السبت، 20 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

107 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

gh 8o

د. محمد أحمد العزب - أستاذ العقيدة المشارك بجامعة العقيدة العالمية:

مما استقر في الشريعة أن التكليف بالعبادة لازم للإنسان لا يمكن الانفكاك عنه، إذ هو غاية وجود الإنسان، فقد قال الله تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى} (القيامة:36). قال الشافعي رحمه الله: «مهملا لا يؤمر ولا ينهى» (1)، ولو ترك الإنسان بلا تكليف لكان خلقه عبثا، يستوي في خلقه بالدواب التي سخرت له، وهو أمر لا يقع أبدا، قال الله تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا} (المؤمنون:115). قال القرطبي: «مهملين كما خلقت البهائم لا ثواب لها ولا عقاب عليها» (2).

والتكليف اللازم للإنسان قد يقع أحيانا بما يشق فعله، لكنه لا يكون أبدا بما لا يطاق البتة، قال ابن القيم: «لم يثبت بحمد الله تعالى أمر اتفق المسلمون على أنه لا يطاق، وقالوا: إنه يكلف به العبد. ولا اتفق المسلمون على فعل كلف به العبد، وأطلقوا القول عليه بأنه لا يطاق» (3). وأوامر الله تعالى ونواهيه منها ما يقع العمل به على البدن، ومنها ما يكون في المال، وبعضها في النفس، وربما اجتمع البدن والمال والنفس في عبادة من العبادات، والتكليف عموما وإن كان في بعضه مشقة؛ إلا أن مشقته مما يعود على المكلفين في الآجل أو العاجل، فإما تتهذب به نفوسهم، وإما تتطهر قلوبهم، وإما يحوزون شرف الاستقامة على الأمر والنهي الإلهي.

العبادات وطول العهد

يعتري الملل النفوس أحيانا بممارسة العبادات التي تطول، وتصبح في حاجة لما يجدد نشاطها، فإن طول العهد ربما أورث مللا في النفس، والنفس لا تلام فيما يعتريها من ملل، فهذه طبيعتها التي لا تنفك عنها، قال عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما: جمعت القرآن فقرأته كله في ليـــلة.

فقـــال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني أخشى أن يطول عــــليك الزمان وأن تمل» (4). وقال علي بن أبي طالب: أجموا (5) هذه القلوب، فإنها تمل، كما تمل الأبدان (6). فالملل طبيعة في البشر، حذر الراسخون أن يدخله المعلمون على مريديهم، قال ابن عباس لعكرمة: «لا تمل الناس هذا القرآن» (البخاري: 5978). وليس يلام المرء في حصول الملل له، إنما يكون الذم حين يورث الملل جفاء أو يولد فتورا أو انقطاعا، ومن أجل هذا تنوعت العبادات، وتنوعت أحكام العبادة الواحدة بين الفرضية أحيانا والحرمة أخرى.

العيد والتجديد

الصيام والحج عبادات تطول فيهما الشعائر، وتقبل النفوس عادة فيهما على العبادة، واهتبال الوقت وعدم تضييعه، ولاشك أن طول العبادة أو تزاحم شعائرها كما في الحج؛ يحوج النفس إلى بعض الراحة، ولقد جعل الله العيد بعد الصيام والحج، بسطة منه على عباده الصائمين والطائفين، وجعلت الشريعة الصوم في العيدين وفي أيام التشريق محرما، وجاء البيان النبوي أن أيام العيد والتشريق أيام توسعة وبسطة في العيش، ففي الصحيح: «أيام التشريق أيام أكل وشرب» (مسلم:1141). كما شرع فيه التبسط بأنواع المباحات التي لا تكون في غيرهما، كالغناء المشروع بضوابط الشرع.

فالنفس دائما تريد التنقل مما ألفت، خاصة مما كلفت به وصار فرضا عليها، وفي الاستجمام بالمشروع عون لها على مواصلة السير في طريق العبادة، قال أبوالدرداء: إني أستجم ببعض الباطل، ليكون أنشط لي في الحق (7). والباطل الذي يعنيه كالشعر، وفي الحديث أيضا: «يا حنظلة ساعة وساعة» ثلاث مرات (مسلم: 7142).

العيد وجموع المكبرين

قد أمر الله تعالى المؤمنين بالتكبير فقال: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} (المدثر:3) وقال: {وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} (الإسراء:111). وقال أيضا: {وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ} (البقرة:203). قال عكرمة: يعني التكبير أيام التشريق بعد الصلوات المكتوبات (8). والتكبير شعيرة جعلها الله تعالى ختاما لمن مَنّ عليهم بنعمة الصوم فقال: {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} (البقرة:185). وجعلها ترتبط بشعيرة الأضحية التي تعد أعظم ما يتقرب به المتقربون في يوم العيد، قال تعالى: {سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} (الحج:37).

وقد ارتبط العيد ويومه بالتكبير ارتباطا وثيقا، وما يسمع المسلمون تكبيرا يجتمعون عليه بصوت يملأ الآفاق على مر عصورهم أكثر مما يسمعون في الأعياد التي شرعها الله لهم. اللهم إلا أن يكون فتحا لمدينة عظيمة، أو إزالة لعدوان محتل، فإن التكبير هو عون العبد لبلوغ النصر، إذ فيه ابتهال إلى الله بعظمته، وانكسار بالذل بين يديه تعالى، قال شيخ الإسلام: «التكبير مشروع في المواضع الكبار لكثرة الجمع أو لعظمة الفعل أو لقوة الحال أو نحو ذلك من الأمور الكبيرة، ليبين أن الله أكبر وتستولي كبرياؤه في القلوب على كبرياء تلك الأمور الكبار، فيكون الدين كله لله، ويكون العباد له مكبرون، فيحصل لهم مقصودان: مقصود العبادة، بتكبير قلوبهم لله، ومقصود الاستعانة، بانقياد سائر المطالب لكبريائه؛ ولهذا شرع التكبير على الهداية والرزق والنصر؛ لأن هذه الثلاث أكبر ما يطلبه العبد، وهي جماع مصالحه» (9).

الهداية والتوحيد

ليس التكبير خاصا بالأمور العظيمة التي تلهب الخواطر، أو الأهوال العظيمة التي تحيق بالمرء، وإن بوب البخاري في صحيحه بأن التكبير للتعجب فقال: «باب التكبير والتسبيح عند التعجب» (صحيح البخاري: 8/60). ، فليس المراد التخصيص به، بل تأكده فقط في هذا الموطن، فالتكبير حال يقصد منه أن يكون الله في نفس المكبر أعظم من كل ما سواه، قال شيخ الإسلام: «التكبير مشروع عند كل أمر كبير من مكان وزمان وحال ورجال، فتبين أن الله أكبر لتستولي كبرياؤه في القلوب على كبرياء ما سواه، ويكون له الشرف على كل شرف» (10).

والتكبير مأخوذ من اسم الله الكبير، فالله تعالى هو الكبير المتعال، وهو واهب النعم، أمر عباده بتكبيره فيما أنعم عليهم، وكلما عظمت النعم استوجبت المزيد من التكبير، ومن أعظم نعم الله على عباده الموحدين أن هداهم لتوحيده ومعرفة أنه فرد صمد، لم يكن له والدة ولم يتخذ ولدا، ولم يشركه في ملكه أحد قال تعالى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ} فلما كان هذا من أجل النعم وصله بقوله سبحانه: {وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} (الإسراء:111). والتكبير فعله صلى الله عليه وسلم حين يستبشر بحصول النعم والنصر، فحين دخل خيبر قال: «الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين» (متفق عليه، البخاري: 364، ومسلم: 1365). وحين اعترضت صخرة بالخندق سلمان ]، وجاء النبي آخذا المعول فضربها إذ بالبشارة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: «الله أكبر قصور الشام ورب الكعبة، ثم ضرب أخرى فوقعت فلقة فقال: الله أكبر، قصور فارس ورب الكعبة» (11).

لقد شرع التكبير في مواضع كثيرة من العبادات، كالأذان والإقامة والصلاة بأنواعها، الراتبة والجنازة، والسعي واستلام الحجر، والعيدين... وشرع التكبير في الهبوط وترقي المنازل، وعند حصول الفتح وهبوب الريح، ومواطنه كثيرة، وهو مأمور به في الذكر الراتب، ثم صار ملازما للأعياد مزينا لها، ليجمع المكبر بين الشعور بالنعمة العظيمة، والانكسار بين يدي واهبها سبحانه وتعالى.

الهوامش

1- بدائع الفوائد، لابن القيم (4/972).

2- تفسير القرطبي (12/156).

3- بدائع الفوائد (4/981).

4- ابن ماجه، برقم (1346) وصححه الألباني.

5- أي: أريحوها. لسان العرب، مادة «جمم».

6- شرح السنة، للبغوي (13/184).

7- شرح السنة، للبغوي (13/184).

8- تفسير ابن كثير، دار طيبة (1/560).

9- مجموع الفتاوى (24/230).

10- مجموع الفتاوى، مرجع سابق، نفس الموضع.

11- البداية والنهاية (4/115).

 

 

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال