tarek teflek

القاهرة – أمنية عادل:

"بانتهائك من قراءة هذا الكتاب تكون عزيزي الأب، عزيزتي الأم قد تعرفت على إجابات لكثير من الأسئلة المهمة التي تدور في ذهنك.. منها على سبيل المثال، كيف أبني في طفلي ثقته بنفسه؟، كيف أجنبه عوامل انهيار الثقة بالنفس؟، كيف أجعله يقدِّر ذاته؟، كيف أعده لمهام المستقبل من الآن؟، كيف أدربه مبكرًا على تحمل المسؤولية؟، كيف أكسبه مهارة اتخاذ القرار؟، كيف أجعل منه طفلا محبوبًا؟، كيف أجعل المدرسة مكانًا لبناء ثقة طفلي بنفسه وتفجير الموهبة؟".

في هذا الإطار يدور كتاب "الثقة بالنفس وتقدير الذات طريق طفلك للنجاح والتميز" لمؤلفه عاطف أبو العيد، وهو كتاب من إصدارات دار "جنا للنشر والتوزيع" في 230 صفحة من القطع المتوسط.

تقدير مبكِّر

يقدم الكتاب رؤية واضحة حول التربية في ثماني فصول تأتي في يستهلها مع "تقدير الذات" في الفصل الأول، ويعرِّف المؤلف مفهوم تقدير الذات بأنه درجة الرضا التي يشعر بها نحو ذاته وتقديره لأهميته الشخصية وأهمية مساعيه، وهو لا ينطوي على غرور أو إشباع على حساب الآخرين، بل إنه سعي طبيعي نحو التفوق من خلال تحقيق أهدافه؟.

ويشير الكاتب إلى أن تقدير الذات يبدأ مع مرحلة المشي والتدريب على دخول الخلاء، التي يمر بها الأطفال هي من أدق المراحل التي يبدأ معها في تكوين أولى خطوات صورته الذاتية معتمدًا في ذلك على استجابات وتشجيع والديه من حوله، حيث يقول "برايان ترابيسي" إن الإنسان يقضى 30 أو 40 عامًا من عمره في التغلب على مشكلات الخمس سنوات الأولي.

ويشير الكاتب إلى أن هناك خرافة سائدة في مجتمعاتنا تفيد بأن مخ الطفل الصغير الذي يفقه أو يدرك شيئًا أنه مسلمة بعيدة تمامًا عن الصحة، لاسيما مع إجماع العلم الآن على أهمية تنشئة الطفل العقلية والنفسية منذ لحظة الولادة، حيث إن الخبرات التي يتعرض لها الطفل في السنوات المبكرة الأولى من العمر يكون لها تأثير بالغ الأهمية على المخ وعلى أدائه بقية حياته.

ويرهن المؤلف تقدير الذات بالتحصيل الدراسي والنجاح والفشل والقدرة على التعلم والانسجام والتكيف مع الآخرين، كذلك بناء علاقات دافئة مع الآخرين، وقدرة أكبر على تقبل الذات واكتساب المهارات الجديدة وتحمل المسؤولية واتخاذ القرارات ومواجهة التحديات وتحديد الأهداف وامتلاك مقومات الشخصية القوية.

بناء الطفل

فيما يقدم الفصل الثاني "لحظة من فضلك قبل أن تندم" الأشياء التي تدمر شخصية أطفالنا وتحطم ذواتهم وتزعزع ثقتهم بأنفسهم ومنها الاعتداء بكل صوره، وينقسم الاعتداء إلى نوعين، اعتداء بدني واعتداء نفسي، والبدني يندرج تحته أي نوع من الاعتداء على جسم الطفل بما في ذلك الاعتداء الجنسي، أما الاعتداء النفسي فهو أي اعتداء غير بدني يؤثر على الطفل نفسيًا أو عاطفيًا أو أخلاقيًا.

ويلفت الكاتب إلى الأضرار التي يسببها الاعتداء الجسدي بأنها تتسبب في الإحباط وفقدان الثقة بالنفس، كما تجعل الطفل غير راغب في التعاون ولا في تحمل المسؤولية، كما يجعله عدوانيًا وقلقًا سريع الانفعال.

ومن أنواع الاعتداء العاطفي التي رصدها الكتاب السباب والترهيب والإذلال والسخرية والدعاء على الأطفال، مؤكدًا أن هذا السلوك من جهة الآباء يحرم الطفل من الشعور بالأمان ومن حقهم في التقدير، وسيؤكد للطفل أنه شخص غير مرغوب فيه، ما يؤدي في النهاية إلى فقدانه الثقة بنفسه وبالآخرين كما يفقده التفاؤل والتسامح والطمأنينة والشعور بالسعادة.

إدراك قوة طفلك

أما الفصل الثالث والذي جاء بعنوان "قوى إرادة طفلك" فيتناول قوى الطفل ويحذر المؤلف من تعنيفه، لافتًا إلى ما قاله عالم النفس ألفرد آدلر عن الإحساس بالنقص: "هو شعور يحدو بالمرء إلى الإحساس بأن الناس جميعًا أفضل منه في شيء أو آخر، وينمو هذا الشعور بداخله حتى يشعره بالدونية والعجز والفشل، ومثل هذا الشعور إذا تمكن من الإنسان يكون نقمة عليه، يجعله لا ينعم بسكينة النفس التي من حقه أن ينعم بها، فهو يبذل جهدًا متواصلا للتعويض عن نقصه سواء كان حقيقيًا أو متوهمًا.

ومن أبرز ما يطرحه المؤلف كقراءة في تصرفات الأطفال هو خوف الطفل من الخطأ وسط عدم دعم الأهل، حيث إن إحجام كثير من الأطفال عن التكلم أمام الآخرين فقد يكون خوفًا من الخطأ وبالتالي النقد اللاذع، ومن ثم فإن هؤلاء الأطفال يعانون من ضعف الثقة بالنفس والذي يؤدي بهم في النهاية إلى تكوين ما يسمي بعقدة النقص، والتي قد يكون من أهم مظاهرها التأتأة والإنزواء والخجل والخوف من الفشل وتوقع الخطر والتشاؤم وهذا في سن الطفولة.

تأثير العلاقات الأسرية

بينما يرصد الفصل الرابع تأثير العلاقات الأسرية على ثقة الطفل ونفسيته، فبحسب إحصائية أجرتها صحيفة التايمز تبين أن نسبة 40 إلى 50% من الأطفال الذين يعانون من وجود خلافات أسرية حادة يواجهون مشاكل في إقامة علاقات مع غيرهم وأيضًا في إحراز تقدم دراسي، كما يذكر الكتاب أن المعاناة قد تزداد إذا كان الأطفال من أصحاب المزاج النفسي الصعب، أو يفتقرون إلى استراتيجيات التكيف مع خلافات الوالدين، لذلك فإن وجود علاقة حميمة بين الزوجين لها تأثير إيجابي على الحالة النفسية لأبنائهم كما تقلل من إمكانية حدوث السلوكيات المنحرفة.

وينصح المؤلف الآباء والأمهات بإتباع بعض النصائح لتجاوز تلك الأزمة أولها أن يجيب الوالدين على جميع أسئلة الطفل، إلى جانب الاستماع له بفاعلية، وكذلك ابتعاد الوالدين عن التناقضات، فضلا عن تقدير مشاعر الطفل وإشباع حاجته من الحب والحنان.

تقبل طفلك كما هو

أما الفصل الخامس فهو "تقبل طفلك كما هو" فيشير إلى أن الأطفال يتفاوتون في قدراتهم الجسيمة والذهنية، وعلى الرغم من هذا التفاوت الواضح بين الأطفال فإن كثيرًا من الآباء والأمهات يحاولون أن يلزموا أطفالهم بالسعي إلى أهداف تقليدية لا تتفق مع مهاراتهم وقد يؤدي هذا إلى إعاقة نمو الطفل في كل مجالات حياته.

ويشير الكاتب إلى أن على الوالدين أن يوفرا الشعور بأهمية الطفل وقدرته على العمل والنجاح حتى يثق في مواهبه، كذلك عدم مقارنته بأطفال آخرين فضلا عن الابتعاد عن التفرقة وعدم المساواة.

أهمية اللعب

في الفصل السادس يقدم الكاتب عنوان "اللعب وبناء شخصية طفلك" ويشير إلى تأثير اللعب على بناء الجوانب المختلفة لشخصية الطفل، أولا في الجانب الجسماني، حيث ينمي اللعب العضلات كما يقوى الجسم ويصرف عنه الطاقة الزائدة.

أما من الناحية العقلية فينمى الذكاء والقدرات الإبداعية للأطفال، كألعاب تنمية الخيال، وتركيز الانتباه والاستنباط والاستدلال والحذر والمباغتة وإيجاد البدائل لحالات افتراضية متعددة تساعدهم على تنمية ذكائهم.

"درب طفلك على تحمل المسؤولية" هو عنوان الفصل السابع، يقول الخبراء إن أسلوب الحماية الزائدة وهو قيام أحد الوالدين أو كلاهما بالمسؤوليات التي يفترض أن يقوم بها الطفل وحده كالتدخل في كل شئونه فلا يتاح للطفل فرض اتخاذه قراره بنفسه أو عدم إعطاءه حرية التصرف في كثير من أموره حتى الواجبات المدرسية قد يقوم الأب أو الأم بأدائها عوضًا عنه، حتى ماذا يأكل أو ماذا يشرب وغيرها، كلها من الأمور السلبية التي ينبغي أن يتخلى عنها الآباء إن أرادوا لأطفالهم أن يحظوا بقدر أكبر من الثقة في ذواتهم.

ويختتم المؤلف كتابه بالفصل الثامن "كيف تجعل طفلك محبوبا" مطالبًا بضرورة تعويد الطفل على إفشاء السلام إحياءًا لسنة صلى الله عليه وسلم، فضلا عن المصافحة وهي من أعظم وسائل كسب القلوب، كذلك تعليمه الزهد فيما في أيدي الآخرين، وكذلك تربيته على سرعة الفيئة، وشكر من أحسن إليه كذلك مساعدة الآخرين، وتقديم الهدايا للأهل والأصحاب.