث؟

لقد جنى المسلمون من هذه الرحلة أعظم الفوائد وأطيب الثمرات، منها أن الله تعالى لا يتخلى عن عباده المؤمنين الصادقين مهما ألمت بهم الشدائد وأحاطت بهم المحن، فقد جرت سنته معهم أن يجعل لهم من الشدة فرجا، ومن الضيق مخرجا، ومن العسر يسرا، ومن الذل عزا، ومن الخوف أمنا، ومن الهزيمة نصرا، وقد أثبتت الرحلة أن من صفات المؤمنين التصديق والتسليم والإيمان والإذعان والنجاح في الامتحان، قال تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً} (الإسراء:60).

وكذلك الترغيب في الجهاد وبيان فضل الاستشهاد في سبيل الله، يتجلى ذلك في بعض المشاهد التي مثلت للنبي في مسراه، والتي تضمنت الكثير من العظات والعبر التي ترغّب في الخير وتنفّر من الشر.

وبالإسراء أصبحت القدس مهبطا للرسالات وجزءا من المقدسات الإسلامية، وأصبح مسجدها المبارك أحد المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال، وفي هذا إشارة إلى حمايتها وتطهيرها من كل دنس أو احتلال أجنبي إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.

وقد تجلى في هذه الرحلة أن الصلاة عماد الدين، ومعراج الواصلين، ومناجاة لرب العالمين، ونورا للبصائر، وتهذيبا للنفوس، وطهارة للقلوب والجوارح، وشكرا لرب العالمين، وصلة بين العبد وربه، ولمكانة الصلاة في الدين فرضت ليلة الإسراء والمعراج من فوق سبع سماوات. وتجلى في هذه الرحلة أيضا أن الحياة عقيدة وجهاد، فلا عقيدة بلا جهاد يحمى حماها، ولا جهاد بلا عقيدة يدافع عنها ويناضل في سبيلها.

ومن دروس هذه الذكرى درس اليقين، واليقين هو قوة الإيمان، لأنه دليل على حسن الثقة بنصر الله القائل في كتابه العزيز: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} (الروم:47)، وقد لاقى رسول الله صنوف الاضطهاد ولكنه كان واثقا بنصر الله فكانت مرحلة الإسراء واليقين.

من عبر الإسراء أيضا التمسك بالسنن الكونية حتى مع الخوارق، لأن منهج الإسراء كان متمسكا بالأسباب والمسببات، فكان البراق كوسيلة انتقال وكان يمكن أن تتم الرحلة من دون هذه الوسيلة، لكن الله أراد أن ينبه أمة الإسلام إلى حتمية الإيمان بقوانين الله في كونه والتي لا تبديل لها.

وقضية الثبات في مواجهة الأحداث ثقة في النصر الموعود وما علينا إلا التماس الأسباب، فعلى الرغم من تتابع الابتلاءات نجد النبي صلى الله عليه وسلم يثبت أمامها في شموخ وفي صبر عظيم واحتساب صادق إذ يقول صلى الله عليه وسلم: «إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي».

وما جاء في كتب السيرة من إمامة رسول الله للأنبياء يبين أن أمة الإسلام لها القيادة ولها الزمام لقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (البقرة:143).

وقد ضرب الرسول مثلا للأسلوب المثالي في الدعوة وكيف يخاطب عقولا باغية مستكبرة بآية أكبر كآية الإسراء والمعراج، لذا ذكرت كتب السيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم حدث قومه عن الإسراء أولا حتى إذا استوعبت قلوبهم هذا الحديث انتقل إلى حديث المعراج حتى يضمن منهم الوعي والانتباه أولا وآخرا، وهذا هو الشأن الذي ينبغي أن يكون عليه الداعون إلى الله.

من ينقذ أولى القبلتين؟

عندما ننظر في سورة الإسراء نجد أن الله ذكر قصة الإسراء في آية واحدة فقط، ثم أخذ في ذكر فضائح اليهود وجرائمهم في قوله تعالى: {وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً} (الإسراء:2-5)، ثم نبههم بأن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم، فربما يظن القارئ أن الآيتين ليس بينهما ارتباط، والأمر ليس كذلك، فإن الله تعالى يشير بهذا الأسلوب إلى أن الإسراء إنما وقع إلى بيت المقدس لأن اليهود سيعزلون عن منصب قيادة الإنسانية لما ارتكبوا من الجرائم التي لم يبق معها مجال لبقائهم في هذا المنصب، وأن الله سينقل هذا المنصب فعلا إلى رسوله صلى الله عليه وسلم ويجمع له مركزي الدعوة الإبراهيمية.

فقد آن الأوان لانتقال القيادة الروحية من أمة إلى أمة؛ من أمة ملأت تاريخها بالغدر والخيانة والإثم، إلى أمة تتدفق بالبر والخيرات، ودستورها كتاب الله يهدي للتي هي أقوم.

وعندما تظلنا هذه الذكرى المباركة علينا أن نراجع موقعنا بين الأمم، وموقفنا من ديننا الإسلامي ومبادئه وشريعته وما نحن عليه من تراخ واستسلام لما فرضه علينا أعداؤنا من اغتصاب القدس والأرض التي باركها الله وتشريد أهلها ومطاردتهم في كل مكان، وليذكر المسلمون أن الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ظل مصونا منذ عهد عمر بن الخطاب وظل المسلمون حراسا له وسدنة لأعتابه وقد ازدهرت فيه حلقات العلوم الإسلامية.

ولكن ما حال الأقصى اليوم؟ وماذا فعل به مغتصبوه؟ فواجب على المسلمين؛ أفرادا وحكاما، أن يتخلوا عما وقعوا فيه من خلاف وتناقضات فرقت جمعهم وأضعفت كيانهم، وليعملوا جميعا على إنهاء هذه الفرقة استقرارا للإخوة الإسلامية واستمرارا لنمو الأمة وسيادتها مستذكرين قول الله تعالى: {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (الأنفال:46).

وعد بالنصر

لقد أكد الرسول صلى الله عليه وسلم طبيعة الصراع بين المسلمين واليهود وبشرنا بأننا منصورون عليهم في قوله عليه السلام: «لا تقوم الساعة حتى يقابل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر، فيقول الحجر والشجر: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي خلفي فتعالى فاقتله» (رواه مسلم عن أبي هريرة).

إن مسؤولية أرض الإسراء والمعراج مسؤولية أمة بأكملها تهفوا قلوب أبنائها صباحا ومساء إلى أولى القبلتين وثالث الحرمين، وهي مسألة عقيدة ووجود وهوية لا مسألة أرض وحدود، ولو كانت القضية خاصة بشعب معين لانتهت منذ مئات السنين، والمعركة في أرض الإسراء لن يحسمها إلا الجهاد المقدس في سبيل الله طال الزمن أم قصر، ونحن نتذكر قول صاحب الإسراء عليه الصلاة والسلام: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق قاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك. قيل: يا رسول الله، أين هم؟ قال بيت المقدس وأكناف بيت المقدس» (رواه أحمد).

إن العدل والرحمة والشفقة والرأفة والسلام من مبادئ الإسلام الأساسية في صلب ديننا، لكن حين تستخف طائفة أو فئة بهذه المبادئ ضاربة بها عرض الحائط مستخفة بالحقوق الثابتة والراسخة لأمتنا، فإن الإسلام يفرض علينا الدفاع عن أرضنا وإخواننا ومقدساتنا وتأديب الفئة المعتدية حتى تفيء إلى أمر الله ويعود الحق إلى أصحابه.

أليس اليهود هم الذين اعتبروا ظهور الإسلام خطرا كبيرا يهددهم فعمدوا إلى الإساءة إليه بكل السبل؟! ولكن باءت محاولاتهم بالفشل الذريع، وصدق فيهم قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}: (الحشر:2).

أليسوا هم اليهود الذين أثاروا زعماء الجزيرة العربية ضد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ودعوته، بل عمدوا إلى محاولة قتله أكثر من مرة فحماه الله من مكرهم وخبثهم وأفشل كيدهم؟! أليسوا هم اليهود الذين حرضوا أبا لؤلؤة المجوسي على قتل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه؟! أليسوا هم اليهود الذين ساهموا بفاعلية في إيقاع الفتنة في عهد عثمان رضي الله عنه؟! أليسوا هم اليهود الذين أسسوا ودعموا ومولوا الجمعيات المشبوهة في زمن العثمانيين بعد أن منحوهم الأمن والأمان فساهموا في إسقاط الخلافة؟ !

إن المسلم الحقيقي لن ينسى كل ذلك وسيظل صوب الواجب نحو القدس يتردد صداه عبر الزمان في القلوب والآذان.

الغاية والأمل

إن الإسراء يعني العمل الدائب والمثابرة التي لا تعرف التخاذل، سواء في أمر العلاقة بالله أو العلاقة بالناس، من أجل المكانة الأعز التي ينبغي أن يحتلها مجتمع المسلمين. إن الموقف يحتم علينا أن نحتفل بالذكرى الممتلئة بالمواعظ والعبر بأن تتحرك في عزم الرجال وعزيمة الأبطال وفطنة العلماء وحكمة المؤمنين المتقين إلى إسراء صادق لا غاية لنا فيه إلا الله وإعلاء كلمته ورفع شأن دينه وهو القائل: {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (الحج:40)، فهل نرى مع الذكرى جديدا يحقق الأمل ويدني الغاية البعيدة؟!

ومع ذلك، فلن نفقد الأمل في عودة الذاكرة واستعادة اليقظة لهذه الأمة العظيمة التي عرف أعداؤها قدرها - سابقا - فهابوها وعندما ضعفوا واستسلموا تداعى عليهم الأعداء كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، فهل ننتبه قبل فوات الأوان؟

 

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال