الخميس، 28 مارس 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

358 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

68 68

د.عبدالفتاح محمد العيسوي - باحث تربوي:

لاشك أن تنمية اللغة Language لها أهميتها البالغة في حياتنا حيث تؤدي اللغة وظيفة اجتماعية باعتبارها من العوامل الحيوية لعملية التفاعل والتواصل بين بني الإنسان، كما تؤدي وظيفة عقلية لأنها أداة لتكوين المفاهيم والاتجاهات Attitudes ليس ذلك وحسب، بل إن لها وظيفة نفسية أيضًا..

 

فهي وسيلة للتعبير عن الأحاسيس والمشاعر والميول والرغبات والانفعالات والخواطر، فعن طريقها نستطيع أن ننقل للآخرين أدق المعاني الوجدانية Affectivity والعواطف الإنسانية، وتعرُّف ما لديهم من أفكار ومعلومات وآراء، وبها ننقل أفكارنا ومعارفنا وخبراتنا للأجيال اللاحقة، وخاصة في ضوء تلك الدعوات المباركة التي تستهدف إعادة بناء الإنسان على الأرض العربية ليكون قادرا على التصدي لتحديات العصر وحمل راية التقدم ورفع مشعل التنوير والتثقيف Enculturation ونشر العلم والمعرفة والوعي.

ونحن حين نتصدى لتربية الأجيال الصاعدة تربية سوية وسليمة، وحين نستهدف تكوين المواطن الصالح، إنما نقوم بعملية استثمار لأنه على قدر ما ينفق المجتمع من ماله وجهده في سبيل تربية النشء والحفاظ على صحته الجسمية والعقلية والنفسية وقيمه الروحية والوطنية.. يرتد عائد هذا الاستثمار في شكل خبرات نافعة، وأيدٍ وسواعد وعقول تبني المجتمع وتبذل له العطاء، ويتطلب ذلك أن نتولى الطفل منذ نعومة أظفاره, أي منذ الطفولة الباكرة بالرعاية الصحية والجسمية والعقلية والنفسية والروحية والخلقية العملية تلك التي تبدأ باكتساب اللغة، لأن مرحلة الطفولة لها أهمية كبيرة حيث توضع فيها البذور أو الأصول الأولى لشخصية الإنسان وتحكم ما تمتاز به شخصية الطفل من المرونة، فإن ما يلقاه من خبرات تترك بصماتها قوية في المراحل اللاحقة، لأن حياة الإنسان سلسلة متصلة من الحلقات يؤثر فيها السابق في اللاحق ومن هنا يجدر بنا عرض مراحل النمو اللفظي:

مرحلة الرضاعة

تبدأ مظاهر الحياة لدى الطفل بصيحة الميلاد نتيجة لاندفاع الهواء بقوة عبر حنجرته إلى رئتيه فتهتز الثنايا الصوتية أو الأوتار الصوتية وتصدر عن الطفل صيحة الميلاد المألوفة، وتختلف هذه الصيحة من طفل إلى آخر تبعا لاختلاف طريقة الولادة والحالة الصحية للطفل، فصيحة الطفل القوي حادة وصيحة الطفل الضعيف خافتة.

مرحلة الأصوات الوجدانية

تنمو صيحة الميلاد حتى تصبح معبرة عن حالات الطفل الانفعالية ورغباته النفسية، فمثلا الصرخة الحادة تدل على الألم، أما الصرخة الرتيبة المتقطعة فتدل على الضيق، والأصوات التي تصدر عنه في حالة الجوع أو الفرح أو الغضب هي ما يطلق عليها بالأصوات الوجدانية، وهي مؤسسة على الروابط بين الجسم والنفس ربطا يجعلها تتحرك بشكل آلي عند وجود هذه الحالات، وهذه الأصوات لها دلالتها وتفهمها الأم المحنكة.

مرحلة المناغاة

في هذه المرحلة يصدر الطفل مجموعة من الأصوات وهو في حالة الارتياح والتمتع بالدفء والشبع والطمأنينة ثم يستطرد في نموه اللغوي حتى يكتشف لنفسه جميع الدعائم الصوتية لأية لغة يتحدث بها.

مرحلة التقليد والمحاكاة

وفي هذه المرحلة يستجيب الطفل لحالاته النفسية والانفعالية الداخلية وللأصوات المحيطة به, ثم يتطور فيقلد الأصوات التي يسمعها إذا لم يكن هناك عائق في جهازه السمعي، ذلك لأن وضوح الإحساسات السمعية وقوتها ينمي الذاكرة السمعية وبالتالي تنمو معها ظاهرة التقليد اللغوي وهي قدرة على حفظ الأصوات ثم يزداد نموها وتظهر الذاكرة النظرية أي ذكر الأشياء المنظورة وبذلك تزداد عملية التقليد والمحاكاة Imitation.

نمو الرصيد اللفظي

تعد السنة الأولى مرحلة الكلمة الواحدة حيث ينطق الطفل كلمة واحدة للدلالة على ما يريد التعبير عنه, أما مرحلة الكلمتين فتأتي في السنة الثانية وخاصة في النصف الأخير منها وتكون معظم الكلمات عبارة عن الأسماء الجامدة التي تدل على أمور حسية ثم يظهر بعدها الأفعال ثم الصفات ثم الضمائر ثم الحروف، ويصاحب ذلك قدرته على الفهم، إلا أن الطفل لا يدرك المعاني المجردة إلا إذا ارتبطت بأشياء مادية مثل الكرم المصاحب لكثرة الطعام كما يتأثر نمو اللغة لدى الطفل بالأب والأم أو الأخ الأكبر أو المربية أو ممن يعجب بهم. فإذا سئل أين أنفك أو فمك؟ أجاب بحركات يده وجسمه إجابات تدل على فهمه معاني الكلمات. فالرصيد اللغوي من الكلمات التي يفهمها الطفل أكبر بكثير من الكلمات التي ينطق بها ولا ينطبق ذلك على جميع الأطفال..

فهناك ما يعرف في علم النفس الحديث بالفروق الفردية Individual Differences والفروق بين الذكور والإناث حيث تتفوق البنات على البنين في كل جوانب اللغة وعدد المفردات، كما يرتبط النمو اللغوي بنسبة الذكاء Intelligence وذلك لأن نمو اللغة مظهر من مظاهر نمو القدرة العقلية العامة، ومعنى ذلك أن ظهور اللغة في سن مبكر مَحَكٌ جيد لارتفاع نسبة الذكاء، وتأخيرها ليس دليلا على انخفاض نسبة الذكاء وكذلك سلامة الجهاز العصبي، وثراء البيئة الاجتماعية والحضارية والثقافية والخبرات وكمية ونوعية المثيرات الاجتماعية، كل ذلك يؤثر في نمو اللغة.

مرحلة الروضة

تتميز هذه المرحلة بزيادة الميل إلى الحركة ومحاولة التعرف على البيئة ونمو اللغة وتكوين المفاهيم الاجتماعية، وإدراك الصواب من الخطأ، والتمييز بين الخير والشر وتكوين الضمير conscience وبداية نمو الذات ووضوح الفروق الفردية بين الأطفال حتى تصبح واضحة المعالم في نهاية هذه المرحلة، وتتطلب هذه المرحلة تحصيل عدد كبير من المفردات وفهمها واستيعابها وربط بعضها ببعض في جملة ذات معنى، ومن مظاهر هذه المرحلة الوضوح ودقة التعبير والفهم وتحسين النطق، واختفاء النطق الطفلي أو الجمل الناقصة أو الإبدال أو اللثغة...إلخ.

كما يمر التعبير اللغوي بمرحلتين؛ مرحلة الجمل القصيرة والبسيطة والمفيدة حيث تتكون الجملة من 3-4 كلمات سليمة من الناحية الوظيفية أي تؤدي المعنى بالرغم من أنها غير صحيحة من الناحية التركيبية، وعلى ذلك ينبغي أن نقدم للأطفال أسماء الأشياء التي يشاهدونها في البيئة المحيطة بهم ثم تقديم صفاتها وأحجامها والأماكن والجهات والخصائص الفيزيقية والأشكال الهندسية والقيم الاجتماعية البسيطة، والقواعد اللغوية السهلة كالمذكر والمؤنث والمفرد والمثنى والجمع، والضمائر مثل هو وهي ونحن... ثم يتبع ذلك تركيب الجمل البسيطة مثل هذا قلمي وهذه كراستي...إلخ.

مرحلة الجملة الكاملة

تتميز هذه المرحلة بأن الجملة تكون مفيدة وكاملة الأجزاء والكلام يكون فكريا أكثر من كونه حركيا وتزداد فيه صفة التجريد Abstraction كما يظهر التعميم Generalization القائم على التوسط، كما يتضح معنى الحسن والقبيح والبنات أكثر وأسرع كلاما وتساؤلا, وأحسن نطقا وأفصح إبانة وأكثر غنى في المفردات من البنين.

وعلى كل حال فإن عملية تعليم اللغة مهمة، تلك التي تقوم على المفاهيم الأساسية لنظريات التعلم مثل الارتباط والممارسة أو التكرار ورفع دافع التحصيل الدراسي Motive Achievement والإثابة أو التعزيز الإيجابي.

وإذا كان الاهتمام والتعامل والعلاقات الاجتماعية السوية بين الطفل ومربيته يسهم في نمو اللغة بالإضافة إلى الجو الأسري المستقر، فإن اضطراب الجو العائلي يسبب للطفل البكم النفسي، كما تؤثر العوامل الجسمية كسلامة جهاز النطق وكفاية الحواس في النمو اللغوي. ولاشك أن رواية الحكايات والقصص لها دورها في اكتساب الطفل للمفردات اللغوية حيث ينصب كلام الطفل على الحاضر وقليل منه عن الماضي والمستقبل ويكون متمركزا حول الذات ثم حول الجماعة، ويستطيع الطفل أن يتخلص من تكرار الكلمات أو الترديد.. ومن الجدير بالذكر أن الثراء اللغوي عند الأطفال لا يقاس بعدد المفردات فحسب، بل بخصوبة الألفاظ وصدق دلالتها وبما يتمتع به من طلاقة لفظية ومرونة وأصالة.

سبل تنمية اللغة لدى الطفل:

* تدريب الطفل على النطق السليم والصحيح والواضح، ومعلوم أن الطفل تغلب عليه لهجات الملازمين له والمشرفين على تربيته فيتعين على رياض الأطفال في الوطن العربي أن يعنوا بانتقاء الحاضنات فيختاروهن ممن حسن نطقهن ورقت أساليبهن وسلمن من العيوب اللفظية كالعي والفأفأة واللجلجة واللثغة حتى تكون مدلولات الألفاظ والجمل التي يحاكيها الطفل واضحة تمام الوضوح في ذهنه وبعيدة عن الغموض أو اللبس Ambiguity.

فإذا نجح الطفل في نطقه مثلا بالألفاظ والكلمات نطقا سليما فمن واجب المستمعين أن يتقبلوا ذلك بالتعزيز وإظهار السرور والتشجيع والاستحسان والإثابة والتدعيم الذي يدفع الطفل إلى تكرار الألفاظ المعززة وبالتالي يتعلمها بفضل التكرار والتقليد، على أن يكون ذلك بالتدريج شيئا فشيئا بما يتوافق مع مستوى نضجه واستعداده وقدراته، وينبغي أن تكون التمرينات ذات صبغة إيقاعية، وتبدأ بالكلمات السهلة إلى الصعبة مع مراعاة تدريب اللسان والشفاه والحلق.

كما يجب مراعاة تنظيم سرعة الكلام والتدريب على نطق الحروف الساكنة والمتحركة، واستخدام الطريقة الموسيقية أي الألحان والنغمات على أن يكون المدرب من الشخصيات الجذابة حيث أثبتت الدراسات أن الفرد يسهل تعلمه عن طريق الشخص الذي يحبه ويثير إعجابه وتقديره وينجذب إليه.

* وعلى كل من الأسرة والمربية وقاية حاسة السمع من كل ما يعوقها عن أداء وظائفها أداء كاملا وعلاجها مما عسى أن يكون بها من خلل طبيعي أو مكتسب، وكذلك تربية قوى الحفظ والذاكرة والإرادة والتصميم الواعي على أداء الأفعال وتحقيق الأهداف النافعة.

* عدم إجابة مطالب الطفل بمجرد الإشارة إليها مما يحمله على محاولة الكلام.

* تقديم لغة عربية تناسب مراحل نموه مع اختيار الكلمات العربية التي تقتضيها الحياة الحضارية، وحمله على حبها والإقبال عليها.

* إيجاد طرائق لإنماء لغة الأطفال، وتيسير سبل الاتصال اللغوي لديهم.

* الزيارات لحدائق الحيوان والمتنزهات والمحلات والأسواق والرحلات والاشتراك في الأندية الرياضية، وتكليف الطفل بوصف هذه الزيارات وتلقي الإجابة عليها.

* توفير جو أسري مستقر يسوده الحب والدفء والحنان والسكينة والاطمئنان والأمن والأمان زد على ذلك وجود جو في الروضة مشوق وجذاب تتوافر فيه بعض الألعاب المناسبة لعمره والزهور وأحواض الأسماك وتبديل دائم للصور الملونة والرسومات المبهجة.

* توفير الكتب والقصص والمجلات المصورة، وأفلام الكرتون بالتلفاز والمسرحيات الهادفة وتنويع الموضوعات، فالقصة مثلا تعد وسيلة لتعلم اللغة وتنمية مفردات الطفل زد على ذلك أنها تشبع العواطف كالحب والخير والبر والإحسان واللطف والرقة والجمال واحترام الكبار فضلا عن تقديم الألعاب الجذابة كالهاتف، ذلك لأن الأطفال مولعون بالتحدث مع آبائهم وأمهاتهم وزملائهم في الهاتف، فالأطفال الذين يملكون الكثير من الألعاب يكتسبون مفردات أكثر من أولئك الذين يعيشون في بيئات ضيقة أو مغلقة.

* توفير مسارح للأطفال يتحدثون فيها بشكل طبيعي أثناء اللعب والتقليد بل يستطيع الطفل أن يخترع قصصا، وأن يمثل بعض الأدوار بطريقة تلقائية, كما أن مسرح الدمى يجذب الطفل الخجول ويدفعه إلى التحدث عن الدمى أو معها، والمربية الناجحة تستطيع إفهام الأطفال أهمية العلاقة بين الحركة والكلمة وإقامة حوار بين الطفل ومربيته وأقرانه وحول ما يوجد في البيئة المحيطة بهم.

* تسجيل حديث الطفل يساهم في توسيع لغته وتنميتها وخاصة عندما يسمع صوته, ويمكن أن تقوم المعلمة بتصحيح ما قد يوجد من الخطأ.

* تشجيع الطفل على وصف الأشياء من حيث لونها وملمسها فإن ذلك يثري مفردات الطفل كما يربط ذلك بين اللغة والفكر.

* كما يجب تنمية شعور الطفل بالثقة في نفسه وإشباع حاجاته النفسية وتحقيق أمنه وعدم معاقبته أو معايرته أو لومه أو معاملته معاملة خاصة، أو جعل كلامه مادة للسخرية والتندر أو التهكم والاستهزاء.

* استخدام العلاجات الطبية والنفسية عند ظهور اضطراب في الكلام عند بعض الأطفال وخاصة تلك التي لا تختفي مع النمو أو النضج.

 

 

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

محمد حسني عمران يكتب: الحنان وأثره في تربية الطفل

القاهرة – محمد حسني عمران: الأطفال هم مستقبل الأمة الواعد، وهم العناصر الفاعلة في المجتمع، ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال