✍ محمد المحوري – كاتب يمني:

تعد هذه السورة بحق ملاذ تؤوب إلى رواقها قلوبٌ لسعتها سياط القهر والحرمان.

من حياضها المترعة يستقي المحرومون ماء الأمل كيما تقفز سويعات النكد إلى أجل مسمى ، ومن أجل إلى آخر حتى تعانق أرواحهم لحظة الانعتاق.

في سيرة النبي الفتى تتجلى لحظات ،تشابه إلى حد ما واقعهم المرير ، فتنبجس عين الأمل هادرة وارفة، آملة من وراء المقارنات المتشابهة والحيثيات المتماثلة للحياتين والواقعين نهاية... نهاية يترتب عليها خلع أسمال النكد وتذوق طعم الانعتاق من ربقة الماضي المؤلم.

ومن المقاربات التي لاتخلو من حياة أي مبتلًى ، وحياة يوسف، مانلمسه في السورة الملهمة العظيمة، من بلاء عظيم يشد وثاقه على يوسف النبي، وهو يوسف سليل الانبياء، ومع هذا يرزح تحت أغلال البلاء لايعبأ به أحد ولايلتفت إليه إنسان.

مكث في السجن بضع سنين ، والقصر وساكنيه لايحفلون به ولايلتفتون إليه، وليس القصر وساكنيه بل كل من في الأرض لايدرون بمحنة ذاك الفتى، لكن الله كان مطلع عليه،

ومن هذا يستقي المبتلي درسا ، يعينه علئ نوائب الدهر ، وهو إن المصائب قد تعركك والنوائب قد تلفحك بحرها، والمحيط سادر في جهل ما يحصل لك، وهذا لاشك بلاء عظيم.

لكن لا عليييك فلست الوحيد في حمل هذا السر، بل مولاك الذي أريد تمحيصك واختبارك عليم بك، وماضرك لو جهلك كل من في الأرض وآزرك الله بحفظه ، قال تعالى حين أرسل عبدين من عباده إلى أطغى ملوك الأرض ( لاتخافا إنني معكما أسمع وأرى) .

كما أنك حين تقرأ سورة يوسف تدرك أيضا أن هذا الدرب قد سلكه غيرك، وأنه أتى عليه حينا من الدهر تناساه كل أهل الأرض إلا نفر بعدد الأصابع، لايجدونه نفعا .

 

من خلال قراءتي لسورة يوسف لفت نظري ما يلي :.

طبعا قبل هذا أود أن أنوه أن هذا ليس الا صيد خاطر ، لم استند في تثبيته على تفسير ، بل هي شتات تجمع من ثنايا هذه السورة الملهمة العظيمة .

في هذه السورة تتجلى مشيئة الله وإرادته التي لامانع لوقوعها ولاراد لحدوثها، وهذا نرصدها من الوهلة الأولى ، حين تمخض اجتماع الإخوة على التخلص من يوسف ، اذ رصد القرآن رآيين، الأول كان يحبذ قتله والثاني طرحه في الجب ، لكن كفة الغلبة جنحت للثاني مع أن صاحبه واحد قال تعالى ( قال قائل منهم لاتقتلوه ...الآية .

وإرادة الله تجلت في الإبقاء على حياة يوسف، فلم يحل الجمع ولا مايمثله يوسف من هاجس مرعب في قلوبهم متمثلا باحتلال المنزلة القريبة من الوالد دون ما أراده الله .

وحين خرج أحد الفتيين من السجن قال له يوسف اذكرني عند ربك .

والمسألة هنا متعلقة بتذكر من هذا الفتى وعلى إثر ذلك ستنجلي المحنة ، لكن لما لم يرد الله ذلك لبث يوسف في السجن بضع سنين.

وحين محص الله يوسف واختبر ايمانه وصبره ، زار الملك حلم ، وصفه حشمه بأضغاث عابرة .

وهنا هل توقف الأمر عند هذا ؟.

الإجابة بالتأكيد لا، إذ الحكاية فستنحو مسلك آخر ، وعلى وقع تفسير هذا الحلم ستتحول حياة فتى، بيع بثمن بخس واتهم بالخيانة وهو لازال قابع في ظلمات السجن ، ستتحول وينقلب سافلها عاليها ، لمَ؟.

لأن إرادة الله ومشيئته قد أذنت بحدوث ذلك، فهذا الحلم العابر سيمرق كغيره ، لكن علق الله عليه تغير جذري في حياة يوسف عليه السلام ، فكان ما كان ، واعترفت امرأة العزيز بماحدث ،،،كل هذا أرهاص لتمكين يوسف في الأرض، مع ان براءته قد ثبتت بمعجزة الرضيع المتحدث.لكن لازال الوقت مبكرا ، والنبي العظيم لازال كذلك في ثنايا الامتحان الكبير.

وكل ذلك ما كان ولم يكن لو لم يرد الله ما أراد ..

والأجمل في هذه القصة أنها ليست كغيرها من القصص: ( ماكان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه ....الآية. سورة يوسف 111

 

 

• النقود في التاريخ الإسلامي
• تعلم اللغة العربية عند أبناء ...
• "أبراج الكويت".. نحو قائمة التراث ...
• "القرقيعان".. حصاد الخيـر فـي شهر ...
• "بعدانية"