bakoly hasan

 

الخط العربي فن مستعصٍ لن تؤثر فيه الخطوط الحاسوبية

صنعاء – محمد عبدالعزيز يونس:

الخطاط الدكتور حسن حسين البكولي، شاب يمني، يبلغ من العمر ٢٨ عاماً، اختصه الله بموهبة فطرية في الخط العربي منذ نعومة أظفاره، ويعتبر فن الخط العربي من أجمل الفنون وأقدس العلوم، ونعمة من أعظم النعم التي لا ينالها إلا أهل الحظوة، أبدع الكثير من اللوحات المخطوطة لآيات وسور القرآن الكريم، وكل من رأى خطه انبهر بروعته وانسيابيته وإتقانه، سواء بقلمه العادي الجاف أو بغيره من أقلام الخط العربي.. "الوعي الشبابي الكويتية" تواصلت مع الخطاط د.حسن البكولي؛ فكان هذا الحوار الخاص:

د.حسن البكولي، حدثنا كيف كانت بداياتك في تعلم الخط العربي؟

بسم الله الرحمن الرحيم، بداية أشكر صحيفة: (الوعي الشبابي الكويتية) على إجراء هذا الحوار والذي أأمل أن يؤتى ثماره ويستفيد منه الكثير من طلبة ومحبي الخط العربي.

بالنسبة لبداياتي في تعلم الخط العربي فقد كانت منذ نعومة أظافري، وعملت في سن مبكرة على تنمية هذه الموهبة التي وهبني الله عز وجل إياها، أحببت أقلامي وأحباري وداومت على الكتابة بها فكانت خير رفيق لي في حلي وترحالي، عشقتها حتى رأيت فيها سر سعادتي، شعرت بإدمان شديد على الكتابة حتى أُشربت حب الخط العربي، لم يمر عليّ يوم إلا وقد كتبت فيه سورة أو آية قرآنية أو حديث نبوي أو حكمة هادفة.

لو عرفت لنا فن الخط والكتابة في كلمات.. فماذا تقول؟

أقول كما قال شمس الدين الأكفاني في كتابه إرشاد المقاصد بأن الخط العربي: هو علم تتعرف منه صور الحروف المفردة وأوضاعها وكيفية تركيبها خطاً أو ما يكتب منها في السطور، وكيف سبيله أن يكتب وما لا يكتب وإبدال ما يكتب منها في الهجاء.

أما حُسن الخط فهو أداء هذه الأحرف العربية مفردة، أو في كلمات أو في جمل على قواعدها ذكرها علماء الخط إذا أُديت كما ذكروها تماماً وكان الكاتب موهوباً تحصل من ذلك جمال كالجمال الذي يتحصل في عين من ينظر إلى السماء ونجومها والأرض وزهورها حتى يستولي الخط على النفس وأحاسيسها ويكون الذوق متعلقاً به ومتأملاً فيه.

لماذا تفضل الكتابة بالقلم العادي الجاف؟

حاولت أن أجعل من الصعب سهلاً، فالأقلام العادية المدببة الرأس قد يُستحال كتابة الخطوط العربية بها؛ لأنها أقلام غير مهيئة أساساً لكتابة الخطوط العربية فروادتني فكرة أن أجعل منها أقلاماً يُكتب بها الخطوط العربية، بالإضافة إلى روعة وجمال الخط العربي الذي يُكتب به القلم العادي الجاف فالخط به يكون أكثر جمالاً من الخط بالأقلام المقصوصة هذا من وجهة نظري.

نرى الكثير من الأشكال والأنواع للخطوط العربية فهل للخط العربي عدد محدد من الأنواع؟

أنواع الخطوط العربية كثيرة قد تصل إلى أكثر من مائة وثلاثين نوعاً، لكن الخطوط الرئيسية للخط العربي هي ثلاثة فقط: خط الرقعة وخط النسخ وخط الثلث، وما دونها من الخطوط فهي ثانوية.

هل على الخطاط أن يجيد كل أنواع الخطوط العربية لكي يحصل على إجازة في الخط العربي؟

ليس شرطاً على الخطاط أن يجيد كل أنواع الخطوط كي يحصل على إجازة في الخط العربي، فقد تكون إجازة الخطاط في نوع واحد من أنواع الخطوط العربية الذي أجادها وأتقنها، فقد يكون بعض الخطاطين مجازاً في خط النسخ، ويكون غيره مجازاً في خط الثلث، وهكذا في بقية أنواع الخطوط العربية.

ما الخط المفضل إليك وترى نفسك متخصصاً فيه؟

أحب جميع الخطوط العربية ولاسيما الخطوط الثلاثة الرئيسية الرقعة والنسخ والثلث، ومن هذه الثلاثة الخطوط يتسلل إلى قلبي خط النسخ.

دائما نتابع ما تنشره من مخطوطاتك على وسائل التواصل الإجتماعي ونلاحظ أنك تكتب هذه اللوحات بأنواع مختلفة من الأقلام فهل هذا يعني أن القلم يطاوع كل فنون الخط العربي ويحتاج لأقلام معينة لكي يظهر جماله؟

من الممكن كتابة جميع أنواع الخطوط العربية بنوع واحد من أنواع الأقلام وبمقاس واحد لهذا القلم، لكن الأفضل أن يستخدم الخطاط لخط النسخ قلم مقاس واحد ملم، ولخط الثلث قلم مقاس اثنين ملم، ولخط الرقعة والديواني والنستعليق قلم مقاس واحد ملم ونصف، وهذه المقاسات هي التي استخدمها ويستخدمها كبار الخطاطين قديماً وحديثاً.

هل هناك علاقة بين الهندسة والخط والفنون عامة.. أوضح لنا ذلك؟

يقول قبلة الخطاطين ياقوت المستعصمي: "الخط هندسة روحانية ظهرت بآلة جسمانية تقوى بالإدمان وتضعف بالإهمال".. أما عن العلاقة فهناك علاقة وطيدة بين فن الهندسة وفن الخط العربي فالحرف العربي يُكتب وفق أبعاد ومقاسات مخصوصة، وأي إخلال بهذه المقاسات لا يعطي حرفاً ناضجاً وأنيقاً.

كيف تتعاملون مع الزخرفة بوصفها عنصراً جمالياً آخر ضمن اللوحة الخطيّة؟

تُعد الزخرفة من الأساسيّات التي تُضفي على اللوحة الخطيّة الجمال والتذوق الجمالي، إضافةً إلى أنها تُعد بمثابة الرداء المزركش للوحة، فما أن يجتمع الخط مع الزخرفة يظهر الجمال الخطي ليُشكلا محوراً جمالياً للوحة في أبهى صوره.

من أبرز من التقيت به من كبار الخطاطين؟

التقيت بالعديد من الخطاطين داخل اليمن وخارجه، وكان أبرز لقاء لي هو مع أهم خطاط في القرن الواحد والعشرين وهو الخطاط/ عثمان طه، خطاط المصحف الشريف الذي كتبه بخط يده وطُبع منه ملايين النسخ، وكان لهذا اللقاء ثماره الطيبة أهمها التشجيع الكبير من قبل الخطاط/ عثمان طه، لمخطوطاتي لآيات وسور القرآن الكريم التي عرضتها عليه حيث أبدى إعجابه الشديد بها ووصفها بالمتقنة، كما استمتعت عن قرب بمشاهدة بصرية لمخطوطاته، وتبادلت معه الحديث فالخطاطون يضمون إلى خطوطهم الجميلة حُسن الخلق، ومرونة النفس، وحسب إرشاد الخطاط/ عثمان طه، عقدت العزم وشحذت الهمة على كتابة نسخة جديدة للقرآن الكريم، فكان هذا اللقاء بالنسبة لي هو بمثابة وسام على صدري.

هل تأثر الخط العربي بفعل التكنولوجيا والخطوط الحاسوبية؟

بالرغم من هيمنة التكنولوجيا وإتاحتها أنواعاً من الخطوط العربية في مختلف التطبيقات لكنها لن تنتج ما تنتجه اليد، ولا يمكن لها أن تحل محل فن أصيل له أصوله وقواعده، فالخط العربي فناً مستعصياً لن تؤثر فيه الخطوط الحاسوبية؛ لأن خط اليد له روح وفن وجمال تجعله أكثر إبهاراً وجمالاً من الخط الحاسوبي، ولذلك نجد اليوم بعض المتخصصين ممن احترفوا فن الخط إقحام أنفسهم في مجال الخطوط الحاسوبية ما أدى إلى دخول غيرهم في مجال تصميم الحرف وخطه كمبيوترياً، فظهرت نماذج لخطوط ركيكة وغير رصينة ولا تضاهي فن الخط اليدوي، وهو الأمر الذي يجعل المتخصص في فن الخط العربي يكره النظر إلى تلك الخطوط المنتجة بالكمبيوتر، لذلك يجب الحذر من أن يؤدي تحول عدد كبير من المهتمين والعاملين في مجال الخط العربي إلى استخدام تقنيات الكمبيوتر في الحصول على قوالب نمطية وثابتة من دون اللمسة الإنسانية على الخط العربي فكل هذا يسهم في القضاء على عنصر الإبداع لدى الموهوبين في مجال الخط العربي.

ما أهم الصعوبات التي يعاني منها فنان الخط العربي؟

لا توجد صعوبات تعيق عمل الفنان الأصيل الذي نهل الفن من أصوله، وإنما الصعوبات تجدها عند طالب الخط الذي يفتقر إلى انتماء منهجي يسير عليه فلا يجد الأقلام والأدوات والمراجع التي تلزمه أثناء مسيرته في الخط العربي، وعدم وجود الأستاذ الذي يرشده إلى خطئه ويذلل له الصعاب لأن جودة الخط وحُسن الأداء متوقفة على تعليم الأستاذ كما قال الإمام علي كرم الله وجهه: الخط مخفي في تعليم الأستاذ وقوامه في كثرة المشق ودوامه على دين الإسلام.

ثمّة إجماع على رداءة الخط لدى تلامذتنا وطلابنا ما السبب في ذلك من وجهة نظرك؟

بلا شك أن السبب يعود في ذلك إلى إهمال المؤسسات القائمة على التربية والتعليم في الوطن العربي لفن الخط العربي، سواء في المقررات الدراسية أو في عدم توفير الوسائل المتاحة لتعليم الخط العربي، لذلك نجد أن الكثير من الطلبة سواء في المدارس أو في الجامعات يفقدون درجاتهم الحقيقية في اختبار موادهم الدراسية بسبب رداءة خطهم.

هل لديك تصور ومقترح بخصوص تحسين وتطوير ما يتعلق بالخط العربي في مدارسنا؟

أتصور أن ذلك يمكن عبر الخطوات الآتية:

إدراج مادة الخط العربي كمادة أساسية ضمن المناهج والمقررات الدراسية.

إدراج وظيفة «خطاط» للخطاطين البارعين والمتقنين للخط العربي وتفعيل دورهم في تدريس مقرر الخط العربي كمقرر مستقل وهذا من شأنه أن ينهض بالخط العربي ويزيد من اهتمام الناس به؛ لأن عدم الاهتمام بالخط العربي يفتر عزيمة الخطاط وهمته وتتلاشى قواه ويضعف، ويخسر هذا الفن ويخسره غيره.

وفي التعليم العالي والجامعي لا بد من فتح أقسام للخط العربي في كليات الفنون، وأن يُمنح الدارسين في هذه الأقسام شهائد الماجستير والدكتوراه في هذا الفن كغيره من الفنون، فالخط العربي علم قائم بحد ذاته ولا يقل أهمية عن غيره من الفنون والعلوم.

ماذا عن أهم مشاريعك وطموحاتك المستقبلية؟

أهم مشروع لدي بلا شك هو كتابة المصحف الشريف كاملاً مرتب الآيات والسور.

أما الطموحات فهي كثيرة وأهمها فتح مركز لتعليم الخط العربي لإتحاحة المجال للراغبين في تعلم مهارة الخط العربي، ويتم كذلك من خلاله استقطاب واحتواء الموهوبين في مجال الخط العربي والعمل على تنمية وتعزيز هذه الموهبة لديهم.

كلمة أخيرة للخطاط الدكتور حسن البكولي؟

أشكر كل من ساهم في نجاحِي وشجعني على بروز موهبتي أمام مجتمعنا العربي من الأهل والأصدقاء، كما أشكركم على سعيكم لإبراز الشباب الموهوبين بشتى المجالات.

نماذج من مخطوطات الخطاط الدكتور/ حسن البكولي:

 

bakooly 1

bakooly 2

bakooly 3

bakooly 10

bakooly 11

bakooly_12.jpg

bakooly 13

bakooly 14

bakooly 15

bakooly 16

bakooly 17

bakooly 18

bakooly 19

bakooly 20

bakooly 21

bakooly 24

bakooly 25

bakooly 27

bakooly 28

bakooly 29

bakooly 31

bakooly 32

bakooly 34

bakooly 35

bakooly 36

bakooly 37

bakooly 38

bakooly 40

bakooly 41

bakooly 42

bakooly 43

bakooly 44

bakooly 45

bakooly 46

bakooly 47

bakooly 48