-
الأربعاء، 28 يونيو 2017 14:18
-
كتب بواسطة: admin1
المرأة أكثر عُرضة للأمراض النفسية
"أزمة الهوية" أكثر ما يصيب شبابنا.. والفشل والجهل وراء انتشار الانتحار والإلحاد
الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي قد تقود الشباب إلى إدمان المخدرات!
القاهرة - إسلام أحمد:
تصوير: رمضان إبراهيم
المرض النفسي في العالم العربي، الشك، الغيرة، الشخصية كثيرة الشكوى، والشخصية المتشائمة، وهل الخيانة سلوك فطري أم مكتسب، وهل المرأة أم الرجل أكثر إصابة بالأمراض النفسية، ولماذا هي نكدية وهو صموت.. كل هذه التساؤلات وغيرها وجهناها إلى الدكتور هاشم بحري، رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر، خلال حواره مع "الوعي الشبابي"، والذي أكد أن المرض النفسي يتأثر بثلاثة أشياء، كما أكد أنه ليس مؤمنًا بالتفاؤل أو التشاؤم، إلى غير ذلك من التفاصيل نتعرف إليها في سياق الحوار التالي:
يرتبط الطب النفسي في مجتمعاتنا العربية بالجنون أو الخلل العقلي، بينما قد لا يخلو إنسان طبيعي من عارض مثل الاكتئاب والقلق والتوتر. فهل يتأثر المرض النفسي بطبيعة المجتمع؟
-بالتأكيد يتأثر، فحتى يظهر سلوك المرض النفسي يتأثر بثلاثة أشياء؛ "أنا" وتكمن في تربية المريض ونشأته، إضافة إلى الوسط المحيط بالمريض مثل الأسرة والمجتمع والشارع وإن كان متزوجًا أم لا، والأخيرة هي علاقته بالله سبحانه وتعالى، وبالتالي هو يتأثر بشدة بتلك التدخلات.
وأحيانًا نحتاج إلى لغة تتناسب مع فئات المجتمع، ففي وقت من الأوقات كنا نقول إن المرض النفسي هو الجنون، لكن بدأنا نغير الكلمة إلى المرض العقلي؛ لأن الجنون كلمة قاسية، والناس كلما كان لديهم عدم وعي بخلفية الطب النفسي، نجد هناك كلمات شعبية أكثر، وبالتالي كلما تقدم المجتمع نستعمل كلمات تتناسب مع ثقافته، خصوصًا أنه خلال الـ15 عامًا الأخيرة، دخل الأطباء وعلماء النفس إلى الإعلام وبدأ الناس يتعرفون عليهم بطريقة أقوى، وبدؤوا يعرفون أننا نقدم طرق علاج عديدة، ليست فقط جلسات الكهرباء، والأفكار التي كانت موجودة لدى بعضهم.
الشك والغيرة. متى يخرجان من نطاقهما الطبيعي؟
-إذا عطلا الحياة، فمثلًا من يغار على زوجته ويحافظ عليها لأنها أمانة في رقبته، وأنها أصبحت معه بعد أن كانت تعيش مطمئنة مع أسرتها، ويكون ولي أمرها، هذه غيرة طبيعية ومحمودة، أما إن تزايدت وتيرته إلى درجة مرضية فعطل حياته وأصبح ليل نهار يشك في زوجته، أو في زملائه، بل وفي نفسه، فهذا يدمر الحياة، فمن يشك في زوجته مثلًا يظن أنها إن رأت أي رجل ستصنع علاقة معه، فيكون بذلك لديه شك في رجولته، وغير واثق في قدراته كإنسان، وأنه لا يستطيع أن يحتوي هذه الزوجة، وهنا يكون الأمر مؤثرًا جدًا، ويُسمى الغيرة المرضية.
وكيف يمكن التعامل مع الإنسان الشكّاك والغيور؟
-لو كانت غيرة طبيعية فلا بأس منها، لكن إن كانت مرضية وتؤذي الأسرة، فلا بد من زيارة الطبيب لمساعدته في العلاج، لأنه مرض نفسي.
كيف يمكن التخلص من التشاؤم والإحباط واكتساب معايير جديدة للتفاؤل والإقدام؟
-لستُ مؤمنًا بما يسمى التفاؤل والتشاؤم، لأني أؤمن بالقدر خيره وشره، ودائمًا أحمدُ الله على كل شيء، لأنني لا أعلم ما يخفيه الرحمن لي من خير وشر، وعندما ييسر الله الأمور فذلك لأنه أذن بالأمر، فلكل شيء وقته الذي يتم فيه، ويجب أن نتحلى بالصبر.
والفكرة أنه كلما اقترب الشخص من الطبيعة يعلم أن النجاح والفشل جزء من الحياة، وأنه كلما اقترب من الله علم أن التيسير من الرزق، لأن الشخص بذل جهدًا والله قد أذن بالحصول على الهدف والوصول إليه، وعندما تتعقد الأمور فلا بأس، فالتفاؤل والتشاؤم هو تصور في الحظ، لكن لو آمنّا أننا نبذل المجهود بصدق، فالقدر له توقيته.
الخوف المرضي والشخصية كثيرة الشكوى.. كيف يمكن التعامل معهما سواء في نطاق الأسرة أو المجتمع؟
-الشخص عندما تكثر شكواه يعني أنه يحتاج للاهتمام، فالطب النفسي قائم على فكرة "لماذا أنت تشتكي؟"، فتكون لأنه يريد أن يُلفت النظر له، وهو يشعر أنه لا شيء، ودائمًا لا بد من معالجة الأسباب التي أدت لذلك، ويجب أن يدخل في علاقة إيجابية تتميز بالاحتواء والفهم والتفاهم، ونلاحظ أن الشخص كلما ابتعد عنه من حوله تزداد شكواه، ويفعل ذلك لأنه يشعر بالغيرة، وعندما يحصل على الاهتمام، يتخلص من تلك الأعراض.
هل الخيانة سلوك فطري أم مكتسب؟ وكيف يمكن للإنسان أن يتخلص من هذه الصفة؟
-الخيانة فكرة واسعة جدًا، فماذا يخون الفرد؟ المال أم الشرف أم الوطن أم غيره، فالخيانة عهد أخذه الفرد على نفسه وفضه دون إخبار الطرف الآخر، ويخون الأمانة، فبذلك ليست فطرية بل مكتسبة من الظروف الحياتية التي تحيط بنا، لأنه يجد أمامه الخير والشر، والشخص من يحدد كيف يربح، فإذا وجد الربح عن طريق الخيانة فيفعل ذلك، مقابل الأموال مثلاً، ليتخلص من مشاكله.
ويتخلص الشخص من الخيانة عندما يكون واضحًا ويقول ما بداخله، ليحل المشاكل ويواجهها بدلًا من أن يهرب منها.
زوجة نكدية وزوج صموت.. كيف يمكن التعامل مع هذه المشكلة التي تهدم كثيرًا من الأسر؟
-لا بد على الزوج من تحسين قدراته الحياتية في التعامل مع زوجته وأسرته، وأن يكون قادرًا على المواجهة وأن يخطط وينجز في حياته، لأن نكد الزوجة هو نتيجة يأسها من الزوج، فإذا كان قوي الشخصية فستكون مطيعة، والقوة هنا تكون بشخصيته وعقله وأخلاقه وليست بقوته الجسدية كما يظن البعض.
هل المرض النفسي يفضل الرجل أكثر أم المرأة؟ وما أبرز الأمراض التي تصيب كلًا منهما؟
-المرض النفسي منتشر أكثر لدى السيدات، لأن ظروف الحياة لديها معقدة وحياتها مغلقة أكثر، نتيجة الضغوط التي تمر بها، من عمل وواجبات المنزل، ورغم ذلك، فهي لا تفعل مثل الرجل الذي يفرج عن ضيقه بالخروج إلى الأصدقاء مثلًا، مما يُحدث لديه حالة من التوازن في ضغوطه، لأن لديه مقدرة على التنفيس عما يشعر به، ونجد أن الاكتئاب هو أكثر الأمراض التي تصيب المرأة، والقلق والتوتر أكثر ما يصيب الرجل.
إدمان وسائل التكنولوجيا والتواصل الاجتماعي خاصة بين الأطفال والشباب.. كيف يمكن علاجه وبالأولى الوقاية منه؟
·إدمان الإنترنت معروف عن الأشخاص الذين يريدون عيش حياة في الغرف دون حركة، ولها علاقة بالخجل، كما أنها حياة لا تقدم فيها، ولا فائدة منها، وحلها يكمن في وجود شيء يفعله ذلك الشخص، فمثلًا في أوروبا يستخدمون الإنترنت مثلنا لكنهم يستخدمونه في نقل المعلومات بنسبة 80% ودردشة بنسبة 20%، لكن لدينا 70% دردشة و30% معلومات، فالأمر حسب الاستخدام نفسه.
والإدمان عمومًا عبارة عن القيام بسلوك ما بشكل متزايد، مثل تعاطي المخدرات أو إدمان الإنترنت أو الحب، ولو تم الابتعاد عنه تظهر أعراض انتحارية، ويؤثر على الحياة الاجتماعية والمهنية والاقتصادية، ويمكن القضاء عليه بمعرفة أسباب إدمان الفرد، فمثلًا الشخص الذي يريد أن يكون اجتماعيًا فيدمن المخدر حتى يتحدث جيدًا خلال مؤتمر مثلًا، لكن إذا دربنا هذا الإنسان على المواجهة فلن يلجأ إلى المخدرات، وهناك من يدمن لأنه يريد العيش في الخيال، لكن إذا ساعدناه في إيجاد فرصة عمل حقيقية، فلن يحتاج إلى الإدمان، والإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي تسهل الوصول إلى إدمان المخدرات.
ما أبرز الأمراض النفسية المنتشرة في العالم العربي خاصة بين الشباب؟
-ما تسمى أزمة الهوية، وأن الشخص لا يعرف قيمته وما مستقبله، وما علاقته بالله وبالمجتمع، وهل له قيمة في الحياة أم لا، وهي تتلخص في سؤال الشخص لنفسه "من أنا؟".
هل العنف بكل صوره مكتسب أو سلوك فطري؟ وكيف يمكن التصدي له وتحصين الأبناء والمجتمع منه؟
-مكتسب، فالعنف يكون مع الناس بالتعصب، أو مع نفسه فيدمن، فلا بد أن يُتخلص من الضغوط المجتمعية، وأن يكون هناك تعليم جيد مبني في جميع مراحله على كيفية التفكير، والابتعاد عن التعليم التلقيني، وبالتالي عندما يتعرض لأزمة لا يستطيع الخروج منها ويضطر إلى العنف، وهناك ما يسمى التفكير العلمي والمنطقي.
تزايد الانتحار والإلحاد والخرافات في المجتمع.. فما سبب ذلك وكيف يمكن التصدي له؟
-بسبب الفشل واللاعلم، فعبر التاريخ الإسلامي، منذ 800 عام، كان العلم متقدماً ولم نسمع عند تشخيص الأمراض ما يسمى «العفريت والجن». والآن، نتيجة أنه لا توجد خدمات صحية جيدة تقدم للمريض، مع قلة المستشفيات، يذهب الناس إلى المعالج الشعبي الذي يعتمد على الخرافات، وأرى أنها تنتشر وقت اضمحلال ثقافة العلاج الصحي، فحين يخسر شخص الأموال أو غيرها، ولا تكون لديه أفكار صحيحة للخروج من أزمته يلجأ للانتحار، عكس ما يجب أن يفعله من وضع خطة وحلول، لكن هناك مرضى نفسيين قد يقودهم الاكتئاب إلى الانتحار أكثر من الأشخاص العاديين.. وبالطبع العودة إلى الإيمان بالله والعلم الحقيقي والأخذ بالأسباب من أهم وسائل التصدي لهذه المظاهر السلبية.
روشتة نفسية توجهها لقرائك؟
-عندما يتعرض الشخص لأزمة نفسية يحاول حلها، وإن لم يستطع يسأل صديقًا يثق به، وتكون لديه خبرة في التعامل مع الأزمات، فإن لم يجد، عليه أن يذهب إلى طبيب نفسي.
