الجمعة، 29 مارس 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

211 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

1 2008511 2202

مياسة النخلاني - كاتبة يمنية                                                   :

يقول أحدهم سألت ابنتي التي تدرس في الروضة لماذا تربطين الحجاب بهذا الشكل، فردت بكل فخر بأن معلمتها تربط حجابها هكذا وهي تريد أن تكون مثلها.

وآخر سأل ابنه عن سبب رفضه الدائم لحمل حقيبة المدرسة، وإصراره على حمل كتبه ودفاتره بيده، ليخبره أخيرا أن معلمه لا يحمل حقيبة ظهر، وأنه يدخل الفصل ممسكا الكتاب بيده، وهو يريد أن يكون في المدرسة تماما مثل معلمه.

وعندما كنت في زيارة لصديقتي لاحظت أن ابنتها الصغيرة تمشي بشكل غريب، فسألتها عن سر هذه المشية الغريبة، فردت ضاحكة أن ابنها أصيب في قدمه وهو صغير وأصبح يمشي بعرجة خفيفة وابنتها تقلد أخيها الأكبر في كل شيء حتى في مشيته غير السوية.

الطفلة، حين تكون بمفردها، تخرج أدوات الزينة الخاصة بوالدتها، وتستخدم كل ما هو أمامها لتلطيخ وجهها، لأنها ترى أمها تفعل هذا وتريد أن تكون مثلها. والطفل، في غياب والده، يأخذ ريموت التلفاز ويحاكي جلسة والده؛ لأنه يريد أن يكون مثل والده فقط.

الأم والأب، المعلم والمعلمة، الأخ والأخت، الصديق والصديقة، وحتى المدير في عمله.. إلخ، كل هؤلاء هم قدوة لمن هم دونهم؛ فالقدوة ليست رمزا منزها عن الخطأ، ليس شخصا عظيما ذا مكانة عالية يصعب الوصول إليه، ليس شخصية لا نجدها إلا في طيات الكتب والمجلدات السميكة.

فالقدوة هي جزء لا يتجزأ من المجتمع الذي نعيش فيه، هي الشخص الأقرب إلينا والأكثر تأثيرا علينا، هي الشخص الذي نفتح عيوننا عليه ويشارك في تشكيل شخصياتنا وعقولنا وخبراتنا، انطلاقا من البيت، إلى المدرسة، الشارع، الجامعة، وبيئة العمل.

المعلم بين طلابه قدوة يملك القدرة على نحت وتشكيل شخصياتهم وتصرفاتهم بما لديه من تأثير وهيبة المعلم والمربي، والأب من مكانه قدوة يراه ابنه الأذكى والأفضل، لا أحد كوالده، وكل ما يفعله والده هو الأمر الصحيح، والأم من مكانها قدوة لا أحد بمثل جمالها وحنانها وروعتها، الرئيس من مكانه قدوة، فهو بالنسبة إلى مرؤوسيه الأكثر كفاءة وقدرة على إدارة الفريق، بكلمة واحدة منه تتفجر طاقات الإبداع والإتقان، الأخ قدوة لأخيه الأصغر، والرفيق قدوة لرفيقه طالما لديه تأثير عليه.

في المجتمع الكل لديهم القدرة على التأثير والتأثر بنسب متفاوتة، وهذا المجتمع يشبه السلسلة كل حلقة منها مرتبطة بالأخرى، وكلما كانت الحلقة أقرب لأختها كان التأثير أكبر والعكس صحيح، تظل السلسلة متماسكة طالما كانت العلاقة بين الحلقات متينة، وكلما تراخت تلك العلاقة أو اهتزت أثرت على ترابط المجتمع ككل، وعندما لا تدرك هذه الحلقة بقوة تأثيرها السلبي أو الإيجابي على الحلقة الملتصقة بها، تتراخى حلقات السلسلة وقد تنكسر وتتناثر قطعا صغيرة، بسبب كلمة أو تصرف لا مسؤول والنتيجة النهائية سلسلة مفككة ومجتمع متفكك.

عندما يرى المرؤوس أن رئيسه في العمل تعامل مع عمله بلا مبالة، في الوقت الذي يطالبه بالإنجاز والعمل الجاد، حينها تبدأ صورة القدوة في الاهتزاز.

عندما يرى الطالب معلمه وقدوته يمارس عليه القسوة والعقاب البدني بسبب أو من دون سبب، في الوقت الذي يحثه على العطف على الضعيف، تبدأ صورة القدوة في الاهتزاز.

وعندما ترى الطالبة أن معلمتها وقدوتها التي تشربت منها القيم والمبادئ وتحثها دائما على الاحتشام، تغتاب أو تخرج متبرجة، تهتز صورة القدوة في داخلها.

هنا يبدأ جدار تشكل في أعماقنا بالتصدع، بقدر رقته لكنه جدار نابض بالحياة، جدار تشكلت لبناته بالقيم والمبادئ الحسنة، جدار قوامه التقدير والهيبة و الاحترام، وكنتيجة لهذا التصدع تبهت صورة القدوة التي تشكلت في أعماقنا على مدى سنوات طويلة، لندخل إثر هذا التصدع في حالة من التشوش، التناقض، والارتباك، ونفقد الثقة، لنكون أخيرا عرضة للانجرار لأي تيار قوي يسير أمامنا، قد يجرفنا بعيدا، بعيدا عن ذاتنا وقيمنا، بعيدا عن كل ما آمنا وتمسكنا به؛ لأن الجدار الذي تعود أن يحمينا من السقوط قد انهار تماما وتركنا عرضة للتشتت.

لنحصل في النهاية على شخص مهزوز، سريع التأثر بكل من يحاول التأثير عليه أو استغلاله، شخص دمرناه نحن بأنفسنا بسبب عدم إحساسنا بالمسؤولية والتصرف بلا مبالة، عدم إدراكنا لقوة وسحر التأثير الذي نملكه، وإلى أي مدى يمكن أن يشكل فارقا بالنسبة إلى من هم حولنا.

وهكذا ومن دون شعور منا وكل من مكانه، نستمر في تدمير صورة القدوة الحسنة النابضة بالحياة، والتي كانت تمثل جدار صد لشخص ما، جدارا يقيه من الوقوع والانجراف خلف التيار الذي من شأنه أن يدمره ويدمر من حوله، لأن القدوة الحسنة التي تمثل الأساس لبناء مجتمع سليم ومعافى هي نحن ولا أحد سوانا.

فكل أفراد المجتمع هم قدوة حية، لذا أول ما سعى إليه إسلامنا الحنيف هو بناء مجتمع سليم، حيث نتعلم القيم من وجوه وكلمات من هم حولنا وأكبر منا، نتشرب المبادئ ممن لديهم تأثير مباشر وغير مباشر علينا، ونحن بدورنا ننقل هذا التأثير لمن هم دوننا وأصغر منا، في منظومة المجتمع الذي نعيش فيه.

 

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

محمد حسني عمران يكتب: الحنان وأثره في تربية الطفل

القاهرة – محمد حسني عمران: الأطفال هم مستقبل الأمة الواعد، وهم العناصر الفاعلة في المجتمع، ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال