السبت، 20 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

127 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

6411211

محمد السعيد:

بحديثها المتألق المتأنق، وسلوك ينبئ عن عميق الإيمان قبل أن يلوح في منطق اللسان.. أضحت حفيدته هناء هناءة خاطره وبهجة ناظره، فلديها ذائقة أدبية تجعل مسامرتهما زادا زاخرا بتحاور يثري الوجدان .. متنعما في جلستها الحنون بصوت ندي أغن، يقدمها كقدوة للجيل الجديد، وكنموذج للطموح وطيب العطاء.

لقد أبدعت في دراستها أسلوبا ذكيا، حيث تسجل ما يعن لها من كلمات ومعادلات وقوانين تحتاج إلى الحفظ، نسقتها في قصاصات.. ترددها مترنمة في غدوها ورواحها، وقد كانت المسافة طويلة بين مسكنها والمدرسة بما يوفر وقتا للمواد العملية، مما مكنها من حصولها على أعلى الدرجات في شهادة الثانوية العامة والتحاقها بكلية الصيدلة.

في زيارة جدها لتهنئتها أسعدته رؤيتها وهي تؤم زائرات لها في الصلاة، فقد عاين وضاءة روحها في وهج لا مثيل له بين قريناتها.

أقبل عليها مهنئا بالنجاح الباهر، مبشرا بمستقبل زاهر، يسائلها عن طموحها فتجيب إجابة من تبينت مسيرها ومصيرها: أن تحصل - بتوفيق الله - على أعلى شهادة بمجال الترقي في تصنيع الدواء. ويعاود مداعبتها بسؤال عن طموحها الاجتماعي، فتناغيه برفيف حديث جد رهيف، ودلال فواح معطار: أرجو الله أن يرزقني قرينا يهب الوصال قداسته، وقافا عند حدود الله.

يرشف وجدان جدها من حديثها.. أن كل ذرة في كيانها تتوهج بأشواق الحياة، ولكنها الأشواق المحصنة بالطهر والنقاء. ويمتد التحاور بينهما: هل ستقومين بعمل قصاصات لما يستحق الحفظ من مواد الكلية، كما في مرحلة الثانوية؟ فتجيب إجابة لم تكن في الحسبان، بأمتع عبارة في أنصع بيان: بعد أن أصبحت في المرحلة الجامعية.. فثراء حياتي يا جدي أن ألج رياض القرآن.. بستان الروح، ضياء الوجدان، وسأعطر وقتي ذهابا وإيابا بذكر الله، معقبة بقول الرحيم الرحمن: {وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ} (العنكبوت:64).

يرهف السمع منبهرا، تصافح جوانحه تلك الومضة الإيمانية في شوق عارم، ويعقب بقول المبدئ المعيد: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى  صِرَاطِ الْحَمِيدِ } (الحج:24).

بارك الله فيك ولك وعليك، فقد أضحت تلك الإجابة الميمونة نقشا فوق ذاكرته.. تصافح جوانحه بما ينبئ عن ميلاد واعد بعنقود عبقرية وعطر ونبوغ ومنظومة إبداع.. حقا حقا يا هنائي.. فإنه إذا اطمأن القلب بذكر الله استنار العقل ذكاء وتوهجت الإرادة نماء وعطاء.. فكلما سنحت فرصة فراغ يشرق طيفك ملاكا بشدوك السماوي المعطر، منيرا بحديثك الأنور «ولذكر الله أكبر».. فيلهج قلبه بذكر الله. وحينما تنفلت منه قواعد الانضباط ويصير نهجا للهواجس، يقتحم عليها عزلتها لتهدي إليه من أمارات البشر والإيناس، بخواطر تمس لباب اليقين، عبر حديثها الرائع عذب المعين.

لقد اختطت مسيرها في طريق ذي ثلاث شعب: ذكر الله، وتقديس العلم، وعشق الأدب.. وكم لها من مواقف حياتية اجتماعية تمارس حيالها ثقافة سلوكية هي أهدى سبيلا وأقوم قيلا، بيقين راسخ.. أن حسن التودد إلى الناس نصف العقل.

في ليل شديد الحلكة انتفض جيرانها على دوي صراخ وقت السحر ينبعث من بيت قريب، حيث أحرق أخ شقي لأخيه - وهو أحد جيرانها - حظيرة مواشيه ومحاصيله الزراعية بالحقل.. هب الجيران، وبين صراخ النسوة والشهقات ونشيج الأنفاس، انتحت هناء بالأسرة المصابة في منأى عن الضوضاء والغوغائية الرعناء.. تذكرهم بقول الغفور الشكور: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (الشورى:43).

ولما أذن لصلاة الفجر، قامت تحث الجميع على الصلاة، مذكرة إياهم أن ركعتي سنة الفجر خير من الدنيا وما فيها، وتؤمهم للصلاة، تتلو آيات تحث على الصبر وكظم الغيظ، فالقرآن كصيدلية فيها دواء لكل داء. وعلى الرغم من فداحة الفجيعة فإنها استطاعت بالحكمة والموعظة الحسنة أن تغالب هدير التوتر، وتهدئ من نوازع الانتقام تجاه هذا الشرير الذي كان لنشأته الطفولية الكئيبة في بيته وبيئته بالغ الأثر في أن امتلأ قلبه حقدا على الحياة والأحياء، خصوصا على أخيه، الذي باركه الله، حيث تفوق أحد أبنائه (عصام) وحصل على الدكتوراه من أميركا، في حين فشل كل أبناء هذا الشقي، علميا وعمليا، وانحرفوا أخلاقيا. ويشاء الله أن ينتهي المطاف به بعد إحباطه ومعاناته من عقدة الشعور بالذنب، إلى نوع من المرض النفسي أصابه بالذهول لكل ما ومن حوله.. لم يسمع نفير عربة الشحن المتحشرج فتصدمه، وفي لحظة تخمد أنفاسه.

تصاب زوجة هذا الجار بجلطة قلبية جراء فجائية ومأساوية كارثة الحريق، كانت تلتمس وجود هناء، حيث أضحت ملاذ اطمئنان للجميع، لترطب لهيب الفاجعة في قلبها.. تهل عليها بابتسامتها الندية لتدفن أحزانها الخفية، ذاكرة لها «أن الصبر ضياء» كما يقول رسولنا  " صلى الله عليه وسلم" . وكيف يكون المرض حالة لا نستطيع إلا أن نتقبلها راضين بقضاء الله، الذي يختبر عباده تارة بالمسرات.. ليشكروا، وتارة بالمضرات.. ليصبروا، فصارت المنحة والمحنة كلتاهما ابتلاء، وتعقب بكلمات تسطع يقينا.. إننا أمة الحمادين، وإن عطاء الله بلا حدود، وكرمه فوق ما يجنح إليه أقصى خيال من فضل وجود.

تواصل هناء تفوقها، وتنهي أطروحة الماجستير بأعلى تقدير، وتتهيأ لدراسة الدكتوراه في تلك السن الباكرة.. كانت تقبض مكافآت التفوق المالية، وأول ما يخطر على بالها صلات الأرحام والتصدق على الفقراء والأيتام، تحدوها بصيرة تكلل طيب العطاء في الوقت المناسب، بالكم المناسب، وبالكيف المناسب.

علم الابن عصام، الطبيب في أميركا، بحادثة عمه الشرير، وما أصاب أمه من مرض خطير، فانتهزها فرصة بطلب اختيار عروس له لإدخال السرور على قلبها، وهي المترقبة لحظة فرح تنتزعها من قاع أحزانها.

يقع اختيار الأسرة على أعقل وأنبل وأجمل عروس.. إنها هناء، فتتماثل الأم للشفاء، وتغمر الأب أصداء فرحة وشته ثوب العافية. ويحضر الابن عصام من أميركا وتتم مراسم الخطوبة.

في أول زيارة لهناء.. يفاجأ بطلعتها كانبثاق الضياء، وقد تدرج وجهها بحمرة الحياء القانية، فتقبلها بجماع حنوه.

 في الزيارة التالية يهديها - تعبيرا عن عميق افتتانه بها، قبيل عقد القران - عقدا نضيدا رائعا، طوق أحاسيسها كما طوق جيدها بحسن زاهر أروع. واتفق على اصطحابها معه إلى أميركا لتجد مجالا أرحب لتحقيق طموحاتها العلمية.. ثم يسرع بعقد القران، بعد أن استحوذت على قلبه بتقدير «انسجام» مع مرتبة «الشوق» المغرد بالحنايا!.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال