الجمعة، 29 مارس 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

117 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

heme

 أ.د. محمد أحمد عزب أستاذ العقيدة المشارك – جامعة المدينة - مصر

أشرقت علينا شمس رمضان وطلع علينا هلاله، فكأن الدنيا من حولنا أضاءت في كل أركانها، فالكيس الفطن يصارع فيه اللحظات، ويتمنى ألا تمر ساعاته سراعا؛ حرصا على أن يهتبل لنفسه المزيد من الحسنات.. تتزين المساجد وتزدان؛ كأنها تستقبل الوافدين لأول مرة، بعد أحد عشر شهرا لا يؤمها فيها إلا نفر قليل.

لا شك أن لحظات رمضان هي الأفضل والأعظم في العام كله، إذ تتجدد الروح، وتتجدد النفس. وللصوم ميزة وخصيصة دون غيره من العبادات، فمن فضله أن أضافه الله تعالى لنفسه، وجعله دون غيره كفارة يكفر بها، المظاهر والحالف... وغيرهما، فلا تجزئه الصلاة ولا الزكاة ولا الحج عما لزمه من تقصير؛ بل الصوم جابر لبعض أعمال الحج، لازم في بعض الأحيان لبعض التقصير في مناسكه.

ثم إن رمضان هو المشفى الحقيقي للأمراض التي توطنت في النفس على مدار عام، والكابح لشهوات أدمنها بعض الصائمين، بعضها مباح، وبعضه دون ذلك.

إن شهرا واحدا يمثل في حياة الإنسان فرصة سانحة لجبر قصور مر عليه في أحد عشر شهرا، وفرصة للاقتراب من الله بشوق ينبع من داخل النفس، ينعكس على الأخلاق وسائر التصرفات، وهو فرصة لأن تتجدد النفس، فتبدو في تعايشها كأبهى من الربيع في إزهاره، وأثمر من الشجر حين يكون جناه، ولقد كان رسولنا صلى الله عليه وسلم عظيما في كل أمره، وكانت عظمته تزداد وتزداد في رمضان: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة»(1).

من هنا كان رمضان فرصة ليكون الصائم حريصا على كل تكبيرة إحرام في الصلوات الخمس خلف الإمام، حريصا على العيش مع القرآن؛ مهيئا أسباب اللقاء مع كتاب الله تعالى تارة بالتلاوة، وتارة بالسماع.

ثم على الصائم أن يديم الدعاء، ولا يربط ديمومته بحصول المطلوب؛ فالدعاء في ذاته عباده، ثم إن رمضان فرصة ليبلغ العبد المدى في الأذكار، لاسيما الاستغفار، وهو فرصة ليكون المرء مع من حوله من الناس مؤثرا ما يعم نفعه من العبادات، كالصدقات وعون المحتاج بأوجه العون، على ما يقتصر نفعه، وليعلم أنه إن انشغل بحوائج الناس وقضائها فالله معه في كل مسعى يسعاه، وليس في سعيه في الحوائج يكون مضيعا لحظ نفسه من رمضان، بل هو آخذ بسبيل عظيم من سبل الفوز.

ورمضان أيضا منحة عظيمة لتعويد النفس كريم الخلق، وإكسابها خلة كظم الغيظ؛ التي تستوجب جنة عرضها السماوات والأرض، وهو فرصة لصون الضمير من نزغات السوء، وصون الفؤاد من أمراض الشيطان كالحسد والغل.

إن طريق المغفرة ميسور مرسوم في رمضان، ويكفي الصيام شرفا أن أجره مضاف إلى ربه، وموكول إليه تعالى، وفي تفسير قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} (الزمر:10)، قيل: الصابرون هم الصائمون(2)، فإذا كان أجر قراءة الحرف في القرآن بحسنة(3)، وأجر بعض الأعمال بسبعمئة(4)، وأجر الصلاة في جماعة بخمس وعشرين(5)، فإن أجر الصائم لا يعلمه إلا الله؛ كما في الحديث القدسي: «الصيام لي، وأنا أجزي به»(6)، فهنيئا لمن بادر بالصوم، وعمل في رمضان بما عرف قدره من الأعمال الأخرى، فخرج منه بغير ما دخل فيه، وكانت نفسه في استدباره غير نفسه في استقباله، وقلبه في شعبان غير قلبه في شوال، وصار كأنما ولد بالصيام من جديد.

المرأة في رمضان

والمرأة في الدنيا ينبوع الحنان الفياض وزهرة البيوت المستقرة، وظلها الوارف، ينبغي ألا تكون في ليلها ونهارها مغالية في الانشغال بمائدة الإفطار، وما تعده لأهل البيت، بل لا يفوتها حظها من العبادة مهما كان يومها، وأن يكون لها ورد مع الكتاب العزيز لا تتخلف عنه؛ مهما داهمتها المشاغل، ولتحتسب في كل عملها الذي تقوم به، ومن الحسن أن تحرص على أن تطعم الطعام بأن ترسل به لمحتاج، وأن تنأى عن ضياع الوقت فيما لا يعود عليها بالنفع، آخذة في كل هذا بحسن التبعل، تبتغي وجه الله وما أعده للمتقين.

الشباب في رمضان

الشباب هم عنوان المستقبل، وربيع المجتمعات، والأمم قوتها بكثرة شبابها وتفوقهم على أهل الشيب، فالأعمار تمضي لا يحتسب منها إلا ما عاد بالفائدة على صاحبه، ويكفي أن الشاب العابد واحد من سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وفي الحديث: «يعجب ربك من الشاب ليست له صبوة»(7)، والصبوة هي الميل للحرام، قال العجلوني: كان السلف يعجبهم أن لا يكون للشاب صبوة(8)، قال ابن الجوزي: «لا تخل نفسك من موعظة تسمعها، وفكرة تحادثها بها، فإن النفس كالفرس المتشيطن؛ إن أهملت لجامه، لم تأمن أن يرمي بك»(9)، فهذا هو الحري بالشاب.

وليعلم أن إقباله على ربه وإحجامه عن المعاصي لا يعنيان أنه لا يعيش الزمان كبقية الشباب، أو أنه يعيش حياة الكهول والعجائز. كلا فإنه ما من ساع في الحياة، أو ضارب في مفاوز الأرض إلا وهو طالب للسعادة، راغب في حصولها، ومن فاته حظه من ربه، وحظه من الإقبال عليه، فسعادته وهم، وفرحته مؤقتة، يوشك أن يستفيق عن قريب منها، فرمضان نفحة عظيمة وفرصة سانحة لمن رغب أن يصير من الشباب إلى الله بلا صبوة، فليتدبر ما يفعل، وليعزم ألا يفوته خير وإن قل، فالسعيد من أدرك لا من فرط وسوف وأجل ما ينبغي اليوم إلى الغد؛ فربما جاء الغد وقد وهنت منه القوى، وخارت العزائم.

وما أشقى من كان كل حظه من رمضان دعوة عليه من خاتم الرسل صلى الله عليه وسلم إذ يقول: «رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له»(10)، من أجل هذا كان رمضان فرصة لرفع الهمة، وتطهير القلب.

الهوامش

1- البخاري (6)، ومسلم (2308).

2- الهداية الى بلوغ النهاية (2/972).

3- الترمذي (2910)، وقال حسن غريب.

4- البخاري (6491)، ومسلم (131).

5- البخاري (648)، ونحوه في مسلم (649).

6- البخاري (1904)، ومسلم (1151).

7- أخرجه أحمد (17371).

8- كشف الخفاء (1/279).

9- صيد الخاطر، ص:206.

10- الترمذي (3545) وقال حسن غريب.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

محمد حسني عمران يكتب: الحنان وأثره في تربية الطفل

القاهرة – محمد حسني عمران: الأطفال هم مستقبل الأمة الواعد، وهم العناصر الفاعلة في المجتمع، ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال