الخميس، 25 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

41 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

 

questio5225

خالد برادة :

يدرك الباحثون الذين بلغوا في البحث العلمي شأوا بليغا، أن العلم لا ينال إلا بالهمم العالية والعزائم المتوقدة، ولذلك هان تعب أجسادهم في سبيل بحوثهم، ليظفر الباحث النحرير منهم بما كان يؤرقه ، فيغدو لحظة الظفر به مبتهجا سعيدا، ويكون له بذلك يوم عيد، وقد أدرك من يمم وجهه القاصد إلى محراب العلم والمعرفة أنه مطالب بكثرة الاستقصاء والتنقيب عن الوثائق العلمية، والحقائق الأكاديمية، وعدم الاكتفاء بما هو موجود، ذلك أن النهم هنا مطلوب، إلا أنه مذموم في كل ما عداه مما هو مرغوب، وأمامنا الآية الكريمة نبراسا لنا للضراعة إلى ربنا {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا}، فهذه الآية تقرر مبدأ إسلاميا أصيلا في ربط العلم بالله تعالى حتى تنكشف الحجب عن النفس وتتبدد الغيوم عن الفكر.

وقد يجد من خالط البحث دمه ولحمه، واستولى على لبه ومشاعره، أنه يلجأ إلى ركيزة أساسية ليكتمل هلال بحثه بدرا، هذه الركيزة هي الطابق الذي لا بد أن يبنى على قاعدة أصيلة، ألا وهي: قاعدة «السؤال مفتاح العلم»؛ وإذا سلمنا بهذه القاعدة التي لا غنى عنها لولوج بوابة العلم الفسيحة، فإنما نلفت النظر إلى نقطة في غاية الأهمية لقياس ميزان السؤال الذي ينير الفكر ويلهب الروح، ومفاد هذه النقطة المثارة: إن الباحث العلمي في حاجة إلى أن ينأى بنفسه عن السؤال البسيط، حتى لا يكون شأنه شأن العوام من الناس، فالباحث رجل ذو كفاءة علمية مقتدرة، وعلى إحاطة وإلمام بميدانه الذي ينهج سبيله، لذا كان لابد أن يطرح أسئلة إشكالية تأخذ طابعها الفلسفي، ليساعده ذلك على تثوير العلم، والمراد أن تتمخض عن ذلك السؤال الفلسفي أسئلة أخرى، قد تكون غائبة عن الباحث، ومن هنا يتجلى لنا الفرق الدقيق بين السؤال العلمي المساهم في تثوير العلم، وبين السؤال البسيط الذي سرعان ما ينتهي بجواب قد يكون بسيطا هو الآخر.

وقد يظن ظان أن الإسلام لا يشجع على السؤال أو يغض من قدره، ولنا أن نقول إن هذه آفة من يقرأ الآيات بظواهرها، دون أن يسبر غورها، ويحيط بأسباب نزولها، وذلك كما إذا قرأ المرء قول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}، وبالرجوع إلى مصدر من مصادر التفسير أو أسباب النزول، فسرعان ما يزول عن الأذهان اللبس والغموض في فهم الآية.

 ولعلنا لا نجانب الصواب إذا قلنا إن من طرق التدريس الناجحة، تقديم مجموعة من الأسئلة بين يدي الطلاب من لدن المدرس، لتفتح أمامهم الطريق الكاشف إلى المعرفة، ولتجذب أنظارهم نحو الموضوع المطروح للتلقي، وفي اعتبارنا أن تلك الأسئلة هي مقدمات لابد منها لتحقيق التحصيل العلمي المنشود، وكثيرا ما تأكد لي صحة هذا الرأي وأنا أقرأ في السيرة النبوية العطرة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، مما زخرت به سيرته  " صلى الله عليه وسلم"  من أحاديث مشرقة تفصح عن المنهج التربوي في إنارة العقول، وفتح مغاليق القلوب، كي تنفذ إلى القلب الفهم، دونك مثلا قوله  " صلى الله عليه وسلم"  لأصحابه وللأمة جميعا: «أتدرون من المفلس؟» وأنت على خبر أن جواب الصحابة رضي الله عنهم – على جلالة قدرهم - كان على سجيته في تعريف «الإفلاس» على ظاهره، ولكن النبي  " صلى الله عليه وسلم"  يريد أن ينفذ إلى دلالات كلمة «الإفلاس» ليقدم درسا أنعم به من دروس التربية النبوية التعليمية، عن طريق ضرب السؤال، والارتقاء بالأفهام من خلال الإجابة عليه بما لم يكن متوقعا، والأمثلة على ذلك تترى من الوحيين، ولذلك لابد من التمسك بالمنهج التربوي النابع من أصالة ديننا، فللسؤال أهميته البالغة في مناهج التعليم، وإذا كان سؤال المدرس لطلابه من الأهمية بمكان، فقد يكون سؤال أحد الطلاب لأستاذه في حصة الدرس محفزا لجميع الحاضرين، ابتداء بالمدرس، ومرورا بالطلاب، وانتهاء بصاحب السؤال نفسه، ومن شأن ذلك السؤال أن يحفز الجميع لتقديم عروض حول البنية الفكرية المثارة في التساؤل الذي أيقظ شريان البحث في النفوس، فيهبوا لجمع كل ما له صلة بالموضوع الذي حمله السؤال من المادة العلمية, ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، وقد تطرح أسئلة أخرى تولد من رحم السؤال الأم، فينكشف أمام الدارسين مدى أهمية الأسئلة العلمية الجادة، فتكون مشروع حياة الباحث؛ فيستفرغ فيها غاية جهده، ويمضي حياته مرتبطا بمشروعه العلمي الذي بزغ فجره من ذلك السؤال، الذي كان يوما ما مجرد سؤال.

