✍ سماح بادبيان – كاتبة يمنية:

لم تعد الموضات والتقليعات حكرا على الملابس وقصات الشعر والتصفيفات.. فقد اقتحمت الموضات هذه الأيام عالم الأفكار ليأتي من قرأ كتابين وشاهد برنامجين على اليوتيوب ينصّب نفسه مثقفًا نحريرًا ومفكرًا جهبذًا وباحثًا أفنى سويعات من وقته (فقط) في القراءة السطحية غير المعمقة ليتكلم في مواضيع كتب فيها من الكتب ما يفوق سنوات عمره..

لينفث علمًا ناقصًا بشكل مخلٍ ومخجلٍ.. وأفكارًا سطحية تفتقد للتمحيص والعمق.. ودون أي تراكم معرفي يخوّله للكلام في القضايا الكبرى التي يناقشها تحت مسمى حرية التفكير.. والعجيب أنه لم يفكر هو فقط يقلد بدلالة أن ما يكتبه هو نفسه يكتبه في ذات اللحظة ألف شخص لا يختلف فيه إلا شيء يسير في الأسلوب دون أن يمنح عقله فرصة حقيقية -ما أحوجه إليها- للتفكير القائم على البحث الواسع المعمق بصبر ! فهل بات الحق شيئا مبتذلا يجده الشخص في قارعة اليوتيوب أو الفيس !!

ليس عيبا أن يفكر الإنسان ويخالف من حوله .. وليس عيبا أن يبحث عن يقين يثلج صدره .. وإنما العيب أن يفعل ذلك تقليدا أعمى (وإن ادعى غير ذلك) .. دون أن يفني عمره في التنقيب والبحث بعقل ناقد يحاكم كل ما يمر عليه إلى الأدلة والبراهين .. العيب أن يقرأ كتابا لم يجف حبره بعد .. ويترك كل ما امتلأت به المكاتب في ذات الموضوع .. ثم يدعي مكابرة أنه باحث عن الحق! وهل الحق هو ما ناسب الهوى .. بل تالله كيف يجزم أن هذا هو الحق وهو لم يطلع ولو مجرد اطلاع على بقية ما كتب في ذات الموضوع .. وما أكثرها!!!

إن العلم بحر عميق بعيد الغور .. ينبغي أن نتعلم الغوص أولا .. قبل أن نبحر فيه!

ولكن المطمئن أنها تبقى على خاصية الموضات المعتادة.. تظهر بقوة ثم تفقد بريقها وجاذبيتها في نفوس متابعيها .. ويخفت ألقها في أعينهم… لينتهوا منها مع مرور الوقت إلى غيرها…

والتاريخ يشهد ..

** أنا أتكلم هنا عن ظاهرة ولا أناقش فكرة معينة .. فكما قلت ينبغي أن نمتلك أدواتنا جيدا ونستمر في البحث الواسع والتعلم المنظم قبل آن نتصدّر للكلام في القضايا العميقة.

 

 

• النقود في التاريخ الإسلامي
• تعلم اللغة العربية عند أبناء ...
• "أبراج الكويت".. نحو قائمة التراث ...
• "القرقيعان".. حصاد الخيـر فـي شهر ...
• "بعدانية"