الجمعة، 19 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

121 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تدوينات

6622522

هدايت الله نثار أحمد :

تشهد المملكة العربية السعودية حركة ترميم واسعة النطاق للمساجد التاريخية حتى إن عدد المساجد التي اكتمل تنفيذ ترميمها بلغ ثلاثة عشر مسجدا، من أصل 34 مسجدا في خطة البرنامج الوطني للعناية بالمساجد التاريخية الذي حَظِيَ باهتمام ومتابعة ملكية سامية، ويتم حاليا حصر جميع المساجد التي تحتاج إلى ترميم، وقد شهدت إمارة جدة أخيرا افتتاح المسجد العتيق أو «مسجد الشافعي» بعد الانتهاء من مشروع ترميمه على نفقة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، وتكمن أهمية هذا المسجد في أنه أقيم في عهد ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب  "رضي الله عنه" ، وإن كانت أول عمارة للمسجد حدثت في عهد السلطان المظفر شمس الدين يوسف..

يُنسب المسجد إلى الإمام محمد بن إدريـــــــس الشافعي أحد أئمة المذاهب الأربعة للسنة، المولود في غزة عام 150 للهجرة النبوية الموافق 767 ميلادية، وقد عُرِفَ باسم الجامع العتيق لقدمه ومكانته، ويمكن زيارة المسجد حاليا بعد ترميمه في حارة «مظلوم» في جدة التاريخية، وسيلاحظ الزائر أن البناء تم باستخدام المواد التقليدية كالطين البحري، والحجر المنقبي، والأخشاب، وهي من ‏المواد الأساسية التي كان سكان جدة يعتمدون عليها.

وكـان رئيــس الــهيئة الـــعـــامــة لــلــــسيـاحة والآثار الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، قد أعلن عـــن مـــشروع تــرميم مســـجـــد الــشـافـعي، أثناء زيارته لجدة التاريـــخيـــــــــة؛ عــــلى هامـــش فــــــــعالـــيـات ملتقى التراث الـــــعـــمـــــرانـي الأول، الذي أقيم مطلع عام 1433هـ بجدة.

وقد بدأ مشروع ترميم المسجد قبل نحو ثلاثة أعوام، من خلال مؤسسة الملك عبدالله بن عبدالعزيز للأعمال الإنسانية. حافظ الترميم على شكل المسجد القديم ونقوشه الإسلامية الفريدة؛ ليكون واجهة مشرّفة تعكس العمارة الإسلامية الفريدة مع إبراز العناصر المخفية نتيجة الترميمات السابقة مثل: الفتحات والنوافذ على الجدران الخارجية، مع إزالة التشوهات والتلبيس القديم المتهالك للجدران.

اهتمام المملكة

وحَظِيَ المسجد باهتمام ومتابعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز فزاره أثناء زيارته لجدة التاريخية في رمضان من العام الماضي 1435هـ واستمع إلى شرح رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار عن المسجد وأعمال الترميم الجارية فيه، وقد أعلن عن موافقته - حفظه الله - على رعاية برنامج خاص للعناية بالمساجد التاريخية في محيط مشروع الدرعية التاريخية، الذي يشمل ترميم 34 مسجدا تاريخيا تقوم به الهيئة العامة للسياحة والآثار ووزارة الشؤون الإسلامية والهيئة العليا لتطوير منطقة الرياض، وحتى الآن تم حصر 617 مسجدا على مستوى مناطق المملكة، والعمل مستمر لاستكمال الحصر والتوثيق، كما تم استهداف عدد من المساجد التاريخية بالترميم والتأهيل؛ خصوصا في مراكز المدن التاريخية والقرى التراثية الجاري تطويرها.

ترميم قبل 500 عام

كانت آخر عملية إصلاح وترميم للمبنى قبل 500 عام، ومنذ تلك السنوات والمسجد لم يشهد أي عملية ترميم، والمدهش أنه خلال عملية التنقيب والبحث في المسجد عثر على محراب تحت المحراب الحالي للمسجد يتجاوز عمره 1000 عام، كما عثر على أحجار كريمة ومرجان.

مكونات المبنى

تبين أن المواد المستخدمة في بناء المسجد قديما تحتوي على 28 في المئة رمل و10.3 في المئة جبس و61.7 في المئة أخرى، وهناك مادة الرصاص في قاعدة أعمدة المسجد، بالإضافة إلى وجود أساسات بأعماق أكبر نتيجة الردم في الأعوام الماضية بهدف الترميم، وأن بعض الترميمات السابقة استخدمت مادة قريبة من الأسمنت مما قلل من قيمة وجمالية المسجد.

عمارة المسجد

ويتبين من المصادر أن منارة المسجد جاءت لاحقة على مبناه مربع الأضلاع ذي الوسط المكشوف، فقد بنيت في القرن السابع الهجري الموافق للقرن الثالث عشر ميلادي.

ينقسم مسجد الشافعي إذن إلى قسمين، فالجزء الغربي وهو الصحن المكشوف بغرض التهوية مربع الشكل وسط دكة ترتكز على أربعة أعمدة، والقسم الثاني (الجزء الشرقي)، هو إيوان القبلة، ويحتوي على صفين من البوائك، تعلوها عقود مدببة تقسم الإيوان إلى ثلاثة إيوانات موازية لحائط القبلة، وتقوم عقود البوائك على أعمدة بعضها رخامي، وتنتهي بمقرنصات من ثلاثة صفوف، وبعضها الآخر مبني من الحجر.

2822002

محمد شعبان أيوب :

في مقدمته الشهيرة شدد العلامة ولي الدين بن خلدون (ت808هـ) على أهمية التثبت في نقل وقائع التاريخ؛ لأن عدم التثبت ومجرد النقل دون تبصر، أو الكتابة الواهمة المنتقاة تفضي إلى نتائج كارثية أهمها ضياع الحقيقة، وانتشار الزيف، وتغييب الوعي، وتنشئة أجيال من المغيبين، يقول رحمه الله: «إن الأخبار إذا اعتمد فيها على مجرد النقل، ولم تحكم أصول العادة، وقواعد السياسة، وطبيعة العمران والأحوال في الاجتماع الإنساني، ولا قيس الغائب منها بالشاهد، والحاضر بالذاهب؛ فربما لم يؤمن فيها من العثور ومزلة القدم والحيد عن جادة الصدق، وكثيرا ما وقع للمؤرخين والمفسرين وأئمة النقل من المغالط في الحكايات والوقائع؛ لاعتمادهم فيها على مجرد النقل غثا أو سمينا، ولم يعرضوها على أصولها، ولا قاسوها بأشباهها، ولا سبروها بمعيار الحكمة والوقوف على طبائع الكائنات، وتحكيم النظر والبصيرة في الأخبار، فضلوا عن الحق، وتاهوا في بيداء الوهم والغلط».

إن ما ذكره ابن خلدون يكشف حقيقة المأساة التي عاشتها أجيال متأخرة، ممن تربت على تشويه لحقائق التاريخ، فعرفته من منظور عاطفي أو دعائي أو كاذب منتحل، فانقلبت الحقائق في وعيها ولاتزال، ولربما يجد القارئ الواعي بالتاريخ صعوبة في إعادة بعثرة الحقائق أمام هؤلاء، فلا تجد إلا المقاومة والتسفيه، وهي مأساة بلاشك، تكشف كيف يمكن أن يشوه التاريخ المزيف أجيالا وأجيالا!

وخشية من فشو الكذب والتزييف والخداع، نهج المؤرخون الأولون من أجدادنا العظماء في جمع الأخبار وتدوينها نهجا اتسم بالاهتمام بالجانب الجمعي؛ فمن الملاحظ أن مجال التدوين التاريخي في القرون الثلاثة الأولى انصب على جمع الروايات وتدوينها وتصنيفها في كتب دون التدخل في نقدها وتمحيصها، ولذلك استشعر بعض المؤرخين ذلك العيب الخطير؛ ومنهم العلامة ابن جرير الطبري (ت310هـ) الذي قال في مقدمة تاريخه: «فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه، أو يستشنعه سامعه، من أجل أنه لم يعرف له وجها في الصحة، ولا معنى في الحقيقة، فليعلم أنه لم يؤت في ذلك من قبلنا، وإنما أتي من قبل بعض ناقليه إلينا، وإنا إنما أدينا ذلك على نحو ما أدي إلينا».

ولم يكن الطبري الذي أعلن صراحة عن منهجه في جمع الروايات دون تمحيصها هو وحده الذي انتهج ذلك النهج دون غيره، إذ كان أمرا عاما بين الأخباريين وبعض المؤرخين، لكن جل ما عمله هؤلاء الأخباريون أنهم جمعوا الروايات المتعلقة بالموضوع الواحد ووضعوها في كتب مفردة، وكان أبرز هؤلاء الزهري وأبومخنف وسيف بن عمر والواقدي والمدائني.

ولذلك أصبح التاريخ بوتقة لكل أنواع الأخبار الصحيحة والضعيفة والموضوعة، وكل ما استطاع المؤرخون الأولون أن يقدموه لنا، أنهم جعلوا عهدة هذه الروايات على رواتها، ولذلك حرصوا على إيراد سلسلة الرواة وإن طالت، ولم يشذ عن هؤلاء إلا القليل ممن تعمد أو أغفل ذلك، واعتبروا ذكر رواة الأخبار أمرا أصيلا، فاطمأنت نفوسهم إلى ذلك؛ من حيث إن المدققين في هذه الروايات يستطيعون أن يقبلوا الأخبار من الرواة الثقاة، ويرفضوا ما دونها بالاعتماد على علوم الرجال والطبقات والأسانيد.

ويكفي للتدليل على ذلك بأني أحصيت عدد الروايات المتعلقة بقضية خروج الإمام الحسين واستشهاده في تاريخ الطبري، فوجدتها 101 رواية، روى منها أبومخنف الوضاع 76 رواية، وروى هشام بن محمد الكلبي صاحب «العجائب والأخبار التي لا أصول لها» 13 رواية؛ ليكون مجموع الروايات التي رويت عنهما 89 رواية من أصل 101 تحدثت عن هذه الواقعة، وهذا دليل على أن تشويه التاريخ أمر قديم ومقصود لأغراض عقائدية أو عرقية وسياسية.

ومن هنا يأتي على الخاطر سؤال مهم، هل يمكن تنقيح هذه الروايات التاريخية؟ وهل يمكن أن يكون بين أيدينا تاريخ صحيح نقي من كل عيب، مستصفى من كل كذب وتلفيق؟

إن الإجابة على هذا السؤال تتطلب منا أن نوضح أمرا مهما حقا، وهو إذا تراءى لدى بعض القراء أن المؤلفات التاريخية الإسلامية تحمل فجوات أو تلفيقات، فيجب التنبيه على أن طريقة الإسناد وإيراد كافة الروايات المتعلقة بالموضوع الواحد، ليعد من الابتكارات الحقيقية للعقلية الإسلامية، فليس هناك مثل هذه الدراسات والقواعد والتحرزات في أي تاريخ أو شريعة أخرى سبقتنا، وقد تنبه الإمام ابن حزم رحمه الله (ت456هـ) إلى هذا الأمر، قائلا: «نقل الثقة عن الثقة حتى يبلغ به النبي شيء خص به المسلمون دون جميع الملل والنحل، أما مع الإرسال والإعضال فيوجد في اليهود، لكن لا يقربون به من موسى قربنا من نبينا، بل يقفون حيث يكون بينهم وبينه أكثر من ثلاثين نفسا، وإنما يبلغون إلى نوح وشمعون، وأما النصارى فليس عندهم من صفة هذا النقل إلا تحريم الطلاق..».

وبالرغم من وجود هذه الثغرات والفجوات التي وجدت في تاريخنا الإسلامي، فإنه لا توجد مقارنة من حيث المنهجية ومن ثم الدقة مع ما كتبه اليهود والنصارى في كتبهم المقدسة، وشرائعهم، فضلا عن تاريخهم وتراثهم الإنساني، ولذلك يقول عالم الاجتماع الأميركي هاري بارنز: «في عهد الإمبراطورية الرومانية المتأخر أبدى بعض أبناء الكنيسة شكوكهم في صحة أفكار تقليدية معينة عن تأليف الكتاب المقدس، ولكن أول دارس أثار مسائل على جانب كبير من الأهمية من ناحية الآراء التقليدية كان عالم العهد الوسيط ابن عزرا الذي تحدى في سنة 1150م, فكرة تأليف موسى عليه السلام للأسفار الخمسة. وفي القرن السابع عشر أبدى الفيلسوف الناقد الشهير توماس هوبز شكه في تأليف موسى عليه السلام للأسفار على أساس اعتبارات منطقية ومفاهيم الإدراك العام لا على أساس الدراسة التاريخية للنصوص، وأشار إلى أنه ليس من المألوف أن يشير مؤلف وهو يكتب سيرته الذاتية إلى موته ويفخر بأنه قد أحسن دفنه إلى حد أنه لم يستطع أحد لمدة سنوات عدة أن يعرف موضع قبره!»

إن هذه الأسئلة والاستنتاجات التي حيرت عقول علماء الغرب لمدة طويلة - ومازالت – تؤكد لنا أن أخباريي المسلمين ومؤرخيهم تحروا قدر طاقتهم الدقة والصواب في إيراد الروايات المتعددة المتعلقة بالحادثة المراد التأريخ لها، وإن ضمت هذه الروايات كذبا وتلفيقا؛ لأنهم جعلوا الإسناد المحك الرئيس في قبول رواية ما أو رفضها، ولأهمية الإسناد في علم الحديث بصفة خاصة، وبقية العلوم ومنها التاريخ، نرى ابن المبارك يقول: «الإسناد من الدين، لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء»، ولهذا يعجب المستشرق الألماني سبرنجر من هذه المنهجية، فيقول: «لم تكن فيما مضى أمة من الأمم السالفة، كما أنه لا توجد الآن أمة من الأمم المعاصرة أتت في علم أسماء الرجال بمثل ما جاء به المسلمون في هذا العلم العظيم الخطر الذي يتناول أحوال خمسمائة ألف رجل وشؤونهم».

وفي العصر الحديث حدثت ثورة في علوم المنهجية «الميثدولوجيا» التاريخية، وكان أول كتاب عربي يتناول هذه المنهجية، مستفيدا بما كتبه المؤرخون المسلمون في تاريخهم من قواعد وأصول علوم المصطلح الحديثي، ومن الغربيين الذين شرعوا في الاهتمام بهذا الجانب منذ عصر النهضة، كان المؤرخ اللبناني اللامع «أسد رستم» في كتابه القيم «مصطلح التاريخ» الذي ظهر في ثلاثينيات القرن العشرين، ثم تتابعت الدراسات العربية المنهجية في علم التاريخ حتى يومنا هذا؛ كلها تضع القواعد، وترسم الأصول التي تعين المؤرخين والباحثين على الوصول إلى الحقيقة من خلال مناهج علمية دقيقة، وهي أعظم إفادة للتاريخ وللحقيقة بلا ريب.

53112201

د. أحمد يحيى علي :

ما من شك في أن العربي منذ القدم قد عقد صداقة مع فعل اسمه الرحلة، القائمة على التنقل والترحال من مكان إلى آخر، ويأتي إطار المكان الكلي (شبه الجزيرة العربية) بمثابة عين شاهدة على ذلك النشاط، وقد اكتسبت هذه العين في الوقت نفسه هويتها من خلاله؛ إن هذا الرحال في حركته قد سطر في كتاب الحضارة رصيدا معرفيا به يعرف، ينبني هذا الرصيد - بدرجة كبيرة - على الكلمة التي طافت في الآفاق بما تحمله من قيم فكرية وما تنطوي عليه من قيم جمالية منحتها فرصا قوية للبقاء والتواصل مع أطر زمانية ومكانية متعاقبة.

وإذا نظرنا إلى عدة هذا الرحال فإننا نستطيع تلخيصها وتحديدها في هذه الرباعية:

- درعه وسيفه.

- حصانه وناقته.

- كلمته التي سكنت وعاء أدبيا اسمه القصيدة.

- هو، أي الرحال نفسه.

إننا إذن بصدد حالة جمعية تعكسها هذه الأربعة، ومنها استطاع هذا الفاعل/الراحل في الزمان وفي المكان وبين أفضية الكلمات أن ينجز شيئا يمكن وصفه بأنه تاريخ يتيح للآتين بعد إمكانية قراءته؛ ومن ثم القدرة على الوقوف على مفردات هذا السياق الثقافي الذي منه خرج.

إن الحصان بالنسبة إلى العربي لم يكن فقط مجرد مطية أو أداة للحركة ووسيلة يتم الاعتماد عليها في الحروب؛ بل إنه يعد بمثابة صديق أو رفيق رأى فيه العربي ما يرتقي به فوق رتبته الحيوانية الطبيعية؛ فاختيار العربي لحصانه اسما يعرف به، أو لو شئنا قلنا وصفا يعكس نظرته إليه من جهة، ونظرته لواقعه المحيط من جهة ثانية يؤكد هذه الصداقة التي انعقدت بين هذا الراعي الرحال المسافر وحصانه في صحراء دفعته إلى أن يتحدى الموت والقساوة التي تنتشر بين ربوعها وفوق صخورها بسلوك مبدع عبقري يحدث توازنا؛ إنه الحياة المتواصلة الطويلة في مواجهة بيداء قاتلة لم يعطها الفرصة لإفنائه كلية؛ إن حديث الملك الضليل (امرؤ القيس) عن حصانه العبقري ذي القدرات الخارقة لم يكن مجرد كلمة جميلة أسكنها قصيدته، بل يأتي تعبيرا عن واقع حضاري استطاع فيه الإنسان العربي أن يقيم صحبة مع مفردات العالم من حوله التي تمثل جيرانا له، من جمادات وحيوانات وطيور ونجوم:

مكر مفر مقبل مدبر معا

كجلمود صخر حطه السيل من عل

وها نحن أولاء نجدنا برفقة مصنف عربي قديم نرحل معه ذهنيا في داخل عالمه حيث تراثنا؛ إنه ابن الأعرابي المتوفى (231هـ) في كتابه «أسماء خيل العرب وفرسانها» الذي استهله بهذا المقول المنسوب إلى رسول الله  " صلى الله عليه وسلم"  «ارتبطوا هذه الخيل؛ فإنها دعوة أبيكم إسماعيل، وكانت وحوشا فدعا ربه فسخرها له».. ثم يعرج بعد ذلك إلى هذا البيت من الشعر:

أبونا الذي لم تركب الخيل قبله

ولم يدر حي قبله كيف يركب

إن التدبر في لفظة «خيل» يدعو إلى السفر المعرفي في الجذر اللغوي الذي منه خرجت؛ إنها مادة: خيل؛ إنها وعاء حاضن لكلمتين يتشاركان معا في الحروف نفسها؛ إنهما «خَيَال»، و»خَيَّال»؛ إن المعنِي بالخيل ركوبا واهتماما، يأتي جارا في المعجم لهذه الكلمة التي هي ضد الواقع والحقيقة «خَيَال»، ومن هذه الثانية يأتي هذا العالم الفني الذي يأخذ موقعه في مقدمة كتاب الحضارة العربي؛ ألا وهو الشعر؛ لذا نجدنا مع ابن الأعرابي وغيره على سبيل المثال على موعد مع البيان جنبا إلى جنب في هذه المعالجة التي تجعل من الخيل بطلا تَسلط عليه الضوء..

وقد كان له  " صلى الله عليه وسلم"  أفراس بأسماء: الظرب، ولزاز، والسكب، والمرتجز لحسن صهيله، وكان له  " صلى الله عليه وسلم"  اللحيف.. وكان لحمزة بن عبدالمطلب فرس يقال له الورد، قال فيه:

ليس عندي إلا سلاح وورد

قارح من بنات ذي العقــــــــال

أتقي دونه الحروب بنفسي

وهو دوني يغشى صدور العوالي

وقيل: إن أول من ارتبط فرسا في سبيل الله سعد بن أبي وقاص.. وكان للزبير بن العوام فرس يقال له اليعسوب، وفرس شهد عليه خيبر، يقال له: معروف، وفرس شهد عليه معركة الجمل يقال له: ذو الخمار..

وكان لأبي جهل: عمرو بن هشام فرس يقال له مجاح، ولمسافع بن عبدالعزى أحد بني عامر بن لؤي فرس يقال له: النعامة، قال فيه:

والله لا أنسى النعامة ليلة

ولا يومها حتى أوسد معصمي

إن معالجة أسماء الخيل وأنسابها بالنظر إلى أصحابها وقبائلهم عبر ابن الأعرابي تقدم لنا ما يمكن تسميته مفتاحا ثقافيا يكشف عن واقع اجتماعي كان فيه لهذا الحيوان حضور في داخل هذا النظام الحياتي؛ بوصفه ليس فقط أداة للتنقل، ولكن بوصفه شاهدا أو لو شئنا قلنا عينا نطل منها على هذه الظاهرة التي تحتل مكانا لا ينكر في دفتر يوميات العربي القديم؛ إنها الحروب والصراعات التي لم تكد تفتر أو تتوقف حتى تعاود الاشتعال من جديد، وهذه الأخيرة تعد محطة ثقافية تأخذنا إلى هذا التنوع في نسيج الثوب العربي منذ جاهليته، وقد جاء الإسلام محاولا بجدية أن يجعله لونا واحدا، يتأسس على فضيلة الأخوة التي تنفي الاستعلاء وتزيل العصبية المنتنة، نقصد بذلك القبائل العربية؛ لذا يمكن القول: إن حديث ابن الأعرابي عن الخيل يشكل منطلقا لقناعات فكرية عدة:

- الصداقة بين العربي والحصان؛ بحكم حياته القائمة على التنقل والسفر الدائمين.

- الحصان/الخيل/الخيال كلمات تأخذنا بشكل أو بآخر إلى هذا النظام الفني الذي يشغل موقعا في كتاب الحضارة العربي، ألا وهو الشعر المعتمد على هذا الخيال الذي هو نقيض الحقيقة والواقع.

- حياة هذا العربي القلقة التي منحت للحرب والصراع والمواجهة المسلحة فرصة لإظهار قيم سلبية، مثل التعصب القبلي المبني على جاهلية لم تعط للحكمة وللتعقل مساحة في فكرها ولا في سلوكها إلا القليل.

- حديث ابن الأعرابي عن الخيل مرتبطا بقبائلها، تقف بنا عند قواسم مشتركة يلتقي عندها أبناء الجماعة العربية على ما بينهم من تنوع قبلي؛ فنظام الحياة في شبه جزيرة العرب يأتي تحت مظلة بيئة صحراوية تغادر أثرها في الطبع وفي الفكر وفي السلوك في الجميع، فالرحلة، والإصرار على الحياة في ظل ندرة الماء وقلة الطعام منطقة التقاء؛ ومن ثم فإن الحصان يعد بمثابة مشترك ثقافي قد وظفه العربي في:

أ- رحلته.

ب- حربه.

ج- قصيدته.

ولنكمل مع ابن الأعرابي:

من خيل بني أسد يذكر صاحب الكتاب المنيحة لدثار بن فقعس الذي قال فيه:

قربا مربط المنيحة مني

شبت الحرب للصلاء سعارا

ومن خيل بني ضبة الأحوى فرس قبيصة بن ضرار الضبي الذي قال فيه:

تقول بنو سليم إذ رأوني

على الأحوى تقرب في العنان

علي مفاضة ومعي قناة

وعاملها وحسبك من سنــــــان

ومن خيل غطفان بن أسد داحس والغبراء فرسا قيس بن زهير، وفيهما قيل:

بكفي ألقيت العصا واشتريتهم

بحي حلال يحبسون المحابسا

بحي بني سعد بن ذبيان إذ رأى

لدي بأنمار سرابا وداحســـا

وسراب هي الغبراء

ومن خيل بني قيس بن ثعلبة النعامة للحارث بن عباد الذي قال منشدا في حرب البسوس:

قربا مربط النعامة مني

لقحت حرب وائل عن حيال

ومن خيل إياد بن نزار العرادة لأبي داود وقال فيها:

قربا مربط العرادة إن الـ

حرب فيها بلابل وحـزوم

ومن خيل اليمن المعلى فرس ابن مالك الجعفي، وفيه يقول:

أريد دماء بني مازن

وراق المعلى بياض اللبــــن

إن اختيار العربي أسماء للحصان يؤكد حقيقة قدرة هذا العربي على الارتقاء بفكره من رتبة الفيزيقي المشاهد إلى ما وراءه؛ إنها هذه المنطقة المبنية على التخيل والإدراك المؤسس على درجة من الارتفاع فوق عالم طبيعي أصر العربي على أن يطوعه وفق متطلباته، في توظيف لمفردات اللغة يجعلها بمثابة مرآة يمكننا أن نرى فيها ونرسم ملامح ثقافة هذا العربي الرعوي الرحال من خلال أنجم بها نهتدي ونحن سائرون في صحراء شبه جزيرة العرب التي تعد الحاضنة الأم لهذا النظام الحضاري الكبير، ومن بين هذه الأنجم التي ارتدت مع العربي ثيابا تنسجم وطاقته الخيالية العالية ترتقي بها فوق ما هو معروف عنها في سياق الواقع وفي عالم الطبيعة هذه الأسماء التي تتميز بكثرة وتنوع يأتي منطلقا من حالات ذهنية وعاطفية هي بنت الموقف واللحظة التي مرت على هذا الرحال؛ فجاء من رحمها هذا الاسم الذي تطور في حضوره ليأخذ مكانا له في سياق الجمال؛ إنها ديوان العربي؛ إنها قصيدة الشعر.

ولاشك في أن هذا الحصان يعد عضوا في قسم متطلبات أو لو شئنا قلنا جزءا من دائرة احتياجات هذه الجماعة في سبيل رغبتها وحرصها على العيش الذي ينشد الأمن المتكئ على قوة تحميه وتضمن له استمرار البقاء؛ يعكس ذلك هذا الأثر المنسوب إلى عمر بن الخطاب  "رضي الله عنه"  «علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل»؛ يفهم منه أن النشاط العسكري/الحرب الذي تمارسه الشخصية العربية أحيانا قبل الإسلام وبعده يتطلب قدرات ومهارات، من بينها القدرة على ركوب هذا الحيوان وتطويعه في مواقف بعينها تحتاج إلى وجوده، ألا وهي مواقف المواجهة الخشنة التي تعتمد على استخدام السلاح..

إذن فمن خلال مرافقتنا لابن الأعرابي في مصنفه «أسماء خيل العرب وفرسانها» نستطيع الوقوف عند ثلاثية يطرحها منهجه في المعالجة:

المفرد الإنساني الحقيقي: الفارس صاحب الحصان

المفرد الإنساني المجازي: الحصان الذي يصير بمثابة صديق لصاحبه قد منحه اسما به يعرف.

الجمع الإنساني: المعبر عن قبيلة هذا الفارس.

يمكن الرجوع في كتاب ابن الأعرابي إلى:

الموسوعة الشعرية الإلكترونية، القسم الخاص بالمكتبة، إصدار 2003م، المجمع الثقافي العربي، الإمارات العربية المتحدة.

B6gVH xCMAAMT8u 

القاهرة- محمد نصر ليله:

مشيتُ على أطراف أصابعي، ووقفتُ بباب غرفتها، فابتسمتْ واهتز قلبي فرحًا ثم قلقًا، فتحتُ الباب ببطء شديد وبداخلي شوقٌ لا يُعلم مداه، تلصَّصتُ فوجدتها تستند إلى حائط الغرفة وتقف صامتة.

 Wolf s Rain 1440 900

قصة لـ فرحات جنيدي:

  ضم الجبل جناحيه فاختبأ في حضنه كل ذي ناب ومخلب، وهرول الناس يختبئون فى بيوتهم المصطفة أسفل الجبل، بينما ظلت مريم جالسة على عتبة الباب الكبير غير مهتمة بالليل الذى كسا ظلامه القرية، ولا بالرياح التى حملت الأتربة وتلاعبت بأشجار النخيل.

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال