السبت، 20 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

288 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

هذا ديننا

9 1 2015 8 28 43 AM

محمود توفيق :

في كتاب الله سبحانه وتعالى فيض من تأديب الله عز وجل لنبيه  " صلى الله عليه وسلم" ، ثم لورثته من أهل العلم والدعاة إلى الله جلّ جلاله. وهداية له إلى ما يمكّنه من القيام بحق ما كلف به من الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، وإخراج الناس من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان.

ومن هذا ما جاء في سورة «الحجر»، من أمر الله سبحانه وتعالى نبيه سيدنا محمدًا  " صلى الله عليه وسلم"  بأن يصفح صفحا جميلا.

يقول الله سبحانه وتعالى: { وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ  وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ  فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (86) } (الحجر: 85- 87).

في تصدير الآية بالحقيقة الكونية: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ}، وبالحقيقة العقدية: {وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ}، من قبل التـكليف بالصفح الجميل، ثم بالحقيقة العقدية أيضا: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ}، ثم بالمنة العظمى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ}، في كل ذلك تثقيف للنفس، لتتلقى هذا التكليف الثقيل: {فَاصْفَحْ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} تلقي أولي العزم من الرسل.

ذلك أن الصفح الجميل، لايتأتى إلا بعظيم من اليقين، وبعظيم من المثابرة ومن الصبر الجميل أيضا. فالنفس البشرية مفطورة على أن تنتقم لنفسها إن كانت من نفوس الدهماء، أو تنتصر للحق الذي هي عليه إن كانت من نفوس الأنبياء والعلماء والأولياء، وكل تقي ولي لله سبحانه وتعالى.

والصفح في لسان العربية هو الإعراض عن اللقيا بما لا يحب، يقال: صفح عنه أي: أعرض عن عقوبته، بل عن ملامته، وعن ذكر ذنبه، بل عن تذكره، وتلك مقامات علية متصاعدة من الصفح، ففي الصفح إقبال وبشاشة وجه، ولذا جاء منه التصافح، وهو الأخذ باليد، أي أن يضع الرجل صفح كفه في صفح كف الآخر. وهذا يقتضي إقبال الوجه على الوجه، وهذا فيه رمز إلى ما قام في القلب من القبول والإقبال، ومن هنا شرعت المصافحة بين الرجال بعضهم بعضا، وبين النساء بعضهن بعضا، إيذانا بالقبول والإقبال..

وجمال الصفح المأمور به، هو الصفح الآتي من قوة نفسية وقوة واقعية، وليس صفح العجزة والضعفاء هو الصفح الذي كان من النبي  " صلى الله عليه وسلم"  يوم الفتح: حين أطلقهم، ولم يعاقبهم (1)، وكان بملكه  " صلى الله عليه وسلم"  أن يقطع الأعناق، ولا ملامة عليه، ولكنه الحكيم، والنازل على ما أمره به الله سبحانه وتعالى، والعليم بأن فعل الصفح فيهم وفيمن يأتي من بعد أعظم وأنجع من فعل الانتصار في كل منازلة من منازلات الحرب.

هو صفح جميل من أنه خارج من فتوة نفسية وقوة عملية، وهو صفح جميل من أن أثره الجليل الجميل لا يطاول.

والصفح الجميل سجية من سجاياه  " صلى الله عليه وسلم" . روى البخاري في كتاب «التفسير» من صحيحه بسنده عن عبدالله بن عمرو ابن العاص - رضي الله عنهما - أن هذه الآية التي في القرآن {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا } (الأحزاب:45)، قال في التوراة: «يا أيها النبي، إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا وحرزا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب بالأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا: لا إله إلا الله، فيفتح بها أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا». (حديث رقم: 4838).

ومن الصفح الجميل ما راوه مسلم في كتاب «الجهاد والسير» من صحيحه بسنده عن أنس  "رضي الله عنه"  أن أم سليم رضي الله عنها اتخذت يوم حنين خنجرا فكان معها، فرآها أبو طلحة  "رضي الله عنه"  فقال: يا رسول الله، هذه أم سليم معها خنجر، فقال لها رسول الله  " صلى الله عليه وسلم" : «ما هذا الخنجر؟». قالت: «اتخذته إن دنا مني أحد من المشركين بقرت به بطنه». فجعل رسول الله  " صلى الله عليه وسلم"  يضحك. (2)

قالت: يا رسول الله، اقتل من بعدنا من الطلقاء. انهزموا بك. فقال رسول الله  " صلى الله عليه وسلم" : «يا أم سليم إن الله قد كفى وأحسن». (حديث 4783)

أرأيت إلى قوله  " صلى الله عليه وسلم" : «يا أم سليم إن الله قد كفى وأحسن»، هذا من الصفح الجميل الذي يؤتي من الثمر أطيبه.

وهو  " صلى الله عليه وسلم"  لم يكتف بأن لم يعاقب، بل لم يعاتب الطلقاء إذ أدبروا يوم حنين، وخلفوا رسول الله  " صلى الله عليه وسلم" ، وما كان لهم أن يفعلوا، بل كان منه  " صلى الله عليه وسلم"  ما هو أجمل، اقتسم فيهم وفي المهاجرين الغنائم، ولم يمنح الأنصار شيئا، مما حاك في نفس ثلة من الأنصار، فقالت ما قلت، فكان من مكافأة النبي  " صلى الله عليه وسلم"  أن قال لهم مقالة، هي عز الدنيا وسعادة الآخرة، حين قال قالت ثلة منهم:

إذا كانت شديدة فنحن ندعى، ويعطى الغنيمة غيرنا. فبلغه ذلك، فجمعهم في قبة، فقال  " صلى الله عليه وسلم" : «يا معشر الأنصار، ما حديث بلغني عنكم؟»! فسكتوا، فقال: «يا معشر الأنصار، ألا ترضون أن يذهب الناس بالدنيا، وتذهبون برسول الله  " صلى الله عليه وسلم"  تحوزونه إلى بيوتكم؟».

قالوا بلى. فقال رسول الله:  " صلى الله عليه وسلم"  «لو سلك الناس واديا، وسلكت الأنصار شعبا لأخذت شعب الأنصار» (3)

أرأيت إلى الصفح الجميل مع الطلقاء، والحكمة الجميلة مع الأنصار؟!

ومن هذا ما رواه البخاري في كتاب «الأدب» من صحيحه بسنده عن أنس ابن مالك قال: كنت أمشي مع رسول الله  " صلى الله عليه وسلم"  وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذ بردائه جبذة شديدة - قال أنس: فنظرت إلى صفحة عاتق النبي  " صلى الله عليه وسلم"  وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته - ثم قال: «يا محمد، مر لي من مال الله الذى عندك. فالتفت إليه، فضحك، ثم أمر له بعطاء». (حديث 6088)

وجاء في كتاب «البر والصلة» من جامع الترمذي بسنده عن أبي إسحاق قال: سمعت أبا عبد الله الجدلى يقول: سألت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله  " صلى الله عليه وسلم"  فقالت: «لم يكن فاحشا ولا متفحشا، ولا صخابا في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح». (حديث رقم: 2148). قال أبوعيسى: هذا حديث حسن صحيح.

وكان  " صلى الله عليه وسلم"  يحث أصحابه على الصفح، وأن لا يسارعوا إلى العقوبة، بل ليكن العفو مبدأ أمرهم ومنتهاه، وإن وقع من بعضهم ما يستوجب الحد.

روى أحمد بن حنبل في مسنده من حديث عبدالله بن مسعود بسنده عن شعبة قال سمعت يحيى بن المجبر قال: سمعت أبا ماجد - يعني الحنفي - قال: كنت قاعدا مع عبد الله - قال - إني لاذكر أول رجل قطعه، أتي بسارق فأمر بقطعه وكأنما أسف وجه رسول الله  " صلى الله عليه وسلم"  قال: قالوا: يا رسول الله، كأنك كرهت قطعه.

قال  " صلى الله عليه وسلم" : «وما يمنعني ؟ لا تكونوا عونا للشيطان على أخيكم».

إنه ينبغى للإمام إذا انتهى إليه حد أن يقيمه.

إن الله عز وجل عفو يحب العفو {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}. (النور: 22)

وجعل الصفح عمن أساء من أفضل الفضائل، لأن في هذا دفعا للسيئة بالحسنة، كما أمر كتاب الله سبحانه وتعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ  ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (فصلت: 34)

روى أحمد بن حنبل في مسنده من حديث معاذ بن سهل  "رضي الله عنه" ، بسنده عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه عن رسول الله  " صلى الله عليه وسلم"  أنه قال: «أفضل الفضائل أن تصل من قطعك, وتعطي من منعك، وتصفح عمن شتمك». (حديث:16023)

هذه الثلاثة التي هدى إليها نبي الرحمة  " صلى الله عليه وسلم"  إنما يقوم له أولو الفتوة النفسية، لأن للقيام لها فضلا عن القيام بها استحقاقات رجولية بالغة، لايلقاها إلا الصابرون صبرا جميلا.

وإن لحضورها في أي أمة فضلا عن شيوعها أثرا جليلا وجميلا في تماسك الأمة، وتحقيق سلامها الاجتماعي، فتنعم بنعمتي الأمن والكفاية. وتلك نعمة الدنيا:

روى البخاري في كتابه «الأدب المفرد»، باب: «من أصبح آمنا في سربه» بسنده عن سلمة بن عبيد الله بن محصن الأنصاري عن أبيه - عبيد بن محصن اختلف في صحبته - عن النبي  " صلى الله عليه وسلم"  قال: «من أصبح آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده طعام يومه فكأنما حيزت له الدنيا»: (حديث: 300)، ورواه الترمذي، وابن ماجه.

ذلك هو نبي الرحمة، ونبي الحكمة  " صلى الله عليه وسلم" . فهل لنا أن نحمل من ميراث رحمته بأمته، ومن ميراث حكمته، ما يجعلنا أهلا لأن نحوز شرف وراثته في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى؟

فالصفح عمن أساء، ودفع السيئة بالحسنة عامل عظيم الأثر في تحقيق مجتمع متماسك متراحم، وهذا ما نفتقر إليه. إن هذا ما يفتقر إليه كل قائد فتي قوي مع خصومه. ولكن هذا يحتاج إلى علي الحكمة، يعرف الأرض التي ينبت فيها الصفح ويورق ويزهر ويثمر، فإن كان من الخصوم من لا يصلح معه ذلك الصفح فلا يكون، كما فعل مع بني قريظة، لما كان منهم من خيانة في غزوة الأحزاب. فمثلهم يزيدهم الصفح فجورا، فلا يكون الصفح حينئذ جميلا. لأنه سيثمر قبحا، ويزيد العتو عتوا.

فالصفح الجميل عمن يصلحه الصفح قائم لم ينسخ بالأمر بالقتال، كما ذهب إليه بعض أهل العلم. قال الطبري:

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن مجاهد (فاصفح الصفح الجميل) قال: هذا قبل القتال.

حدثني المثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن الزبير، عن سفيان بن عيينة، في قوله: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} وقوله: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} قال: كان هذا قبل أن ينزل الجهاد. فلما أمر بالجهاد قاتلهم فقال: «أنا نبي الرحمة ونبي الملحمة، وبعثت بالحصاد، ولم أبعث بالزراعة».

أما آية السيف فهي قائمة لمن لا يصلحه الصفح الجميل. وخصوم الدعوة ليسوا سواء، فلا يكون منهج التعامل معهم واحدا، فذلك منطق الحكمة في الدعوة.

ألا ترى أن الله سبحانه وتعالى قال لرسوله  " صلى الله عليه وسلم"  ولنا معه في سورة (النحل): {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ  وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ  إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ  وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (النحل:125).

جعل له ثلاثة سبل إلى تحقيق الدعوة: الحكمة، والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن، ذلك أن الناس أربعة:

منهم من يسمع ويقبل، فهذا سبيل دعوته الحكمة، ومنهم من يسمع ويقبل، ولكنه لايقبل لما يحيط به من الشهوات الصارفة، فهذا سبيل دعوته الموعظة الحسنة. وهذان الضربان متقاربان، ولذا كان النظم القرآني المتعلق بدعوتهما واحدا {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} عطف سبيل الموعظة الحسنة على سبيل الحكمة.

ومنهم من يسمع ولا يقبل، بل يجادل ويعارض ويناكد، ولكنه لا يرفع سيفا. وهذا سبيله الجدال بالتي هي أحسن. وهذا ما حملته الآية الكريمة في سورة النحل.

وهذا الضرب ليس من باب الضربين الأولين، ولذا التفت عن النظم الذي كان للضربين الأولين، فلم يقل: ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، فلو قال لفهم من العطف أن هذا الضرب الثالث من باب الضربين الأولين، ولكن البيان القرآني عدل عن النهج الأول في النظم والصياغة، واستفتح طريقة جديدة، فقال: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، فهو عطف على فعل الأمر الذي في صدر الآية {ادْعُ} مما يفهم أن هذا السبيل ليس من باب السبيلين الأولين، إشارة إلى أن الضرب الثالث مغاير للضربين الأولين، وهذا نهج من السنة البيانية للقرآن الكريم في إفهام دقائق المعاني ولطائفها.

وكل هؤلاء الثلاثة الأضرب يصلح معهم، ويصلح من أحوالهم الصفح الجميل، وهذه الأصناف الثلاثة باقية ما بقيت الحياة. مما يجعل الأمر الإلهي للنبي  " صلى الله عليه وسلم"  ولأمته من بعده {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} أمرا باقيا ما بقيت الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.

ويبقى الصنف الأخير من الناس: من يسمع، ولا يقبل ألبتة، بل يشهر سيفه ليمنع الدعوة من أن تبلغ غيره، فهو لا يكتفي بأن يعرض هو عنها، بل يسعى بسيفه وما ملكت يمينه من القوى إلى أن يحاجزها عن أن تبلغ مسامع الآخرين. فيتخذوا ما شاءوا طوعا لا قهرا، لأنه يعلم أنها إن بلغت مسامعهم، فإنها ستحرك ساكنا في كثير منهم، ومنهم من سيستمع، ويقبل، وهذا الضرب الرابع من الناس هو الذي جاء الأمر بقتاله، لا بقتله، فليست الغاية ألبتة قتله، وإن سل سيفه، بل الغاية قتاله، ليكف سيفه. فإن كفه، فلا يقاتلن فضلا عن أن يقتل. فإن الإسلام دين الحياة في سبيل الله، وليس دين الموت في سبيل الله، بل الموت في سبيل الله تعالى حين لا تتحقق الحياة للناس في سبيل الله إلا بموت ثلة من المسلمين في سبيل الله تعالى، تحقيقا لتلك الحياة للآخرين، وهذا هو منهج الإيثار، وذلك هو جليل الجود، وجميل السخاء.

الهوامش

1- تفسير الطبري: جامع البيان في تأويل القرآن، تحقيق: أحمد محمد شاكر، ط (1) 1420هـ، مؤسسة الرسالة، ج17، ص128.

2- حسنه الألباني في صحيح الأدب المفرد للبخاري.

 3- صحيح البخاري (المغازي)، حديث رقم: (4337)، ورواه مسلم في كتاب (الزكاة) رقم: (2488).

3 5 2015 9 12 34 AM

د·محمد بن محمد الحجوي :

{ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل} ( الروم -58)

البيان العربي هو التراث المتمثل في الشعر والخطب والأمثال والأقوال المأثورة، وقد تميز هذا التراث قبل مجيء الإسلام بتعدد الأغراض، وسعة المعرفة وعمق الفكر، وجمال التعبير، ولما نزل كتاب الله على العرب كان فكرهم وأدبهم ولغتهم قد بلغت نضجا كبيراً، فخاطبهم الله باللغة التي أبدعوا بها، وهي لغة استوفت خصائصها التركيبية والدلالية والصوتية، وتضمنت فنونا بلاغية طريفة، وتعابير أدبية بليغة، وحكما وأمثالا عميقة الدلالة·

وكانت الأمثال لونا من هذا البيان الذي نضج في تراثهم: (المثل السائر في كلام العرب كثير نظما ونثرا، وأفضله أوجزه وأحكمه أصدقه) (1)·

وهي ضروب من الأقوال الفنية البليغة المتضمنة للحكم التي عبرت عن أوضاع اجتماعية أو نفسية أو فكرية أو سلوكية، فلذلك كانت أكثر جريانا على ألسنة الناس، فقالوا: مثل شرود وشارد أي سائر لا يرد كالجمل الصعب الشارد، ففيها الحكم والعبر والمواعظ والتوجيه والإرشاد، ومقارنة الأشباه والنظائر، واستحضار المعنوي بالمحسوس، والغائب بالحاضر، وإفحام الخصم والمعاند، ولهذا السبب كانت الأمثال الموجزة كثيرة في كلام الأنبياء والحكماء، وفي الشعر والخطب، يستحضرها القوم في المناسبات والمنتديات والأسواق الأدبية، تبرز نمط الحياة، وأذواق الناس، وطريقة تفكيرهم·

وإذا كان للأمثال هذا القدر الكبير من التأثير في حياة الناس تفكيرا وسلوكا وأخلاقاً ومعاملات فإن كتاب الله أولى باستعمالها من أجل الموعظة والتوجيه والاعتبار، لأن رسالة الإسلام جاءت من أجل إخراج الناس من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، وكل وسيلة تبلغ الإنسان إلى هذه الغاية كان كتاب الله يستعملها، قال رسول الله صى الله عليه وسلم: (إن القرآن نزل على خمسة أوجه: حلال وحرام ومحكم ومتشابه، وأمثال، فاعملوا بالحلال، واجتنبوا الحرام، واتبعوا المحكم، وآمنوا بالمتشابه، واعتبروا بالأمثال:

الأمثال، كما في الحديث الشريف، للاعتبار والموعظة، لأنها نبهت الناس لما ينبغي أن يتبعوه أو يجتنبوه·

وقال الزمخشري: (ولضرب العرب الأمثال، واستحضار العلماء المثل والنظائر شأن ليس بالخفي في إبراز خبيات المعاني، ورفع الأستار عن الحقائق حتى تريك المتخيل في صورة المحقق، والمتوهم في معرض المتيقن، والغائب كأنه شاهد·

وفيه تبكيت للخصم الألد، وقمع لسورة الجامح الأبي، ولأمر ما أكثر الله في كتابه المبين، وفي سائر كتبه أمثاله، وفشت في كلام رسول الله صى الله عليه وسلم، وكلام الأنبياء والحكماء)(2)

وقد أخذ الشعراء والأدباء والخطباء من أمثال القرآن ما يقوي حجتهم، ويكسب أدبهم سمة الجمال والرونق، قال أبو تمام يرد على بعض من أنكر عليه ضرب لون من المثل في شعره:

لا تنكروا ضربي له من دونه

مثلا شرودا في الندى والباس

فالله قد ضرب الأقل لنوره

مثلا من المشكاة والنبراس

هذا التأثير ناتج من كون أمثال القرآن تضمنت إعجازا وتوجيها وحكما ومواعظ بالغة الدلالة، وهل سمع العرب مثلا أكثر تعبيرا للدلالة على الضعف والوهن لآلهتهم التي لا تنفع ولا تضر في قوله تعالى:{كمثل العنكبوت اتخذت بيتا، وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت} (العنكبوت -41)

إن المثل قوي في الدلالة على ضعف الآلهة التي كانوا يعبدونها، فهي تفقد صفة الحياة والقدرة لكي تجيب الداعي وتلبي رغبته، ولم يجد الجهلة والسفهاء منهم سوى التهكم بأمثال كتاب الله وقولهم: إن رب محمد يضرب المثل بالذباب والعنكبوت، ويضحكون من ذلك لجهلهم بالمقاصد، أو للتخفيف عن أنفسهم من شدة وقعه·

ومن خصائص أمثال الكتاب العزيز أنها ارتبطت بالمجتمع في معتقداته وتفكيره وأخلاقه وسلوكه وعاداته وتقاليده من أجل إصلاح الأفراد، وتوجيههم إلى سبيل الخير، فقبحت الكفر والعصيان والضلال، وزينت الإيمان والتقوى، ودعت إلى الاستقامة والعمل الصالح، قال تعالى، مبينا إهمال القوم تعاليم الكتب السماوية، وعدم الانتفاع بها، وهي بين أيديهم، وفي ذلك إهانة لكسلهم، وتحقير لعقولهم: {كمثل الحمار يحمل أسفارا} (الجمعة- 5)

وقال عز من قائل في إظهار من لا ينتفع بعمله، ولو كان كثيراً، لأنه لا يقوم على مبدأ سليم: {فمثله كمثل صفوان عليه تراب} (البقرة -264)، أي كحجر أملس عليه تراب، فهو غير صالح للإنبات، ولو نزل عليه المطر ليلاً ونهاراً·

وجاء المثل في كتاب الله لبيان فضل العاقل الذي يدبر أموره بحكمة وعقل وتفكير سليم، ويعبدالله، ويعمل عملا صالحا، على من لا يتصف بتلك الصفات الإيجابية، قال تعالى: {ضرب الله مثلا عبدا مملوكاً لا يقدر على شيء، ومن رزقناه منا رزقا حسنا، فهو ينفق منه سراً وجهراً هل يستوون، الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون· وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء، وهو كلٌ على مولاه أينما يوجه لا يأت بخير، هي يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم} (النحل- 75-76)

المثلان في الآيتين لهما أثر بين في المجتمع، فهما يكشفان بجلاء ظاهرة اجتماعية، لا تخفى على الإنسان الجاهلي المخاطب بهذين المثلين، إنه يعرف أن العبد في مجتمعه لا يتصرف مثل الحر في كل أموره، وكذلك فضل العاقل الذي يأمر بالعدل والإحسان، وهو مستقيم في عقيدته وسلوكه وعمله على الأبكم الكل على مولاه الذي لا يأتي بخير في أي عمل قام به، هذان المثلان يوجهان المخاطب إلى اختيار أفضل السبل التي تقربه من الله بالإيمان الصادق، والعبادة الخالصة لجلاله، والسلوك القويم الذي يرضي عنه الله ورسوله، ويبينان الفرق بين من يعبد أصناما لا تنفع ولا تضر، وبين من يعبد الله الخالق القادر الواهب، هذه المقارنة بمثل عمل يشاهد الإنسان أثره في المجتمع تظهر فضل المؤمن على الكافر بتقواه وعبادته وصلاحه، إذ كل أعمال المؤمن تكون خالصة لوجه الله وهو بذلك يبتعد عن كل ما يؤذي به نفسه ومجتمعه، ويكون رباطه بالله وحده وهذه ألطاف من الله يفيضها على عباده الصالحين، لأنها تحررهم من العبودية لغير الله، وتجعل عملهم متواصلاً، وفي هذا شرف للإنسان، وتكريم له على سائر المخلوقات، وإذا كان المثلان قد اقترنا ببيان ميزة الحر على العبد، والعاقل على الأبكم، فالإنسان يميل بطبعه إلى الحرية ويعشقها، ويكره الذل والاستعباد، ويحب البليغ الفصيح الذي يكون قادرا على إقناع الآخرين بالحجة والبرهان، إن مثل هذا الفرد يكون تأثيره ظاهرا في المجتمع، فكم من كلمة طيبة بليغة، وخطبة جامعة محكمة، قد غيرت سلوك أفراد وجماعات، ودفعتهم نحو الفضائل والمثل العليا، بينما الأبكم يفقد هذه الخصائص الإيجابية في التأثر والتأثير· ولذلك ذكر الله أن أمثال القرآن يدرك مراميها وأثرها العقلاء، قال عز من قائل: {وتلك الأمثال نضربها للناس، وما يعقلها إلا العالمون} (العنكبوت - 43)

وجاءت الأمثال في كتاب الله لبيان فضل من يعبد إلها واحدا يقوم بما كلفه به، ويرجو ثوابه، على من يعدد الآلهة فلا يدري أيها يستقر على عبادته، ويدعوه ليستجيب له، فقال تعالى: {ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون، ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا، الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون} (الزمر-28)

ومثل من يتمادى في الضلال والكفر والعصيان بالأعمى والأصم، ومن يتبع الهدى بالبصير والسميع والفرق بينهما لا يخفي على أحد، قال تعالى:{مثل الفريقين كالأعمى والأصم، والبصير والسميع، هل يستويان مثلا، أفلا تذكرون)( هود -24)

كما نجد الغاية من ضرب الأمثال في القرآن الكريم زيادة الإفهام والتوضيح والتذكير، فيأتي المثل لتصوير المعنوي بالمحسوس والمشهد بالغائب، فيكون وقعه بذلك أمكن في النفوس، وأشد علقة بالقلوب، وهذا من شأنه ان يبعد الحيرة والشكل عن المترددين وضعاف الإرادة قال تعالى: {ألم تر كيف ضرب الله مثلا كملة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت، وفروعها في السماء، توتي أكلها كل حين بأذن ربها، ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون، ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار} (إبراهيم- 26-28)

هذا المثل نموذج في البلاغة الرفيعة، والبيان السامي، والإعجاز المطلق الذي تميزت به الآيات البينات، والغاية منه هي هداية الناس للتقوى، وتثبيت الإيمان في نفوسهم حيث تبدو الكلمة الطيبة في هذا المثل المعجز، وهي كلمة التوحيد والإيمان والاستغفار والتوبة والعمل الصالح كشجرة مخضرة يانعة، وارفة الظلال، زاهية الأغصان، ناضجة الثمار، ممتدة في السماء، تعطي ثمارا طيبة في كل حين· وهذا كناية عن ثبات الإيمان، لأنه يستمد قوته من الحق سبحانه وتعالى· أما الكلمة الخبيثة، وهي كلمة الشرك والضلال، وكل ما يؤذي الناس في عقيدتهم الصحيحة، وفي شريعة العدل، وفي حياتهم الطيبة، فهي كشجرة خبيثة لا قرار لها ولاثمار ولاظلال ولا أغصان سوى الشوك الذي يؤذي، ولذلك فهي سهلة الاجتثات مثل الشرك والكفر والضلال لا يثبت ولا يستمر ولا يستند إلى الحق، يتهاوى في أي لحظة، ولم يتوهم المشركون والضالون انهم أقوياء، بينما كلمة التوحيد تخاطب العقل السليم، والنفس اليقظة، والوجدان الواعي، فلا يستطيع أحد مهما أوتى من قوة وسلطان ان يحرفها، لأنها الحق من عند الله··· هكذا كان يضرب الأمثال في كتاب الله من أجل الرجوع إلى كلمة التوحيد التي هي الحق من الله {ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط}(التحريم -10)، وفي الذين ثبتوا على مبدأ التوحيد، {وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون} (التحريم -11)، {ومريم ابنة عمران} (التحريم -12)

لكن الذين يصرون على الكفر والعصيان لا تنفع فيهم النذر والأمثال، لأن قلوبهم غلف، وأفئدتهم هواء، قال تعالى: {ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل، فأبى أكثر الناس إلا كفوراً} (الإسراء -89)

2566325

أحمد عبدالجواد زايدة :

الحديث عن يوم الجمعة وفضله وعظيم مكانته حديث له قدره، والناظر في النصوص القُرآنية الآمرة بصلاة الجمعة والنصوص الحديثية المتحدثة عن فضله وآدابه وهداية الأُمة له يُدرك أن لهذا اليوم مقاصدَ وفلسفة تحتاج إلى تأملها والغوص في أعماقها وأن تتشربها الأُمة فتصبح سلوكًا وواقعًا.. حقيقةً لا مجازًا.. فعلًا لا كلامًا! وهذه الأبعاد أو تلك الفلسفة التي يخرج بها المتأمل من صلاة الجُمعة وشعائرها يجد أنها تتقاطع مع كثير من الأركان والشعائر الإسلامية، فالأوامر والإرشادات الواردة في حق يوم الجمعة تُمثل مساحةً واسعةً من معالم هذه الأُمة.

عن أبي سعيد الخُدري عن أبيه أن رسول الله ص قال: «الغُسل يوم الجمعة واجب على كُل محتلم وسواكٌ ويمس من الطيب ما قدر عليه» (رواه مُسلم)، فهو أمر بالاغتسالِ والتطهرِ، سواء أكان الأمر للوجوب أو للاستحباب على اختلافٍ بين المذاهب، بغرضِ النظافةِ والتجملِ والتطيبِ لإظهارِ جماليةِ المسلمين في صورةٍ بهيةٍ بحيث تكون سمةً من سماتِ الإنسان المسلم ومعلمًا من معالِمهِ، وبالتالي يكونُ معلمًا من معالم الأُمة وسمةً من سماتها، فهي أُمةٌ جماليةٌ وهي أمة الجمال في كل شيء، وخالقها جميلٌ يُحب الجمال وطيب لا يقبل إلا طيبًا، والبُعد الجمالي يُلمس في كل أحكامها، ويمتد في الشريعة بتفصيلاتها، حتى في الاعتقاد، وقد أبدع العلامةُ المغربي فريد الأنصاري- رحمه الله- لمَا سمى كتابه «جمالية الدين.. من معارج القلب إلى حياة الروح» لقد تحدث الرجل عن جمالية التعريف بالله وجمالية القُرآن وجمالية الإيمان باليوم الآخر، بل عن جمالية الموت! فالجمال مقصد يؤخذ ويُعمم ويُنزل في كل مناحي الحياةِ.. سلوكًا وعملًا وتطبيقًا.. وذلك ملمح من ملامح الإحسان ومستوى من مستوياته.

التعليم والتزكية

اختُصت هذه الأمة بهذا اليوم وهُديت إليه وجُعل لها عيدًا، فعن أبي هريرة ] أن رسول الله ص قال: «نحن الآخرون ونحن السابقون يوم القيامة، بيد أن كل أُمةٍ أوتيت الكتاب من قبلنا وأُوتيناه من بعدهم ثم هذا اليوم الذى كتبه الله علينا هدانا الله له، فالناس لنا فيه تبعٌ اليوم غدًا والنصارى بعد غد» (رواه مسلم).

وقال تعالى {يأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كُنتم تعلمون}(سورة الجمعة)، فالسعي إلى ذكر الله واستشعار أهمية هذه الشعيرة، وأن الأُمةَ مختصةٌ بها وحدها إنما هو تذكير للأُمة برسالتها وبدعوتها، وتربية شاملة لها، تربية وجدانية روحية، وتربية فكرية للأُمة لبناء وعيها وتوضيح أهدافها وتصحيح عقيدتها، ومن هُنا يتأتى الحديث عن خُطبة الجُمعة وأهمية محتواها، وهو ما يفتقده واقع اليوم، فالمسلمون يحضرون هذه الشعيرة الأسبوعية «الحاشدة» كي يستمعوا إلى خطبة من الواجب أن تكون لإنهاضهم وتوضيح الصورة الحقيقية في أذهانهم وتذكيرهم بما ينبغي التذكير به ومناقشة الواقع ومشاكله، فالواجب إذن أن يكون خطاب نهضة وحضارة لتحقيق مقاصد هذا الدين ومقاصد إخراج هذه الأُمة للناس، ومن العجيب أنك قد تجد من يتحدث عن تفصيلات التفصيلات مما لا علاقة له بالمُستمع على الإطلاق مما ينُفر من الاستماع، حتى صار البعض يصوغ النكات على ذلك الأمر! فالواجب أن تكون خطبةً واضحةً تناقش واقع اليوم وتُلبي احتياجات وتطلعات الناس، تتحدث من واقع الأُمة.. لا من واقع أحدٍ غيرها.. ولهدف الأُمة.. لا لهدف أحد غيرها.. وبروح الأُمة لا بروح أحدٍ غيرها، تُربي الفكر والوجدان وتُرسخ المفاهيم الأساسية المُحركةَ للأُمة في أذهان وقلوب أبنائها.

الأُمة هي الأصل

وذلك معلم من أهم المعالم وهو مُـتكررٌ في أغلب الشعائر والأحكام الشرعية، إن لم يكن في جميعها، وهو وحدة الأُمة والانسجام فيما بينها، وهذه الرابطة الأخوية بين جميع أفراد الأُمة وهذا التكاتف والتعاضد وهذه الأخوة والمساواة بين الفقير والغني والحاكم والمحكوم والضعيف والقوي، تسهم في المحافظة على وحدة جماعة المُسلمين وإيجاد الجامعة الإسلامية والتذكير بالأخوة الإسلامية، فمهما اختلفت بعض الأفكار وتعددت الوسائل والبرامج العملية في آلياتها، فإن الجمعة تكون محضنًا أُسبوعيًّا لجمع الأواصر والتركيز على الأصول والمقاصد والكليات الأساسية لهذه الأُمة التى يسعى الجميع لتحقيقها والسعي إليها، بالإضافة إلى اللقاء اليومي خمس مرات في صلاة الجماعة، وكذلك الحج، ذلك المؤتمر السنوي للأمة.

قال تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كُنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانًا}، وقال تعالى: {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم}(الانفال:46). manbar1.jpg

ومن هُنا وجب التنبيه على أن تكون المنابر للأمة فقط! وليس لأحزاب أو لحركات إصلاحية أو جماعات أو غيرها، فإن المنبر مقام كان يقف فيه رسول الله ص فهو منبر للأُمة يتحدث بروح الأمة.. و في قضايا الأُمة.

ولذا فإن مشهد الجمعة هو مشهد لمناقشة هموم الأُمة والواقع، والسعي لتحقيق أهدافها، مشهد تلتقي فيه الأُمة كلها فتكتسب قوتها من وحدتها، فتُحقق أهدافها التي كانت تظنها مستحيلة، فإذا بها واقعًا بفضل وحدتها واجتماعها.

بناءُ الأُمة وعمارة الأرض

بعد أن أمر الله- سبحانه وتعالى- عباده بالسعي إلى ذكر الله وإجابة نداء الجُمعة، أمرهم بالانتشار في الأرض و الابتغاء من فضل الله، والسعي في الأرض.

قال تعالى: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرًا لعلكم تُفلحون}، فهو جمعٌ بين بناء الروح والفكر وبين بناء الأُمة وعمارة الأرض بروح المؤمن الذاكر لربه في كُل وقت وحين.

وهو ما يميز هذه الرسالة الخالدة الموازنة، والجمع بين الروح والمادة والمصالح الدنيوية والأخروية، وقد هدفت الشريعة إلى تحقيق كليهما، وعمارة القلب وعمارة الأرض.. ومن هُنا تتحقق الشهادة على العالمين وتتأتى النهضة المرجوة.

علاقة الأُمة بمفهوم الزمن

الناظر في فضل التبكير إلى صلاة الجُمعة وجزاء من يأتي في الساعة الأُولى ثم الثانية... وهكذا يُدرك أهمية الزمن بعمقه الفلسفي، بامتداده العرضي وليس فقط الطولي، وباحتوائه للعديد من أحداث وقصص وأخبار الأُمم التي أُمرنا بالتفكر فيها.

كذلك ففي هذا اليوم ساعة إجابة نجلس ننتظرها ونترقبها لعل الله يُكرمنا بفتحٍ من عنده، وهو ذات الأمر في الصلوات الخمس، فهي في أوقات مختلفة (الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء) ما بين نور وظلام وشروق وغروب، ربط بالزمن وبالكون، و في كتاب الله سور باسم هذه الأوقات (الفجر- الضُحى- الليل- العصر) كي لا ينقطع المسلم عن هذا العالم وكي لا ينحصر نظره وينحسر!.

يوم الجمعة وصلاة الجمعة.. ملامح لبناء العرفان والإنسان والبنيان.. هي صياغة مُستمرة مُتجددة.. لبناء الإنسان والأُمة.. والله أعلم.

8 23 2015 9 11 39 AM

أحمد سامي درويش :

النّور: هو الضياء المتشعشع الذي تنفذه أنوار الأبصار، فتصل به إلى نظر المبصرات، وهو يتزايد بتزايد أسبابه. ويقال: نار الشيء وأنار واستنار، إذا أضاء. والنور مأخوذ من النار، يقال تنورت النار: إذا قصدت نحوها. ثمّ يستعار في مواضع تدل عليها القرينة فيقال: أنار فلان كلامه إذا أوضحه. ومنار الأرض: أعلامها وحدودها. والمنارة: مفعلة من الاستنارة.

يقول السعدي في تفسيره عند قوله تعالى في سورة النور: {الله نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ} الحسي والمعنوي، وذلك أنه تعالى بذاته نور، وحجابه نور، وبه استنار العرش، والكرسي، والشمس، والقمر، والنور، وبه استنارت الجنة. وكذلك النور المعنوي يرجع إلى الله، فكتابه نور، وشرعه نور، والإيمان والمعرفة في قلوب رسله وعباده المؤمنين نور. فلولا نوره تعالى، لتراكمت الظلمات، ولهذا: كل محل يفقد نوره فثمّ الظلمة والحصر، «مَثَلُ نُورِهِ» الذي يهدي إليه، وهو نور الإيمان والقرآن في قلوب المؤمنين.

وذكر أهل التفسير أن النور في القرآن على عشرة أوجه:

أحدها: الإسلام، ومنه قوله تعالى في التوبة: {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى الله إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}، وفي الصف: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}، وفي سورة النور: {يَهْدِي الله لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ}.

والثاني: الإيمان، ومنه قوله تعالى في البقرة: {الله وَلِيُّ الَّذِينَ ءامَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}، وفي الأنعام: {أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ}، وفي النور: {وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ الله لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ}، وفي الحديد: {وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ}.

والثالث: الهدى، ومنه قوله تعالى في النور: {الله نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ}، أي: هادي من في السماوات والأرض.

والرابع: النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ومنه قوله تعالى في المائدة: {قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ}.

والخامس: ضوء النهار، ومنه قوله تعالى في الأنعام: {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ}.

والسادس: ضوء القمر، ومنه قوله تعالى في الفرقان: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَآءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا}، وفي سورة نوح: {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا}.

والسابع: ضوء المؤمنين، وهو نور يجعله الله للمؤمنين يمشون فيه إلى الموقف وعلى الصراط، ومنه قوله تعالى في الحديد: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ}، وفي التحريم: {نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا}.

والثامن: بيان الحلال والحرام، ومنه قوله تعالى في المائدة: {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ}، وفي الأنعام: {قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ}.

والتاسع: القرآن، ومنه قوله تعالى في الأعراف: {وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ}، وفي التغابن: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا}.

والعاشر: ضوء نور الربّ، وهو يوم يتجلّى الربّ عزّ وجلّ وينزل للفصل، ومنه قوله تعالى في الزمر: {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا}، وفي الحديث عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ [ هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ قَالَ: (نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ).

thum2003

د.محمد سعيد :

البحث والنظر في قيم الجمال من البحوث العميقة التي اهتم بها علم الأخلاق، باعتباره علمًا يقوِّم الملكات الإنسانية المختلفة، ويسدد نظرة الإنسان في اتجاه إيجابي وهو يحيى حياته الفردية والجماعية، ويتقلب في آلاء هذه البسيطة.

والإنسان مفطور على حب تذوق القيم الجمالية في كل فعل يفعله أو يُفعل له، وفي كل مُيسَّر يُسِّر له، لذلك تجده بالفطرة يُقبل إقبال الفرِح الطرِب على كل ما يتلقاه ويواجهه، إذا توفرت فيه شروط الصحة والحق، وغشيته ولفته قوالب الحسن والجمال، وقل مثل ذلك في باقي النعم التي منَّ بها المنعم على خلقه، أطعمةً و دوابَّ و جناتِ الأزهار و تضاريسَ في غاية الحبك والإحكام، وآفاقَ السموات وزينتها.. وما لا عد له من قبيل آيات الجمال المقروءة والمنظورة.

وعلى هذا النسق يبحث الأستاذ الدكتور سعيد بن أحمد بوعصاب الطنجي هذا الموضوع ويحرر فيه كتابًا جديدًا- هو الثاني في حلقة تآليفه- وسمّاه بعنوان «القرآن الكريم والدعوة إلى الحس الجمالي» نشرته مطبعة ليتوغر اف بطنجة ط1 /2012 في 208 صفحات من الحجم المتوسط.

استُهِل الكتابُ بمقدمتين، الأولى للدكتور محمد الشربجي الشامي، أستاذ الدراسات القرآنية في كليتي الشريعة والآداب بجامعة دمشق، فرج الله كربها، ختمها بقوله: «وكان أسلوبه سلسًا، ولغته سليمة، وألفاظه جميلة، وعبارته جزلة، وسجعه جميل دون تكلف أو تصنع، يأسرك عند قراءته، فلا تكاد تترك الكتاب إلا وقد أتيت على آخره»، وهو ما نستشف منه طبيعة الشكل والقالب الفني الذي حوى المضامين التي عالجها المؤلف في كتابه، إذ لا يستساغ أن تقارب موضوعًا دقيقًا يتتبع مواقع الجمال في الآفاق بلغة بعيدة عن نَفَسِ الذوق الرفيع والإحساس المرهف، لذلك تجدني أوافق د.الشربجي في هذا التعليق الجميل الذي أبداه تجاه التركيب اللغوي والمعجمي والأسلوبي للكتاب.

والمقدمة الثانية لصاحب الكتاب، والذي أبدى فيها شغفه بموضوع الجمال وما حبَّره قلم المرحوم فريد الأنصاري في كتابه «جمالية الدين»، إلا أن استهواءه لهذا التأليف وجده «قد وقف عند معان محدودة، وقضايا معدودة، وددت لو أن شيخنا الحبيب تناول قلمه غيرها، فضمها إلى أخواتها».. لذلك عقد الأستاذ سعيد بوعصاب العزم على خوض غمار بحث وصف موضوعه بـ «جد خطير»؛ لأنه وُظفت له منابرُ ووسائل جد معتبرة «لتلعب بالأفهام، وتزخرف الكلام فتضل الأنام، حيث حصرت الحديث فيه في جانب الأجسام، وغفلت ما للروح من سمو المقام، فكان لزامًا على كل من له بالفن إلمام، أن يعمد لإماطة اللثام..».

قيم كونية

ونظرا لما لحق الفكر والحضارة الإسلاميين من سوء فهم وغرابة تأويل، من قِبل بعض المعاصرين الذين أدركوا من الدين طقوسًا ورسومًا جافة وتقاليدَ؛ بدل شرائعَ وأركان وقيم كونية خالدة، فإن المقام- كما يرى صاحب الكتاب- حري بأهل العلم وجمالية القول أن يبرزوا «تلك الأخلاق الجمالية الرفيعة، التي كانت تمثل زمن حضارة الإسلام الوجه الحقيقي للمسلمين، إذ هي تبرز الذوق الرفيع، والسلوك النبيل، والرؤية الجميلة، والنظرة الراقية، والحركة البانية، كما أن الخطاب الدعوي بحاجة ماسة اليوم إلى إبراز مكامن الحسن والجمال في العرض والأسلوب، والمعنى والموضوع.. ».

يمكن تقريب متن الكتاب للسادة القراء عبر تقسيم بنيته إلى محورين، المحور الأول: نظري خصه للحقل الدلالي والمفهومي لكلمة «الجمال»، ولسمات ومعايير الجمال في النص القرآني. فالسمات لخصها المؤلف في:

  • الدقة والإحكام.
  • التناسق والنظام.
  •  الإبداع والابتكار.
  • التبديل والاستمرارية.
  • التنوع والإكثار.
  • السهولة واليسر.

أما خصائص الجمال التي ضبط القرآن موازينها وحدودها فاستوعبتها خصيصة «الربانية» التي تربط الانسان بربه، وتربط مظاهر الجمال وسحرها بفعل صانع الجمال وموجده، على نحو من الروعة واللذة والبهاء.. وخصيصة «السمو» والذي يرمز به إلى العفة اللفظية والفعلية في التعاطي مع مواقع الجمال في مختلف ضروب الحياة.. وأخيرا خصيصة «الشمول» الذي أثار فيه الخلط- الذي وقع فيه البعض فجعلوا «الفن» و«الجمال» واحدًا- «والواقع أن الفن هو ميدان واحد من ميادين الجمال المتنوعة والمتعددة، ذلك أن الجمال في الذوق القرآني يربي في المسلم المتأمِّل تلمسَ قيم الجمال في منحاها الشمولي والتركيبي، بدل الفعل التجزيئي والتصنيفي الذي سقط فيه الكثير. فأية قيمة لجمال الصورة- يقول الأستاذ سعيد بوعصاب- التي تسحر الألباب إذا كان صاحبها فجَّ السلوك، سيئ الأخلاق، ذابل الروح، قد جمع في داخله كل معاني الشر التي يستعاذ منها في كل الأحوال..».

ورصد المحور النظري الأخير «مقاصد التربية الجمالية في القرآن» التي تهدف إلى تنمية الجانب الإيماني، وتكوين الشخصية السوية المتكاملة، وتنمية ملكة الإبداع والإتقان، والتحلي بالذوق العالي.

وانتقل المؤلف في حيز عريض من كتابه إلى الجانب التطبيقي، والذي وسمه بـ «مع القرآن الكريم في تنمية الحس الجمالي»، حيث أبان فيه قدرة وبراعة في استشفاف واستقصاء ملامح الجمال التي نوه إليها الوحي، ولفت انتباه قارئيه ومستمعيه (الوحي) عبر العصور والقرون إلى أهمية إعمال النظر في الآيات المنظورة، وإحكام الصنعة والخلق والجمال فيها. ولأن الباري تعالى وضع الكون وصنعه لمرام وغايات.. فمن الطبيعي والمنطقي أن تُستثمر آيات الكون في آيات القرآن لتثبيت عقائد الناس وتوحيد نظرتهم تجاه موجِد الوجود وتوحيده، ومن ثمة اتباع هديه وشرائعه، وهكذا توقف المؤلف مع الآيات القرآنية التي ترصد جمالية السماء، والأرض، والبحر، والإنسان، والصورة، والحيوان.

وفي الشعائر التعبدية تتبع المعالم الجمالية الشفافة والعميقة في كل من شعيرة الصلاة، والصدقة، والصيام، والحج. ثم انتقل إلى تقصي قيم الجمال في الأحوال الشخصية، وقسمه إلى قسمين:

1- «في جانب فقه الأسرة» التي استوحى درر جمالياتها من الصداق، والزواج، والمعاشرة الزوجية، والأبناء والحفدة، ومعالجة الشقاق، والطلاق، والميراث، والعِدَّة.

2- «في جانب الآداب الاجتماعية»، واكتفى فيها بقيمتين كبيرتين في الحياة الاجتماعية: جمالية الاستئذان وجمالية الضيافة.

وفي المعاملات يسبر غور الجمال والقيم العليا في: المعاملات المالية، والتجارة، والدَّيْن، الحدود والكفَّارات، والعلاقات الدولية، والسلام، والجهاد.

فن القول

وفي آخر قسم تناول المؤلف جمالية فن القول من خلال مهارات التواصل وعنونه بـ«القرآن الكريم ومعالم التربية الجمالية في الأخلاق»، وتتبع فيه جماليات التأدب في مخاطبة الله تعالى، وفي مخاطبة الرسول  " صلى الله عليه وسلم" ، وفي مخاطبة الوالدين، وفي مخاطبة الناس عامة. وختم بجمالية الأفعال: الذوق في طريقة المشي، والإقبال على المتكلم بالوجه، والعفو عند المقدرة، والشفاعة الحسنة، وبذل المعروف.

ثم نبه قبل الختم إلى جمالية الخطاب الدعوي القائم على «الحكمة والموعظة الحسنة» و«المعرفة بمضمون الخطاب ومآل الخطاب وظروف الخطاب زماناً ومكاناً». وفي كل ذلك كان المؤلف يغذي تحريره بالاستشهاد والنقل عن الشاطبي والطبري ومحمد الطاهر بن عاشور وسيد قطب ومحمد المكي الناصري، ومسفر القحطاني وفريد الأنصاري ومحمد عمارة وفهمي هويدي، وغيرهم كثر، مما أثمر حصيلة مرجعية مهمة تفيد الباحث في الجماليات وفق المنظور الإسلامي.

لقد وفق المؤلف في اختيار الموضوع، الذي نستشف منه أن صاحبه لاحظ حدود التعامل مع النص القرآني الذي لا يفارق حدَّ القراءةِ الظاهرية والتفسيرِ البسيط والمعاملات المناقضة لجوهر نص الوحي وقيمه العليا، لذلك نقول- وبموضوعية- إن التأليف ذو راهنية ملحاحة، ولفت صريح- وبلغة جذابة- لأهمية اهتمام المسلمين بجمالية التدين في كل مناحي الحياة.

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال