السبت، 20 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

99 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

32

تحقيق - نشوه صالح :

 لماذا غيّب الشره الاستهلاكي ثقافة الادخار في عالمنا العربي؟ وماهي الأسباب والعوامل التي أدت إلى تفاقم النزعة الاستهلاكية في المجتمعات العربية إلى هذا الحد؟ وكيف نقضي عليها لتعود ثقافة من جديد؟

هذه الأسئلة وغيرها حاولت «الوعي الإسلامي» الإجابة عنها من خلال الالتقاء بعدد من المحللين الاقتصاديين وعلماء النفس والاجتماع والدّين، الذين أكدوا جميعهم أن ظاهرة الاستهلاك انتشرت وبقوة في المجتمعات العربية بصورة لافتة للأنظار، في ظل غياب ثقافة الادخار ، وأشاروا إلى أن حب تقليد الآخرين، وغياب سياسة ترشيد الإنفاق يغذي ثقافة الإنفاق المبالغ فيه.

في البداية يوضح الخبير الاقتصادي حجاج بوخضور أن الادخار ثقافة يكتسبها الفرد من أسرته، ومن البيئة التي يشبّ فيها، موضحا أن الشعوب التي تتمتع بثقافة الادخار هي الشعوب التي تتمتع بذكاء عال، وحرص على المستقبل، لافتا إلى أن الحكومات عندما تتمتع هي الأخرى بالثقافة الادخارية، فإن مواطنيها يكتسبون هذه القيم منها تلقائيا، ولكن عندما يجد الأفراد والشعوب أن الحكومات تنفق ببذخ هائل دون رشد فسيكونون أكثر بذخا.

وأكد بوخضور أن هناك عدة جوانب أخرى تبعد الإنسان عن ثقافة الادخار، وتدفعه نحو الترف الاستهلاكي، أهمها محاولات الدول الرأسمالية الكبرى تقوية النزعة الاستهلاكية في الشعوب الغنية والفقيرة، من أجل استنزاف كل ما في أيدي تلك الشعوب، موضحا أن تقليد الآخرين يشجع على غياب ثقافة الادخار، لأن هناك أشخاصا يبحثون عن ملذات النفس، من خلال امتلاك سلع كمالية للاستهلاك وتقليد الآخرين والتباهي.

سلوك منفلت

ويقول الخبير الاقتصادي صلاح العازمي: إن هناك مؤشرات اقتصادية توضح مدى غياب ثقافة الادخار، منها تراجع نسبة المدخرين في شهادات الاستثمار، منبها إلى أن ارتفاع نسب قروض المواطنين من البنوك يعد من المؤشرات الرئيسة لغياب ثقافة الادخار، فضلا عن أن هناك بنوكا تعمل ليل نهار على تحفيز المواطنين على الاقتراض من البنوك، وتقدم في سبيل ذلك إغراءات غير عادية.

واختتم العازمي كلامه قائلا: إن غالبية من مواطني العالم العربي لا يقدرون قيم الادخار، موضحا أن شعوب الدول الأوروبية ودول جنوب شرق آسيا لديها  ثقافة ادخارية عالية جدا، ولذا فإن مواطني هذه الدول لا ينفقون أموالهم إلا فيما يستحق.

ويرى أستاذ علم الاجتماع في جامعة الأزهر د. محمد العبيدي أن الدراسات الاجتماعية والسيكولوجية تشير إلى زيادة النزعة الاستهلاكية التي تنتشر في المجتمع بصورة سريعة، عندما تغيب ثقافة الادخار عن هذا المجتمع، موضحا أن السلوكيات الاجتماعية الانفلاتية ذات الشراهة الاستهلاكية تتوغل في المجتمعات بصورة أعظم عندما لا تتخذ حكومات تلك الدول أي إرشادات لمواطنيها، لتحثهم على الادخار.

وأوضح د. العبيدي أن مؤسسات المجتمع المدني عليها أن تقوم بدورها الإيجابي لمعالجة ظاهرة زيادة النزعة الاستهلاكية، مع ضرورة ترسيخ قيم الثقافة الادخارية في المجتمع.

حب القصور

ويشير أستاذ علم النفس في جامعة الكويت د. عويد المشعان إلى أن غياب ثقافة الادخار تنتشر في الكثير من المجتمعات العربية، خاصة الخليجية، نظرا لارتفاع دخل الفرد فيها عن الدول العربية الأخرى. ومع هذا فإن ثقافة الاستهلاك الترفي المبالغ فيه تنتشر في معظم المجتمعات العربية، مفيدا أن المواطن لا يكبح جماح نفسه عن شراء كافة الموديلات الحديثة، سواء في السيارات أو كافة المقتنيات الأخرى، وهو يفعل ذلك ليس حبا في اقتناء كل ما هو جديد، وإنما حبا في الظهور بالمظاهر الخداعة.

ورأى د. المشعان أن الآباء والأمهات يلعبون دورا أساسيا في غياب ثقافة الادخار وزيادة النزعة الاستهلاكية لأولادهم، عن طريق إعطاء الأولاد كل شيء دون حساب، مطالبا أولياء الأمور بضرورة تعويد أبنائهم على الادخار منذ صغرهم. فالابن الذي يدخر من أجل شراء هدية لأمه أو لوالده أو لشقيقه الأصغر، فإن هذا الابن ستنمو لديه ملكة الادخار، أما إذا تعود الأبناء على الإنفاق المبالغ فيه حسب قاعدة «اصرف ما في الجيب يأتك ما في الغيب» فهؤلاء الأبناء لن يقدروا على الادخار في حياتهم. ومن هنا سوف يعاني هؤلاء الأبناء في كبرهم من الإفراط في الإنفاق.

دور الأم

وأشار د. المشعان إلى أن الأم عليها أن تعود أبناءها على الادخار، وأن تساعدهم في ذلك، وعليها أن تحببهم في القناعة وعدم تقليد الآخرين، متأسفا لوجود بعض الأهل الذين يزرعون سلوكيات البذخ والإسراف المبالغ فيه في نفوس الأبناء. فاذا اشترى ابن العم هاتفا حديثا فإن بعض الأمهات تتجه فورا لشراء الهاتف نفسه لأولادها بحجة واهية.

غيرة المرأة

ويرى الاستشاري في الطب النفسي د. خالد الإبراهيم أن غيرة المرأة من المرأة تلعب دورا كبيرا في غياب الثقافة الادخارية، موضحا أن المرأة إذا رأت زميلتها في العمل اشترت سيارة جديدة أو حتى عباءة فإن دوافع الغيرة تتحرك داخلها، ولذا تتجه لشراء ما هو أفخم مما اشترته زميلتها في العمل، موضحا أن هناك الكثير من الشباب والرجال أيضا الذين لا يهتمون بتوفير أي مبالغ للمستقبل، لأنهم اعتمدوا على الدولة في كل شيء، موضحا أن المواطن عندما يجد أن دولته ترعاه من المهد إلى اللحد، فما الذي يجعله يدخر، ذاكرا أن الثقافة الادخارية تزداد في المجتمعات الفقيرة بشكل أكثر من المجتمعات الميسورة، مطالبا بضرورة تعزيز السلوكيات النفسية التي تدفع الأجيال الصاعدة نحو الثقافة الادخارية بكافة الطرق. منها على سبيل المثال أن يسلط الإعلام الضوء على تعزيز الثقافة الادخارية، وأن تهتم الأسر بتربية أبنائها على ثقافة الادخار، وتقوم المدارس بدورها في تعزيز هذه الثقافة وتبتعد عن ثقافة الشره الاستهلاكي.

ترشيد الإنفاق

وشدد الأمين العام لمؤسسات المجتمع المدني عبدالرحمن الغانم على أهمية أن تقوم مؤسسات المجتمع المدني بدورها التوعوي والإرشادي، لتعزيز قيم الادخار في المجتمع، كما أكد على أهمية قيام الآباء والأمهات بتعويد أولادهم على ثقافة الادخار من أجل تأمين المستقبل، موضحا أن الدول النفطية ينبغي عليها أن تربي أجيالها على ثقافة الادخار، من خلال ترشيد الإنفاق، ومن خلال الابتعاد عن الهدر المتواصل.

ويرى المحامي ماجد بورمية أن غياب ثقافة الادخار أدت إلى دخول الكثير من الرجال والنساء والشباب السجون، نتيجة عدم تعودهم على الثقافة الادخارية، موضحا أن الإنسان عندما يشب على قيم الإفراط في الإنفاق، فإن هذا الإنسان من السهل عليه أن يورط نفسه في قروض بنكية من أجل شراء سيارة جديدة مثلا، أو يستدين من البنوك من أجل أن يستمتع بالسفر من خلال الاستدانة، مشيرا إلى أن القوانين ملزمة لأي إنسان لا يدفع مستحقات البنوك، خاصة وأن تحرير شيك بدون رصيد أصبح جناية وليس جنحة.

كل البسط

ويقول الداعية الإسلامي الشيخ أحمد الموسى: إن على الإنسان أن يلتزم بما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، فيما يتعلق بالادخار، لأن الإنسان إذا أنفق كل ما لديه دون أن يدخر للمستقبل فإنه سوف يلوم نفسه. والآية الكريمة في ذلك تقول {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى  عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا} (الإسراء:29).موضحا أن المواطن الذي يحب تقليد الآخرين، ويتجه لشراء أحدث السيارات وآخر صيحة في الهواتف النقالة مهما كان سعرها، دون أن يكفي راتبه كل هذا هو إنسان يهلك كل ما لديه من أموال.

 مشيرا إلى أن الادخار نعمة من نعم الله، لأن الإنسان إذا كان الآن في سعة من رزقه فعليه أن يعلم أن النفس لا تدري ماذا تكسب غدا، ولذا يجب أن يدخر المسلم على قدر استطاعته، ولكن في نفس الوقت يجب أن يخرج الزكاة في مواعيدها، ويتصدق على الفقراء، وأن يستثمر ويتاجر مع الله عزوجل، مع استمراره في الادخار، محذرا في الوقت نفسه من المبالغة في الادخار لدرجة البخل على النفس وعلى الغير.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال