السبت، 20 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

167 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

5222252

صلاح رشيد :

لم تحظ لغة في تاريخ لغات العالم بمثل ما حظيت به لغتنا العربية من الروعة والسحر والجمال والثراء وحسن التعبير والأداء.. هذا في الوقت الذي لم تتعرض لغة للعداء والهجوم السافر بمثل ما تعرضت له لغتنا الجميلة من شتى الضربات الخارجية والطعنات الداخلية من مستشرقين ومستغربين، وأناس من جلدتنا، وأناس غرباء عنا!

المهم أن العربية وجدتْ لها في كل العصور أنصارًا يذودون عن حياضها، فأنشئت لأجل ذلك المعاهد العلمية والمجامع اللغوية، وظهر علماء في اللغة ألّفوا حولها المعاجم والقواميس الشهيرة، أمثال: ابن منظور، والخليل، والثعالبي، والزجّاج، والزبيدي، وابن فارس، وغيرهم.

فلا عجب أن يكتب الصحفي أحمد بهاء الدين، قائلًا: «كان من حظي أنني زرت كثيرًا من البلاد الإفريقية، وعرفت الناس فيها، من الزعماء الكبار والحكام... إلى باعة الفاكهة في الأسواق الفقيرة... ووصلت إلى «تومبوكتو» وعرفت معرفة شخصية، الأشواق الهائلة لدى هذه الشعوب إلى اللغة العربية، وإلى العروبة، وإلى معرفة لغة دينهم.. كنتُ أسير في الأسواق فإذا عرف العامة أنني عربي قادم من مدينة الجامع الأزهر الشريف.. أحاطوا بي، لا حفاوة فقط، بل تبركًا، يمسحون بأيديهم ثيابي ثم يمسحون بها وجوههم.. فاللغة العربية- لأنها لغة دينهم– مقدسة، ومن يتكلّمها كأنه من الأولياء الذين يتبركون بهم. كنت أحيانًا أهرب من الأسواق حين أشعر أن الرجال والنساء البسطاء يعاملونني وكأنني «ضريح متنقّل» لا ينقصهم إلا أن يربطوا في عنقي وأطرافي أحجبتهم وأدعيتهم»!

ولِم لا؟ فالعربية هي اللغة التي حفظت التراث الإنساني من الضياع والاندثار.. لذلك فنحن لسنا مطالبين بحماية لساننا فقط ولا مزيد على ذلك، ولكننا مطالبون بحماية العالم من خسارة فادحة تصيبه بما يصيب هذه الأداة العالمية من أدوات المنطق الإنساني، بعد أن بلغت مبلغها الرفيع من التطور والكمال، وإن بيت القصيد هنا أعظم من القصيد كله.. لأن السهم في هذه الرمية يسدد إلى القلب ولا يقف عند الفم واللسان، وما ينطق به في كلام منظوم أو منثور.

لكل هذا كانت «اللغة العربية» ومازالت فخر أبنائها، فقد تغنوا بها، ونظموا فيها بدائع أشعارهم، فهاهو الشاعر المسيحي السوري «جاك صبري شماس» يقول في قصيدته «أشرف اللغات.. لغة القرآن الكريم»:

هام الفؤادُ بروضكِ الريّانِ

أسمى اللغاتِ ربيبة القرآنِ

أنا لنْ أخاطب بالرطانة يعربًا

أو أستعير مترجمًا لبيانِ

أودعتُ فيك حشاشتي ومشاعري

ولأنتِ أمي، والدي وكياني

لغةٌ حباها اللهُ حرفًا خالدًا

فتضوّعتْ عبقًا على الأكوانِ

وتلألأت بالضادِ تشمخُ عزةً

وتسيلُ شهدًا في فم الأزمانِ

فاحرصْ أخي العربي من غدر المُدَى

واغرسْ بذورَ الضادِ في الوجدانِ

ما كان حرفكِ من «فرنسا» يُقتدى

أو كان شعركِ من بني «ريفان»

ولئنْ نطقتَ أيا شقيقي فلتقلْ:

خير اللغات فصاحة القرآن

كذلك، تغنى الشاعر الكبير «علي الجارم» بالفصحى، فهي التي علمته سحر البيان، حتى إن حسنها يعجز عن وصفه الشعراء، فهي سرّ الحسن، ولغة الفن الرائق، لأنها أقدم من التاريخ ذاته، فيقول:

يابنة السابقين من قحطانِ

وتراث الأمجاد من عدنان

أنتِ علمتني البيانَ فمالي

كلما لُحتِ حارَ فيكِ بياني؟

ربَّ حُسنٍ يعوقُ عن وصف حُسنٍ

وجمالٍ ينسي جمال المعاني

يابنة الضادِ أنتِ سرٌّ من الحسن

تجلى على بني الإنسان

لغة الفن أنتِ والسحر والشعر

ونورُ الحِجَى ووحيُ الجنانِ

أما الشاعر الدكتور «عبده بدوي» فيرسم في قصيدته «اللغة.. والبلبل» صورة تشكيلية تاريخية واعية للعربية بعطورها الفواحة، وخيالها الذي يأسر القلوب.. فهي عنده دوحة ظليلة لمحبيها، وهودج العشق لأمتها، وقصة الأبطال الذين نافحوا عنها، حتى تنزّل بلسانها القرآن الكريم:

تابعتُ عطركِ في صحراء أجدادي

ودرتُ حولكِ في صمتي وإنشادي

مازلتُ أذكرُ حرفًا فيه وسوسةٌ

من الجِنان، ومن تفاحها النادي

قد كنتِ دوحة بانٍ.. أنبتتْ رجزًا

قُرْبَ الخيام التي شُدّت بأوتادِ

وكنتِ هودج عشقٍ فيه زلزلةٌ

فالحب رغم التأسي رائحٌ غادي

وكنتِ قصة فرسان قد انهمروا

وأصبحوا والأماني عند ميعادِ

حتى تدفق فيكِ الوحي مبتهجًا

فأصبح الكونُ –كل الكون- في الضادِ

اللهَ يا فجرها فاضت قداستهُ

بالنور في «كعبة» بالشعر في «النادي»

وهاهي ذي تتكلم على لسان شاعرها المكي «مصطفى زقزوق» في قصيدته «اللغة العربية»، فتقول مفاخرة بروعة بيانها ودلائل إعجازها، وتفردها بين اللغات:

منحتكَ قُرْبي والحروفُ مضيئةٌ

بروعة آياتٍ وتغريد طائرِ

منحتكَ ما عندي، فلم يبقَ غيرهُ

خلائقُ من نُبلٍ وأمجاد غابري

وفوق جبيني أمةٌ عربيةٌ

مُفاخرةٌ بالضادِ عن لهو ساخرِ

هذه هي «لغة الضاد» أم اللغات، وأصل كل اللهجات التي عرفتها الدنيا بأسرها، والتي أمدّت الأدباء والكُتّاب بوابل صيّب من البيان الأدبي الذي لم تشهد الدنيا له مثيلًا، من أجل هذا أصبحت هدفًا لسهام خصومها وشانئيها.. فتعرضت لأكثر من هجمة مغرضة.. ولم تكن الحرب عليها من حيث هي لغة عربية، وإنما لأنها لغة تقوم بدور التوحيد الآن، توحيد اللسان والفكر والثقافة كما قامت بدور التوحيد في الماضي، وهم لا يريدون لهذه الأمة أن تتوحد، ولأنها أيضًا لغة تستوعب تراث الحضارة الإسلامية، وبقاء هذه اللغة يصل هذه الأمة بماضيها، وهم لا يريدون لهذه الأمة أن تتواصل، ولا يريدون لهذا التراث أن يبقى حيًا وفاعلًا ومؤثرًا... فحُورِبت بإحلال اللغات الأجنبية مكانها، كما حُوربت أيضًا بسلاح العاميات المحلية، وقد تولى كبر هذه الدعوة المستشرقون وعملاء الاستعمار في القرن الماضي ثم تبعهم عليها بعض أبناء هذه الأمة المخدوعين! وكأن الزمان استدار مثلما كان في مطلع القرن العشرين، حينما وقف شاعر النيل «حافظ إبراهيم» يرثي حال الفصحى، في قصيدته الشهيرة التي يقول فيها:

رموني بعقمٍ في الشباب وليتني

عقمتُ فلم أجزع لقول عُداةِ

ولدتُ ولمّا لمْ أجد لعرائسي

رجالًا وأكْفاءً وأدتُ بناتي

وسعتُ كتاب اللهِ لفظًا وغاية

وما ضقتُ عن آيٍ به وعظاتِ

فكيف أضيقُ اليوم عن وصف آلةٍ

وتنسيق أسماء لمخترعاتِ

أنا البحرُ في أحشائه الدّرُّ كامنُ

فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي

وقد جاء شعراء كثيرون يعارضون هذه القصيدة، منافحين عن شرف العربية وما ألمّ بها من دعاوى القوم وسوء فهمهم، فهاهو الشاعر الإسلامي «محمد حافظ محمد» يَمْتَن بفضل الفصحى، متمنيًا أن تستأنف دورها في صنع مسيرة الحضارة الإسلامية، فيقول في قصيدته:

ما زال فضلك يستجيش مشاعرًا

نظمت حقائق من لظى المأساةِ

ويعود صوت المدعين ليحتسي

مُرَّ المزاعم في كؤوس رُفاتِ

ويجيء دورك في الحياة لتبدئي

هد التقدم فوق متن هُداةِ

فخطى التقدم لا تكون بغير ما

لغة تنير الدرب للخطواتِ.

«العربية» حفظت التراث الإنساني من الضياع والاندثار

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال