✍ ناصر الوليدي - كاتب يمني:

في منتصف التسعينيات من القرن المنصرم حينما كنت طالبا في جامعة صنعاء.. تركت صنعاء وراء ظهري ويممت وجهي جنوباً عائدًا.

رمضان أقبل ولا بد أن أقضيه في قريتي الوديعة بين الأهل والمراعي والزروع.

وأنا أحزم أمتعتي في شارع تعز حيث سكني ، أوصاني بعض مشايخي أن أستفيد من رمضان بحفظ متن الرحبية في علم المواريث.

وكانت ولا زالت بيني وبين النوم في النهار خصومة .

فمع بزوغ الشمس في أول يوم من رمضان:

حملت عصاي وسقت أغنامي منتشياً منشرحاً وهي تسابقني إلى مرعاها الجميل

وأنا أحمل في جيبي كتيب (متن الرحبية)

فإذا عمتي (فاقة) رحمها الله تعترض طريقي فتخلط شويهاتها بأغنامي لتضعني في الأمر الواقع ولأكون راعيها طول رمضان ، ولتهبني أجره عملي دعوات تمطرني بها حتى أختفي عن نظرها

وهناك في المرعى ، تقطف أغنامي مالذ لها وماطاب من الأغصان الخضراء ، وأنا أنقل طرفي في حدائق (الرحبية) وفي رؤوس الجبال الشامخة وأتنقل تحت ظلال الأشجار الخضراء المورقة .

والعصافير تغني وتتراقص وتطعم صغارها ولا تعبأ بمشاعر صائم يتأمل في مهرجانها الذي أقامته احتفالا بالشروق ، ونسمات من الهواء تهب عليلة مسافرة تصافح سفوح الجبال وأطراف الأغصان ، ولا يقطع عليّ ذلك المهرجان إلا (ثغاء ) شاة ضلت أخواتها أو هديل حمامة تشتاق الى إلفها تطلق الاهات حزينة كأنها ناي حزين يرسل آهاته في مأتم الفراق ، فإذا مااشتد النهار أعلنت شويهاتي رغبتها ورغبتي في الإياب إلى المراح ، فنتهادى عائدين الى دارنا تستهوينا صفحات الماء البارد بعد يوم من الانجاز والحبور والانشاد والظمأ ، لتستقبلنا (عمتنا ) العجوز بمثل ما ودعتنا به ، على أمل تجدد الاحتفال بكرنفال الحياة في يوم جديد.

 

 

• البركة مع أكابركم
• التوبة والوقاية
• القدوة.. منهج إسلامي قويم
• جواب الفقيه الباجي على راهب فرنسا
• زوجتك نفسي على الإنترنت