الجمعة، 19 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

26 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

Quran 002 1366x768 1

د. أشرف زاهر محمد - أستاذ مشارك بكلية العلوم الإسلامية – جامعة المدينة العالمية - ماليزيا:

القرآن الكريم هو حبل الله الممدود إلى خلقه، فبقدر إقبالهم عليه يكون إقبال الله عليهم، ولذا فإن حظ الإنسان في الجنة بقدر حظه من القرآن. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يقال لصاحب القرآن: اقرأ، وارتق، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلك عند آخر آية تقرأها»(1).

والقرآن هو معجزة الإسلام الباقية إلى يوم القيامة، كان، ومازال، مقصد الناس؛ يرومون فيه الهداية من الحيرة، ويبتغون فيه الرشاد من الزيغ. ومما يشرح الصدور ويبهج القلوب في عصرنا اهتمام المسلمين بحروف القرآن اهتماما بالغا، كطباعته في مصاحف فاخرة، وتشييد الدور لحفظه وتلاوته، ورصد الجوائز للتنافس في ذلك المضمار. بيد أن الاقتصار على مثل هذه المظاهر وحدها لا تبرأ به ذمة المسلمين، ولا يرفع عنهم مسؤولية هجرانه من كل جانب؛ فهجر القرآن لا يقتصر على ترك تلاوته أو حفظه؛ بل للهجر أنواع كثيرة؛ ذكر ابن القيم منها خمسة، وهي: هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه، وهجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه وإن قرأه وآمن به، وهجر التحاكم إليه في أصول الدين وفروعه، وهجر تدبره وتفهمه، وهجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها فيطلب شفاء دائه من غيره. وكل هذا داخل في قوله تعالى: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} (الفرقان:٣٠)(2).

وقد أبصر سلف الأمة تلك الحقيقة، فكانوا كما قال عبدالرحمن السلمي: «كنا نتعلم العشر من القرآن، لم نتعلم العشر التي بعدها حتى نتعلم حلالها وحرامها، وأمرها ونهيها»(3)، والروايات المفيدة لتأنيهم في الحفظ كثيرة؛ وليس ذلك التأني دليلا على ضعف عنايتهم بالقرآن؛ بل لأنهم عايشوا القرآن؛ تدقيقا وتطبيقا، فتعلموا القرآن والعمل جميعا.

وبهذا الفهم الرشيد ملكوا العرب ودانت لهم العجم، وفتحوا ممالك الدنيا، فلم يصلوا إلى كسرى وقيصر بنسخ جيدة من المصحف الشريف، أو بأسطوانات المصحف المرتل! كلا.. بل ذهب إليه قوم على درجة مذهلة من وعي القرآن، والاهتداء بأنواره، طهروا له وبه قلوبهم، وتعلقوا به حتى لامس شغاف قلوبهم، وخالط لحمهم ودمهم، فلما بلغوا تلك المكانة السامية في معايشة القرآن سادوا الأمم قاطبة، ولذا وجب علينا البحث في موروثنا وتاريخنا عما يعيننا على التأثر بالقرآن، ومعايشته كما كان سلفنا، ولعل مما يحقق بغيتنا:

1- تهيئة النفوس لمعايشة الحالة الإيمانية التي يتم بها الفهم والتدبر، والتعامل مع القرآن الكريم بكل المشاعر والأحاسيس. يقول الله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} (الزمر:٢٣)، ومما يحقق ذلك حفظ الآيات في الصدر، ومرافقة أهل الصلاح، وعدم الانشغال بأي شاغل أثناء التلاوة، وألا يكون هم القارئ كثرة القراءة، والاعتناء بمعاني القرآن وترديد آياته للتدبر والتأثر، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قام بآية يرددها حتى أصبح(4).

2- أن نحسن نظرتنا إلى القرآن، فنعتقد فضله على سائر علوم وفنون البشر، بل وعلى سائر الكتب السابقة. ويكفينا أن نطالع شهادات فلاسفة من غير العرب بحثوا عن الحقيقة بإنصاف وموضوعية فاهتدوا للإسلام من خلال القرآن، ومن ذلك قول الفيلسوف الفرنسي جرينييه الذي كان عضوا في مجلس النواب الفرنسي، وقد سئل عن سبب إسلامه فقال: «إنني تتبعت كل الآيات القرآنية التي لها ارتباط بالعلوم الطبية والصحية والطبيعية، والتي درستها منذ صغري، وأعلمها جيدا، فوجدت هذه الآيات منطبقة كل الانطباق على معارفنا الحديثة، فأسلمت؛ لأنني تيقنت أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بالحق الصراح من قبل ألف سنة.. ولو أن كل صاحب فن من الفنون، أو علم من العلوم، قارن كل الآيات القرآنية المرتبطة بما تعلم جيدا كما قارنت لأسلم بلا شك، إن كان عاقلا خاليا من الأغراض»(5).

ويقول إبراهيم خليل أحمد (وكان قسا يعمل في التنصير): «القرآن الكريم يسبق العلم الحديث في كل مناحيه: من طب وفلك وجغرافيا وجيولوجيا وقانون واجتماع وتاريخ... ففي أيامنا هذه استطاع العلم أن يرى ما سبق إليه القرآن بالبيان والتعريف»(6).

ويقول المستشرق شيبس إن: «القرآن هو كلام الله تعالى.. وليس في استطاعة محمد، ذلك الرجل الأمي في تلك العصور الغابرة، أن يأتينا بكلام تحار فيه عقول الحكماء، ويهدي به الناس من الظلمات إلى النور، وربما تعجبون من اعتراف رجل أوروبي بهذه الحقيقة، لا تعجبوا فإني درست القرآن فوجدت فيه تلك المعاني العالية والنظم المحكمة، وتلك البلاغة التي لم أر مثلها قط، فجملة واحدة تغني عن مؤلفات»(7).

وتقول الباحثة البولونية يوجينا غيانة ستشيجفسكا: «إن القرآن الكريم مع أنه أنزل على رجل عربي أمي، نشأ في أمة أمية، فقد جاء بقوانين لا يمكن أن يتعلمها الإنسان إلا في أرقى الجامعات»(8).

3- الشعور بأن هذا القرآن موجه لكل واحد منا، وأنه يخاطبنا لنعرف حقيقة أنفسنا، وحقيقة الكون والدنيا التي نحياها، والمصير الذي ينتظرنا لا محالة، ولو أننا تجولنا في كل واد نبحث عن هذه الحقائق فلن نجد الجواب عند المنظرين ولا الفلاسفة، بل نجده في كتاب الله.

4- الالتفات إلى الأهداف الأساسية للقرآن من: الهداية، وبيان التوحيد، والأحكام الشرعية، وما يصلح أحوال الناس، ويقيم الأمة المسلمة التي تقود الدنيا برسالة القرآن في معركتها مع الشيطان وأتباعه، كما ينبغي أن نحرر النصوص القرآنية من قيود الزمان والمكان؛ فهو كتاب شامل، ومنهج حياة متكامل لكل زمان ومكان، وهو كفيل بضمان حياة آمنة راغدة لكل البشر. يقول ليوبولد فايس (النمساوي الأصل الذي اعتنق الإسلام وتسمى باسم محمد أسد): «القرآن الكريم جاء ليحل مشاكل العالم الحالية والمستقبلية.. أيا كان نوع هذه المشاكل ومهما كانت مستعصية»(9).

بمثل تلكم المعايشات مع كتاب الله يمكننا، برحمة الله ورضوانه، أن نصل إلى خالقنا فنفوز فوزا عظيما، وتصل أمتنا إلى ما تصبو إليه من حياة عزيزة في الحال والمآل، وتحظى بخيري الدنيا والآخرة.

الهوامش

1- أخرجه أبو داود برقم 1464، والترمذي برقم 2914، وقال: حسن صحيح.

2- الفوائد لابن القيم، ص:82، دار الكتب العلمية، بيروت، ط. الثانية، 1393هـ.

3- أخرجه عبدالرزاق الصنعاني في المصنف برقم 6027.

4- أخرجه النسائي برقم 1010، وابن ماجه برقم 1350.

5- أوروبا والإسلام، د. عبدالحليم محمود، ص:87-88، دار المعارف, ط. الرابعة.

6- محمد في التوراة والإنجيل والقرآن، إبراهيم خليل أحمد، ص:47-48، مكتبة الوعي العربي، ط. الثانية، 1965م.

7- المستشرقون والقرآن الكريم في المراجع العربية، د. علي بن إبراهيم النملة، ص:31، بيسان، بيروت، ط. الأولى، 1431هـ/2010م.

8- المرجع السابق، ص:46.

9- الإسلام على مفترق الطرق، ص:6، محمد أسد، دار العلم للملايين، بيروت، ط. السابعة, 1984م.

 

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال