✍ د.خالد سعد النجار - طبيب مصري:

اندفاع وتقلبات مزاجية تشوبها أحيانا نوبات اكتئاب، أو قلق، أو تهيج، لا يمكن معها السيطرة عليه، مع اهتزاز الصورة الذاتية، واضطراب العلاقات الشخصية، وملل مزمن، وأهداف طويلة الأجل..

إنهم أصحاب «الشخصية الحدية»، أو «اضطراب الشخصية غير المستقرة انفعاليا»، تلك الشخصية التي تعاني يوميا من فرط انفعاليتها، لدرجة تجعل من الصعب التنبؤ بردود أفعال أصحابها. ويشعر المريض دوما بعدم الأمان الداخلي، ويضع محيطه دائما في موضع اختبار، ومن بين وسائل دفاعه التصرف باندفاعية كوسيلة لتفريغ المشاعر والضغط العاطفي.

واضطراب الشخصية الحدية مرض أنثوي بالدرجة الأولى، حيث يصاب ثلاث نساء من بين كل أربع حالات مرضية، التي تقدر نسبتها الإجمالية بـ2 في المئة من سكان العالم.

أسباب غامضة

لا يوجد سبب معين لاضطراب الشخصية الحدية، خلاف باقي الاضطرابات النفسية الأخرى، لكن الأشخاص الذين يعانون من أحداث حياة مؤلمة أثناء مرحلة الطفولة من أكثر الفئات عرضة للإصابة باضطراب الشخصية الحدية، وكذلك أصحاب الأمراض المزمنة في مرحلة الطفولة. وقد يكون السبب عضويا نتيجة خلل في إنتاج هرمون السيروتونين أو عوامل وراثية.

من الأعراض

من الصعب جدا توقع رد فعل مريض الشخصية الحدية، فهو يتأرجح بين الهدوء والانفعال، والتأني والتهور، لذلك يقول الخبير النفسي ألانتو جتوزا: «إن المصابين بهذا المرض أشبه بطنجرة ضغط مستعدة للانفجار في أي لحظة».

- عدم الاستقرار في العلاقات الاجتماعية، وتأرجحها بين المثالية المطلقة إلى التحقير المسرف للشخص نفسه.

- المريض الذي يعاني من اضطراب الشخصية الحدية دائم الشعور بأنه شخص مهدد من قبل الآخرين بالانتقاص وسوء المعاملة، فيكفي أن يقابل ببعض الرفض أو عدم الاهتمام من الطرف الآخر حتى يتحول من شخص مثالي رائع في نظره إلى عدو بشع يسعى للانتقام منه، في حين أنه عندما يرى في الآخر شخصا مثاليا فإنه يلزم مرافقته دوما ويجعل منه محور حياته، حيث يتصل به عشرات المرات يوميا، الأمر الذي قد يسبب ضجر الآخرين منه بسبب كثرة ملاحقتهم.

- غالبية الناس الذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدية صعب جدا أن يكونوا بعيدين عن أحبائهم، وهم في محاولة يائسة لتجنب الشعور بالوحدة.

- شخصية عنيدة، وغير قابلة للتكيف الاجتماعي الجماعي، وترى نفسها الأقدر والأفضل.

- يطلب الاهتمام من الجميع من دون أن يهتم بهم.

- الشعور المستمر بالفراغ ونوبات غضب شديدة واستياء متكرر.

- تراوده أفكار العظمة عند التعرض لظروف ضاغطة.

- سلوكيات متهورة قد تؤدي إلى نتائج سلبية وضيق نفسي، مثل: التبذير في الإنفاق، الشراهة في تناول الطعام، التدخين المفرط، تناول المخدرات، السرقة، القيادة المتهورة.

- التهديدات المتكررة بالانتحار أو السلوك المضر بالنفس كجرح أو حرق الجسد.

ويدور العلاج الدوائي حول استخدام الطبيب لمضادات الذهان للتحكم في غضب المصاب وعدوانيته وفي نوبات الذهان القصيرة. كذلك تستخدم مضادات الاكتئاب في نوبات الاكتئاب التي تنتاب المصاب، وتستخدم المهدئات في علاج نوبات القلق والتوتر، وتساعد في علاج نوبات الاكتئاب أيضا.

أما العلاج السلوكي والتثقيف النفسي الإرشادي فهو حجر الزاوية، ومن أكثر الطرق فاعلية في مثل هذه الحالات، حيث يركز على تعليم مهارات التأقلم، وتنشيط مهارات التأمل والتنفس والاسترخاء. ويستغرق وقتا غير قصير لتحقيق نتائج ملموسة.

ويستند هذا العلاج إلى فرضية أن المرضى باضطراب الشخصية الحدية يعانون من صعوبات في قدراتهم على «ممارسة التفكير العقلي» الضروري عند تقييم أنفسهم أو الآخرين، انطلاقا من عواطفهم أو معالجتهم الفكرية الذاتية (الأحاسيس والمعتقدات والرغبات). وقد يكون هؤلاء المرضى في وضع تقل فيه قدراتهم على «ممارسة التفكير العقلي» عند تعاملهم مع الأشخاص الآخرين، خصوصا أولئك الأقرب إليهم. وبالتالي فإنهم قد يسيئون فهم كلمات الآخرين أو أفعالهم ويجابهونها بردات فعل قوية.

يقوم الطبيب المختص بمخاطبة المريض، ويطور التصور الذي يبنيه عن نفسه، ويدربه على كيفية حل المشكلات المتعلقة بالآخرين من حوله، ويقوم بتوعيته وتنظيم مشاعره وعواطفه، ويزرع بداخله المهارات الشخصية التي تساعده على أن يكون إيجابيا ليتعلم مدى الأضرار التي تقع عليه من تصرفاته.

 

 

• 7 دروس للنجاح من أديسون أهمها ...
• تطلعات الشباب
• "التعلم الذكي" كتاب يقدم لك ...
• "سنبقى متحدين".. يجمع الكشافة العرب
• "مهاراتك الناعمة".. اكتشفها من هنا