الجمعة، 29 مارس 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

452 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

0147 n

د. سعد عبدالله الجدعان – باحث اكاديمي:

إن للأخلاق الفاضلة أهمية عظمى في حياة الإنسان فهذه الأهمية أي أهمية الأخلاق تفوق أهمية الأكل والشرب لأن سعادة الفرد في الدنيا تكون بحسن خلقه بين الناس ويأنس بها يوم لقاء ربه، والإنسان الذي يعيش بدون أخلاق تجد شره أكثر من خيره، والإسلام حث على مكارم الأخلاق ومدحها، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: «لم يكن النبي فاحشا، ولا متفحشا، وكان يقول: إن من خياركم أحسنكم أخلاقا» (1).

إن المسلم المتأدب بالأخلاق الفاضلة قريب من الرحمن.

إن خلق المسلم في التعامل مع الناس يأتي تبعا لخلقه في تعامله مع الله عز وجل فإن كان متبعا لشرع الله ملتزما به انعكس ذلك في تعامله مع الناس. ومن الأخلاق التي دعا الإسلام وحث عليها حسن التعامل مع العمال والخدم لقد عني الإسلام العظيم بالخدم أشد العناية وحفظ لهم كرامتهم وآدميتهم وجعلهم أخوة لنا، فعن المعرور قال لقيت أبا ذر بالربذة، وعليه حلة، وعلى غلامه حلة فسألته عن ذلك، فقال: «إني ساببت رجلا فعيرته بأمه، فقال لي النبي يا أبا ذر أعيرته بأمه إنك امرؤ فيك جاهلية إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل ولــيلبسه ممـا يلــبس، ولا تـــكلفوهم ما يـــغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم» (2).

صدق رسول الله فأمرنا بالإحسان إليهم وأن نرحمهم وأن لا نكلفهم ما لا يطيقون، وأن نطعمهم مما نطعم وأن نلبسهم مما نلبس وأن لا نهضمهم حقهم وحذرنا من ظلمهم وأن نعينهم إذا كلفناهم فوق طاقتهم ولا نعيب عليهم إذا أخطؤوا كما كان هدي نبينا مع من كان يخدمه من الصحابة الأجلاء اقتضت مشيئة الله وحكمته أن يجعل بعض عباده أغنياء وبعضهم فقراء، وسخر كلا من الطائفتين للأخرى. والخدم نعمة من الله تعالى على المخدومين لتسهيل أمور دنياهم، فيتحملوا عنهم أعباء الأعمال وهمومها ليوفروا على مخدوميهم الراحة والسعادة والتخفيف من المتاعب والمشاق، ولذا نهج لنا الإسلام منهاجا يضمن حقوق الخدم ماليا وأدبيا كإطعامهم واحترامهم وإكرامهم.

عن أنس قال: «قدم رسول الله المدينة ليس له خادم فأخذ أبو طلحة بيدي فانطلق بي إلى رسول الله فقال يا رسول الله إن أنسا غلام كيِّس فليخدمك، قال: فخدمته في السفر والحضر ما قال لي لشيء صنعته لم صنعت هذا هكذا ولا لشيء لم أصنعه لم تصنع هذا هكذا» (3).

الحقوق الأساسية للخادم

1- الإحسان إليه والعفو عنه: عن أبي أمامة رضي الله عنه: «أن النبي أقبل من خيبر ومعه غلامان فقال علي يا رسول الله أخدمنا، فقال خذ أيهما شئت قال خر لي، قال: خذ هذا ولا تضربه فإني قد رأيته يصلي مقبلنا من خيبر وإني نهيت عن ضرب أهل الصلاة، وأعطى أبا ذر غلاما وقال استوص به معروفا فأعتقه فقال له النبي [ ما فعل الغلام؟ قال: يا رسول الله أمرتني أن أستوصي به مــعروفا فأعتقته» (4).

الخدم إخوة لنا في الإنسانية و بعضهم في الـدين، ألجأتهم الظـروف الاجتماعية والاقتصادية للعمل تحت يد المخدومين، وما أعذب الحرية التي تعشقها النفوس؛ لأن الإنسان يولد حرا لا يستذله إنسان ولا يتـسلط عليه ومادامت الظروف ونظام الحياة قد أوجدا هذا العمل نظير لقمة العيش لهم ولأهليهم فلنرقب هـذه الظروف ولنتعامل على أساس أن الإسلام دين العدالة الاجتماعية.

إن المعاملة الحسنة والعناية بالخدم ترضي الله ورسوله وتضمن لنـا منـهم الإخـلاص والحرص والحب والوفاء فقد قيل: جبلت النفوس على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها.

وإليك هذه القصة التي تبين الأثر الذي تركته حسن المعاملة:

عن أنس رضي الله عنه قال: «كان غلام يهودي يخدم النبي فمرض، فأتاه النبي يعوده، فقعد عند رأسه، فقال له: أسلم. فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال له: أطع أبا القاسم، فأسلم، فخرج النبي وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه من النار» (5).

2- عدم ضرب الخادم: عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: «كنت أضرب غلاما لي فسمعت من خلفي صوتا: اعلم أبا مسعود لَلَّهُ أقدر عليك منك عليه. فالتفت فإذا هو رسول الله [ فقلت يا رسول الله هو حر لوجه الله فقال: أما لو لم تفعل للفحتك النار أو لمستك النار» (6).

3- لا تقل له قبح الله وجهك: عن أبي هريرة عن النبي قال: «لا تقولوا قبح الله وجهه» (7).

4- ليتجنب الوجه في الضرب: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال: «إذا ضرب أحدكم خادمة فليجتنب الوجه» (8).

5- إذا لطم عبده فليعتقه: عن هلال بن يساف قال كنا نبيع البَزَّ في دار سويد بن مقرن فخرجت جارية له فقالت لرجل شيئا، فلطمها فرأى ذلك سويد بن مقرن فقال: ألطمت وجهها لقد رأيتني سابع سبعة من بني مقرن ما لنا خادم إلا واحدة لطمها أصغرنا فأمرنا رسولُ اللهِ أن نعتقها. وفي رواية: فخرجت جارية، فقالت لرجل منا كلمة، فلطمها، فغضب سويد» (9).

6- الرفق بهم: وتفقد شؤونهم وجعل أوقات لهم يستريحون فيها من عناء العمل فهم الساعد الذي يعين واليد التي تنفع ولا تعرف قيمتهم إلا عند افتقادهم فنحمد الله الذي سخرهم لنا، عن ابن عمر ] قال: قال رسول الله في العبيد: «إن أحسنوا فاقبلوا، وإن أساؤوا فاعفوا، وإن غلبوكم فبيعوا» (10).

اللباقة في التعامل مع الأصدقاء

إن من الميزات العظيمة لهذا الدين أنه جاء بحسن الخلق عند التعامل مع الناس على اختلاف أشكالهم وألوانهم ومن بين الناس الأصدقاء فكيف يتعامل المسلم مع أصدقاءه وماهي شروط الصداقة والمحبة، وكيف يكون التعامل بالحسنى مع الأصدقاء؟

واجب على المسلم أن يحترم أصدقاءه وأن يبادلهم حبا بحب واحتراما باحترام؛ لأن هذا من صميم الدين وقد حثنا الإسلام على حسن اختيار الأصدقاء والصديق الحسن هو الذي يعينك على طاعة الله ويكون معك في الشدة والرخاء، ويكون حسن الخلق، موفور العقل وهذا مجمل صفات الصديق الحسن.

عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي قال: «الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل» (11).

عن أبي سعيد الخدري عن النبي أنه قال: «لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي» (12).

وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: ما أعطي عبد بعد الإسلام خير من رجل صالح.

وعن الإمام الأوزاعي رحمه الله قال: سمعت بلال بن سعد يقول: أخ لك كلما لقيك ذكرك بحظك من الله خير لك من أخ كلما لقيك وضع في كفك دينارا.

وقال عثمان بن حكيم: اصحب من هو فوقك في الدين ودونك في الدنيا.

ومؤدى هذا الكلام وغيره يدل على حث الإسلام على حسن اختيار الأصدقاء وصحبة الإنسان الصالح.

أما عن حسن التعامل مع الأصدقاء فأجملها في نقاط

أولا:المشاركة في السراء والضراء والمواساة وقت الأزمات والنكبات، فقد قال عمرو بن العاص رضي الله عنه لابنه عبد الله: ما الكرم؟ قال صدق الإخاء في الشدة والرخاء.

فالمؤاخاة الحقة هي التي تقوم بغير طمع كما أن من دلائل المؤاخاة التوافق والانسجام.

ثانيا:الأمانة وهي من أخص الصفات عند التعامل مع الأصدقاء وهي شرط لمؤاخاة الصديق.

يقول الحارث المحاسبي: ولا تواخ إلا أمينا.

وقال الإمام الماوردي عن فضل الصديق المخلص: ولعمري إن إخوان الصدق من أنفس الذخائر وأفضل العدد لأنهم شهمان النفوس وأولياء النوائب.

ثالثا:العون والنصيحة وهذا الأمر مهم جدا فإن المؤمن مرآة أخيه يستر عليه عيوبه وينصحه بلطف ويعينه على قضاء حوائجه ما استطاع إلى ذلك سبيلا وينصحه فيما ينفعه وينهاه عن موارد السوء والشر.

قال أبو الدرداء رضي الله عنه: معاتبة الأخ خير من فقده ومن لك بأخيك كله.

وقال الشاعر:

ومن الذي ترجى سجاياه كلها

كفى المرء نبلا أن تعد معايبه

رابعا:الزيارة لها فضلها وآدابها كذلك فإن زيارة الأصدقاء ومودتهم باب عظيم من أبواب الخير وينبغي أن يراعى عند زيارة الأصدقاء أمران:

1- قلة الزيارة.

2- أن تكون خالصة لله.

ففي فضل زيارة الإخوان والأصدقاء والتي تكون خالية من أي غرض دنيوي يروي أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي أنه قال: «من عاد مريضا، أو زار أخا له في الله، ناداه مناد: أن طبت، وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلا» (13).

والزيارة تكون على فترات متقطعة حتى لا يمل الصديق، فالبعد يؤدي إلى حسن اللقاء وجودة العلاقات.

خامسا:بشاشة الرجل لصديقه وطلاقة وجهه إذا لقيه وهذا الأمر من الأمور المفضلة عند لقاء المرء إخوانه وأصدقائه وكان النبي إذا لقي الرجل فرأى في وجهه البشر صافحه، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه: «كان إذا صافح رجلا لم يترك يده حتى يكون هو التارك ليد رسول الله » (14).

سادسا:سخاء النفس بالبذل للأصدقاء، فكثيرة هي الأحاديث النبوية التي تحث على البذل بين الأصدقاء بشرط أن يكون ذلك لله سبحانه وتعالى وليس لأي غرض دنيوي أو انتظار التعامل بالمثل

قال رسول الله : «وجبت محبتي للمتباذلين فيَّ وجبت محبتي للمتزاورين فيَّ» وفي رواية: «حقت محبتي للمتباذلين فيَّ».

فمن حسن خلق المرء أن يكون كريما سخيا على إخوانه بما هو متاح له من مال أو مطعم أو ملبس.

سابعا:التعبير عن الحب للأصدقاء والتقدير والاحترام والود لهم وهذا إحدى أركان الصداقة القوية إضافة إلى بذل المال والخدمات في حدود المتاح وقد أرشدنا رسول الله [ إلى أن نخبر من نحبه بأن نعرفه أننا نحبه في الله فهذا مدخل عظيم من مداخل الألفة والمحبة بين الأصدقاء.

الهوامش

1- أخرجه البخاري في صحيحه، رقم: (3559).

2- أخرجه البخاري في صحيحه، رقم: (30).

3- أخرجه البخاري في صحيحه، (5-2244)، ومسلم، (4-1803).

4- أخرجه الإمام أحمد في مسنده، (5-250)، والبخاري في الأدب المفرد، (1-68).

5- أخرجه البخاري، (1-455).

6- أخرجه مسلم، (5-92)، وأبو داود، (7-424).

7- أخرجه البخاري في الأدب المفرد(1-71).

8- المصدر السابق.

9- أخرجه أبو عوانة في مسنده، (4-69)، والبخاري في الأدب المفرد، (1-72).

10- ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد، وقال: فيه عاصم بن عبيد الله، وهو ضعيف، (4-239)، وذكره المنذري في الترغيب والترهيب، (3-221)، وقال: فيه عاصم بن عبيد الله، وقد مشاه بعضهم، ولا يضر في المتابعات، وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: صحيح لغيره.

11- رواه أبو داود، (4-407)، والترمذي، (4-589)، وأحمد في مسنده، (2-303) وصححه الألباني في صحيح الجامع، (3545).

12- رواه أبو داود، (4-407)، والترمذي، (4-600)، وقال: حسن إنما نعرفه من هذا الوجه. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، (3036).

13- رواه الترمذي، رقم: (2008)، وقال حسن غريب. وحسنه الألباني في صحيح الجامع، (6387).

14- قال الألباني في السلسلة الصحيحة: «... وبالجملة، فالحديث صحيح بهذه الطرق، ولاسيما وله شواهد»، (5/635).

 

 

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

محمد حسني عمران يكتب: الحنان وأثره في تربية الطفل

القاهرة – محمد حسني عمران: الأطفال هم مستقبل الأمة الواعد، وهم العناصر الفاعلة في المجتمع، ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال