samy helal

الإشكالية ليست في تلاوة القرآن بل في فهمه واستخراج معانيه

الأمة التي لا تستطيع أن تفهم نصوص قرآنها أو سنة نبيها صلى الله عليه وسلم هي عالة

القاهرة - إسلام أحمد:                                                                  :

أكد الدكتور سامي هلال، عميد كلية القرآن الكريم بجامعة الأزهر، أنَّ جميع كليات الأزهر في أساسها تعمل على خدمة القرآن الكريم، موضحًا خلال حواره مع "الوعي الشبابي" أنَّ الكلية تعمل على تخريج علماء بالقراءات وليس مقرئين، لافتًا إلى أنَّه عمل على مساعدة الطلاب المكفوفين بتعليمهم بطريقة "برايل"؛ وإلى نص الحوار..

دعنا أولا نتعرف إلى أهمية وجود كلية خاصة بالقرآن الكريم؟

الأصل أن تكون كل العلوم والكليات خادمة للقرآن الكريم، كما حدث مع إنشاء كليات اللغة العربية أو الشريعة أو الدراسات، فما كانت إلا لخدمة اللفظ القرآني الكريم، ولذلك فوجودها هو الأصل.

كما أن الكلية في زمن التخصصات، معنية بدراسة كل ما يتعلق باللفظ القرآني من ناحية آدائه وقراءاته وإعرابه وبيان معانيه وتفسيره ووجوه الإعجاز في القرآن والقراءات، فالكلية تعنى بالأصل الأول للإسلام وهو القرآن الكريم.

نتيجة بحث الصور عن د.سامي هلال عميد كلية القرآن

كيف يتم تهيئة الخريج ليكون قادرًا على الحفاظ على القرآن ونشر الثقافة الدينية؟

لنا مهمة أساسية وهي تعليم القرآن الكريم، والحفاظ على النص القرآني بقراءاته وتوعية المجتمع والحفاظ عليه مما يسمى بانحرافات الأداء القرآني، ونعتمد على أن يتخرج الطالب وهو يحمل بضاعة مليئة بالحفاظ على نصوص الشريعة، فيدرس التوحيد والحديث والقرآن الكريم من كل مناحيه ويدرس رد الشبهات وإيجاد عقلية يمكنها الرد على الشبهات الموجودة في المجتمع، ونجعله مواكبًا للعصر ومن ثم العمل في مجال التدريس والوعظ وغيرها من أمور الدعوة.

ماذا يدرس الطلاب في الكلية؟

الطلاب يدرسون في جانبين؛ الأول، يتعلق بأمور القرآن منها مناهج التفسير والمفسرون فيجب أن يتعلم ما هو منهج المفسر ومناهج التفسير وكتب علوم القرآن المكي والمدني والناسخ والمنسوخ وأسباب النزول والمطلق والمقيد ويفهم القضايا في القرآن والتفسير التحليلي وتحليل الألفاظ والإعجاز القرآني من ناحية الإعجاز النفسي والعلمي واللغة ويدرس دلالة اللفظ القرآني.

وهناك جانب يتعلق بالقراءات، حيث يدرس تطبيق القراءات وأصولها عند علماء القراءات وكيف يميز بين المتواتر والشاذ ويدرس تاريخ هذا العلم وضبط المصحف ورسمه، وتوجيه القراءة وكيف يكتب مصحفًا، فهي دراسة كاملة لكل ما يحتاجه الطالب لضبط ألفاظ القرآن الكريم أداءً وفهما وتطبيقًا.

نتيجة بحث الصور عن د.سامي هلال عميد كلية القرآن

نظَّمت الكلية مؤخرًا محاضرة للمكفوفين.. ما النتائج الإيجابية لها؟

هناك مشكلة تواجه الطالب المكفوف، في الامتحانات والمذاكرة، ومن أجل ذلك سعيت منذ العام الماضي بالتعاون مع القرية الذكية للحصول على معمل حاسب آلي خاص بالطلاب المكفوفين لتقديم خدمة لهم، حتى يتمكن الطالب الكفيف من استخدام طريقة "برايل"، وبذلك لا يحتاج إلى كثير من المعاونة ويعتمد على نفسه، والآن يستطيع أن يمتحن بنفسه عن طريق استخدام طريقة "برايل" ووفرنا من هو قادر على تصحيح الإجابات وبذلك نكون قد تفادينا فكرة المرافق وخطه السيء، أو فهمه المطلوب أو لم يفهمه، والتقدم في ذلك يحتاج إلى وقت، لأنه لا بد لكل طالب من جهاز خاص به يكتب عليه وهناك من يجيد التصحيح عليه.

نتيجة بحث الصور عن د.سامي هلال عميد كلية القرآن

من وجهة نظرك.. كيف نُطبق القرآن على واقعنا المعاصر؟

يقول أمير الشعراء أحمد شوقي "شعوبك في شرق البلاد وغربها؛ كأصحاب كهفٍ في عميق سباتِ بأيمانهم نوران ذكرٌ وسنة فما بالهم في حالك الظلمات"؛ فالعجيب أن الأمم تعتز بدينها ومقدساتها لكننا نجد أن أمتنا هي الوحيدة التي تخلَّت عن مقدساتها واعتزازها بدينها فهي التي ضاعت بين الأمم، ومثلًا نجد أن الشيوعية يفتخر بها أصحابها، والرأسمالية والهندوسية والبوذية كذلك، لكن هل الأمة الإسلامية تفتخر بأنها أمة مسلمة؟

كونك عميدًا لكلية القرآن الكريم.. كيف يتم النهوض بالإقراء عالميًّا؟

هناك إذاعات للقرآن الكريم على مستوى العالم وبرامج آدائية وقنوات قرآنية متخصصة، لكن القضية ليست في الإقراء، بل في فهم القرآن، الإشكالية ليست في تلاوة القرآن بل في فهمه واستخراج معانيه وعندما نبحث في القرآن عن القضايا العلمية سنجد أن القرآن أشار إليها، لكن لم نبذل مجهودًا لدراستها دراسة حقيقية، فمن الذي يتحدث الآن عن قضية الزراعة من خلال القرآن الكريم، لأنها مشكلة العالم العربي، كما أن الحفاظ على مياه النيل تعد مشكلة الأمة المصرية، علاوة على الحفاظ على ثروات الصحراء لأنها مشكلة الأمة العربية؛ فكل منطقة ينبغي أنَّ تعي ما لديها من مقدرات وأن تعمل على الحفاظ عليها وحينها ستنهض الأمة أجمع، لكن الإشكالية أننا لم نمعن النظر فيما قاله القرآن: "قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انظُرُوا"، فنحن مطالبين بالسير والنظر في القرآن لتطبيقه والتعلم منه، فالله أخبرنا أن الجبال رواسي فهل نبحث في الأمر، وهل ننظر في بواطن الأرض لاستخراج ما فيها؟، للأسف نجد أن الغرب من يستخرج البترول والذهب والماس من المناجم والمعادن الخاصة بالأمة العربية، وكذلك هم من يستغلون الرمال في بلادنا، فنحن أمَّة تكاسلت عن وظيفتها، فالأمة التي لا تستطيع أن تفهم نصوص قرآنها أو سنة نبيها صلى الله عليه وسلم، هي عالة، خصوصًا أنَّ القرآن يدعوها إلى أن تكون قوية حتى عند أصعب اللحظات لا يريدها أن تتفرق فيقول تعالى: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ"، فهل هناك أمة بها تنازع وشقاق وخلاف كما هو الحال الآن في بلادنا؟، رغم المبادئ الأساسية في القرآن والسنة تدعونا إلى نبذ الكراهية وترك العنف والتسامح والتحلي بالأخلاق الفاضلة والألفة في المجتمع، لكن هذا ليس مطبقًا على أرض الواقع.

وهل تحدث القرآن عما يحدث الآن؟

القرآن الكريم بيَّن أنَّه إذا تنازعنا فشلنا، حيث قوله تعالى "وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ"، فيجب أن نضع ذلك أمامنا في الأمة الإسلامية، لأنَّنا نجد أنَّ الأمة ممزقة الآن في شرقها وغربها بسبب التنازع والخلافات والهوى وحب المناصب.

من هم أبرز القراء الذين تاثرت بهم؟

أحب الجيل القديم مثل الشيخ مصطفى إسماعيل، حيث يمتلك من الملكات الآدائية التي لا نستيطع إلا أن نقول "ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء"، وهناك الشيخ محمد صديق المنشاوي والشيخ عبدالباسط عبدالصمد والشيخ حمدي الزامل والشيخ أحمد السعدني، فهم نماذج كل واحد منهم له مدرسته ولا يُقلد الآخر.

ومشكلة المعاصرين الآن عدم استقلالية القراء ومعظمهم يتداخل مع بعضهم البعض فلا نجد مدرسة مستقلة، وكنت أتمنى أن يوجد من بيننا من له صفة الاستقلالية في الأداء.

كيف ترى مدرسة التقليد في التلاوة؟

يسمح بها في بداية عمل القارئ للتأهيل والتعليم، لكن لا يجب أن يبقى على تقليده، فلا بد أن يستقل، ونحن نريد أن يكون له ذوق خاص به.

ما المقصود بعلم القراءات في التلاوة؟

هو عبارة عن قراءة ألفاظ القرآن الكريم بروايات متعددة، هذه الروايات قرأ بها العلماء نقلًا عن التابعين؛ والتابعون نقلوها عن الصحابة والصحابة نقلوها عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

ما رأيك فيمن يسيئون للقرآن الكريم في الفضائيات؟

ملاحظة أخطاء في المجتمع شيء موجود في كل الطبقات في كل مهنة، لكن هذا خروج عن الأصل ويجب أن يلتزم القارئ بقواعد الأداء القرآني وضبطه بما قرَّره علماء التجويد والقراءات، لكن ما يحدث من خروج فهو ممقوت وغير مقبول وإذا سمح للخروج في أي أمر آخر، فلا يُسمح للخروج فيما يخص القرآن الكريم، لأنه كتاب عزيز.

ماذا يسلك قارئ القرآن في حياته؟

الطريق الذي ينبغي أن يكون قارئ القرآن عليه، أن يكون قرآنًا يمشي على الأرض وأن يكون قدوة وأن يجعل الآخرة أمام عينيه، لأن أهل القرآن هم صفوة المجتمع، والمفترض أن يكونوا آمالا للمجتمع في أخلاقياتهم وسلوكياتهم ومحل نظر واعتبار للمجتمع بالكامل.

أين الجمهور المؤهل لسماع الجميل بعدما تشوه ذوقه؟

غياب الذوق الجميل، يُعد نتاج ما يسمى بالانفتاح ومع فارق المثل في عالم الغناء أنه يوجد الطبقة التي تسمع ما يقال بفهم ووعي وكلمات قوية، فغياب فهم الأداء لدى الجمهور ناتج عن التشويش الذي ضرب المجتمع بكامله وعدم التربية العلمية على الفهم لأنه مهم جدًا إن كنَّا نبحث عن الذوق الأدائي في سماع القرآن.

وكان الجمهور قديمًا يحبون أن يسمعون ويبحثون عن الذوق الجميل لتدبر المعاني، لكن الآن نجد أن السماع يكون دون تريث.