asaab0

القاهرة- محمد عبدالعزيز يونس:

هل تملك فنون ومهارات التواصل مع الآخرين؟ وكيف يمكنك أن تتعامل بمهارة مع أخطائهم؟ وكيف تتعامل أيضًا مع الأغبياء؟ ومع المرأة؟ ومع نصفك الآخر؟ وأيضًا كيف تتخلص من خجلك وتكتسب فنون الفراسة؟

كل هذه الأسئلة وغيرها الكثير يقدِّم لها د.محمد البحراوي إجابات مفصلة في كتابه "كيف تتعامل مع أصعب الشخصيات في العالم؟"، الصادر عن دار الحياة للنشر والتوزيع بالقاهرة في 256 صفحة من القطع المتوسط.

ويلفت إلى أنه شرع في إعداد هذا الكتاب بعد أن قرأ دراسة أجراها أحد الباحثين على 400 شخص فقدوا وظائفهم في عام واحد، وانتهت إلى أن 10% منهم فقدوها بسبب عدم قدرتهم على إنجاز أعمالهم، بينما فقدها 90% لأنهم لم يستطيعوا تطوير شخصياتهم حتى يتعاملوا مع زملائهم ومع الآخرين بإيجابية وفعالية.

 

الناس معادن

وأشار إلى أن التعامل مع الآخرين فنٌّ يجب الإلمام به حتى يمكننا التعايش بسلاسة، لافتًا إلى أن التعامل مع الشخصيات المختلفة يحتاج إلى أساليب ومهارات وثقافات مختلفة؛ لاختلاف طبائع الناس وعاداتهم وأساليبهم والبيئات التي نشؤوا فيها، فقد قال رسول الله : "النَّاسُ مَعَادِنُ كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ, خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلامِ إِذَا فَقِهُوا"، لذا تختلف المهارات في التعامل مع الآخرين وفق طبيعة البيئة التي تربوا فيها؛ تفاديًا لأسباب الصدام وتأليفًا للقلوب.

وتطرق المؤلف إلى مقولة للدكتور مصطفى السباعي يقول فيها: "عش في الحياة كعابر سبيل يترك وراءه أثرًا جميلًا، وعِشْ مع الناس كمحتاج يتواضع لهم، وكمستغنٍ يُحسن إليهم، وكمسؤول يدافع عنهم، وكطبيب يشفق عليهم، ولا تَعِشْ معهم كذئبٍ يأكل من لحومهم، وكثعلبٍ يمكر بعقولهم، وكلصٍ ينتظر غفلتهم، فإن حياتك من حياتهم وبقاءك ببقائهم، وداوم ذكرك بعد موتك من ثنائهم، فلا تجمع عليك ميتتين، ولا تؤلِّب عليك عالمين، ولا تقدِّم نفسك لحكمتين، ولا تعرِّض نفسك لحسابين، ولحساب الآخرة أشد وأنكى".

اصنع شخصيتك من أول لقاء:

التعامل الجيد أو السيئ يحدد مدى قبول الآخر لك، ويحدد دوام العلاقة بينكما، وانتهاؤها من أول لقاء؛ فإن كان أول ما يظهر عليك في أول لقاء الابتسامة والبهجة والبشاشة وحسن التعامل اتخذ اللقاء والعلاقة منحى إيجابيًا، والعكس صحيح.

وقد سأل عمرو بن العاص رضي الله عنه أحد الحكماء: بم ينبل الرجل عندكم؟ فقال الحكيم: بترك الكذب لأنه لا يشرف إلا من يوثق بقوله، وبقيامه بأمر أهله لأنه لا ينبُل من يحتاج أهله إلى غيره، وبمجانبة الريب لأنه لا يعز من لا يؤمن أن يصادف على سوأة، وبالقيام بحاجات الناس لأنه من رجي الفرج لديه كثرت غاشيته".

افتح الأبواب المغلقة:

وأسهل الطرق لذلك معرفة طبائع الناس، والتي تختلف من بيئة إلى أخرى، ومن طبقة إلى أخرى؛ بل وحتى في السمات الشخصية لكل فرد داخل الأسرة الواحدة، فهناك الاجتماعي، الانطوائي، الهادئ، العصبي، الودود البسيط، الحذر المتربص... فإذا عرفت طبيعة كل شخص سيسهل عليك معرفة الأسلوب الأمثل للتعامل معه وإزالة الحواجز وفتح الأبواب المغلقة بينكما.

ابتسم:

الابتسامة من أقصر الطرق للتعامل والتعرف على أي شخص مهما كان صعب المراس، فمهما كانت طبيعته أو حالته ستفتح الابتسامة مجالًا للحديث بينكما.. وقد أوصى الرسول بذلك فقال: "تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ لَكَ، وَأَمْرُكَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيُكَ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَإِرْشَادُكَ الرَّجُلَ فِي أَرْضِ الضَّلالَةِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَبَصَرُكَ لِلرَّجُلِ الرَّدِيءِ الْبَصَرِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِمَاطَتُكَ الْحَجَرَ وَالشَّوْكَةَ وَالْعَظْمَ عَنِ الطَّرِيقِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِفْرَاغُكَ مِنْ دَلْوِكَ فِي دَلْوِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ".

إفشاء السلام:

بعد الابتسامة الجميلة طبيعيًا أن تبدأ بالكلام مع من تريد التحدث إليه، فأول كلمة تبدأها "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"، وسيرد عليك كما ردت الملائكة على آدم عليه السلام، فقد قال رسول الله : "خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آدَمَ على صُورَتِهِ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعاً، فَلَمَّا خَلَقَهُ قال: اذْهَبْ فَسَلِّمْ على أُولَئِكَ: نَفَرٍ مِنَ المَلائِكَةِ جُلُوسٍ فاسْتَمِعْ ما يُحَيُّونَكَ فإنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرّيَّتِكَ، فقال: السَّلامُ عَلَيْكُمْ، فَقالُوا: السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهُ، فَزَادُوهُ: وَرَحْمَةُ اللَّهِ".

ومن ثم، وبعد إلقاء السلام ابدأ أنت بالمصافحة، فهي تزيد المودة والحب، بل إن المصافحة مع نقاء السريرة تكفِّر الذنوب والسيئات، فقد قال رسول الله : "مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إِلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا".

تواضع:

التواضع إن قل يسمى كِبرًا،  وإن زاد يسمى ذُلا ومهانة، فعلينا أن نتوسط بينهما، بلا إفراط ولا تفريط. فالمتكبر منبوذ من الجميع، لأنه يتكبر على الناس ويعاملهم باحتقار، ويسخر منهم، ويستعلي عليهم؛ لذا لا يقبل الناس على التعامل معه. وقد حذر رسول الله من عاقبة ذلك فقال: "بَيْنَمَا رَجُلٌ يَتَبَخْتَرُ فِي بُرْدَيْنِ وَقَدْ أَعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ ، خُسِفَ بِهِ الأَرْضُ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ".

أما التواضع فإنه يُشعر الناس بحقوقهم ومودتهم نحو بعضهم، وينشر الثقة والتعاون بينهم، ويشيع روح الألفة، فقد قال رسول الله : "مَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ".

اعترف بفضل الآخرين:

يجب علينا أن نعترف بفضل الناس من حولنا، ونشكرهم على كل ما قدموه لنا، وقد ورد عن الرسول أنه قال: "لَا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ".

وفي المقابل، عليك بالحذر من اللئيم، فهو يعاديك سواء أكان لك فضل عليه أم لا. وفي الشعر العربي: "لا تركننَّ إلى مَن لا وفاءَ له.. الذئبُ مِن طبعِه إنْ يقتدرْ يثبِ".

براعة اللسان:

إذا نظرت إلى خطباء المساجد المحبوبين، وإلى الإعلاميين البارزين، بل وحتى مندوبي المبيعات الناجحين، تجدهم يمتازون ببراعة الحديث، والقدرة على جذب من أمامهم بقوة المنطق وسرعة البديهة واستخدام الأساليب الحسنة في النقاش. وهذه من أسرار النجاح في التعامل مع الآخرين.

وفي المقابل، يجب أن تحبس ثعبانك داخل فمك، فلا يصدر من لسانك كلام قبيح، ولا غيبة ولا نميمة، ولا حتى كلام حق في غير موضعه، فكم من الناس خسروا الكثير من علاقاتهم بسبب عدم ضبط ألسنتهم، وقد قال رسول الله : "مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَالا يَعْنِيهِ".

فن النصيحة:

النصيحة على الملأ فضيحة، والنصيحة الصادقة والمنضبطة تحافظ على الصداقة وتقوي العلاقات الاجتماعية، فعلى من يسدي نصيحة لأخيه أن يبتغي بها وجه الله أولًا، وأن يكون قدوة حسنة حتى يمكنه إعطاء النصيحة، ففاقد الشيء لا يعيطه، وعليه أولًا أن يتوثق من صحة ما ينصح به، فلا يقدم معلومات مغلوطة. أيضًا لا تنصح شخصًا وهو في حالة عصبية وانفعالية حتى لا تستفزه بنصيحتك؛ بل اختر الوقت المناسب لذلك، ولا تتعال على من تنصحه، وأظهر له الود وأنت تفعل ذلك حتى تكسب قلبه ويستمع إلى نصحك.

 

طرق بسيطة للاهتمام بالآخرين واجتذابهم

1- أشعر كل من حولك أنه أحب وأقرب الناس إليك.

2- أعلم كل من تحبه أنك تحبه، ولا تخفي ذلك عنه؛ فإن إعلامه بذلك يجعل لك مكانة كبيرة في قلبه، ولتكن لك كلمة بسيطة بمعنى كبير، وهي: "إني أحبك في الله"، وانظر إلى ما سيحدث من تغير إيجابي نحوك.

3- ابعث رسائل لكل من تعرفه، ولكل اسم مسجل على هاتفك أو موقع في كل المناسبات، فكل إنسان تصل إليه الرسالة سيشعر أنك مهتم به وأنك تذكرته برسالة، وسيبادلك الاهتمام نفسه.

4- شجِّع كل من حولك، وعرِّفه بإمكانياته لكي يستغلها، فإن استغلها ونجح في حياته تكون أنت سبب نجاحه، فتخيل مكانتك بعد ذلك عنده.

5- تعرَّف على كل شيء يخص أحباءك حتى تكون أقرب الناس إليهم.

6- إذا ما تعرض شخص لهجوم وسخرية وتعنيف وإحراج فدافع عنه، ستجده يحفظ لك هذا الجميل، وسيشعر باهتمامك به والامتنان لك، وستكون من أحب الناس إليه.

7- من يحب شخصًا يحب كل شيء يحبه هذا الشخص.

8- ازهد فيما بين أيدي الناس يحبك الناس.

9- إذا أردت ان تأسر قلب عدو لك أو شخصًا دخل معك في مشاحنة أو نقاش حاد، فإذا قلت له: أنت أحب إلي من ملايين الناس، فانظر إلى رد فعله وكيف سينقلب رأسًا على عقب، وستأسر قلبه إن كنت صادقًا في قولك له، وينقلب من عدو إلى صديق.

10- تعلم فن التفاوض، فكم من خاسر خرج من نقاش مع أحد الزملاء في العمل أو تقسيم ربح أو ميراث بخسارة الكثير من الأشخاص، فالمال ليس أفضل من كسب الأشخاص، وكسب الناس أولى من كسب المال.