سبب رئيس في انتشار السرطانات وأمراض القلب والسكري والضعف الجنسي

الحلول العلاجية تفقد جدواها إذا لم يغيِّر مريض السمنة أسلوب حياته ونمط غذائه

لا توجد طرق موحدة للتخسيس.. وعلى المريض ألَّا يسير وراء الوهم

يجب منع الأطفال من تناول الوجبات السريعة وحثهم على ممارسة الرياضة

تغيير نظام الحياة والعزيمة والإرادة أفضل الطرق للوصول إلى وزن مناسب

القاهرة- إسلام أحمد:

تصوير – رمضان إبراهيم:

أكد د.طارق الشاذلي، استشاري علاج السمنة وعضو الشبكة الدولية لإذابة الدهون، أنَّ مرض السمنة سبب رئيس في انتشار السرطانات وأمراض القلب والسكر والضعف الجنسي، إضافة إلى آثاره السلبية على المريض نفسيًا واجتماعيًا؛ بل وتسببه في تزايد معدلات الطلاق أو لجوء الرجل إلى الزواج من أخرى.

وأوضح الشاذلي خلال حواره مع "الوعي الإسلامي" أنَّه يجب على الأبوين مساعدة أبنائهما في الحد من تناول الوجبات السريعة الإعداد التي تُفاقم آثار السمنة، والعمل على زيادة الوعي بالأغذية الصحية وضرورة ممارسة الرياضة. وإلى نص الحوار..

بوصفك متخصصًا في علاج السمنة وعضوًا في الشبكة الدولية لإذابة الدهون.. ما أهم أضرار السمنة التي تتجاوز المعدلات الطبيعية والتي تزايدت في المحيط العربي، لاسيما في الكويت ومصر؟

عندما نتحدث عن السمنة كمرض فهي من أبرز أسباب انتشار السرطانات وأمراض القلب والعقم والضعف الجنسي وآلام المفاصل، كما أن هناك علاقة قوية بين مرضى السمنة وإصابتهم بالزهايمر، ونحن كأطباء ننصح دائمًا مرضى الفشل الكلوي والكبد بتخسيس أوزانهم لتحسين حالة الكلى أو ليتمكنوا من إجراء عملية زرع كلية.

وإذا تطرقنا إلى الناحية السيكولوجية لهذا المرض فهي الأخطر؛ إذ تتسبب السمنة في تصدع كثير من العلاقات الزوجية، والتي تنتهي بالانفصال؛ إذ إنَّ السمنة تسبب "ديفوهات" عنيفة في الجسم والشكل تحدث نفورًا زوجيًا، وأرى هذا في عيادتي، خاصة ما يحدث للسيدات بعد حالات الولادة، وفي دول أوروبا نجدهم يلتزمون بنظام معين بعد الولادة للحفاظ على شكل الجسم، بخلاف ما يحدث في الدول العربية، الذين لا يلجؤون للإصلاح إلَّا بعد حدوث مضاعفات في الحالة وتأزم الأمر.

ولا ننسى أن السمنة تسبب مرض السكر، ولذلك علاقة ببعض السرطانات مثل تكيس المبايض، وتحدث حالة من العجز أحيانًا ولا يستطيع المريض الحركة.

غيِّر أسلوب حياتك

وما أسهل وأفضل الطرق للتخسيس؟

لا يوجد شيء اسمه أفضل وأسهل طرق التخسيس، كل حالة قائمة بذاتها؛ فعلاج السمنة البسيطة أو المتوسطة أو المفرطة مع السن الصغير ليست مثل علاج من هم في عمر أكبر، فلكل حالة قياس، وهناك حالات تحتاج إلى نظام غذائي وأخرى تحتاج إلى تدخل جراحي مع نظام غذائي؛ والجراحي يتمثل في بالون المعدة وآخر يسمى "تدبيس المعدة" و"حزام المعدة" و"تغيير مسار المعدة"، وأفضّلُ إجراء عمليات بالون المعدة في السمنة البسيطة والمفرطة والمتوسطة في السن الصغير الذي يصل إلى 45 عامًا، وتدبيس المعدة في الحالات المفرطة جدًا في السن الكبير.

وبالون المعدة تدخل بواسطة المنظار وتنفخ بسائل أزرق، ويكون تركيبها لمدة من 6 إلى 8 أشهر؛ ما يساعد على تغيير أسلوب الحياة لمريض السمنة.

أما تدبيس المعدة فهو أقوى تأثيرًا، لكنه أخطر ويحتاج إلى نظام غذائي يساعد على التخسيس، ومن المستحيل التخلص من مرض السمنة إلَّا إذا تم تغيير أسلوب الحياة، ولا يصح إجراء عملية بالون وتدبيس معدة مع الاستمرار في تناول أطعمة تذوب بسهولة مثل الآيس كريم والمياه الغازية؛ ما يؤدي إلى فشل العمليات؛ لأن مرض السمنة عبارة عن نوعين: إدمان الطعام أو الأكل نتيجة ضغط نفسي، والعمليات تنجح مع مدمن الطعام، لكنها لا تنجح بنسبة كبيرة مع من يأكلون نتيجة الضغط النفسي؛ لأنهم يميلون إلى تناول الحلويات التي تذوب بسهولة؛ فمهما صغر حجم المعدة تخترق العمليات.

إذن.. كيف نحصل على وزن مثالي من دون مضاعفات مرضية؟

يعتمد ذلك على اختيار الطبيب المناسب لكل حالة، حتى لا تحدث مضاعفات؛ فهناك حالات كثيرة تنتهي بالوفاة نتيجة إجراء عملية للتخسيس رغم أنَّ الحالة الصحية للمريض لا تسمح بذلك؛ لذا يجب إطْلاع المريض على حالته الصحية تمامًا قبل الإقدام على أي خطوة، وبالطبع ينبغي تبني نظام غذائي صحي والاهتمام بممارسة الرياضة بانتظام.

وكيف نحمي أطفالنا من زيادة الوزن؟

عن طريق سلوك الأب والأم، فالطفل من الصعب جدًا السيطرة عليه، فأول شيء يجب ملاحظة قلة الحركة نتيجة التطور التنكولوجي العنيف ومتابعته لفترات طويلة، كذلك يجب الحد من تناول الوجبات السريعة، إضافة إلى حثّ الطفل على ممارسة الرياضة، وإذا كان هناك سبب مرضي -مثل خلل في الغدد- فيجب أنْ يفحصه الطبيب. أيضًا ينبغي جعل الرياضة روتينًا يوميًا بالنسبة إلى جميع أفراد الأسرة، والأمر ذاته ينطبق على ضرورة تناول الغذاء الصحي، وأن يكون ذلك باعتدال ودونما إفراط.

وألاحظُ في الجيل الجديد أنهم لا يأكلون سلطة خضراء أو فاكهة، رغم أن الفاكهة من مضادات الأكسدة، وذلك شيء خاطئ في السلوك الغذائي للأبناء ولا بد من معالجته لديهم.

يشتكي البعض من فشل الحمية الغذائية.. فما الأسباب التي تؤدي إلى ذلك؟

يفشل الرجيم لأن أساليبه القديمة قد انتهت، فمريض السمنة إذا حدث له حرمان لا بد أن يفشل نظام التخسيس، لأن هناك ناقلين كيميائيين يتحكمان في المخ: الدوبامين والسيروتونين، فعند تنظيم نظام يعتمد على الحرمان شديد فالدوبامين يقل في مراكز عنيفة؛ ما يُحْدِث جوعًا شديدًا، أما السيروتونين فيحدث حالة من الاكتئاب؛ ما يضر المريض، لكن هناك نظامًا جديدًا يسمى "80.. 20"، حيث يأكل مريض السمنة 20% مما يحتاجه.

ثقافة وبيئة صحية

وما أبرز الآثار السلبية للوجبات السريعة؟

الوجبات السريعة طعمها لذيذ، وبالتالي تلعب على مراكز الإدمان وتجعل الناس يعشقونها، بينما هي مُشبَّعة بالدهون؛ فيجب الحد منها، خاصة أن سعراتها الحرارية عالية؛ ما يعجل من الإصابة بمرض السمنة، وأيضًا تحارب النظام الغذائي، وإذا أضفنا إلى هذه الوجبات مياهًا غازية وآيس كريم فالأمر يزداد سوءًا؛ لذا لا بد من ثقافة وبيئة صحية يعيش فيهما الإنسان، ولا بد من الابتعاد عن الكسل.

ما أبرز المفاهيم الخاطئة المنتشرة عن الصحة والسمنة؟

أول شيء إلقاء الأمر كله على الطبيب، مع عدم تغيير بعض الأخطاء مثل النوم بالنهار والسهر ليلًا، فأقوى الهرمونات تتكون في أثناء الليل، والوطن العربي كله يعاني من هذه الأزمة، إضافة إلى استخدام السيارات في جميع الأمور حتى لو كانت المسافة صغيرة بدلًا من المشي، لاسيما عدم ممارسة الرياضة؛ فلا توجد ثقافة لمراعاة ذلك، والعالم كله نتيجة الثورة التكنولوجية يعاني من ذلك.

ما أغرب الحالات التي عالجتها؟

الأوزان العالية جدًا التي تصل إلى 180 و200 كيلو، والفضل في علاجهم يعود إلى عزيمة المريض وليس لي كطبيب، والتخسيس أسهل من شد الترهلات الذي يعتبر من أصعب الحالات في العلاج، ويجب المحافظة على شكل الجلد وجمال الوجه.

هل نرى طبيب سمنة يعاني من زيادة الوزن؟

بالطبع، مثله مثل طبيب القلب الذي يدخن، والأمر يكمن في الثقافة الخاطئة، وربما يكون أيضًا بسبب مرضي؛ لأنه يتناول بعض الأدوية التي تزيد من الوزن، مثل أدوية الاكتئاب والقلب والعلاج النفسي؛ لأنه في النهاية بشر.

لا تساير الوهم

علاج السمنة يحتاج دراسة وخبرة عالية.. كيف ترى من يفتقدون ذلك في هذا التخصص؟

يقول الله تعالى في عديد من آيات القرآن الكريم: "أَفَلَا تَعْقِلُونَ"، أسمعُ أشياء تذهل؛ حيث يلجأ المرضى إلى إعلانات كاذبة مثل "المشروب السحري لعلاج السمنة"، وكلها تؤدي إلى نتائج كارثية؛ لذا يجب تحكيم العقل لدى المريض، ووزارة الصحة يجب أن تجعل الأطباء المتخصصين هم المسؤولين عن هذا الأمر، ففي أوروبا يكون هناك دكتور نفسي وآخر متخصص في الغدد، وكذلك بالنسبة للجهاز الهضمي وجراحة التجميل وعلاج الآلام في الركب، وهناك بعض الأدوية التي يجب فحصها. وهناك مصائب قد تحدث في الجراحات، والطبيب المخطئ يجب عقابه حتى نحد من ذلك، ويجب على المريض ألَّا يسير وراء الوهم، وأن يسأل عن الطبيب وخبرته أولًا.

ما الانعكاسات النفسية لزيادة الوزن؟

تدمر الإنسان نفسيًا واجتماعيًا، ويحدث العديد من حالات الطلاق بسبب السمنة، فكثير من الرجال يلجؤون إلى الزواج من أخرى تتسم بالرشاقة والحيوية، وهناك حالة وصل وزنها إلى 200 كيلو حاولت الانتحار مرتين، والفرق بعد فقدان الوزن الزائد يكون كبيرًا جدًا ويُحدث حالة إيجابية كبيرة ويكون الشخص مقبلًا على الحياة بطريقة مختلفة تمامًا.

وما الجديد في التخسيس وفقدان الوزن؟

في آخر 5 أعوام توصلنا إلى أجهزة مفيدة وجيدة جدًا تمثل ثورة في هذا المجال، فهناك جهاز لتبريد الدهون وإزالتها، ولكن أحذر من وجود بعض الغش في ذلك الأمر؛ حيث يتم الاعتماد على أجهزة مقلدة وليست أصلية.

ما أهم ما تنصح به شباب الأطباء؟

أن يحافظوا على القَسَم الذي أقسموه قبل أن يصبحوا أطباء، وأن يتقوا الله، ويجب على كل طبيب شاب أن يبحث عن الجديد في العلم، والدول العربية لن تتقدم إلَّا بالعلم والإخلاص والاجتهاد.

توجد أربع دول عربية بينها الكويت ومصر والسعودية ضمن أكثر دول العالم في السمنة.. ما تفسيرك لذلك ونصائحك للوقاية منها؟

بسبب العادات والثقافة الخاطئة وانتشار الوجبات السريعة والكسل وقلة العمل. ويجب الحد من الدعاية والإعلان التي تعتمد عليها الشركات الكبيرة في الوجبات السريعة. كما يجب تغيير نظام الحياة، وهذا المرض يحتاج إلى عزيمة وإرادة قويين، وكذا اختيار المركز والطبيب الذي يسمع المريض ويستطيع وضع الخطة المناسبة لعلاجه.

إضاءة

السمنة في الكويت

تحتل الكويت المرتبة الأولى عربيًا والثانية عالميًا في معدل زيادة انتشار السمنة المفرطة. ووفقًا لآخر الإحصائيات الدولية، فإن نسبة الإصابة بالسمنة في الكويت بلغت 48% لدى النساء و36.6% لدى الرجال، وهذه النسبة تعتبر مؤشرًا خطيرًا يدعو إلى السعي للحد من انتشار أمراض السمنة التي تعد سببًا أساسيًا للإصابة بالأمراض المزمنة، كأمراض السكر والضغط وتصلب الشرايين والقلب والمفاصل.

كما كشفت دراسة أعدها التوجيه الفني العام لمادة الاقتصاد المنزلي في وزارة التربية أن 44% من طلاب المرحلتين المتوسطة والثانوية و15% من تلاميذ المرحلة الابتدائية مصابون بالسمنة، بينما تبلغ نسبة السمنة في إجمالي المجتمع الكويتي 70%.

• فريد العلي: هدفنا.. تعزيز الهوية ...
• "المخترع الصغير" فادي: ابتكرتُ ...
• #عروب_المولى أول كويتية تتخصص في ...
• «شيخ التربويين الإسلاميين».. ...
• أبو سنة: أعيش في واقع متقلب ومتدفق ...