السبت، 20 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

310 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

13 139 n

محمد نصر ليله – كاتب مصري:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصًا أشد الحرص على بناء الشخصية المسلمة، وذلك لأن الفرد المؤمن هو اللبنة الأولى فى تكوين المجتمع المسلم، الأمر الذي في نهايته تكون الدولة الإسلامية، وأعطى الرسول الكريم ذلك الاهتمام بالدرجة الأولى، فبناء الفرد بناء للمجتمع، وبناء للدولة.

 

ولا تنفصل القوة الإيمانية المطلوبة بقلب المؤمن عن القوة العقلية والذهنية ولا عن القوة البدنية، فالقوة الروحية الإيمانية وحدها لا تكفي لنصرة أو نجدة أمة.

لكن يتطلب معها الأخذ بقوله: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ ﴾، فالإعداد فى الآية صرَّح الله عز وجل بأنه من "قوةٍ" وجاءت نكرة للعموم، أي من كل قوة لازمة لتحقيق الهدف والغاية، سواء كانت قوة ذاتية "إيمانية، ذهنية، بدنية"، أو خارجية "علمية، اقتصادية، سياسية، عسكرية.. إلخ"، فبإجتماع أسباب القوة يكون قد اكتمل الإعداد.

ولأن القاعدة الربانية المعروفة من قوله تعالى: ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا﴾ كان المقدار المطلوب من الإعداد غير محدد لكنه متروك حسب كل حال فقال الله عز وجل ﴿مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ أي قدر استطاعتكم، دون تضييق عليكم أيها المؤمنون.

وذلك الإعداد المطلوب لتحقيق هدف مرحلي ألا وهو ﴿تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ﴾.

ولما جاء صيغة فعل الأمر في قوله ﴿وَأَعِدُّوا﴾ دون قرينة تصرفها عن الوجوب، ومن المعروف والمتفق عليه أصوليًا أنه إذا جاء الفعل بصيغة الأمر دون قرينة صارفة فإنه يكون للوجوب، فإن الأمر ها هنا بالإعداد أمرًا واجبًا، أي يجب عليكم الإعداد.

والمخاطَبُ في الحديث كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعد الصحابة عموم أمة الدعوة المكلَّفين، والمخاطَبُ في الآية الكريمة هم المسلمين جميعًا، ولا يقتصر الخطاب على مسلمي زمان معين، بل مسلمي زمن النبوة وكل زمان.

ولما فهم المسلمون الأُوَل القرآن والسنة كان بناؤهم لأنفسهم ولمن تحت ولايتهم بناءً عامَّا، شاملًا البناء الروحي والعلمي والجسدي، والقدوة في هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث كان يهتم بأقل اهتمامات الأفراد، بل وبأصغر الأفراد وأجمل مثال هو اهتمامه صلى الله عليه وسلم بذلك الطفل "عُمَير" كان لعمير عصفورا صغيرا اسمه "النُّغَيْر" وكان عمير يُحبه كثيرًا، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُداعب عميرًا ويقول له ""يا عُمير ما فعل النُّغَيْر؟!"، فلما مات النُّغير واسى الحبيبُ صلى الله عليه وسلم عُميرًا، وهو على رأس دولة المسلمين!!

ومن ذلك حرص رجل كعمر بن الخطاب بصفته أبٍ على أن يزوج أحد أولاده تلك الفتاة "بنت بائعة اللبن" لما سمع من أمانتها وخشيتها وتقواها لله، لعلمه أن مثلها يُصلح الله به الزوج والذرية.

هذا بالنسبة لأصحاب الولاية المحدودة على الأفراد، كالأب؛ أما أصحاب الولاية العامة كالخلفاء وأمراء الأقطار فقد اهتموا ببناء المجتمع بناء متكامل الأركان حتى يكون مثلًا للقوة الراسخة، ومن ذلك حرص الولاة والأمراء في شتى العصور الإسلامية على إنشاء المعاهد العلمية والوقف والإنفاق على العلماء وطلاب العلم، وإنشاء دور للدواء والتداوي "المستشفى"، واهتموا ببناء الجيوش الإسلامية القوية التي قصمت ظهور أعدائهم لقرون طويلة، فواكبوا التطورات وسابقوها، مثلما بَنَى عثمانُ بن عفان الأسطول البحري، وبنى العثمانيون المدافع.

وإذا اردنا أن نضرب مثالًا يُحتذى في بناء الفرد والأمة منذ طفولته لوجدنا مئات بل آلاف الأمثلة، بداية من الصحابة رضوان الله عليهم إنتهاء إلى عصرنا الحالي، مرورًا بعصور الصليبيين والتتار؛ لكن أغرب مثال هو محمود بن ممدود "سيف الدين قطز" الذى ولد فى بيت ملوك وتربى فى قيد العبودية ثم صعد إلى أعلى درجات الملك فى الدنيا وقصم ظهر التتار فى عين جالوت، وكان شعار حياته تلك الوصية التى عَقَلها "اصبر صبر الملوك" فنشأ وصبر على ذلِّ وأذى العبودية حتى صار ملكًا، ومن قبله صلاح الدين الذى أنجبه أبوه ورباه على هدف واحد وهو تحرير بيت المقدس، ومحمد الفاتح الذي كانت أمه تُلقنه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "لتَفتَحُنَّ القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش" حتى فتحها بجيشه، ومشايخ الأزهر وعلمائه الذين جاهدوا بشموخ هم وطلابهم الحملة الصليبية الفرنسية ومع المشايخ عامة أهل مصر، فكانت المحصلة مقتل اللود كرومر في قصره على يد طالب بالأزهر من حلب.. وما كان هذا كله إلا نتاج عناية بالإعداد المأمور به في كتاب الله عز وجل.

وتحت راية "وأعدوا لهم ما استطعتم" كان البذل كل على قدر طاقته، وليس هنا تقليل لجهد أي فرد في الإسلام أبدًا، لدرجة أن الله عز وجل ذَمَّ أولئك ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلا جُهْدَهُمْ الذين} في الإعداد، فكان هذا إشعار بمدح أولئك الفقراء العاملين بجهدهم.

ولما كان الذين ﴿تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ﴾ مخلصين في البذل لإعداد الجيش المدافع عن الأمة، كان الجزاء أن خفف الله عنهم ورفع عنهم حرج التخلف وإثم البقاء في المدينة، ليس هذا فحسب إنما كان جزاؤهم أن قال رسول الله صلى اللهعليه وسلم عن هؤلاء الفقراء وعن من أصابهم العذر فلم يلحقوا بالغزو "إنَّ أقْوامًا خَلْفَنَا بالْمَدِينَةِ مَا سَلَكْنَا شِعْبًا وَلا وَاديًا، إلا وَهُمْ مَعَنَا؛ حَبَسَهُمُ العُذْرُ".

فلما كان السعي على قدر الاستطاعة كان الجزاء عظيمًا، بالمشاركة في أجر الغزو والجهاد في سبيل الله وهو "ذروة سنام الإسلام" كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فالإعداد ليس إعداد فرد وحسب؛ إنما إعداد أمة بأكملها، كلٌ يسعى ويجتهد، ولا يدَّخر جهدًا ولا طاقة، فالإعداد كله واجب لتحقيق هدف إيقاع "الرهبة" في نفوس أعدائكم حتى لا يعتدى عليكم ويكُفَّ عنكم، وحتى تتحقق الغاية وهي رضا الله عز وجل عند اتباع أوامره، والفوز بالجنة.

رضي الله عنا وعنكم

 

 

التعليقات   

+3 #2 عبدالرحمن 2017-10-29 07:26
أحسنت يا أستاذ محمد؛ مقال رائع، بارك الله فيك ونفع بك.
اقتباس
+3 #1 Abdalghfar29@yahoo.c 2017-10-28 23:04
فتح الله عليك
اقتباس

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال