الجمعة، 29 مارس 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

197 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

48 48

محمد محمود إبراهيم عطية:

   ذهب المحققون من العلماء إلى أن لكل إنسان نفْسٌ واحدة ؛ وهذه النفس لها حالات ثلاث، وكل حالة توصف بأوصاف مختلفة ؛ فإذا سكنت لأمر ربها وأذعنت واستسلمت، وجاهدت شهواتها ؛ كانت النفس المطمئنة..

قال الله تعالى: }يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ. ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً{[ الفجر: 27،28]؛ وإذا لم يتم سكونها ولكنها كانت مدافعة لشهواتها ورغباتها، ومعترضة على ما لا يجوز من تلك الشهوات والرغبات، صارت النفس اللوامة ؛ لأنها تلوم صاحبها عند تقصيره في عبادة ربه وخالقه سبحانه وتعالى، قال الله تعالى: }وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ{ [ القيامة: 2 ] ؛ وإن تركت الاعتراض على الشهوات والرغبات، وأطاعت لدواعي الشهوات ووساوس الشيطان، فهي النفس الأمارة بالسوء، قال الله تعالى: }وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي{ [ يوسف: 53 ].

   وقد امتحن الله سبحانه وتعالى الإنسان بهاتين النفسين: الأمارة واللوامة، كما أكرمه بالمطمئنة ؛ فهي نفس واحدة تكون أمارة ثم لوامة ثم مطمئنة، وهي غاية كمالها وصلاحها ؛ فهذه النفس التي أقسم الله تعالى بها فقال: }وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا. فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا. قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا. وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا{ [ الشمس: 7: 10 ]، أي: إن الله عز وجل بيَّن لها طريقي الخير والشر، ثم قضى الله بالفلاح لمن يزكي نفسه بطاعة الله ويطهرها من الرذائل والذنوب، وبالخيبة والخسار على من يخمدها ويضع منها، بخذلانه إياها عن الهدى حتى ركب المعاصي وترك طاعة الله عز وجل.

   وصفوة القول إن النفس قابلة للتزكية وعكسها، فبالإيمان والعمل الصالح تزكو النفس وتعلو وتطمئن، وبعكس ذلك تخبث وتدس، ويكون ذلك سببًا في خيبتها وفسادها ؛ عافانا الله.

   وفي رمضان فرصة عظيمة لتهذيب النفس وتزكيتها ؛ فالإنسان - كما يقول الغزالي في الإحياء - رتبته فوق رتبة البهائم، لقدرته بنور العقل على كسر شهوته ؛ ودون رتبة الملائكة، لاستيلاء الشهوات عليه وكونه مبتلى بمجاهدتها، فكلما انهمك في الشهوات انحط إلى أسفل سافلين، والتحق بغمار البهائم ؛ وكلما قمع الشهوات ارتفع إلى أعلى عليين والتحق بأفق الملائكة.

   والملائكة مقربون من الله عز وجل، والذي يقتدي بهم ويتشبه بأخلاقهم يقرب من الله عز وجل كقربهم، فإن الشبيه من القريب قريب، وليس القرب ثَمَّ بالمكان بل بالصفات ؛ وإذا كان هذا سر الصوم عند أرباب الألباب وأصحاب القلوب، فأي جدوى لتأخير أكلة وجمع أكلتين عند العشاء مع الانهماك في الشهوات الأخر طول النهار؟ ولو كان لمثله جدوى، فأي معنى لقوله صلى الله عليه وسلم: "رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ".ا.هـ.

والمعنى ليس المراد من الصيام أن يؤخر الإنسان وجبة غدائه إلى وجبة عشائه فيجمع بينهما في وجبة واحدة، ولكن المراد أن يتغلب الإنسان بصيامه على شهواته، فيلتحق بأفق الملائكة.

   والحق أن سبيل الإصلاح والتغيير يبدأ بالنفس، لقوله تعالى: }إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ{ [ الرعد: 11 ] ؛ وأصل ذلك الرقي بها إلى أن تكون نفسًا مطمئنة، ساكنة لأمر ربها مستسلمة مذعنة، مجتهدة في تحصيل محبته، بامتثال أوامره والابتعاد عن نواهيه، راجية خائفة ؛ راجية لما أعده لعباده أصحاب النفوس المطمئنة ؛ خائفة ألا يقبل منها ربها أعمالها، خائفة من فوات فوزها، خائفة مما أعده الله سبحانه وتعالى للذين يخالفون أمره.

   والصيام يعين المسلم على هذا، ويساعده على تجاوز الضعف البشري أمام هوى النفس ورغباتها ؛ فيعطي الصائم ثقة في نفسه أنه - بعون الله تعالى - قادر على ضبط زمام الهوى، وكبح جماح النفس، ليس في الامتناع عن المحرمات من أكل الحرام، أو الزنا، أو شرب المسكر والدخان والمخدرات، أو قول الزور والظلم والفحش فقط ؛ بل الامتناع عن الحلال بقول المؤذن عند الفجر: (الله أكبر) وإلى أن يقول عند المغرب: (الله أكبر)، ليستقر في أعماق كل مسلم ومسلمة أنه مازال إنسانًا يحمل فطرة نقية، ونفسًا تستطيع - بعون الله تعالى - أن تتغير وتزكو بطاعة ربها ؛ إنها تمسك عن بعض الحلال لأمر ربها ؛ فيجب أن تكون أبعد عن الحرام والشبهات لأمر ربها أيضًا ؛ وفي ذلك - بلا ريب - صلاحها وزكاتها.

   وليس من نافلة القول - هاهنا - أن نقول أيضًا: إن للدعاء أثر عظيم في تزكية النفوس؛ وإن لرمضان خصوصية بالدعاء ؛ وقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا" رواه مسلم.

   فالتمس - رعاك الله - في رمضان تزكية نفسك، واستعن عليها بخالقها، فأكثر من الدعاء مع الاجتهاد في الطاعات، فهذا هو سبيل التزكية وطريق النجاة ؛ ولله در القائل:

ترجو السلامة ولم تسلك مسالكها... إن السفينة لا تجري على اليبس

   وفقنا الله والمسلمين لما في رضاه، وثبتنا عليه... آمين.

 

 

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

محمد حسني عمران يكتب: الحنان وأثره في تربية الطفل

القاهرة – محمد حسني عمران: الأطفال هم مستقبل الأمة الواعد، وهم العناصر الفاعلة في المجتمع، ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال