الجمعة، 19 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

76 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

MS MODERAT24

حمزة بالقروية - باحث في الفكر الإسلامي:

كلنا نقر ونشهد أنه لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وهذه الشهادة هي الفيصل بين المسلم وغير المسلم، بل هي الركن الأول في الإسلام ومن نطق بها بيقين وتصديق أصبح ينتمي إلى أمة الإسلام.

ولكن إذا بحثنا عن الإسلام في حياة المسلمين، اصطدمنا بالحقيقة المؤلمة والتي لا مفر منها وهي أننا مسلمون اسما وبلا إسلام واقعا، بل إذا أتينا بشخص محايد وقدمنا له مجموعة من الكتب حول الإسلام ومقاصده ومعانيه، ثم قلنا له: قارن ما قرأت بواقعنا نحن وحياتنا. فإنه سيجيبنا قطعا بأننا لا نمثل ما استنتجه من قراءته بل يمكنه القول بأن واقعنا هو نقيض ما قرأ، وهذا ما جعل المفكر والفيلسوف الفرنسي روجيه جارودي يقول بعد إسلامه: «الحمد لله الذي عرفني بالإسلام قبل أن يعرفني بالمسلمين»، وهذه المقولة تصف حالنا اليوم وتنبهنا بالتمزق الذي حصل بيننا نحن المسلمين وبين حقيقة رسالة الإسلام.

فالمسلم هو من استسلم وخضع لله ورضي بأمره وحكمه قولا وعملا، ومشكلتنا نحن اليوم أننا جعلنا مفهوم الإسلام يقف عند القول، وأهملنا الجانب العملي، فغاب الإسلام في سلوكنا وتعاملنا فيما بيننا وفي تعاملنا مع الآخر.

وقد تجد كثيرا من المسلمين يحدثونك عن الإسلام ومقاصده، ولكن إذا نظرنا إلى أعمالهم ونظام حياتهم وجدنا العكس تماما، بل نقيض ما يقولون، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عندما سأله الصحابي سفيان بن عبد الله أن يقول له في الإسلام قولا لا يسأل عنه أحد غيره فأجابه صلى الله عليه وسلم بمعنى شامل ومختصر: «قل آمنت بالله، ثم استقم»، والاستقامة أن نلتمس الإسلام في أقوالنا وفي أعمالنا وحتى في أفكارنا لا تفريق بينهم، فعندما أصبح الإسلام عندنا شعارا دون عمل، وأقصيناه من واقع الحياة أصبحنا أمة متخلفة حضاريا وعلميا وأخلاقيا، ولا يكون الحل إلا أن نعيش بالمعنى الحقيقي للإسلام، ونجعله نظاما شاملا لكل مجالات الحياة.

نشرت منظمة الصحة العالمية تقريرا حول استهلاك الكحول لعام (2014م)، والمفاجئ في هذا التقرير أن الدول الإسلامية هي في صدارة الترتيب من حيث الاستهلاك، والمعلوم لدى جميع المسلمين أن شرب الخمر حرام بالنص القرآني، وأكدت السنة النبوية هذا الحكم أيضا، أفلم يقل لنا الله عزوجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ} (المائدة: 90-91)، وجاء في الحديث النبوي الذي رواه الإمام أحمد في مسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مدمن الخمر إن مات لقي الله كعابد وثن»، ولا أحد منا ينكر أو يجهل هذه الآية وغيرها من الأحاديث النبوية التي تؤكد على حرمة شرب الخمر، ومع ذلك يقبل عليها كثير من المسلمين.

فعندما بدأت البحث عن السبب وطرحت السؤال على نفسي لم أجد إلا إجابة واحدة تفسر هذا الواقع وهي أننا لم نأخذ ديننا بجدية وبقوة، ولهذا قال لنا الله عزوجل منبها لهذا الأمر: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} (مريم: 12) ويقول العلامة الطاهر بن عاشور معلقا على هذه الآية في كتابه التحرير والتنوير: «والأخذ: مستعار للتفهم والتدبر، كما يقال: أخذت العلم عن فلان، لأن المعتني بالشيء يشبه الآخذ. والقوة: المراد بها قوة معنوية، وهي العزيمة والثبات. والباء للملابسة، أي أخذا ملابسا للثبات على الكتاب. أي على العمل به وحمل الأمة على اتباعه، فقد أخذ الوهن يتطرق إلى الأمة اليهودية في العمل بدينها».

وذكر الله لنا قصص الأمم الأخرى للاعتبار بها ولعدم الوقوع في نفس الأخطاء وهنا الخطر الكبير وهو أن نأخذ ديننا بضعف ووهن مع الفصل بين مفهوم الإسلام ورسالته وبين واقعنا وأعمالنا.

يقول الشيخ محمد الغزالي: «ليس الإسلام طلقة فارغة تحدث دويا ولا تصيب هدفا، إنه نور في الفكر، وكمال في النفس، ونظافة في الجسم، وصلاح في العمل، ونظام يرفض الفوضى، ونشاط يحارب الكسل، وحياة فوارة في كل ميدان».

وهذه هي حقيقة الإسلام التي يجب علينا كمسلمين الالتزام بها وجعلها منهاجا لحياتنا.

وتعتبر هذه المخالفات بعض آثار الفصل الذي نعيشه بين الإسلام وسلوكياتنا فأصبح مفهوم الإسلام عندنا مقتصرا على القول، وغائبا في الأعمال، وأكد على هذا المعني الإمام الآجري في كتابه «الشريعة»، حيث نقل ما قاله الإمام البخاري رحمه الله: «لقيت أكثر من ألف رجل من أهل العلم - ثم ذكر بعضهم، ثم قال:- فما رأيت واحدا منهم يختلف في هذه الأشياء: إن الدين قول وعمل».

فلابد لنا أن نوقف هذا النزيف ونعود جميعا إلى الله ملتزمين بشريعته في أنفسنا كأفراد وفيما بيننا كجماعات، وعلينا أن نأخذ ديننا كاملا كما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم دون الفصل بين أجزائه، فإننا نحن المسلمين اليوم في حاجة ماسة للإسلام حتى يستقيم حالنا، ونبني حضارتنا من جديد، ونؤدي رسالة الإسلام، ونقيم شريعة الله في الأرض.

فعندما لم نأخذ القرآن والسنة بجدية وبصدق انحرفنا عن الطريق الصحيح، واتبعنا طريق الشهوات والهوى، كثير منا يقرأون القرآن ويحفظونه، ولكن لا يقفون على معانيه، ولا يعملون به، بل يمرون عليه مرور الكرام، وهنالك من جعل القرآن في الرفوف لا نلجأ إليه إلا في المناسبات ولقراءته على الأموات، ونسينا أن القرآن أنزل علينا لنعيش به وننطلق بمعانيه في الحياة ونعمل به، فهو الكتاب الخالد الذي وعدنا الله بحفظه، وأمرنا بإقامة حدوده وتطبيق ما فيه من أحكام وتشريع والالتزام بآدابه والعمل بأوامره وترك نواهيه، فالقرآن ليس كلاما يقرأ، بل هو منهاج حياة، لا يمكن فصله عن الواقع.

وفي الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عندما سئلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم قالت: «فإن خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن» فقد كانت حياته تطبيقا وترجمانا لما جاء في القرآن الكريم، ومن هنا نفهم أن السنة النبوية لا استغناء عنها ولا فصل بينها وبين القرآن فهي تفسير لأحكامه وتطبيق لمعانيه مع انفرادها في التشريع بأحكام لا ترد في القرآن.

وقد فهم الصحابة الكرام هذا الأمر وارتقوا إلى هذه الدرجة من اليقين والتطبيق، وقد ثبت عن ابن عمر رضي الله عنه بإسناد صحيح متصل أنه مكث أربع سنوات في تعلم سورة البقرة، وهو ما رواه ابن سعد في «الطبقات الكبرى»، فقد كان رضي الله عنه لا يمر من آية إلى التي تليها حتى يفهم معناها ويتعلم حكمها ويعمل بها.

وكانت همة الصحابة رضوان الله عليهم في فهم القرآن والعمل به، ويظهر ذلك في قول التابعي الجليل أبي عبد الرحمن السلمي: «حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن أنهم كانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يعلموا ما فيهن من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا العلم والعمل جميعا»، وهذا ما نحتاجه اليوم في واقعنا أن نأخذ القرآن والسنة بالعلم والعمل، وأن تكون سلوكياتنا تطبيقا عمليا للإسلام، لأن الصحابة عندما فهموا هذا الأمر خرجوا للحياة بقوة ونشاط، فأقاموا أعظم حضارة عرفها التاريخ، وكانوا خير أمة أخرجت للناس.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال