1220152124354819وليد حسنين

 

فشلت فى الالتحاق بـ50 جامعة أمريكية.. و«جورج تاون» قبلتنى بعد شهور من المعاناة

سخروا من أفكارى فوصلت بنجاح عمليات زرع القلب إلى 50%

القاهرة – محمود زكي:

من رحم الفشل يولد النجاح، وخلف كل شاب عربي يعيش فى الخارج قصة كفاح تحمل فى طياتها روح وطنه، الجراح المصري وليد حسنين أحد أبرز طيور مصر المهاجرة فى الخارج، اختارته مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية ضمن الـ100 شخصية الأكثر تأثيرا فى العالم، وهو المصرى الوحيد فى القائمة، وجاء اختياره بعد اختراعه جهازا جديدا يطور تكنولوجيا نقل الأعضاء البشرية OCS ORGAN CARE SYSTEM، بالاحتفاظ بها دافئة بدلا من تجميدها..

يحمل «حسنين» ـ وفق صحيفة الشروق ـ قصة مثيرة بدأت بكفاح وانتهت بنجاح منقطع النظير، داخلها رمز لكل شاب يبحث عن ذاته.. وإليكم نص الحوار:

• فى البداية، كيف كانت نشأتك فى مصر؟

ــ ولدت بمصر الجديدة، كان أبى ضابطا بالجيش المصرى، وعشنا أغلب أوقاتنا فى القاهرة، وفيها التحقت بكلية الطب البشرى فى جامعة القاهرة، إلى أن انتقلت إلى الولايات المتحدة لاستكمال دراستى هناك.

• ولماذا سافرت؟

ــ فى أثناء دراستى الطب بقصر العينى كان لدى حلم بأن أصبح طبيبا وجراحا كبيرا، وكنت أعرف أن طريقا كهذا يبدأ بدراسة قوية فى الخارج، فراسلت أكثر من 50 جامعة أمريكية رفضتنى جميعها، إلا 3 جامعات إحداهن جامعة جورج تاون فى واشنطن، وهى التى قبلتنى بعد شهور من الاختبارات.

• ما قصة اختراعك جهاز «رعاية العضو البشرى OCS؟

ــ بعد تخرجى فى جامعة جورج تاون عام 1993، عملت فى جراحة القلب والصدر من جامعة هارفارد ببوسطن، وعملت نائبا لفريق جراحة القلب، وكان لدينا عملية زراعة قلب وعلينا إحضار قلب المتبرع من ولاية فيرجينيا، وباعتبارى الأصغر فى الفريق وقتها توليت مسئولية السفر مع آخرين من الفريق لوضعه داخل صندوق وتجميده، ثم نقله بعد ذلك للمستشفى.

وفوجئنا وقتها بعدم توفر هذا الصندوق، فأجبرنا على الاستعانة بـ«كيس» لوضع القلب به ومعه قطع من الثلج، فقلت لنفسى وقتها فى ظل التقدم والتكنولوجيا التى نعيش فيها، هل يعقل أن تنقل أعضاء بشرية فى عملية شديدة الحساسية بتلك الطريقة القديمة، ومن هنا جاءت الفكرة.

• اشرح لنا كيف يعمل جهازك وما الفرق بينه وبين الطريقة القديمة؟

ــ فى الماضى كانت الطريقة الوحيدة لنقل القلب من المتبرع إلى المريض هى وقفه تماما بتجميده لدرجة تصل لصفر، ووضعه فى أحد الصناديق المعقمة مع قطع من الثلج والمحلول لفترة لا يفضل أن تزيد عن 3 ساعات، وكانت تلك الطريقة تتسبب فى فشل أكثر من 5000 عملية لزراعة قلب كل عام فى الولايات المتحدة، لأن الطبيب لا يعلم عندما يزرع القلب المتجمد فى الجسم الجديد هل سيعمل أم لا.

هنا تساءلت لماذا لا يصنع جهاز يحافظ على حيوية القلب بدلا من تجميده ويجعل فرص نجاح العملية أفضل.

• كيف يعمل جهاز «رعاية العضو البشرى»؟

ــ بعد تلك العملية، قررت تخصيص كل وقتى لدراسة إمكانية تنفيذ هذا الجهاز وبعد صعوبات ودراسات وأبحاث لمدة 10 سنوات استطعنا صنع جهاز يشبه الصندوق يوضع فيه القلب ويتم توصيله بدم وأكسجين وفى درجة حرارة 37، وكأنه ما يزال داخل جسم الإنسان، وبهذا الشكل يظل القلب ينبض محافظا على حيويته ونشاطه.

• ومتى تم تنفيذ أول عملية لزراعة القلب باستخدام هذا الجهاز؟

ــ أول عملية تم الاستعانة فيها بجهاز «رعاية العضو البشرى» كانت فى عام 2006 بألمانيا لسيدة كانت تحتاج لزراعة قلب جديد وحافظنا على القلب داخل الجهاز ونجحت التجربة، وما تزال تلك المريضة على قيد الحياة حتى الآن، ونطمئن على صحتها سنويا.

وبعد تلك التجربة وصل عدد العمليات باستخدام الجهاز إلى أكثر من 500 عملية فى مناطق مختلفة من العالم.

• وكيف أثر اختراعك على عمليات زراعة الأعضاء بشكل عام؟

ــ عندما حافظ الجهاز على نشاط القلب وحيويته، ارتفعت نسبة نجاح عمليات الزراعة إلى 50%، وزادت نسبة حماية العضو البشرى من التلف إلى ما يقرب من 85%، كما أنه كان سببا فى إسراع عملية قوائم الانتظار للعثور على متبرعين.

• ما هو شعورك بكونك المصرى الوحيد فى قائمة «الأكثر تأثيرا فى العالم»؟

ــ لقد فوجئت بالاختيار مثل الجميع عندما اتصلت بى اللجنة وطلبت صورا شخصية لوضعها بالقائمة، لكن ما أحلم به حقا هو أن أعود إلى مصر ومعى الجهاز للاستعانة به فى عمليات زراعة الأعضاء، وبالفعل تباحثنا مع عدد من أطباء كلية طب القاهرة عن إمكانية ذلك، لكن هناك عقبات تؤخر تلك الخطوة.

• وما هى تلك العقبات؟

ــ لا توجد فى مصر قوانين واضحة فى هذا المجال المهم والحساس، خاصة أن مصر لا تسمح بالحصول على عضو من شخص ميت، أما المشكلة الثانية فهى عدم توفر رعاية ما بعد عمليات زراعة القلب، التى تتطلب تكنولوجيا ورعاية وتعقيم ليسوا متوفرين لدينا الآن، لكنى أؤكد مرة أخرى أننى تحت أمر هذا البلد فى أى وقت ومستعد لتقديم أية مساعدة.

• هل زرت مصر قريبا؟ وكيف ترى وضع البحث العلمى فى وطنك الأم؟

ــ أزور مصر على فترات متباعدة لمقابلة الأقارب والأصدقاء، ولهذا لا استطيع أن أحكم على البحث العلمى بشكل دقيق، لكنى أستطيع أن أؤكد أن مصر بها علم وعلماء يقدرون على فعل أى شىء.

• وماذا تقول للشباب المحبط الذى يتهم الدولة بدفن إبداعاته ومشروعاته؟

ــ كل دولة من دول العالم العربي عليها مسئولية بالتأكيد فى توفير بيئة صالحة للعلماء للإبداع، لكن على الشباب أيضا مسئولية كبيرة لتحقيق أحلامهم، فقد سافرت لكل دول العالم ولم أجد من الشباب الجالس على المقاهى مثلما شاهدت فى مصر، على الشباب أن يترك الإحباط لأنه أول طريق الفشل، ويعمل إلى أقصى حد، فالنجاح فى دول مثل أمريكا وأوروبا سببه فترات العمل الطويلة بجد وعزيمة.

• لكن البعض يرى أن وجودك وغيرك من العلماء بالخارج هو سبب نجاحكم؟

ــ عندما يسافر المصرى إلى الخارج يعمل بكل جهد، ولفترات تصل إلى 12 ساعة يوميا ليحقق حلمه، ويصنع المستحيل متفوقا على زملائه من العلماء، وهو أكبر دليل أننا نحتاج إلى العمل بجد وترك الكسل إلى غير رجعة.

أنا لكى أسافر إلى الولايات المتحدة راسلت عشرات الجامعات لسنوات، وعندما اخترت أن أكون جراحا تعرضت للكثير من العقبات، وعندما طرحنا فكرة الجهاز تعامل معنا البعض بالسخرية وعدم اهتمام، وحاول آخرون سرقة فكرتنا والاستيلاء عليها، وكانت كل تلك العقبات «شماعات» كافية للفشل والإحباط، لكن هذا لم يحدث.

• ما الرسالة التى تريد تقديمها للشباب المصرى؟

ــ أقول لهم انظروا لأنفسكم أولا وابحثوا عن الفرصة، ولا تيأسوا فأحفاد الفراعنة قادرون على فعل المستحيل.

• وما هو هدفك المقبل؟

ــ نسعى حاليا لتطوير الجهاز ليشمل أعضاء بشرية أخرى فى العام المقبل، وسيكون تركيزنا على حماية الكبد والأمعاء قبل عمليات الزراعة، ومن بعدها سنعمل على أعضاء أخرى مثل الكلى والبنكرياس.