السبت، 20 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

208 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

neam allah 

د.عبدالرؤوف: كن قدوة في حسن استخدام النعم بلا إسراف ولا تبذير

د.موسى فرحات: شكر النعمة مفتاح زيادتها ودوامها

د.الراوي: الفشل في إدارة النعم وعدم شكرها يؤدي إلى زوالها ورفعها

د.فاضل: لم نحسن استغلال نعمة الإعلام فأصبحت وبالًا علينا

د.شحاتة محمد: إفشاء النعم يُصلح المجتمع ويعزز الإيمان

القاهرة- عبدالله شريف:

خلق الله الإنسان وفرض عليه عبادته وحده لا شريك له، وهيّأ له ما يعينه على ذلك، فبسط له من النعم ما لا يحصى (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا)، وأوجب عليه شكرها ووعده بالزيادة إن صانها وحمد الله عليها، وبالخسران إن جحدها (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)، ودعاه إلى النظر والتفكر في كل شيء حوله، المُنَعَّم والمحروم: "اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ". فكيف نحفظ نعم الله علينا، ونؤدي شكرها، ونحسن استخدامها، بل ونقتصد في التمتع بها؟ هذا ما نتعرف إليه في السطور التالية...

بداية، يؤكد أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية د.صبري عبدالرؤوف أن الله خلق الناس لعبادته وحده لا شريك له وأسبغ عليهم نعمه الظاهرة والباطنة، وأعد للمؤمنين أجرًا عظيمًا وفوزًا كبيرًا: دخول الجنة "النعمة الكبرى"، بل والمزيد: رؤية وجه الله عز وجل، يقول الله تعالى: "ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ. لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ".

تبدل النعم

وأضاف د.صبري: يجب أن نؤمن بأن نعم الله تعالى على العبد في الدنيا لا تعد ولا تحصى، إعمالًا لقول الله تعالى: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)، بداية من نعمة الخلق في أحسن تقويم والتمتع بالصحة والعافية وكمية الأجهزة الدقيقة التي تعمل في الجسم -ولا يستطيع أي عقل حصرها- ولا تعرف هذه النعمة إلا بالمرض وتعطل أحد الأجهزة، (وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ)، مرورًا بنعمة الإسلام التي تعتبر من أعظم النعم، ونعمة الفطرة السليمة الداعية إلى كل خير والرافضة لكل الشرور، ونعمة الوسطية التي تحقق الأمن والتنمية شرط الالتزام بمصدري التشريع الكتاب والسنة، نهاية بالنعم المتفاوتة الموزعة بين البشر المسلم والكافر صغيرهم وكبيرهم وتشمل الرزق والعلم والنسب "هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"، وقوله تعالى "اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ".

وتابع: كل هذه النعم تتغير أحوالها لدى الإنسان، فالصحيح يصبح مريضًا والغني يصبح فقيرًا، وقد يُمسي الإنسان مسلمًا ويصبح كافرًا. وللحفاظ على دوام النعمة لابد من شكرها وأداء حقها؛ فالمال يستخدم في أوجهه السليمة، وكذلك الصحة والدين لابد من الالتزام بهما والالتزام بدعاء "اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك وطاعتك"، وقد يكون هناك ابتلاءات واختبارات من الله تستوجب الصبر والتمسك؛ لأن في ذلك الخير الكثير.

وأشار إلى قول الله تعالى: "إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ"، داعيًا إلى شكر نعمة الله تعالى والالتزام بمنهج النبي محمد صلى الله عليه وسلم في ذلك.

وطالب د.صبري أئمة ودعاة العصر بالحث على التمسك بالدين، ودعاء الله أن يعيد الأمة إلى رشدها، قائلًا: "الأمن والأمان نعمتان ذكرهما الله عن أهل مكة، وفقدت أغلب الدول الإسلامية هاتين النعمتين لعدم شكرهما والإحساس بهما، بل ولكثرة المعاصي والتبعية، مشيرًا إلى أن الوقت الحالي هو وقت العودة إلى الله والتمسك بكتابه والندم على ما فات والبعد عن الظلم حتى تعود النعمة من جديد.

وقال: "بالتأكيد على المسلم أن يكون قدوة في حسن استخدام نعم الله؛ فلا إسراف ولا تبذير كما نرى من شباب المسلمين، كما حثنا ديننا، ولا تضييع للصحة في كل ما يفسد، كالمخدرات والسجائر وغيرهما. وعلى الحكومات الإسلامية أن تكثف جهودها لمواجهة هذه المفسدات، كما يجب على الحكومات ألا تنفق الأموال في بناء المباني وتنظيم المهرجانات وتتغافل عن بناء الإنسان وتنشئة الأطفال على الأخلاق".

mosa farahat

شكر النعمة مفتاح زيادتها

بينما يؤكد د.موسى فرحات الزين، أستاذ الحديث وعلومه بكلية أصول الدين والدعوة الإسلامية جامعة الأزهر، أن الله أمر نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم بالحديث عن نعمه وشكرها، يقول تعالى: "وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ"، مشيرًا إلى أن شكر النعمة مفتاح زيادتها ودوامها.

وأضاف أن محمدًا صلى الله عليه وسلم أعظم الشاكرين للنعم، فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى قَامَ حَتَّى تَفَطَّرَ رِجْلَاهُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَصْنَعُ هَذَا وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟، فَقَالَ يَا عَائِشَةُ: أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا".

وأشار إلى أن سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم مليئة بالأحاديث التي تحث على شكر النعمة والحفاظ عليها، فعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ لا يَشْكُر النَّاسَ لا يَشْكُر اللَّهَ، وَمَنْ لا يَشْكُر الْقَلِيلَ لا يَشْكُر الْكَثِيرَ، وَالتَّحَدُّثُ بِنِعْمَةِ اللَّهِ شُكْرٌ وَتَرْكُهَا كُفْرٌ، وَالْجَمَاعَةُ بَرَكَةٌ وَالْفُرْقَةُ عَذَابٌ"،  وقال: "إنَّ الله يُحِبُّ أَن يَرَى آثَارَ نِعمَتِه على عَبدِه"، وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنْ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا"، وقال صلى الله عليه وسلم أيضًا: "نعمتانِ مغْبُونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصِّحَّة والفراغ"، وقال: "مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: اللَّهُمَّ مَا أَصْبَحَ بِي مِنْ نِعْمَةٍ أَوْ بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ فَمِنْكَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ، لَكَ الْحَمْدُ وَلَكَ الشُّكْرُ، فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَمَنْ قَالَها حِينَ يُمسي أَدَّى شُكْرَ ليلته".

وتابع: "علينا الالتزام بسنة الرسول حتى نحقق المنهج القويم في استقبال نعم الله علينا، ولا نكون من الذين "يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ" كما قال الله تعالى. موضحًا أن الدين والنفس والعقل والعِرض والمال هي الضروريات الخمس في الإسلام، وكل ضرورة نعمة، وكل نعمة لها ضوابط وشروط على المسلم أن يتعلمها ويحفظها، فيجب الحفاظ على الدين ومحاربة أعدائه والخارجين عليه وإبطال ما يثار من شبهات حوله، والأداء بحقه، ومعرفة نواقض الإسلام وشروطه ومحاربة البدع والإلحاد. وعن نعمة النفس، فلا يجوز الانتحار، ولا قتل النفس إلا بالحق، ولا حتى الإشارة بالسلاح إلى الغير، فضلًا عن أي وسيلة أخرى من وسائل الاشتباك والاقتتال، حتى اللفظة".

وأضاف د.موسى: "وحفظ نعمة العقل بالبعد عن إفسادها حسيًا ومعنويًا، ولذلك وضعت عقوبات على شارب الخمر ومروج المخدرات. وعن حفظ العِرض فقد خلق الله الذكر والأنثى وشرع الزواج وحرم الزنا، وما نراه من تحرش وانتشار الدعارة والمحادثات عبر الوسائل الإلكترونية المختلفة خير دليل على الكفر بالنعمة، يقول الله تعالى: "وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ"، وقوله: "وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا". أما بالنسبة إلى نعمة المال فقد وضع الإسلام نظامًا يضبط البيع والشراء، وحذر من الغش والكذب والتدليس والمغالاة (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا)، (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ)، كما وضع أوجهًا لصرف المال وأمر بالزكاة وحث على الصدقة والإنفاق للفقراء وفي سبيل الله، وعدم الاسراف: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)، (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ).. وكل ما سبق من ضوابط وشروط وسبل جاء في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد حذا الصحابة والتابعون حذوهم، وكلها من أجل الحفاظ على نعم الله التي لا تعد ولا تحصى.

الفشل في إدارة النعم يبددها

بدوره، يوضح د.محمد الراوي، أستاذ التفسير بجامعة الأزهر وعضو هيئة كبار العلماء وعضو مجمع البحوث الإسلامية، أن الله أنعم على أمة الإسلام بنعم كثيرة، إلا أن الفشل في إدارتها وعدم شكرها يؤدي إلى زوالها ورفعها، مشيرًا إلى أن بلاد المسلمين تحمل من الخير الكثير، لكن الفساد وتضييع الدين والانشغال بالنعمة عن المُنعِم عجّل بذهابها.

وأضاف: "الإسلام أعظم نعمة (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا)، واتباع الأوامر واجتناب النواهي يحقق شكر النعمة لتزيد وتنمو، بينما البعد عن الدين وتعاليمه وكثرة المعاصي والذنوب سبب زوال هذه النعم، وفي نعمة المطر مثلًا آيات كثيرة في كتاب الله، منها (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ)، وشرع صلاة الاستسقاء حال منعها، مشيرًا إلى أن في ذلك دلالة على أن العودة إلى الله سبب تدفق النعم، (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).. وبالتالي فإن شكر النعمة يزيدها، وقد جاءت آيات في كتاب الله واضحة مباشرة لا تحتاج إلى تفسير، يقول الله تعالى: (لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ)، (بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ).

وتابع د.الراوي: هناك ضوابط في شكر النعمة، أولها نسبها إلى الواحد الأحد، وألا ننشغل بالنعمة عنه سبحانه، وألا ننسى حقه، وأن نتحدث بها بين الناس؛ فالشكر يكون بالعمل وليس فقط قولًا باللسان، قال الله تعالى: (يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ).

وأضاف أن هناك دولًا غير إسلامية سارت على نهج شكر النعمة فحافظت على مواردها ووضعتها في محلها وحاربت الفساد والمفسدين وقدَّرت الإنسانية والصحة ولم تهدر الوقت، ومن ثم حكموا الأمم، ونحن المسلمون تجاهلنا التعاليم، بل وكفرنا بالنعمة، فوصل حالنا إلى ما نحن عليه.

نعمة الإعلام

أما د.عبدالصبور فاضل، عميد كلية الإعلام بجامعة الأزهر فيقول: للأسف وسائل الإعلام الجماهيرية المختلفة أبرز دليل على كفر النعمة، فعندما يسّر الله سبل التواصل بين الناس وصلة الأرحام ونشر المعلومات والدعوة إلى الله، حتى أصبح العالم قرية صغيرة كما يقولون، وأصبح من الضروري على بني الإسلام نشر الدعوة كما فعل أجدادهم الذين نحتوا في الصخر وعُذبوا من أجل الرسالة، تجدنا نستخدمها في نشر الأكاذيب والتشويه.

وأضاف: لم نحسن استغلال نعمة الله علينا فأصبحت وسائل الإعلام العربية أكثر ضررًا على عقل المسلم -إلا ما رحم ربي- فامتلأت عقول الشباب بالأفكار الإلحادية الوافدة التي تهدم الدين، وقلّت البرامج الدينية الوسطية وكثرت قنوات الأغاني والأفلام، بل وقلت الوسائل التي تبني وتنمي العقل وتحث على الخير (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)، وعَنْ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا تُؤْذُوا عِبَادَ اللَّهِ وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ وَلَا تَطْلُبُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ طَلَبَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ طَلَبَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ فِي بَيْتِهِ".

وطالب د.عبدالصبور بالعودة إلى الصواب وتحقيق شكر نعمة التواصل بإغلاق قنوات المفاسد، ونشر كل ما يعين على الوحدة ويقوي أواصر التعاون بين البلاد العربية والإسلامية ومحاربة التطرف، إضافة إلى دعم الوسطية.

وأشار إلى ضرورة الاهتمام بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث أصبح أكثر العامة جاهلين بأمور دينهم، مشيرًا إلى أن ذلك من حسن استغلال النعمة التي يثاب عليها المرء، فضلًا عن التخفيف من حدة الصراعات المذهبية والعمل على إطفاء نار الفتن وليس إشعالها.

كما طالب بالالتزام بضوابط شكر النعمة في الإعلام، وهي عدم التسرع في نشر الشائعات وعدم تضييع أوقات المتابعين، والتذكير بمواعيد الصلاة في وقتها حتى لا يتأثر المتابع ويتغافل عن أدائها، وعدم تشويه الناس. ولفت إلى حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ, لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا, وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ, لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أوزارهم شَيْئًا"، وقول الله تعالى: (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

وأشار إلى أن من الأحاديث التي يجب على الإعلاميين التنبه لها جيدًا: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ"، موضحًا أن الصمت أصبح واجبًا في ظل الكلام الكثير الذي لا فائدة فيه والذي يضر أكثر مما ينفع.

 

إفشاء النعم صلاح المجتمع

وأخيرًا، يؤكد د.شحاتة محمد، أستاذ علم الاجتماع بجامعة حلوان، أن الإسلام حثّ على التفكر في نعم الله التي لا تحصى، كما أمر بشكرها والعمل على إفشائها، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الكثير من ذلك، موضحًا أن الحديث عن النعم بين من الأمور التي تنشر البهجة في المجتمع، خاصة أصحاب القلوب السليمة، وربما تكون سببًا لإيمان أحدهم.

وأضاف: "من نعم الله علينا الأمة الواحدة التي يربطها كتاب واحد، ومن نعم الله أن أخبرنا بطرق التواصل مع بعضنا البعض، فنعلم أن إفشاء السلام وإطعام الفقراء وعدم الغيبة والنميمة وشكر الناس والتعامل بلين وعدم الغلظة يساعد على التقارب والتآلف الاجتماعي، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لا يَشْكُر النَّاسَ لا يَشْكُر اللهَ". ومن نعم الله الحث على تكوين الأسرة والزواج في سن مبكر عفة للنفس ولحمايتها من الوقوع من الزنا.

وتابع: ينبغي التفكر في نعم الله علينا، فهي مرتبطة كثيرًا بعلم الاجتماع، فلو نظرنا إلى نعمة الإيمان نجد الملحد المتخبط في أفكاره يكون عقله مثل الساقط في بئر يحتاج إلى من ينتشله، وتجده كارهًا للناس منعزلًا ودائمًا ما يحمل السب والشتائم للملتزمين، ما يخلق حالة من الانقسام في المجتمع وربما يؤدي إلى حرب أهلية".

 وأضاف: المحروم من نعمة السمع أو البصر أو فقدان أحد الأطراف، أو ذوو الاحتياجات الخاصة، يشعر حقيقة بتلك النعمة، والأحرى بنا نحن أصحاب الجسد السليم أن نشكر هذه النعم. متابعًا: بعض المحرومين يكونون أقرب إلى الله بفعل صبرهم وإيمانهم بقضاء الله.

وتابع: الضيق الذي يخنق روح المسلم عندما يرتكب معصية إشارة له أنه لم يعط النعمة حقها واستخدمها في غير موضعها، وهذا الضيق والضمير إذا لم يردع المسلم فإنه يصبح بمرور الوقت شيئًا عاديًا وتستباح المعاصي وتُكفر النعم.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال