الخميس، 28 مارس 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

66 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

049 19 7783

القاهرة – مصعب ناصر:

"لعلّك عانيت في مرحلة شبابك -أو لا تزال تُعاني- من اغتراب عن وطنك على مختلف الأصعدة العلميّة والسياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، ولم تجد من يقرأ فكرك ويبني في داخلك حلم نهضة الأمّة العربيّة الّتي تشغلنا، أو ينبغي لها أن تشغلنا جميعًا من المهد إلى اللّحد، والّتي لن تكون إلّا بسواعد الشّباب وتمكينهم.

وجرّاء كلّ هذه الأمنيات والمعاناة، ولأنّ الشّباب هم عصب الأمّة العربيّة وعودها وعمادها، وإن شئت فقل إنّهم حقًّا ركيزتها ودعامتها الأساسيّة. ليس هذا فحسب، بل هم الشّريان الّذي تُضَخُّ فيه الدّماء المتدفّقة لحياتها ونهضتها؛ ومن ثمَّ وجب الأخذ في الاعتبار تقدير الدّور الّذي ينبغي لهم فعله، حتّى يخرجوا من حيّز ما ينبغي أن يكون إلى ما هو كائن بالفعل. فلا جرم أنّه لا نهضة حقيقيّة، ولا حياة للأمّة، ولا سبيل لرفعتها وتقدّمها؛ إلّا بسواعد الشّباب وقدراتهم وإبداعاتهم في مختلف المجالات والميادين، إلى جانب الاستعانة بخبرات الآباء والأجداد ونُصحهم وإرشادهم، كلّما أمكنَ ذلك".

هكذا استهل الدكتور جميل أبو العباس الريان، مدرس الفلسفة الحديثة والمعاصرة بكلية الآداب بجامعة المنيا، دراسته "تمكين الشباب العربي... بين الواقع والمأمول"، ليُعبّر عن "واقع الشباب بكلّ جرأةٍ وقوّة ثمّ يُعرِّج على مستقبلهم الّذي تُحيط به المخاطر من كلّ صوب وحدب، ولكي يفتح بابَ الأمل في غدٍ مشرقٍ حافلٍ بالوحدةِ العربيّة وقوّتها في أسمى معانيها حال أخذ أبناؤها بالعلاج المقترح، أو الّذي يقترحه آخرون".

سؤال رئيس

يأتي هذا الكتاب ضمن أعمال الباحث المعنية بالشباب؛ ففي 2016 حصل بحثه "التطرف الفكري: نشأته وأسبابه وآثاره وطرق علاجه" بالمركز الأول في جائزة وقف المستشار محمد شوقي الفنجري في مجال خدمة الدعوة والفقه الإسلامي. وفي هذه الدراسة، قدّم لها الأستاذ الدكتور أحمد محمود الجزار، أستاذ الفلسفة الإسلامية وعميد كلية الآداب الأسبق.

ويقول: لأنّ كثيرًا من الشباب العربي عزفوا عن الشعور بالانتماء إلى الأمة وانسلخوا عن هويتهم؛ حتى أصبح قطاع كبير منهم مُفتقرًا للهوية، وبالتالي اندثرت هوية الأمة العربية الحقيقية، وفقدت جزءًا كبيرًا من عصبيتها الشرقية (الإسلامية والعربية) في الدفاع عن أصولها، وبالتالي فقدت القدرة على أن تخلق إرادتها بنفسها في كثير من الجوانب؛ فأَبَتْ إلا أن تتخذ دور التابع لا المتبوع، دور المُقَلِد لا المُبْدِع في عديد من أمورها.

من هذا المنطلق، تمثّلت المشكلة الرئيسة لهذه الدراسة، كما هو واضح من عنوانها، في محاولة الإجابة عن السؤال الرئيس: هل من الممكن تمكين الشباب في المؤسسات المختلفة في الأمة العربية عمومًا وفي الأقطار المختلفة على وجه الخصوص؟ وهذا السؤال تنبثق عنه الأسئلة الفرعية التالية:

- ما معنى التمكين؟

- من المقصود بالشباب في الوطن العربي؟

- ما مفهوم تمكين الشباب العربي؟

- ما واقع مشاركة الشباب العربي في المجالات الأساسية المختلفة؟

- هل كان لهم دور في الحضارة العربية منذ فجرها وحتى عصرنا الحالي؟

- وما الأسباب وراء انزواء الشباب بعيدًا عن المشهد في الآونة الأخيرة، وعدم تمكينهم؟

- وما آثار عدم تمكين الشباب على المستوى المحلي، والمجتمعي، والدولي؟

- هل من الممكن تمكينهم في عصرنا الحالي؟

- ما الفرص التي تؤهل الشباب للتمكين؟

- ما المجالات التي ينبغي أن يتم تمكين الشباب فيها؟

- ما التحديات والمعوقات التي تؤرق تمكين الشباب؟

- ما طرق علاجها؟ وما آليات تمكين الشباب؟

منهج الدراسة

ترتكز الدراسة على المنهج الوصفي التاريخي التحليلي، الذي يقوم على وصف إشكالية تمكين الشباب، ثم عرض وقائعها من الناحية التاريخية، وتحليلها للوصول إلى أسبابها، وطرق علاجها، وبالتالي التوصل إلى أهم النتائج والتوصيات؛ لضرورة التأكيد على تمكين الشباب بشكل تطبيقي عملي.

ويقول الدكتور جميل أبو العباس إنّ هذه الدراسة تسعى إلى محاولة سدّ الثغرات في هذا المجال؛ عبر بحثه "تمكين الشباب... الفرص والتحديات"، وتحديد موقفه منه؛ لتوضيح سُبُل النهوض بالأمة العربية قولًا وفعلًا، نظرية وتطبيقًا.

وقسّم الباحث الدراسة إلى أربعة فصول، تسبقها مقدمة وتليها خاتمة؛ يمكن ترتيبها على النحو التالي:

عرض في المقدمة مشكلة "تمكين الشباب العربي" وأسبابها وأهميتها، والدراسات السابقة، وخطة الدراسة ومنهجها.

وفي الفصل الأول، بعنوان "معنى تمكين الشباب وعلاقته بالمفاهيم الأخرى"، تساءل: ما معنى التمكين؟ ومن المقصود بالشباب في الوطن العربي؟ وما المراد بتمكين الشباب في عالمنا العربي وفي العالم الغربي؟ وما الفرق بين تمكين الشباب وتمكين الكفاءات؟.

وفي الفصل الثاني، المعنون بـ"تمكين الشباب.. حقيقته وأسبابه وآثاره"، المحتوي على جزئين: أولهما، عدم تمكين الشباب بين الواقع والخيال؛ وفيه يقدم رؤية تجسيدية لتمكين الشباب في أرض الواقع توضح وجود ثلاثة آراء: أولها يذهب إلى أنه لا مشكلة في تمكين الشباب في العالم العربي وأن الشباب يؤدون دورهم بشكل طبيعي في مجتمعاتهم، بينما الرأي الثاني يعبر عن نفعيته المُفرطة عبر رؤيته لما يحقق المصلحة أو المنفعة بشكل أكبر، بغض النظر عن أي شيء آخر. أما الرأي الأخير فيرى أنه لا وجود للشباب ولفرصهم في التمكين في مجتمعاتهم. كما يعرض هذا المبحث واقع مشاركة الشباب العربي في المجالات الأساسية المختلفة، ومدى قيامهم بدورهم في الحضارة العربية منذ فجرها وما بعدها.

ويعرض في الجزء الآخر "أسباب عدم تمكين الشباب وآثاره"، والأسباب التي أدت إلى انزواء الشباب بعيدًا عن المشهد في الآونة الأخيرة وعدم تمكينهم، بالإضافة إلى الآثار الناجمة عن عدم تمكين الشباب على المستويات الفردي والمحلي والمجتمعي والدولي.

وفيما يتعلق بالفصل الثالث الذي جاء بعنوان "فرص تمكين الشباب ومجالاته"، فقد قسَّمه الباحث إلى ثلاثة أقسام: الأول، يتعلق بالفرص التي تؤهل الشباب للتمكين، والثاني، يختص بالمجالات التي ينبغي أن يتم تمكين الشباب فيها. وكيفية إتاحة هذه المجالات لهم، أما الثالث، فيعرض للتحديات والمعوقات التي تحول دون تمكين الشباب.

أما الفصل الرابع: فهو يحمل عنوان "آليات تمكين الشباب"، وفيه يعرض الباحث لطرق علاج عدم تمكين الشباب، ويقدم الآليات التي ينبغي أن يتم من خلالها تمكين الشباب وكيفية جذبهم.

وأخيرًا، جاءت الخاتمة متضمنة عرضًا مفصلًا لأهم النتائج المتوصّل إليها في الدراسة؛ من أهمها

1- أنّ تقدم الأمة العربية ورفعتها مرهون بتمكين الشباب العربي على الأصعدة المحلية والدولية كافة، وفي مختلف المجالات العلمية والسياسية والاقتصادية وغيرها.

2- تُعدُّ مرحلة الشباب من أخطر المراحل في دورة الحياة؛ نظرًا لما تحويه من تغيرات واضطرابات يكون لها عظيم الأثر في ذات الشباب، وعلاقاته بالآخرين. ومن ثمَّ فإنها المرحلة التي تتطلب أكبر قدر من إعادة تنظيم العلاقات بين الفرد والآخرين.

3- لا يمكننا السعي إلى تمكين الشباب في العالم العربي إلا إذا اعترفنا ابتداءً بالمرض، ومن ثمَّ العمل على علاجه، من خلال معرفة أسباب عدم التمكين وإيجاد الحلول المناسبة لها.

4-أنّ التحديات التي تواجه الشباب العربي تحول دون تحقيق نهضة للأمة العربية في مختلف المجالات، ومن ثمَّ كان لا بد على الدول العربية والحكومات أن تَحِد من نزاعات هذه التحديات وتعمل جاهدة من أجل القضاء عليها .

5- لعدم تمكين الشباب آثار جسيمة؛ قد تعود بالضرر على الشباب نفسه، والفرد، والمجتمع، والأمة العربية، وفي بعض الأحيان على العالم أجمع.

6- إن علاج عدم تمكين الشباب ليس ضربًا من المحال، وإنما من الممكن عن طريق الالتزام بالخطط الإستراتيجية والتنموية الممكنة وكيفية تطبيقها بشكل عملي.

7- إن علاج مشكلة التعليم قبل الجامعي والجامعي وما بعد الجامعي جدير بعلاج العديد من المشكلات المجتمعية المختلفة، الصحية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية... إلخ.

كما أوصى الباحث الدكتور جميل أبو العباس في دراسته بالآتي:

1- ضرورة الاهتمام بالشباب بمراحله العمرية المختلفة وقضاياه المعاصرة التي تستجد مع كل فترة زمنية، بالإضافة إلى العمل على تمكين الشباب كلٌ في مجاله وتخصصه.

2- التأكيد على الاهتمام بالطفل والأسرة منذ نشأتهما؛ لأن الاهتمام بالأطفال وغرس القيم النبيلة فيهم كحب الدين، وحب الوطن، وحب الانتماء للأمة العربية والعمل على تحقيق نهضتها وصحوتها من كبوتها، يُنمِّي في الشباب روح الولاء، والطاعة، والحب للأوطان، وبالتالي التفاني من أجل إصلاحها، وتعميرها، ونهضتها بكافة السُبُل الممكنة.

3- الحث على إيجاد فرص عمل للشباب في مختلف الميادين، وتأهيلهم لهذه الفرص من خلال معايير الكفاءة، والتميز، والإبداع، والتشجيع، والعدالة في توزيع الثروات والفرص، والمساواة في الحقوق والواجبات بما يخدم الأمة العربية ونهضتها.

4- العمل على إعلاء القيم الإنسانية السامية، وخاصة كرامة الإنسان عمومًا والشباب خصوصًا وحريته، وإحساسه بقيمته وذاته من خلال رفع الظلم والاستبداد السياسي، والاجتماعي، والأسري،...الخ، عنه، وتحقيق سُبل الرفاهية التي تُعينه على أن يكون إنسانًا سويًا، نافعًا لدينه، ووطنه، ومجتمعه، وذلك من خلال التربية الإسلامية السليمة التي تقتدي بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم قولًا وفعلًا.

5-أن يسعى الحُكام إلى استشعار جميع المواطنين أنهم سواء أمام العدالة، وأنه لا فضل لأبناء فئة على أبناء فئة أخرى، مع ضرورة تأكيدهم على أنه لا حياة للأمة دون الشباب.

6- العمل على تشجيع إثراء جانب الكتابات النظرية التأصيلية، والبحثية، والكتابات الإبداعية؛ لتتبلور الصورة وتنضج معالم قضية تمكين الشباب، وذلك من خلال المسابقات والمكافآت، وطبع تلك الكتابات والإبداعات، مثلما تفعل بعض المنظمات العربية، وبعض مؤسساتها وجامعاتها.

7-التشدِّيد على تبني مثل هذه الأبحاث والكتابات العلمية المتميزة والفائزة بالجوائز العلمية، ووضع خطط إستراتيجية منتظمة لتفعيل ما تحتويه هذه الأبحاث بشكل عملي على أرض الواقع؛ مما يُشعر الشباب بالجدية والالتزام من أجل السعي إلى إرساء قواعد نهضة حقيقية للأمة العربية، وبالتالي يتم وأد الروح الانهزامية، ويستشعر الشباب أن الأمة بدأت تستيقظ من نومها وسُباتها العميق.

8-ضرورة الاهتمام بالأسر الفقيرة والعشوائيات؛ لأنها حسب الإحصائيات تكون نسبة تطرف الشباب الفقير الذي يكون مُكبلًا فيها بأغلال الثالوث المدمر: الفقر، والجهل، والمرض، مرتفعة جدًا، وذلك من خلال اهتمام أجهزة الدولة والتضامن الاجتماعي بتشجيع الجمعيات الخيرية المشهرة، بالإضافة إلى توفير فرص عمل للشباب، مع الاهتمام بالرعاية الصحية والتعليم.

9- ضمان المشاركة البناءة للشباب في جدول أعمال التنمية في العالم العربي، والمشاركة الفعالة في المناقشات واتخاذ القرارات اللازمة في عمليات التنمية العربية وتعميم قضايا الشباب في سياسات وبرامج التنمية.

10-كما توصي الدراسة بوجوب تكاتف جميع الدول العربية يدًا بيد، ولاسيما تبني شعار "وحدة الأمة العربية ونهضتها" في إطار وضع ميثاق للشباب العربي؛ وذلك من أجل العمل على استعادة حضارة الأمة العربية وخوضها في سباق التقدم على مختلفة الأصعدة، الدينية والتربوية والاجتماعية والعلمية والسياسية والاقتصادية والتكنولوجية...إلخ.

11-وأخيرًا، توصي الدراسة بضرورة إجراء مزيد من الدراسات حول تمكين الشباب، بعد تفكيك الإشكالية إلى مشكلات متعددة بحيث يتناولها المتخصصون كل حسب تخصصه؛ مما يساعد على إيجاد حلول متكاملة للإشكالية في مجملها دون الوقوف على أجزاء منها ومعالجتها دون غيرها، وينبغي أن تشمل هذه الدراسات الآتي:

- تمكين الشباب: الإشكالات وآليات الحلول من منظور إسلامي معاصر.

- التمكين السياسي للشباب: مشكلاته، وطرق علاجه.

- تمكين الشباب: المشكلات والحلول، رؤية نفسية.

- تمكين الشباب: المشكلات والحلول، رؤية تربوية وأسرية.

- تمكين الشباب: المشكلات والحلول، رؤية اقتصادية.

 

 

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

محمد حسني عمران يكتب: الحنان وأثره في تربية الطفل

القاهرة – محمد حسني عمران: الأطفال هم مستقبل الأمة الواعد، وهم العناصر الفاعلة في المجتمع، ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال