6 29 201361041PM 8510145551 560x286

تفعيل الشراكة على مستوى دول الخليج نواة للعمل الإسلامي المشترك

الايديولوجية الوحيدة التي ينطلق منها الإرهاب هي العداء للإسلام ومنهاجه السماوي

يد خفية تخطط وتدبر لتحقيق مآرب شيطانية من أجل بلوغ عدة غايات في آن واحد

الأزهر من أكبر المؤسسات الإسلامية.. والأصوات النشاز التي تريد النيل منه لن تؤثر فيه بشيء

تعزيز مفهوم المواطنة يحتاج لتحرك مدروس بشكل جيد يبدأ من مناهج التربية المدرسية

القاهرة- محمد خالد:

حذر وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزير الدولة لشؤون البلدية محمد الجبري، من التهديدات الإرهابية التي تعاني منها دول المنطقة، وقال إن الايديولوجية الوحيدة التي ينطلق منها الإرهاب هي العداء لدين الإسلام ومنهاجه السماوي، وشدد على ضرورة التحلي بأعلى درجات الحذر لمجابهة مخططات ممنهجة تستهدف تشويه الإسلام وزعزعة الاستقرار في بلادنا. كما أفاد بأن تعزيز مفهوم المواطنة يحتاج إلى تحركٍ مدروس ومخطط له بشكل جيد يبدأ من مناهج التربية في المدارس.

وتطرق الوزير في حوار مع صحيفة "البيان" الإماراتية إلى  التعاون القائم بين الوزارة والأزهر الشريف، ورد الوزير على سؤال بشأن محاولات البعض داخل مصر للتقليل من دور الأزهر، مؤكدًا أن "الأصوات النشاز التي تريد النيل من الأزهر الشريف لن تؤثر فيه بشيء".. إلى تفاصيل الحوار:

بداية، ونحن على أبواب شهر رمضان المبارك.. ما الكلمة التي تودون توجيهها للأمة الإسلامية؟

رمضان موسم من أعظم مواسم الخير للمسلم التي ينبغي عليه أن يغتنمها ويتزود فيها من زاد الخير وهو التقوى والإقبال على كتاب الله في شهر القرآن.. يقول الله عزوجل: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى). وأسال الله تعالى أن يوفق الجميع لما فيه خير البلاد والعباد.

شريعتنا سامية

رأينا معاناة مصر مؤخرًا مع عمليات إرهابية استهدفت نسيج الوطن بالاعتداء على كنائس للأقباط، هل تعتقد بأن الإرهاب يستهدف نموذج الدولة الوطنية بشكل عام أم ينطلق في ذلك من قواعد أيدلوجية بحتة؟

أولًا نعزي إخواننا في مصر على مصابهم الجلل، إن ما حدث هناك تأكيد على أن الإرهاب لا دين له ولا ملة، وبات من المعلوم أن هذه الأعمال الإرهابية تستهدف أمن واستقرار مجتمعاتنا المسالمة؛ لتعطيل التنمية من جهة والتشويه المتعمد لشريعة الإسلام السامية من جهة أخرى، ولا استبعد أن هناك أيدٍ خفية تخطط وتدبر لتحقيق هذه المآرب الشيطانية لتحقق عدة غايات في آن واحد. وأعتقد جازمًا أن الايديولوجية الوحيدة التي ينطلق منها هذا الإرهاب هو العداء لدين الإسلام ومنهاجه السماوي ولا غير.

وما السبيل نحو تعزيز مفهوم "المواطنة" في الدول العربية لحماية الأوطان من مصائر ظلامية جراء الخطاب الطائفي الذي أسقط دولًا في براثن الحروب الداخلية؟

تعزيز مفهوم المواطنة يحتاج إلى تحرك مدروس ومخطط له بشكل جيد يبدأ من مناهج التربية في المدارس ويستمر مع وزارات الاوقاف من خلال المساجد وفي وزارات الإعلام. لابد أن يكون هناك حد أدنى من التوجيه الوطني المسؤول الذي يرمي لتعزيز الهوية الوطنية وإزالة أي أسباب للبغضاء أو الشحناء في جنبات المجتمع ليعم السلام والأمن في المجتمع، وعلى العقلاء في المجتمع من المكونات المتعددة أن يعوا خطورة هذا وآثاره المدمرة التي تعصف بكينونة الدولة إذا ما سمح لهذا النفس الطائفي أن يستشري بين أبناء المجتمع الواحد.

وفي السياق.. كيف تنظرون للتجربة الإماراتية في ذلك الصدد في إطار المواطنة والتسامح؟

لا شك أن التجربة الإماراتية داخل منظومة دول مجلس التعاون الخليجي رائدة وتستحق الاحترام؛ لأنها أحدثت نقلة نوعية بالمجتمع وارتقت به إلى مصاف الدول المتقدمة، وها نحن نرى ثمار هذا التسامح تنعكس إيجابًا على النمو الاقتصادي والرفاهية المجتمعية والأمن الداخلي، حتى رأينا لديهم وزارة للسعادة، وهذا سبق محمود، ونتمنى أن تعمم هذه التجربة.

نتصدى للمتربصين

وما طبيعة العلاقة بينكم والأزهر الشريف؟ وكيف تنظرون إلى بعض الأصوات التي تهاجم مؤسسة الأزهر؟

بيننا والأزهر الشريف شراكة تضرب في جذور التاريخ وتعاون مثمر، ولدينا معه العديد من بروتوكولات التعاون على اعتبار أنه من منارات الإسلام الزاهرة. وأما الأصوات النشاز التي تريد النيل منه فلن تؤثر فيه بشيء؛ لأنه صمد في وجه أعتى الحملات صمودًا كبيرًا ولن ينالوا منه؛ لأنه من أكبر المؤسسات الإسلامية الداعمة للعلوم الشرعية والتي تعتمد المنهج الوسطي.

وما الدور المنوط بالقادة وصانعي القرار والمؤسسات الإسلامية لمواجهة الأجندات الخارجية المبنية على أساس أيدلوجي والتي تدفع ضريبتها بعض الدول في إطار تدخلات خارجية من أصحاب تلك الأجندات؟

ينبغي علينا جميعا أن نكون في أعلى درجات الحذر لنتمكن من مجابهة هذه المخططات الممنهجة التي تستهدف تشويه الإسلام وزعزعة الاستقرار في بلادنا، ولنعمل جاهدين على تفويت الفرصة على المتربصين بنا، ولا يكون ذلك إلا بالتعاون والتعاضد والتناصح والاعتصام بدين الله؛ لنضمن الأمن والأمان في مجتمعاتنا وبلادنا.

في ظل تنامي خطر الإرهاب الذي يتخذ من الإسلام عباءة لتبرير جرائمه وصبغها بالشرعية، ما الدور الذي تلعبه وزارتكم في مجابهة ذلك؛ انطلاقًا من منهجها الوسطي المتسامح؟ وهل هنالك مبادرات خاصة في سبيل مواجهة الإرهاب والأفكار المتطرفة؟

لا شك أن دور الوزارة محوري وأساسي ونتحرك من خلاله في عدة اتجاهات لوضع الأسس التي تهدف إلى توحيد وتجديد الخطاب الديني والتي تنطلق من بيان الأحكام الصحيحة للدين، وفق مقتضيات المصدرين الأساسيين (القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة)، مع التركيز على الجوانب الاجتماعية والسلوكية والأخلاقية.

ولدينا العديد من المبادرات التي نقدمها بأساليب مبتكرة تتواءم مع متطلبات واحتياجات المجتمع بكافة فئاته (الرجال، والنساء، والشباب، والأطفال)، فضلًا عن المؤسسات، وبوسائل وأساليب تطويرية تتماشى مع المتغيرات المحيطة، بالإضافة إلى ابتكار الأسس والمبادرات المرتبطة بنشر الفكر الوسطي ومواجهة الفكر المتطرف من خلال وسائل وأساليب مستهدفة تتبنى التنوع الفكري والعقائدي بالمجتمع الكويتي، وفق عدد من المحاور، هي: (تعزيز دور المساجد التوجيهي والدعوي، وكذا نشر الفكر الوسطي المعتدل من خلال مواجهة التطرف والإرهاب وفق أساليب ثقافية وتوجيهية، وإضافة إلى ذلك تطوير وتجديد للخطاب الديني، مع أهمية التنسيق مع الوزارات والمؤسسات في تفعيل الفكر الوسطي المعتدل).

تعزيز الوسطية

تصبو وزارتكم للوصول إلى الريادة العالمية في العمل الإسلامي وتعزيز الوسطية، ما هي الأدوات التي تتبعونها في سبيل تحقيق ذلك الهدف؟

قطعنا بتوفيق الله شوطًا كبيرًا في ذلك الأمر الذي كان هدفًا رئيسًا في خطتنا الاستراتيجية. ومن خلال "اللجنة العليا لتعزيز الوسطية" نجحنا في إنجاز العديد من المبادرات والمشاريع التوجيهية والفكرية والثقافية، وكذا إقامة العديد من الفعاليات والأنشطة في ذلك الصدد، على غرار المحاضرات الجماهيرية التوجيهية ومشروعات مختلفة مثل (الدورات العلمية لشرح وثيقة وسطية الإسلام ونبذ العنف) جنبًا إلى جنب والمحاضرات الموجهة لطلاب المدارس حول وسطية الإسلام، وكذا الندوات العلمية التي تحذر من مخاطر الإرهاب والعنف. والخطب المنبرية أيضًا في ذلك الشأن. وأيضًا تم تأسيس ملتقى تطوعي للمشاركة في مواجهة الفكر المتطرف، كما تم إطلاق مبادرات في هذا الصدد مثل مبادرة "خلك وسطي".

وبالإضافة لذلك كانت هنالك خطوة مهمة وهي خطوة تشكيل لجنة من أهل العلم والدعاة لمقابلة المتأثرين بالفكر المتطرف، وأيضًا لجنة خاصة بمراجعة المناهج الخاصة بإدارة الدراسات الإسلامية. إضافة إلى العديد من الفعاليات الأخرى على غرار الدورات التدريبية لمعلمي وموجهي وزارة الشؤون الاجتماعية وكذا موجهي وزارة الأوقاف وأيضًا الضباط، وفي نهاية الفصل الدراسي نكون قد دربنا أكثر من ثلاثة آلاف خطيب ومعلم وموجه من المنتسبين للوزارة.

وما طبيعة التنسيق القائم مع وزارات الأوقاف والمؤسسات الدينية الإسلامية في المنطقة؟ وما إذا كان هنالك رؤية مستقبلية لتطويرها؟

رؤيتنا المستقبلية في الوزارة يأتي من بين محاورها الرئيسية التنسيق المشترك مع وزارات الأوقاف في دول الخليج.. ولقد جنينا العديد من الثمار الطيبة لذلك التعاون عبر الاجتماعات واللقاءات الدورية التي يتم تنظيمها لبحث سبل وآليات التعاون بين تلك الوزارات، وهي الاجتماعات التي أفضت إلى خطة استراتيجية موحدة بين وزارات الأوقاف في دول مجلس التعاون الخليجي، تستهدف تحقيق سبعة أهداف رئيسية هي (الحفاظ على الهوية الخليجية وتعزيز المواطنة الصالحة، ونشر الوسطية والاعتدال الفكري والمنهجي وفق آلية موحدة لمواجهة الفكر المتطرف، وتعزيز دور العلماء الراسخين في العلم في المجتمعات الخليجية، وتأهيل أئمة المساجد وتعزيز الدور المناط بهم، وتنمية وتطوير الاداء لمؤسسات العمل الوقفي، وتعزيز دور الشباب وادارة وتنمية مواهبهم، وتعزيز دور المرأة في التوجيه الشرعي لتحقيق الاستقرار المجتمعي).

إن تفعيل الشراكة على مستوى دول الخليج نواة للعمل الإسلامي المشترك وتفعيلًا للشراكة الإسلامية بين الدول الإسلامية، الأمر الذي بدوره يشكل نقلة نوعية في العمل الإسلامي المشترك، وهي النقلة التي تتطلبها المرحلة الراهنة من تاريخ المنطقة الإسلامية.