الجمعة، 29 مارس 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

375 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

maraah

د. مصطفى البعزاوي - باحث في الدراسات الإسلامية - المغرب:     

تلعب المرأة المسلمة دورا محوريا في بناء الأسرة، فبصلاحها تصلح الأسرة وبفسادها ينهار كيان المجتمع، كما جاء على لسان الشاعر المصري حافظ إبراهيم:

الأم مدرسة إذا أعددتها

أعددت شعبا طيب الأعراق

وهي مربية الأجيال وصانعة الرجال والأبطال. وحتى تعطي هذه التربية ثمارها، فلا بد من جهد ينبغي أن تقوم به المرأة وبخاصة في مملكتها الأسرية، لتعطي لمجتمعها سواعد تعود بالنفع، متأسية في ذلك بمثيلاتها من النسوة اللواتي قدمن للأمة الإسلامية رجالا أفذاذا خلفوا تراثا عظيما للمكتبة الإسلامية.

1- التنشئة الأسرية

بين الله تعالى في كتابه وسنة رسوله أن الأسرة هي الأصل في تربية الأجيال فقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (التحريم:6).

غرس القيم

قال العلامة «ابن القيم» رحمه الله: «فمن أهمل تعليم ولد ما ينفعه، وتركه سدى، فقد أساء إليه غاية الإساءة وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه. فأضاعوهم صغارا فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم كبارا»(1).

وعن عمر بن أبي سلمة أنه كان غلاما صغيرا في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يده تطيش في الصحفة إذا أكل، أي تتحرك في الطبق دون انتظام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم. «يا غلام سمِّ الله وكل بيمينك وكل مما يليك»(2).

وأرشد الإسلام إلى التلطف بالأبناء في التربية والتوجيه حتى يغرس في نفوسهم الحب والإخاء والعطف الأبوي الخالص، وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جاءه أعرابي، فقال: أتقبلون الصبيان؟ فما نقبلهم فقال له: «أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة؟»(3).

إن الاعتناء بغرس القيم في صفوف النشء وتربيتهم التربية الإسلامية هو الحل الوحيد لعلاج فساد الأخلاق والقيم في مجتمعنا المعاصر الذي يتخبط في أزمة أخلاقية يرثى لها.

التربية بالقدوة

وهذا أمر لم يغفل عنه السلف الصالح، بل تنبهوا له وأرشدوا له المربين، فها هو عمرو بن عتبة يرشد معلم ولده قائلا: «ليكن أول إصلاحك لبني إصلاحك لنفسك، فإن عيونهم معقودة بعينك فالحسن عندهم ما صنعت، والقبيح عندهم ما تركت»(4).

وكان صلى الله عليه وسلم قدوة في حياته الزوجية، وصبر على أهله وأحسن توجيههن فقال صلى الله عليه وسلم: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي»(5).

القدوة الصالحة تعطي ثمارا طيبة منها:

- الانضباط النفسي والتوازن السلوكي لدى الطفل.

- تغرس قيم المحبة والتقدير والإعجاب.

- قبول كل ما يقال لهم من نصائح وتوجيهات بصدر رحب.

تنشئة المرأة للعلماء

لقد برز في تاريخنا الإسلامي رجال أفذاذ كان لهم الأثر الواضح في الأمة ولا تزال ذكراهم بيننا حية، وآثارهم فينا كذلك، وكان الفضل في ظهور هؤلاء إلى الساحة -بعد الله عزوجل- عنصر المرأة، إما أما، أو جدة، أو زوجة.

ونحو ذلك، ومن هؤلاء الأفذاذ والأئمة الأعلام: أصحاب المذاهب الفقهية.

أمهات الأئمة الأربعة

*أبو حنيفة النعمان

لقد نشأ أبو حنيفة في بيئة غنية بالعلم والعلماء، وكان وراء هذا الإنجاز الذي حققه، أمه التي سهرت على تربيته وضحت من أجله بكل ما أوتيت من قوة، حتى صار إماما بارعا في شتى أنواع العلم والمعرفة وصاحب مذهب فقهي يرجع إليه إذا استشكل أمر على الأمة.

* الإمام مالك رحمه الله

وكان السر في نجابة وظهور الإمام مالك، يكمن في أمه العاقلة، تلك التي أحسنت توجيهه واختارت له الطريق السوي، وهيأت له أسباب النجاح ولم يتوقف دور أم مالك عند ذلك، ولم تكتف بتوجيهه إلى طلب العلم وحسب، بل إنها ألبسته ثياب العلم ووجهته إلى من يتعلم منه، يقول مالك في ذلك:

«فألبستني ثيابا مشمرة، ووضعت الطويلة على رأسي -يعني القلنسوة الطويلة- وعممتني فوقها ثم قالت: اذهب الآن فاكتب». ثم تختار له المعلم والأستاذ، وكان أشهرهم آنذاك ربيعة ابن أبي عبدالرحمن، فتقول له: «اذهب إلى ربيعة فتعلم من أدبه قبل علمه»(6).

* الإمام الشافعي رحمه الله

أما والدة الشافعي رحمه الله فقد شبه دورها أم البخاري -رحمه الله- إذ إن والد الشافعي مات بعد أن ولد الشافعي بزمن قصير، فنشأ الشافعي يتيما وأصبح مصيره مرتبطا بتصرف أمه. لكن أم الشافعي أثبتت وبكل جدارة أنها من الأمهات الصالحات الحاذقات المجاهدات، إذ أهدت للأمة الإسلامية إماما عظيما، ملأ سمع الأرض والسماء.

وهذه الأم الفاضلة لا يتوقع منها إلا أن تحسن رعاية وليدها، وتسهر على تنشئته تنشئة صالحة وتختار له الطريق القويم.

* الإمام أحمد بن حنبل

فقد وهبت صفية بنت ميمونة بنت عبدالملك بن شيبان، حياتها كلها لطفلها اليتيم، واختارت من أجله الترمل في سن الشباب نهجا لحياتها وقد كانت الكثيرات من نساء العرب يفضلن الزواج إذا مات الزوج، وكانت هي دون الثلاثين حين وفاة زوجها، ورغم ذلك فإنها لم ترض بالزواج، وإنما ارتضت أن تملأ على ولدها حياته حنانا وأنسا.

وإذا عرفنا أن الإمام أحمد لم يتزوج قبل سن الأربعين أدركنا أن السبب في ذلك هو ما هيأته له أمه من سبيل العناية وغامر الاهتمام(7).

وهكذا كان دور المرأة بصفة عامة أساسيا في تنشئة العلماء من أجل الرقي بالأمة والعمل على تقدمها ونفع المسلمين ورفعتهم.

الهوامش

1- تحفة المودود بأحكام المولود «لابن القيم الجوزية»، ص229، ط1.

2- أخرجه البخاري، «كتاب الأطعمة» باب التسمية عند الطعام والأكل باليمين، رقم 376.

3- أخرجه البخاري، «كتاب الآداب»، باب الرحمة بالولد وتقبيله ومعانقته، رقم 5652.

4- أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق، ج 38، ص271.

5- أخرجه الترمذي: «متاب المناقب» باب فضل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، 6/188.

6- الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب، ص9.

7- الأئمة الأربعة، قصة أحمد بن حنبل، لمصطفى الشكعة، ص14-15.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

محمد حسني عمران يكتب: الحنان وأثره في تربية الطفل

القاهرة – محمد حسني عمران: الأطفال هم مستقبل الأمة الواعد، وهم العناصر الفاعلة في المجتمع، ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال