الخميس، 18 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

51 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

Untitle ntitle

عبدالله شريف – القاهرة:

لم يكن المسجد في يوم من الأيام مكانا لأداء الصلوات فحسب، بل كان إضافة إلى ذلك مركزا لخدمة المجتمع ورفده بالسلوكيات القويمة، وإعداد أجيال تجمع بين الدين والدنيا، العلم والثقافة، جلاء الروح وصقل النفس مع تحصيل أسباب الدنيا وإعمارها.

وفي شهر الخير، الذي أنزل فيه القرآن، تستعيد المساجد ألقها، وتمتلئ بعمارها، فتفيض عليهم من خيرها، فلا يخرجوا منها إلا وقد زكت نفوسهم، وتبصروا في شؤون دينهم ودنياهم، فيستقيم المجتمع ويعرف سبيل الخلاص من شوائبه.. هذا ما يؤكد عليه عدد من العلماء حول أهمية المسجد في التنشئة الاجتماعية؛ لنتابع.

بداية؛ يؤكد د. محمد مهنا، مستشار شيخ الأزهر، المشرف السابق على الرواق الأزهري، أن المسجد هو «أعظم مدرسة عرفتها البشرية»، مشيرا إلى أن التنشئة في المساجد أثمرت الكثير من قادة العالم الإسلامي الذين جابوا الدنيا بالعلم والخير والحق، مضيفا أن حرص الآباء على ربط أطفالهم بالمسجد واجب ديني واجتماعي، لأنه يسهم في ترك أثر قوي داخلهم يقوم سلوكهم الاجتماعي، ويصلح علاقتهم مع خالقهم، فالمسجد كفيل بإصلاح العلاقة مع كل الناس إذا ما صلحت العلاقة بينك وبين ربك.

مسار حياة

ويصف مهنا مفهوم المساجد، مؤكدا أنها أشمل وأوسع من كونها مجرد بيت للصلاة والتجمع لأداء العبادات، بل هي مواقع للجهاد والعلم وتسيير حياة الناس، فلم يكن المسجد في يوم من الأيام منفصلا عن واقع الناس وحياتهم وتفاصيل معيشتهم، بل ظل دوما المصحح لمسار حياتهم، وعلاقاتهم البينية، ومقوما لأي خلل أو اعوجاج.

وأشــــــار إلى أن المسجد هو المحدد الحقيقـــي لـ «هوية المسلم»، التي تميزه عن غيره من الثقافات، يخرج من بيته إلى مسجده يتعلم ليصبح إنسانا صالحا، محبا لوطنه ومجتمعه، فاعلا للتغيير القويم، تعكس أخلاقه مصداقية صلته بربه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «البر حسن الخلق» (صحيح مسلم)، وقال أيضا: «ما اجتمع قوم فى بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده» (أخرجه أبو داود).

وتابع قائلا: «نواجه الآن جيلا شرسا مشوها لم يتعلم في البيت أو المسجد أو المدرسة أي شيء يعكس هويته، كل ثقافته وتعليمه مقتبس من الإنترنت والفضائيات»، لذلك يجب إعادة النظر في منظومة الأخلاق في المجتمع العربي، بأن يعود المسجد لقيادة المجتمع، فمن خلاله يمكن ضبط الأطفال وتهيئتهم نفسيا وتفهيمهم المراد من الدين الإسلامي، وكيف يخرجون للحياة مفيدين لدينهم ومجتمعهم ووطنهم وللإنسانية جمعـــاء، فقد ربى الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه في المسجد، وعلمهم وهذب سلوكياتهم، فخرجوا قادة للعلم والرأي والجهاد، ونحن في الأزهر الشريف نحاول من خلال مشروع الرواق الأزهري إحياء دور المسجد، ليكون مصلحا للمجتمع.

أدوار عديدة

في السياق ذاته، قال د. عبدالمنعم فؤاد، عميد كلية العلوم الإسلامية للوافدين، والمشرف الحالي على رواق الأزهر، إن الله نسب المساجد إلى نفسه في القرآن الكريم، فقال سبحانه: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (الجن:18)، وهذا تشريف وتكريم وتعظيم لبيوت الله، وبالتالي لدورها العظيم على مدى التاريخ.

ووصف المساجد «بـالمؤسسة الدينية المركزية»، فحولها تدور كل مؤسسات المجتمع الأخرى، فيها تزرع روح الأخوة بين الناس، وشتى الأخلاق الحميدة، فهي أساس حياة المسلم، بيوت الله في الأرض، ومدرسة العلم ومشفى الأبدان، ملتقى العلماء، ومنصة إعلان لكل ما يهم الفرد والمجتمع.

ويمكن تلخيص دور المسجد على مدار التاريخ في خمسة أمور: الأول أنه كان مكان التعليم الأول، يأتي إليه المسلمون للنهل من العلم الشرعي وتعليم الأطفال أساسيات الدين، وفي العصر الحالي لا يمكن القول إن المسجد هو المكان الوحيد الذي يعلم الأجيال أساس الدين، لكن دوره ما زال قائما، من خلال خطب الجمعة وحلقات العلم، خاصة مع انشغال الناس في أمور الدنيا.

أيضا للمسجد دور مهم في الرعاية الاجتماعية، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الصدقة ويأمر بالزكاة ويجمع الغنائم ويفرقها في المسجد، وفي الوقت الحالي تنتشر الجمعيات الخيرية وأماكن جمع الصدقات والزكاة الرسمية، لكن يمكن حث النشء على الصدقة في المسجد لإعمار بيوت الله، أو مساعدة المحتاجين لكي نزرع فيهم حب الخير والعطاء.

أيضا كانت المساجد في العصور الأولى للإسلام مكانا لاستقبال جرحى الحروب والمصابين، فكان يؤدي دور المستشفى، أيضا استخدمت المساجد في عقود الزواج حتى اليوم، وإصلاح ذات البين، كما كانت ملاذا لقضاء حوائج الفقراء، وهو الأمر الذي تقوم به الآن مؤسسات أخرى.

وطالب فؤاد بتعظيم دور المسجد في نفوس الأبناء وتنشئتهم على حب الذهاب والصلاة في جماعة.

داخل المسجد وخارجه

أما د. أحمد زايد، أستاذ علم الاجتماع، فيقول: إن من بين الأدوار الاجتماعية للمسجد تقوية الوازع الديني لدى الفرد ما يجعله ملتزما بقيم عظيمة أصيلة تدعوه لحماية الدين والوطن، والحفاظ على البشرية والإنسانية كلها.. فهذا الوازع الديني هو إستراتيجية ضبط لمقاومة أي انحراف، فكما ينبغي أن تضبط سلوكياتك عند دخول المسجد، أيضا فمن ثمار المسجد على الإنسان أن يضبط نفسه وسلوكياته تجاه مجتمعه، ففي الحديث الذي رواه عبدالله بن عمرو بن العاص: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويـــده، والمهـــــاجر من هجر مـــــا نهى الله عنه» (البخاري ومسلم).

وتابع د. زايد أن دراسات كثيرة أجريت على تأثير المسجد على أفراد المجتمع، يمكن تلخيصها في أن انعكاس الأخلاق في المسجد على خارجه، وضرورة الالتزام، ومساعدة المحتاج وغض البصر وحماية المرأة والإحسان إلى الغير، وعدم كراهية الآخر.. منذ الصغر يسمع الطفل هذه التوجيهات، فتتكون لديه شخصية وهوية مسلمة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتحب الخير وتسعى إليه طالبة الأجر من الله، لكن في العصر الحالي هناك تقصير كبير من جانب من يوصل هذه التوجيهات من أئمة المساجد، الذين ينبغي أن يكونوا قدوة، وقادة يستطيعون التأثير وتوصيل الإسلام الحقيقي، وطالب د. زايد المؤسسات الدينية بالعمل على تكثيف المحاضرات والاجتماعات حول تعليم الشباب كيفية التسامح والتعاون وأن تنعكس قيمنا على سلوكياتنا خاصة في تعاملنا مع الغير، وفي ذلك إنماء للمجتمع وتقوية للحمته.

وأكد أن للمسجد آثارا على داخليه يجدها المصلي مثلا في سلوكياته، فالهدوء وخفض الصوت وتقديم الكبير والنظافة الشخصية، كلها من السلوكيات الحميدة التي تنعكس على المجتمع بصورة إيجابية.

كما أن المسجد مكان للتعارف وتبادل الثقافات وتبادل الرأي حول أمور شرعية، وهذا يعظم فكرة الاختلاف وقبول الآخر وألا فرق بين مسلم وآخر إلا بالتقوى والعمل الصالح، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (الحجرات:13).

ودعا أستاذ الاجتماع الآباء إلى تعويد أبنائهم على الذهاب إلى المساجد ليتعلموا الخصال الحميدة ويجتمعوا على الخير، مشيرا إلى أن على وسائل الإعلام مواجهة الأفكار التي تخوف من المساجد.

تسامح وانتماء

في سياق متصل، أكد د. محمد الفاتح، أستاذ علم النفس بجامعة الأزهر، أن المسجد هو المربي الثاني لنفسية الأطفال بعد الأسرة، من خلاله يخرج الطفل سويا عاقلا، مشيرا إلى أن الأئمة والعاملين في المسجد إذا قاموا بدورهم على أكمل وجه فسيخرج الطفل والإنسان عامة سويا مفيدا لمجتمعه.

وتابع: «في الوقوف بين يدي الله راحة خاصة حين ينثر الفرد حموله وهمومه، ويترك الدنيا وراءه وهذه مشاعر علينا تعويد الشباب عليها، عندما تأتي الدنيا على أحد فلا يجد أمامه إلا المسجد للتقرب من الله، والتضرع بين يديه، وارتباط الشاب بذلك يجعله يصبر على كل متاعب الدنيا، ويجب على الآباء أن يربوا أبناءهم على حب المساجد، بداية من سماع الأذان والتبكير بالذهاب إلى المسجد وتعلم السكينة والوقار، وإجلال الكبير، وخفض الجناح للمسلمين».

وأشار د. الفاتح إلى أنه بداية من الخروج من المنزل لأداء الصلاة وحتى العودة إلى البيت يربي ذلك في الشاب نفسية سليمة تدعو إلى الخير، فيترك كل شيء من أجل الله، يتطهر ويحسن مظهره، يـــــــذهب إلى لقــــاء ربه، يتعلم القرآن ويتدارسه، يسمع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحرص على الامتثال لما فيها من أوامر ونواه.. كل ذلك يعين النفس على حب الدين والمسجد، والتكافل ونشر المحبة والتسامح بين الناس، وإذابة الشحناء ونبذ الفرقة والتعصب.. ذلك أن المسجد يخلق في النفس الشعور بالسكينة والهدوء وراحة البال، والإحساس بالقوة وبالجماعة حوله والانتماء للجماعة، فضلا عن تأصيل مفاهيم الرحمة والرفق والعدل.

وأكد أن المسجد يدرب الأطفال على المشاركة الاجتماعية وتعليم أخلاق الشجاعة والتواصل، كذلك الترتيب والتنظيم والحفاظ على المظهر من خلال رؤيته تراص الصفوف وترتيب المصاحف، كما يتعلم من اتباع الإمام فيما يقوله، لأنه قائد المكان ويتعلم احترام الكبير وآداب سماع القرآن والأحاديث، كذلك يستشعر مراقبة الله له وتحذيرات الناس له من التصرفات الخاطئة فتكمن في نفسه.

وطالب بتهيئة الطفل نفسيا لحب الذهاب إلى المسجد، وسرد أهم الأحداث التي شهدها وكيفية البناء والتزيين، فضلا عن ربط الذهاب إلى المسجد بشيء يحبه كالذهاب للأقارب أو شراء حلوى، مع ضرورة تعليمه آداب المسجد.

في معية الصالحين

أخيرا، يؤكد د. عبدالصبور فاضل العميد السابق لكلية الإعلام بجامعة الأزهر، أن المسجد كان المنبر الصادق لاستقاء المعلومات في وقت كانت تنتشر فيه الشائعات في مجتمع المدينة المنورة، فكان الخبر اليقين يعلن في المسجد، كان أداة دقيقة لتوصيل المعلومة للناس، مشيرا إلى أن دوره تراجع كثيرا في العصر الحالي لأسباب كثيرة.

وأضاف: «المنبر وسيلة شديدة القوة والأهمية لتنشئة الأجيال، لذا علينا تهيئة الأئمة والعلماء لكيفية إيصال المعلومات الشرعية الصحيحة لهم، وعلى الأئمة أن يحببوهم في المسجد، وأن يتعلقوا بإمام يعلمهم الخير ويدعوهم إليه ويجيب عن تساؤلاتهم بعلم وصدق».

وأضاف: إن المسجد من أهم المؤسسات التي تؤثر على الشباب وقادرة على رفع وعيهم بشكل أفضل وأسرع من وسائل الإعلام، لأن عملية التواصل في المسجد تتم بشكل مباشر.

وطالب الإعلام بأن يوجه للآباء حملات اجتماعية تثهم على اصطحاب الأبناء إلى المساجد والفوائد التي تعود عليهم من خلال ذلك وهي كثيرة، منها تعليمهم مبادئ الدين الحنيف ووحدة المسلمين في الصلاة أمام رب واحد بحركات وأذكار واحدة.. مشهد اصطفاف لا فرق بين شخص وآخر إلا بالتقوى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى» (صحيح البخاري).

وقال: إن تعويد الطفل على ارتياد المسجد منذ الصغر يجعله يواظب عليه في الكبر، ويتعلق قلبه به حتى يدخل في زمرة من يظلهم الله في ظله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليــــــه والــــــذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة الله تعالى، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله: اجتمعا عليه، وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب، وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه» (البخاري ومسلم).

وأضاف د. عبدالصبور الشباب الآن يفتقدون مبادئ الثقافة الدينية السليمة، يأخذون من هنا وهناك معلومات خاطئة غير موثقة، وحضور الطفل دروس العلم في المسجد وحلقات تحفيظ القرآن ينمي لديه ثقافة تحميه من الغلو والتطرف والتفريط أيضا.. كما يجنبه رفقة السوء ويجعله في معية الصالحين.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال