الخميس، 28 مارس 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

53 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

uhaymi008 

القاهرة - أمنية عادل:

تسير في شارع المعز لدين الله الفاطمي ـ أحد أعرق شوارع القاهرة الفاطمية ـ ببناياته العتيقة الأثرية الخلابة، فيؤثرك سحره وجماله، وتتسلل إلى روحك فعالياته الأصيلة والفريدة من نوعها، إنه "بيت السحيمي" الذي يُوصف بأنه درَّة العمارة العثمانية في مصر وتاجها، والذي يقع في منتصف الشارع بمنطقة "الجمالية"، على مقربة من بابي "الفتوح" و"النصر".

 

بني البيت في عام 1648م، وترجع تسميته إلى آخر من سكنه وهو محمد الأمين الحربي السحيمي، وهو أحد علماء الأزهر وكان شيخًا للرواق التركي في الأزهر آنذاك.. ويُعتبر البيت نموذجًا لعمارة البيوت السكنية ذات الخصوصية العالية التي امتازت بها بيوت القاهرة القديمة ذات الطابع الديني في التصميم، حيث يُراعي الخصوصية وحرية الحركة داخل البيت، إلى جانب مراعاة المناخ وتغيراته، ما جعله درة العمارة العثمانية وتاجها.

52831

قيمة تاريخية ومعمارية

بني البيت على مساحة 2000 متر مربع، ويتكون من 115 غرفة، وهو الآن تابع لصندوق التنمية الثقافية، وتشهد جدرانه كل ليلة على الأمسيات الشعرية والحفلات الروحانية للمنشدين وجلسات خيال الظل والأراجوز التي يعشقها الأطفال ويحبها الكبار.

البيت بناه الشيخ عبدالوهاب الطبلاوي عام 1648، وأكمل بنائه الحاج إسماعيل شلبي عام 1699، وعاشت فيه كثير من الأسر الارستقراطية على مر العصور، ليتحول الآن إلى واحة ثقافية متنوعة المجالات تحفل بالندوات والورش والحفلات.

ونظرًا لقيمته التاريخية والمعمارية، قرَّرت الحكومة المصرية عام 1997 إنشاء مشروع تنمية متكامل للبيت والمنطقة الفاطمية بأكملها.

في لحظة دخولك الأول للبيت تجد في منتصفه الصحن، وهو مساحة مفتوحة مصممة بحيث ترطب الهواء وتنقيه ليحظى ساكنوه بمناخ صحي وهواء نقي، وذلك عن طريق ما يُعرف بملقف الهواء، وهو حائط تم بناؤه بشكل مائل ليستقبل الهواء ويدخله في دورة دائرية، مما يجعل البيت بأكمله رطبًا.

وما أن تجتاز الصحن حتى تجد نفسك أمام حديقة صغيرة مليئة بالأشجار والنخيل الصغير، تطل عليها جميع مشربيات البيت، وتعتبر خير جلسة في حر الصيف، لاسيما أن البيت بأكمله يتمحور حولها.

وبحسب التقسيم العثماني للبيوت العربية التقليدية، يتم تخصيص الطابق الأرضي للرجال ويسمى بالسلاملك، بينما يخصص الطابق العلوي للنساء ويسمى الحرملك.

وعن السلاملك في بيت السحيمي، فهو مكون من عِدة غرف ذات أبواب خشبية صغيرة مزخرفة بنقوش تنتمي إسلامية، وهناك غرف مخصصة للطعام، ولجميعها شرفات تطل على الصحن الأخضر.

وفي نهاية الممر الموجود في الطابق الأرضي، هناك عِدة غرف صغيرة في اليسار مخصصة لاستقبال الضيوف من الرجال، ويتوسط السلاملك مقاعد خشبية موزعة تتوسطها منضدة خشبية ذات نقوش وزخارف، ويكتمل المشهد جمالاً من خلال سجادة مزخرفة بألوان متنوعة متجانسة.

ويظهر من خلال تقسيم المنزل مدى الاهتمام بالخصوصية، والحرملك كما يُفسره الأثريون هو المكان المحرم على الغرباء دخوله، وذلك مراعاة لراحة أهل البيت.

شتوي وصيفي!

ويتميز البيت عن مختلف البيوت الأثرية الموجودة في مصر، بوجود جانبين الأول لجلسة الشتاء الدافئة، ويسمى "المندرة" وتقع في الجهة القبلية، والثاني للجلسة الصيفية وهو بالجهة البحرية، وأطلق أهل البيت على الجهة البحرية اسم "التختبوش" وهو اسم يُطلق على مكان الجلوس الصيفي، وهو من "التخت" أي الخشب، فالتختبوش به عديد من المقاعد الخشبية ذات الطابع الإسلامي الزخرفي، إضافة إلى منضدة صغيرة مزركشة تتوسط المكان أيضًا.

ويطل التختبوش والمندرة على الشارع من خلال "المشربيات" وهي شرفات خشبية تعكس حرفية الصنع ومدى الدقة والجمال، كما تدل على احترام أهل البيت وساكنيه حيث إن باستطاعة أهل البيت رؤية الشارع وما يحدث به دون أن يراهم السائرون.

وكما يوجد جلسة شتوية وأخرى صيفية، تم مراعاة وجود حمامين، الأول صيفي وبه المياه الباردة فقط، والآخر شتوي للمياه الساخنة، كما يستخدم أيضًا كغرفة للتدليك، فبه مكان للجلوس والاسترخاء وتوزيع المياه يسمح ببقائها ساخنة طوال الوقت.

واكتسى أغلب البيت بفسيفساء صغيرة ذات ألوان متنوعة وكذلك بالأرضيات الرخامية ذات الملمس الناعم، كما زينت بعض جدرانه بأبيات من قصيدة "البردة" للبوصيري، إلى جانب وجود الحوائط الملساء بسيطة التكوين، والتي تعطي مساحة للزائر بالتأمل في باقي الغرفة وملامح الإبداع التي تضمها بداخلها.

c014902

خارج الزمن!

وعلى الرغم من أن عمر البيت لا يتجاوز 350 عامًا، إلا أن موقعه وتصميمه كفل له مكانة مميزة في تاريخ المعمار الإسلامي، كما ساهم في تنمية المنطقة المحيطة به، فتحول من منطقة أثرية مهجورة إلى منطقة نشطة سياحيًا، سواء من السياح الأجانب أو المصريين، فأغلب المصريين يُحبذون الذهاب له للاستماع إلى الإنشاد الديني، ومن ثم الخروج والاستمتاع بالسير في شارع المعز وسط محلات الصاغة والذهب، على أرضية مصقلة لا تطأها السيارات.

ويتسم المنزل بضم فنون النجارة التقليدية الإسلامية والممثلة في المشربيات والأسقف المفتوحة وذات الشقوق الصغيرة التي تسمح بدخول الهواء والنور، أيضًا الأبواب والدواليب الخشبية ذات الزخارف أو التعشيقات، وفنون الرخام المزخرف بالألوان المبهجة، كذلك وجود فناء خلفي به نافورة لأهل المنزل، وطاحونة للقمح وغيرها من المحاصيل.

ويكتمل السحر لحظة السير بجانب البيت، حيث تجد نفسك خارج الزمن، فتشعر أنك عدت إلى العصر الفاطمي، بجمال القاهرة وسحر التاريخ، والرجوع للأصول الإسلامية القديمة في استحضار جميل وساحر لعالم لم تعشه من قبل.

ونظرًا لأهمية البيت وقيمته التاريخية، قررت الحكومة استغلاله وفتحه للجمهور ليس فقط كمزارٍ إسلامي إنما ليكون محفلاً ثقافيًا متنوعًا، حيث يعتبر نموذجًا فريدًا يجمع بين الأصالة والمعاصرة في آنٍ.

وحفاظًا على الطابع الأثري، تقام داخل جدران البيت حفلات موسيقى شرقية وإنشاد ديني، إلى جانب التنورة والمولوية التي توصل الوجد والعشق الإلهي، وتأخذ السامع إلى عالم روحاني بعيد عن الماديات والموجودات.

hqdefault

رائحة التاريخ

إلى ذلك، يعتبر الباحث الإسلامي د.سامح الزهار، أن بيت السحيمي درة العمارة العثمانية في مصر، مؤكدًا أنه حالة تاريخية في ذاته، إذ لم يكن مملوكًا لأحد السلاطين أو الملوك بل كان لشيخ من شيوخ الأزهر، وهذا يعكس مدى الرخاء الاقتصادي الذي شهدته مصر خلال القرن السابع عشر.

وتابع الزهار قائلاً: "البيت بصفة عامة تحفة معمارية تعكس ملامح العمارة العثمانية، لاسيما أنّه مليء بالتفاصيل وأسرار المعمار".

وعن الطراز المعماري الداخلي يقول الزهار: "معمار البيت الداخلي والتصميم الفريد يحمل الطابع الحداثي المضاف للطابع المعماري التقليدي، فوجود الصحن والحديقة الصغيرة بداخل أسوار المنزل وليس خارجه، تعكس ملمح جديد في العمارة، لم يكن موجود في عمارة البيوت في هذا الوقت أو ما سبقه من عصور، بل كان مقتصر على المعمار المخصص للخاصة الملكية أو السلاطين".

وأشاد "الزهار" بصندوق التنمية الثقافية الذي يهتم بشكل كبير بالبيت، لاسيما بعد تحويله إلى مركز إبداع مفتوح للجمهور، مؤكدًا أنه يعتبر الأكثر حظًا في العمارة العثمانية في مصر.

وأضاف: الأنشطة المتنوعة التي تقام في البيت خير دليل على الخروج من حالة السكون التي تنتاب أغلب الأماكن الأثرية في مصر، كما يجعله مكانًا لاستقبال جمهور جديد يمكن أن يلتفت للبيت من خلال حضور الحفلات والمنوعات التي تقام بداخله، فهناك من يزوره كأثر في ذاته، وآخر كمكان تقام به الحفلات، وبهذا يتم استغلال المكان وتعريفه لجمهور جديد".

وختم حديثه مؤكدًا: "البيت كنز كبير يجب أن تستغله الدولة وتوجهه بشكل صحيح".

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

محمد حسني عمران يكتب: الحنان وأثره في تربية الطفل

القاهرة – محمد حسني عمران: الأطفال هم مستقبل الأمة الواعد، وهم العناصر الفاعلة في المجتمع، ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال