القاهرة – محمد عبدالعزيز يونس:

"لا تُقلل أبدًا من قدرات عقلك، واعرف السبيل إليها، بل واستخدم عقلك وتفكيرك لإنارة دروبك في الحياة"..

هذا ما يؤكد عليه كتاب "سيطِّر على عقلك وتفكيرك" لمؤلفيه علي أبوالنور ومحمد البحراوي، خبيرا تنمية المهارات البشرية، والكتاب صادر في القاهرة عن "دار الحياة" للنشر والتوزيع في 136 صفحة من القطع المتوسط.

والكتاب دليل مهم لتنمية الجانب الإبداعي والعقلي من خلال أحدث الأبحاث والدراسات العالمية، فمنها ما يساعدك على تنشيط العقل والذاكرة والتغلب على النسيان وتهيئة الذاكرة لتصبح أكثر استيعابًا وقدرة على التركيز والتفكير الإيجابي.

كما يرشدك هذا الكتاب إلى الطريقة المثالية للقراءة والمذاكرة، إضافة إلى تعلم كيفية التفكير وكيفية تجنب الجدال وحدة النقاش، واكتساب المرونة في التحول من التفكير بطريقة معينة، ثم التحول إلى طريقة أخرى، وكيفية التدريس وفقًا لقبعات التفكير الست.

  بين الوعي واللاوعي م

وبينما يوضح الفصل الأول "قدرات العقل" وعجائبه، وحدوده المعرفية، يتطرق الفصل الثاني (العقل الواعي والعقل اللاواعي "الباطن") إلى تأكيد أن العقل الواعي هو القائد الذي يوجه ويعطي الأوامر للعقل الباطن، أي أن العقل الواعي يعطي الأفكار والتصورات إلى العقل الباطن أو "العقل اللاواعي" وهو الذي يتحكم في كل خبراتك وقواك الداخلية.

ومثال ذلك، أنك إذا طرحت على عقلك الباطن قبل أن تنام هذه العبارة: "أريد الاستيقاظ في الساعة الخامسة صباحًا لصلاة الفجر"، فإنه سوف يوقظك في هذا التوقيت تمامًا؛ أو أنك إذا طرحت على عقلك الباطن قبل أن تنام هذه العبارة: "أريد أن أستيقظ في الساعة السابعة صباحًا للتوجه إلى العمل" فإنه سوف يوقظك في هذا التوقيت تمامًا.

وبحسب الكتاب، يمثل اللااوعي "العقل الباطن" بنك المعلومات والذكريات والرغبات والعادات، وهو قادر على تسجيل أكثر من 50 لقطة في الوقت الواحد، على خلاف العقل الواعي الذي يدرك لقطتين في الوقت الواحد على الأكثر.

ومثال ذلك أنك عندما تتحدث إلى شخص فإنك تركز على العقل الواعي في كلامك أو كلامه، وقد تكون اللقطة الثانية رؤيتك لعينيه.. أما العقل اللاواعي فيسجل إضاءة الغرفة وغير ذلك، ومشكلة العقل الباطن هي ترتيب الأشياء بأي شكل دون منطق، لذلك يكون أسهل للبرمجة والتغذية.

وللعقل الباطن عدد من القوانين منها قوانين نشاطات العقل اللاواعي، قانون التفكير المتساوي، قانون الجذب، قانون المراسلات، قانون الانعكاس، قانون التركيز، قانون التوقع، قانون الاعتقاد، قانون التراكم، قانون العادات، قانون السببية "الفعل ورد الفعل"، قانون الجهد المعكوس، قانون الاسترخاء، قانون التعويض، قانون التكرار، قانون الاستبدال.

  العقل السليم في الجسم السليم م

إذ كنت طالبًا، أو جراحًا، أو محاسبًا، أو رجل أعمال، أو أي مهنة تحتاج إلى اليقظة والانتباه فحتمًا يتوجب عليك الاحتفاظ بجسمك وعقلك في حالة سليمة، تستطيع أن تخوض بها غمار مماراسات الدراسة الصارمة، التي يوضحها هذا الكتاب، فعليك أن تضع في اعتبارك هذه المقترحات:

** لا يهم عدد الوجبات الخفيفة التي تتناولها في أثناء النهار، حاول أن تحصل على وجبة واحدة متوازنة على الأقل تتكون من الخضروات قليلة الطهي، اللحم الطازج أو الدجاج أو الأسماك، الفاكهة الطازجة، وبعض منتجات الألبان مثل البيض واللبن.

** لا تأكل وجبة ثقيلة قبل أي اختبار أو امتحان مباشرة، لأنها قد تجعلك كسلانًا أو مائلا إلى النوم.

** تجنب الإفراط في تناول المنبهات، لأن تناولها باعتدال أمر حكيم، حيث يميل كثيرون إلى الإغراق في تناولها خاصة وقت الامتحانات، ولكن يجب أن تعلم أن القهوة والشاي والمياة الغازية مُدرات للبول، ونظرًا لاحتياجك إلى الوقت أثناء الامتحان، فسوف تندم عندما تضطر إلى التردد على الحمام أكثر من مرة.

** كن حذرًا فيما يتعلق باستخدام الحبوب والمنبهات والمهدئات، لأنها قد تدفعك إلى الأمام في فترة الاستذكار، بينما تتخلى عنك في فترة الامتحانات!

** الرياضة عامل مهم للحفاظ على سلامة الجسم وبالتالي سلامة العقل.

** أيضًا الحصول على القسط المناسب من النوم يوميًا أمر مهم لصحة الجسم وتجديد نشاطه.

لكن من المهم قبل أن تخلد إلى النوم أن تحاول الاسترخاء أولا، فمن الصعب أن تذهب لتنام فجأة بينما ذهنك مشغول بالعديد من الأمور، لذا يمكنك أن تقرأ ورد من القرآن الكريم، أو تقرأ مقالا أو قصة، كما يمكنك الحصول على حمام دافئ سيساعدك على الاسترخاء سريعًا ومن ثم النوم الهادئ.

  أفضل الطرق للقراءة والمذاكرة م

** شروط البيئة الخارجية: أفضل قراءة تكون في ضوء النهار، فكلما كان مكتبك قريبًا من ضوء الشمس كان هذا أفضل، فإن تعذر ذلك فإن الضور الصناعي يجب أن يكون فوق أكتافك معاكسًا لليد التي تكتب بها حتى تتجنب الظلال، كما أن مصباح المكتب يمكن أن يتسبب في إرهاق عينيك إن لم يكن في وضع سليم.

** الراحة الجسدية: الوضع المثالي للمقعد هو ألا يكون جامدًا صلبًا، ولا لينًا بصورة مبالغ فيها وتسبب النُعاس.. ويجب أن يكون ظهر المقعد مستقيمًا.

** ارتفاع المقعد والمكتب: ارتفاع المقعد يجب أن يتيح لفخذيك أن يكونا موازيين للأرض أو أعلى قليلا، فهذا يضمن أن يكون جسمك مستندًا إلى عظمتي المقعدة.

** المسافة بين العين والمادة المقروءة: يجب أن تكون في حدود 50 سم.

** الجسم: الوضع المثالي يتضمن أن تكون القدمان ملامستين للأرض بالكامل، حتى يكون ظهرك مستقيمًا بما يتيح استطالة العضلات بشكل خفيف، والانحناءة البسيطة أسفل ظهرك ستوفر لك المزيد من الراحة.

** إن الجلسة الصحيحة تعني: أن مخك يستقبل تدفقًا مناسبًا من الهواء والدم، عندما يكون العمود الفقري العلوي مستقيمًا، وخاصة عند الرقبة.. وتدفق الطقة الكهربية في العمود الفقري توفر أقصى طاقة عقلية.

** البيئة: البيئة المحيطة لك تؤثر بلا شك على حجم إنجازك.

  كيف تزيد مستوى استيعابك؟ م

* اندمج في فكر المؤلف.

* تجنب القراءة كلمة كلمة، بل مرر عينيك على مجموعة كلمات مرة واحدة، وهذا لن يزيد من سرعتك فحسب، بل سوف يجعلك تهضم أفكار المؤلف بصورة أسهل.

* النظرة العامة التمهيدية سوف تزيد استيعابك، فإذا ألممت بالخطة الكلية للكتاب قبل أن تبدأ في قراءته، فإن فهمك له سيزداد، وستصبح مادته أكثر قابلية للرسوخ في ذهنك.

* إذا لم يكن هناك تلخيصات وراء كل فصل، قم أنت بإعداد هذه التلخيصات بعد الانتهاء من قراءة كل فصل، وكذلك أثناء قراءتك للكتاب بصفة عامة.

* قارن بين ما تقرأه مع ما قرأته من قبل حول الموضوع ذاته، واكتشف مدى الاختلاف بينهما.

* دوِّن الملاحظات.. فكتابة التعليقات أثناء القراءة يزيد من تذكرك لما تقرأ.

  العوامل الأساسية لتقوية الذاكرة وعلاج النسيان م

** تقوى الله: كلما اتقى الإنسان ربه كلما كان أقدر على التعلم والاستيعاب والتذكر (وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).

** ذكر الله: ذكر الله يطرد الشيطان، وعندما يكون الذهن خاليًا يسهل الاستيعاب واستعادة ما في الذاكرة (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمْ الْخَاسِرُونَ﴾.

** المحبة: كلما كنت محبًا وشغوفًا بما تقرأ أو تعمل كلما أديته بقدر كبير من الاتقان والتميز، وكان حاضرًا في ذاكرتك، بخلاف إن لم يكن الأمر محبوبًا لديك.

** الدافع: يتمثل الدافع في الشعور الداخلي الذي يدفعك لتحقيق أهدافك وطموحاتك.

** الانتباه والتركيز: الانتباه هو تنقية الفكر والذهن من كل الشواغل والتركيز فيما تفعل أو تقرأ.

  قبعات التفكير الست م

** القبعة البيضاء: النظرة الموضوعية للأمور.

** القبعة الحمراء: الانفعال والحدس والمشاعر.

** القبعة السوداء: الحذر والتشاؤم والتفكير السلبي.

** القبعة الصفراء:  الممكن والمنطق الإيجابي.

** القبعة الخضراء: الأفكار الجديدة والتفكير الخلاق.

** القبعة الزرقاء: ضبط عملية التفكير، والتفكير في التفكير.

        إن القبعات المستخدمة في التفكير ليست قبعات حقيقية، إنما هي قبعات نفسية وهمية، وهذه الطريقة تعطينا الفرصة لتوجيه الفرد إلى أن يفكر بطريقة معينة، ثم تطلب منة التحول إلى طريقة أخرى، كأن يتحول مثلا إلى تفكير القبعة الخضراء والتي ترمز إلي الإبداع.

وترتبط القبعات بأنماط التفكير الستة بحيث نُعبر عن كل نمط بقبعة، وكل قبعة لها لون يميز هذا النمط، وعندما تتحدث أو تناقش أو تفكر فأنت تستعمل نمطًا من هذا الأنماط، أي تلبس قبعة من لون معين، وعندما يغير المتحدث أو المناقش نمطه فهو يبدل قبعته، وهذه مهارات يمكن تعلمها والتدرب عليها بالتدريب والممارسة.