وقد وجدنا في كثير من الكتب التي لا غنى عنها في بابها المعرفي، أن مؤلفيها يفصحون عن أن الذي حدا بهم إلى طرق موضوع الكتاب، ما دار في جنبات حجرة الدرس، وخاصة داخل أسوار الجامعة، من حوار ونقاش حول نقطة محددة في جانب من جوانب العلوم، سواء عندما كانوا طلابا شادين أو أساتذة باحثين، فانفرط عقد الحلقة الدراسية، ولكن ما سمعوه من الآراء الفكرية لم يتوار عنهم، وظل يعمل فيهم عمله، فوجدوا موضوع النقاش الذي أذكى الحصة الدراسية موضوعا بكرا صالحا للبحث، فاستفرغوا فيه غاية جهدهم، محاولين بذلك أن يسدوا ثغرة في صرح العلوم بما توصلوا إليه من نتائج، وما اهتدوا إليه من حقائق، وتراهم بعد ذلك يدفعون إخوانهم الباحثين إلى المزيد من كشف جوانبه، وإشباعه بحثا، ولم لا يكون مشروع حياة يرتبط به الباحث، فيكون آخر ما يفكر فيه قبل النوم، وأول ما يهتم به عند اليقظة، وعند الوصول إلى هذا المستوى نكون قد حققنا الإضافة العلمية لأهل التخصص.

وهكذا نكاد نجزم أن الإضافة العلمية لا تتأتى إلا للمساهمين بحظ وافر في طرح أسئلة تلامس خواطرهم، وتعتلج في نفوسهم، ومن ثم كان لهم شرف المساهمة في تثوير العلم في أطروحاتهم العلمية، إذ ثم تبنى تلك التساؤلات والإجابة عنها، وقد يكون من السؤال الفلسفي الواحد عدة أسئلة كما أشرنا إلى ذلك آنفا.

ولقد أدرك من له دربة ومران في البحث الأكاديمي، ومن خلال الاطلاع على آفاق الفكر، وتعدد مجالات المعرفة، أن ما يعيق تقديم النظريات والطروحات الجيدة في العلم هو الحديث عن ماهية العلوم والتصدي لبيانها من دون الرجوع إلى المعاجم اللغوية والفلسفية، ومن كان هذا شأنه فإنه قد ساهم عن غير قصد في قتل العلم، لأنهم كما يقولون – ما يقتل العلم هو البديهيات - ولذلك لابد من استحضار قواعد البحث العلمي التي فتح أساتذتنا الجلة - أحسن الله إليهم - عيوننا عليها.

وإذا كان السؤال مفتاحا لولوج آفاق العلم ومجالاته؛ فإنه مما تجدر الإشارة إليه أن الاعتماد على منهج طرح السؤال لهو الطريق اللاحب إلى التنظير والتجديد، وهذا هو الإبداع الفكري، إلا أننا ننبه هنا إلى الضوابط التي يجب مراعاتها وعدم تجاوزها في الموضوع المدروس محل التساؤل، حتى لا تجمح بالمرء سفن الضلال، فيورد نفسه الهلاك، وذلك كإعلاء العقلانية المحضة، وسلوك منهج الفرق التي أباحت لنفسها التأويلات العقيمة في كثير من أمور العقيدة التي يجب التسليم بها، ومن هذا المنطلق يكون السائل عامة والباحث خاصة في مأمن من الانزلاق إلى مراتع الهوان، فيؤتي السؤال مقاصده وأهدافه المرجوة.

 وإننا في حاجة إلى باحثين يدركون شرف مكانتهم التي ينالونها، ولذلك لابد أن يكونوا غيورين على أبحاثهم زاهدين في بهرج الدنيا بشهادات تنال في أيديهم، وقد تكون الوجهة إليها من خلال كتابة الموضوع العلمي.. بل لابد أن نكون جيلا يسير في الطريق الذي عبده لنا كبار رجال الفكر الإسلامي الذين زهدوا في الدنيا، وتنعموا في كنف البحث العلمي؛ وهكذا نريد أن نحذو حذوهم، سالكين منهجهم الأصيل، لننتسب إلى البحث العلمي النزيه، فنكون من ذوي الأقدام الراسخة فيه، ولنا مفتاح نلج من خلاله إلى أبواب العلم الفسيحة، هذا المفتاح هو السؤال الإشكالي، ونضرع إلى الله تعالى أن يجعلنا ممن يساهمون في تحقيق الإضافة العلمية لأهل التخصص، وفتح آفاق جديدة من الأسئلة العلمية التي من شأنها أن تشكل روافد جديدة للغوص في أعماق العلم النافع، والله ولي التوفيق.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال