درس الهندسة الإلكترونية وعلوم التلاوة والقراءات ليجمع خيري الدنيا والآخرة

ختم القرآن الكريم كاملا برواية حفص عن عاصم وله إصدارت صوتية متعددة الروايات

القاهرة - محمد عبدالعزيز:

(يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).. و(عن عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال خيركم من تعلم القرآن وعلمه).. عبر هذين الهديين القرآني والنبوي شب في أرض العراق نبت مسلم، اتخذ من التنزيل الحكيم رفيقا دائما لحياته وسراجا يشع ضياء وإيمانا على خطواته.. فحمله القرآن إلى آفاق أبعد من كل طموحاته وأحلامه.. تعالوا نتعرف إلى مسيرة قارئ صدق ما عاهد الله عليه، فصدقه الله.

ولد مقرئنا شيرزاد بن عبدالرحمن بن طاهر بن حسن الكوفي الكردي الشافعي, بمحلة النعمانية بالموصل شمال العراق سنة 1968م، منحدرا من أسرة كردية تقطن حاليا في قرى زيناوة وآشكا شمال شرق مدينة الموصل, وبدأ مبكرا في تعلم كتاب الله عز وجل على أبيه حيث كان يعمل مديرا لإحدى المدارس ومعلما لمادتي اللغة العربية والقرآن الكريم، فكان له الفضل الأكبر في عملية تصحيح النطق والتمكن من الضبط دون معرفة الأحكام الخاصة بالقراءة.. وتميز "شيراز" بين أقرانه بصوت عذب جميل جدا حتى كانوا يطلقون عليه "المنشاوي الصغير" نسبة إلى المقرئ المصري الشهير.

رفيق العلماء

انتظم "شيراز" في تعلم القرآن الكريم وتدبر معانيه في جامع الحافظ بحي الجزائر، وبدأ في هذه المرحلة يأخذ قواعد التلاوة على الشيخ سيف الدين بن هادي رحمه الله والشيخ (أبو عبدالعزيز) عماد الدين شمس الدين إمام جامع الحافظ، واستمر على هذه الحال حتى أنهى المرحلة الثانوية ثم انتقل إلى جامع القادسية وواصل مشوار القراءة فيه.. ومن ثم تعرف إلى شيخ قراء الموصل الشيخ إبراهيم بن فاضل المشهداني، وقرأ عليه أصول رواية حفص، كما قرأ عليه من أول البقرة حتى آخر النساء خلال سنة تقريبا، وكانت هذه السنة عظيمة النفع من حيث الإتقان وجودة التلاوة, ثم قرأ عليه أصول قراءة أبي عمرو البصري وما تيسر من البقرة بروايتي الدوري والسوسي عن أبي عمرو البصري وكان ذلك عام 1986 وفي كل من مسجدي الحامدين وذي النورين، على الرغم مما بينهما من مسافة كبيرة.

وبالإضافة إلى انتظامه مع كتاب الله، واصل الشيخ مسيرته العلمية فتخرج في مدرسة الموصل الثانوية سنة 1985م، ومن ثم التحق بكلية الهندسة تخصص الإلكترونيك والاتصالات بجامعة الموصل وتخرج فيها سنة 1412هـ/1991م. وكان الشيخ يجمع بين دراسته للهندسة وتعلم القراءات في الفترة نفسها.. وبعد انتقال الشيخ إبراهيم إلى جامع الطالب وتعسر الوصول إليه لبعد المسافة أحاله إلى الشيخ عبداللطيف الصوفي في جامع المحروق, وهو من خيرة علماء القراءات على مستوى العراق ولديه مصنفات كثيرة في علومها، ويعتبر من أكثر الشيوخ المجيزين نظرا لهمته التي لا ينازعه فيها أحد. وقد أجازه الشيخ الصوفي برواية حفص عن عاصم وبالقراءات السبع من طريق الشاطبية عام 1988م، ولقبه ببدر القراء.

علم متبادل

في العشرين من عمره، بدأ الشيخ في تدريس القراءات في الموصل بعد منحه الإجازة، حيث أتم عليه الشيخ محمد فرج درويش ختمة براوية حفص، كما كان يساعد شيخه "الصوفي" في تدريس أصول القراءات وكان من بين من أجازهم الشيخ على الرغم من صغر سنه كلا من الشيخ المجاز في الإفتاء محمد بن عبدالحميد رحمه الله تعالى، وفقيه الموصل ومفتيها الشيخ ريان بن توفيق.. وهكذا مكث الشيخ مع القرآن في رحلة متواصلة بين التعلم والتعليم والتدبر، حتى جاء العام 1995م، وفيه قرر السفر إلى مدينة صنعاء اليمنية، ثم استقر في مدينة "الحديدة" وتعرف فيها إلى الشيخ محفوظ الباجلي في دار القراءات وقرأ عليه "أصول الشاطبية"، ومن ثم تعرف إلى الداعية محمد بن سعد الحطامي الذي كان يقدمه في الإمامة في مسجده المعروف بمسجد فاطمة الزهراء الكبير، وفيه تعرف إلى الشيخ الحافظ علي بن حسن الوصابي الذي قرأ عليه "أصول الدرة وشرحها في القراءات العشر"، وفرغ من ختم القرآن بهذه القراءات 1998 وقد أجازه الشيخ عبدالرازق بالقراءات الثلاث المتممة للعشر الصغرى.

ثم عاد إلى الموصل ليقرئ ويجيز شيوخه الذين قرأ عندهم القراءات السبع، حيث أجاز شيخه الشيخ العلامة عبداللطيف الصوفي بعد أن ختم عليه القرآن كاملا، وبدأ مع الشيخ غانم الطائي ولم يكمل معه بسبب سفر الشيخ شيرزاد إلى دولة الإمارات. أما الشيخ إبراهيم بن فاضل المشهداني فقد سافر إلى الإمارات أيضا والتقى هناك الشيخ شيرزاد وختم عليه القرآن كاملا وأجازه الشيخ في القراءات العشر الصغرى.

ثم هيأ الله لأهل العراق الشيخ محسن الطاروطي المصري الذي أقرأهم وأجازهم بالعشر الكبرى وكان ممن قرأ عليه الشيخ الصوفي, وقرأ الشخ غانم على الشيخ الصوفي العشر الكبرى, ثم سافر إلى دبي متفرغا لتدريس الشيخ شيرزاد، وكان يقول: "الشيخ شيرزاد نقل لنا القراءات الصغرى من اليمن ونحن نرد له الفضل بالذهاب إليه وإعطاءه القراءات العشر الكبرى".. وهكذا قرأ "شيراز" القراءات العشر الكبرى على الشيخ غانم الطائي وختم ختمة كاملة محققة مرتلة من أول الفاتحة وحتى آخر الناس وأجازه بالقراءات العشر الكبرى في احتفال كبير أقيم في مدينة دبي.

نشاطات متعددة

من أبرز أسانيد الشيخ "شيراز" كلا من الشيوخ: إبراهيم بن فاضل المشهداني، عبداللطيف بن خليل الصوفي، محفوظ الباجلي، الحافظ علي بن حسن الوصابي، عبدالرازق محمد عمارة، غانم الطائي.

أما من أجازهم الشيخ فمنهم الشيوخ: عبداللطيف بن خليل الصوفي، إبراهيم بن فاضل المشهداني، د. عطية بن أحمد بن محمد، د. عمار أمين الددو، د. محمد إبراهيم المشهداني، محمد فرج درويش،محمد بن علي بن أحداش، فيصل بن عطية، عبدالوهاب عبدالعزيز الحداد، ياسين إبراهيم موسى، سامي رمضان دهيم، محمد محمود مصطفى، عبدالله عبدالعزيز النقبي.

وللشيخ "شيراز" حاليا نشاطات متعددة منها إمامته لمسجد محمد حسن الشيخ بدبي وتدريسه للقرآن الكريم بسجن دبي المركزي، إضافة إلى تدريسه المتواصل لعلم القراءات بمسجده، وبرامجه الإذاعية وتحكيمه للعديد من المسابقات القرآنية، فضلا على ختمته الكاملة للقران الكريم برواية حفص عن عاصم من صلاتي التراويح والتهجد، وله إصدارت صوتية متعددة بروايتي حفص عن عاصم وورش عن نافع.