الخميس، 18 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

47 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

odv ogr

محمد ثابت توفيق - كاتب وقاص:

بعد هجرة الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه من مكة إلى المدينة، صار بلا أهل، ومرت به بعض أيام وليال بالغة الصعوبة، عانى فيها من الجوع حتى ليضع على بطنه حجرا أملس يحاول أن يجعل ظهره مفرودا به ويتقي به بعضا من طوفان شعوره بالجوع المرير؛ إلا أن الأخير

بلغ به ذات مرة حتى ليقسم أنه كان يضطر إلى وضع بطنه كله على الأرض، أو كما قال في الحديث الشريف الذي رواه البخاري تحت رقم 6114: «ألله الذي لا إله إلا هو، إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع».

ومع مرور وقت ذلك اليوم، صار الجوع يشتد بأبي هريرة رضي الله عنه حتى غلب الحياء عليه فلم يستطع أن يسأل كبار الصحابة الكرام عن طعام مباشرة؛ فقعد على الطريق الذي يخرجون منه، فمر به أولا أبو بكر الصديق فبادر بسؤاله عن معنى آية من القرآن الكريم قائلا: «ما سألته إلا ليشبعني»، إن أبا هريرة لا يريد في الحقيقة أن يعرف معنى الآية، وإنما قصد أن ينظر أبو بكر، رضي الله عنهما، إليه فيعرف مقدار جوعه فيدعوه إلى طعام لديه، لكن الصحابي الجليل أجاب ثم مضى وتركه.

وبعد قليل جاء عمر بن الخطاب فكرر أبو هريرة الموقف معه، وأجاب الفاروق أيضا ثم مضى وترك أبا هريرة، رضي الله عنهما، وبعد قليل مر الرسول صلى الله عليه وسلم (أو أبو القاسم كما قال أبو هريرة، وهو يحب أن يدعو الرسول العظيم بلقبه)، وقبل أن ينطق الأخير بكلمة: «تبسم حين رآني، وعرف ما في نفسي وما في وجهي».

ثم قال:

ـ «يا أبا هر».

قلت:

ـ «لبيك يا رسول الله».

قال:

ـ «الحق»!

(ومضى فتبعته).

إن الرسول العظيم ليدعوه إلى المسير خلفه، إذ إنه تبسم حين رأى أبا هريرة وعرف ما يعانيه، أو ما في نفسه كما قال الصحابي رضي الله عنه؛ فبالرحمة التي أعطاها الله تعالى لرسوله العظيم فهم ما يعانيه أبو هريرة وأثر في نفسه ووجهه فدعاه لكي يسير خلفه، وبالفعل مضى صلى الله عليه وسلم يتبعه الصحابي الجليل حتى أتيا إحدى حجرات نساء الرسول صلى الله عليه وسلم، فاستأذن منها في أن يدخل الصحابي فأذنت رضي الله عنها، إذ كان الرسول العظيم يحب أن يعلم نساءه بوجود ضيف معه قبل إدخاله وفي ذلك تعظيم لشأنها وحرص على أن تبدو غرفهن في خير حال.

كان الرسول صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يهدى إليه لبن أو شيء من طعام من جيرانه من الأنصار أو ميسوري الصحابة، رضوان الله عليهم، فما كان هدية كان يشرب أو يطعم منه، وما كان صدقة كان يتركه لغيره من الصحابة؛ إذ حرمت عليه وأهله صلى الله عليه وسلم الصدقات، وكان من نصيب أبي هريرة أن وجد الرسول صلى الله عليه وسلم قدح لبن مهدى إليه، فسأل أولا عن مصدر القدح فلما عرف أنه هدية قال:

ـ «أبا هر»؟!

(إنه يناديه بالكنية الأحب إليه، والتي أطلقها الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه عليه لشدة حنان ورحمة أبي هريرة بقطة صغيرة وجدها في ليلة شاتية فوضعها في كمه طلبا لدفئها).

أجاب أبو هريرة على الفور:

ـ «لبيك يا رسول الله».

(إنه ليحب أن يطيع أوامر الرسول العظيم من شدة محبته له صلى الله عليه وسلم، وذلك لرحمة الرسول العظيم به وببقية أصحابه، وأيضا تقديره لهم وحرصه على إراحتهم وعدم تكليفهم إلا بما يحبون، والتدرج والرفق بهم إن كان الأمر جديدا عليهم).

قال الرسول العظيم لأبي هريرة:

ـ «الحق إلى أهل الصفة فادعهم لي».

إن أهل الصفة كثيرون، ألجأتهم شدة الفقر إلى الإقامة في المسجد، ولذلك فحينما يهدى للرسول العظيم، ولو قليل لبن، يتذكرهم قبل نفسه صلى الله عليه وسلم؛ محبة منه لأصحابه، وإيثارا لهم. يقول الصحابي الجليل:

ـ «وأهل الصفة أضياف الإسلام، لا يأوون على أهل، ولا مال، ولا على أحد، وكان إذا أتته صدقة بعث بها إليهم. ولم يتناول منها شيئا، وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم فيها، فساءني ذلك فقلت: وما هذا اللبن في أهل الصفة؟ كنت أحق أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها!».

قال أبو هريرة رضي الله عنه في نفسه إن قدح اللبن قليل على كثرة أهل الصفة وتمنى لو شرب بعضه ليقوي نفسه به قبلهم، ولكنه أسرع إلى تنفيذ أمر الرسول صلى الله عليه وسلم.

ويضيف الصحابي الجليل:

- «فإذا جاءوا أمرني، فكنت أنا أعطيهم، وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن، ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم بد. فأتيتهم فدعوتهم، فأقبلوا واستأذنوا فأذن لهم وأخذوا مجالسهم من البيت».

ومن أدب الرسول العظيم أن يجعل لأهل الصفة على حالهم من يخدمهم في بيته صلى الله عليه وسلم وهو ما توقعه أبو هريرة، وقد كان، وما أعظم أن يكون أبو هريرة خادما لرسول الله، فقال له:

ـ «يا أبا هر».

قلت:

ـ «لبيك يا رسول الله».

قال:

ـ «خذ فأعطهم».

قال:

ـ «فأخذت القدح فجعلت أعطيه الرجل فيشرب حتى يروى، ثم يرد علي القدح، فأعطيه الآخر فيشرب حتى يروى، ثم يرد علي القدح، حتى انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد روي القوم كلهم، فأخذ القدح فوضعه على يده».

إنها بركة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ حلت وجاءت على القوم كلهم بإذن الله تعالى فشرب أهل الصفة حتى ارتووا وأخذ الرسول العظيم القدح واضعا إياه على يده مدركا ما بنفس أبي هريرة فقال:

ـ «أبا هر».

فأجابه الصحابي قائلا:

ـ «لبيك يا رسول الله».

فقال صلى الله عليه وسلم:

«بقيت أنا وأنت».

فقد شرب القوم جميعا وارتووا.

قلت (أي الصحابي الجليل):

«صدقت يا رسول الله».

قال صلى الله عليه وسلم:

ـ «اقعد فاشرب».

إن الرسول العظيم وهو يعاني من الجوع ما يعاني منه صحابته الكرام يبديهم ويفضلهم على نفسه الشريفة، فيصف أبو هريرة بقية الموقف فيقول:

«فقعدت فشربت».

فقال صلى الله عليه وسلم:

ـ «اشرب».

يقول أبو هريرة:

ـ «فشربت، فما زال يقول: اشرب حتى قلت: لا والذي بعثك بالحق ما أجد له مسلكا».

إن أبا هريرة شرب بناء على الأمر النبوي العظيم حتى لم يعد يجد في نفسه حاجة للمزيد برغم أنه في بداية الموقف كان متيقنا أنه لن يبقى له من اللبن شيء؛ هنا قال الرسول العظيم:

ـ «فأرني».

فأعطيته القدح، فحمد الله تعالى، وسمى وشرب «الفضلة».

من أجل روعة مثل هذه المواقف، وما أكثرها في حياة الرسول العظيم وصحابته الكرام، وإبلاغه رسالة ربه كاملة، رغم ما لاقاه من محن وصعاب، فداه أصحابه بأنفسهم وكل ما يملكون، ولا يزال مئات الملايين من المسلمين على العهد رغم معاداة الجاهلين بالمنهج النبوي وحياة الرسول العظيم له.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال